Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتقادات تونسية لاذعة لـ"النقد الدولي" لا تبشر باتفاق قريب

المحادثات تمر بمرحلة صعبة للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار وآخر موعد للتسوية أغسطس المقبل

بلغ عجز الموازنة ثمانية في المئة خلال العام الماضي ودين البلاد بالنسبة نفسها من الناتج المحلي الإجمالي (أ ف ب)

ملخص

تمر تونس بركود اقتصادي مع نمو ضعيف يبلغ نحو اثنين في المئة وبطالة تزيد على 15 في المئة

يكيل الرئيس التونسي قيس سعيد الانتقادات الشديدة لصندوق النقد الدولي، مما يصعب حصول بلاده على تمويل جديد من هذه المؤسسة الدولية وفقاً لخبراء ومصادر مطلعة على الملف.
الأحد الماضي وخلال توقيع مذكرة تفاهم مهمة بين تونس والاتحاد الأوروبي في شأن ملف الهجرة غير النظامية هاجم سعيد مجدداً هذه المؤسسة المالية، معتبراً أن "النظام النقدي العالمي لم يعد من الممكن أن يستمر بالشكل والمضمون نفسهما".

خارج النظام النقدي

وأكد سعيد في كلمة ألقاها أمام رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لايين متحدثاً عن الصندوق "تنسحب عليه اللعنة القديمة، كان من الأفضل لك ولنا أنك لم تولد أو أنك لم تر النور قط"، داعياً إلى ضرورة إيجاد سبل جديدة للتعاون خارج إطار النظام النقدي العالمي الحالي.
وكان الصندوق أعطى ضوءاً أخضر أول لتونس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بإعلان موافقة مبدئية، لكن منذ ذلك الحين تعثرت المفاوضات حول هذا القرض البالغة قيمته 1.9 مليار دولار، وتوقفت المشاورات بين الطرفين منذ نهاية عام 2022 ولم تتقدم قيد أنملة.

ويبلغ دين تونس ثمانية في المئة من إجمالي ناتجها المحلي، وهي في حاجة ماسة إلى تمويل لتسديد رواتب موظفي القطاع الحكومي "نحو 680 ألف موظف إداري وما لا يقل عن 150 ألفاً في الشركات العامة"، فضلاً عن نفقاتها الأخرى.

لكن سعيد يكرر رفضه "الإملاءات" المتأتية من خبراء صندوق النقد الدولي، التي تتعلق بمراجعة سياسة الدعم وإصلاح الشركات الحكومية وتقليص كتلة الأجور في القطاع الحكومي.

ماذا عن رفع الدعم؟

ويعتبر الباحث في الجامعة التونسية آرام بلحاج أن "الاتفاق معطل بسبب رفض قيس سعيد للإصلاحات التي اقترحتها حكومته وقدمتها لصندوق النقد الدولي، ولا سيما التي تتعلق برفع الدعم".
ويرى بلحاج "إذا لم يحصل توضيح لموقف تونس بنهاية أغسطس (آب) المقبل، سيقضي على اتفاق الصندوق".

ويؤكد المتخصص في الشؤون المصرفية عز الدين سعيدان أن "المفاوضات متوقفة تماماً، وتونس هي التي تعرقلها"، وأن الاتفاق "عفا عليه الزمن" لأنه يجب إعادة النظر في الملف من جديد، استناداً إلى المعطيات الجديدة المتعلقة بنسبة النمو والتضخم والعجز، ويوضح سعيدان "الرئيس رأى في هذه الإصلاحات أموراً من شأنها أن تعاقبه سياسياً إذا ما قوبلت برفض شديد من التونسيين".
وأتى التأكيد من مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، الذي قال في منتصف أبريل (نيسان) الماضي إنه لم يتلق "أي طلب من تونس لمراجعة برنامجها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال مصدر مطلع "منذ ذلك الحين لم يحدث شيء"، وفي مطلع يونيو (حزيران) استبعد سعيد مجدداً إزالة الدعم، مقترحاً حلولاً بديلة تتمثل بفرض ضريبة على الأغنياء.

غير أن المؤشرات الاقتصادية لا تشير إلى انفراج قريب للأزمة المالية، إذ بلغ عجز الموازنة ثمانية في المئة في العام الماضي، أتى ثلثاه من دعم قطاع المحروقات الذي ارتفعت أسعاره إثر الغزو الروسي على أوكرانيا.

ويضيف المصدر المقرب من الملف "لا يوجد حلول تحل مكان الزيادة التدريجية في أسعار المحروقات والمضمنة في برنامج صندوق النقد الدولي"، التي تمتد إلى أربع سنوات.

تونس وصندوق النقد

وينصح سعيدان بعدم اللجوء مجدداً إلى حل زيادة الضرائب، لأن الدولة أصلا "ذات عبء ضريبي هو الأعلى في أفريقيا" وبلغت "الحد الأقصى".

لكن ماذا لو قررت تونس الاستغناء عن صندوق النقد الدولي، فهل يمكنها الصمود أم ستتخلف عن سداد ديونها؟

يتوقع أن تكون الحكومة التونسية قادرة خلال عام 2023 على الوفاء بآجال تسديد استحقاقات تقدر بنحو 21 مليار دينار (6.92 مليار دولار)، بما في ذلك أربعة مليارات يورو (4.43 مليار دولار). ويبدو ذلك ممكناً بفضل عائدات قطاع السياحة وصادرات الفوسفات وانخفاض أسعار الطاقة، وفقاً للخبيرين.

ويرى بلحاج "لكن في غياب اتفاق سيصبح الوضع أكثر صعوبة، وستكون مخاطر التخلف عن سداد الديون كبيرة جداً خلال عامي 2024 و2025".

ويقول سعيدان "يبدو أن تونس اختارت إعطاء الأولوية لسداد ديونها، لكن هذا سيتم على حساب توريد المنتجات الأساسية".

أزمات غذائية

وخلال الأشهر القليلة الماضية سجل في الأسواق التونسية نقص متقطع في التزود ببعض المواد الغذائية الأساسية على غرار الدقيق والرز والسكر أو الزيت النباتي أو البنزين، ولهذه الأزمة المالية تداعيات وخيمة أخرى، فالدولة شبه عاجزة عن تمويل أي استثمار جديد، مما يجعل البلاد تمر بركود اقتصادي مع نمو ضعيف يبلغ نحو اثنين في المئة وبطالة تزيد على 15 في المئة، وكذلك تسعى الدولة بشكل متزايد إلى الاقتراض الداخلي عبر المصارف المحلية، مما يقوض سمعتها الدولية.

اقرأ المزيد