ملخص
زار أمس الأحد وفد عن المجلس العسكري النيجري غينيا كوناكري وطلبوا دعماً في مواجهة الضغوط مما أعطى الانطباع بأن نيامي تريد إقناع جيرانها بدعمها
في مواجهة الضغوط الخارجية والتدخل العسكري المحتمل للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، يدفع المجلس العسكري في النيجر بتحركات مكثفة بهدف استمالة دول الجوار لدعمه، خصوصاً أن البلاد تشهد عزلة إقليمية ودولية من شأنها أن تفاقم معاناة النيجريين المعيشية.
وزار أمس الأحد وفد عن المجلس العسكري النيجري غينيا كوناكري وطلبوا دعماً في مواجهة الضغوط، مما أعطى الانطباع بأن نيامي تريد إقناع جيرانها بدعمها، لا سيما في ظل الموقف المتشدد من بنين ونيجيريا على رغم الانقسامات التي تشهدها الأخيرة في شأن الانخراط بالتدخل الذي تنوي "إيكواس" القيام به.
دعم موجود
خطوة المجلس العسكري بالتوجه إلى غينيا كوناكري بدت محسوبة بصورة كبيرة، إذ تتولى حكومة منبثقة عن مجلس عسكري هناك إدارة البلاد منذ عام 2021، وأعلنت الأخيرة بالفعل دعمها للمجلس العسكري.
وتعتمد النيجر في التوريد بشكل كبير على بنين، حيث فرض الموقع الجغرافي ذلك على البلاد التي ليس لها منافذ بحرية.
وفي بيان صادر في نهاية يوليو (تموز) الماضي أعربت كوناكري عن عدم موافقتها على عقوبات تدعو إليها الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ضد نيامي، ومن بينها التدخل العسكري، كما دعت الجماعة الاقتصادية إلى إعادة النظر في مواقفها.
وقال المتخصص السياسي النيجري إيساكا موسي مونكايلا، إنه "في ما يتعلق بالدعم العسكري فأعتقد أنه موجود بالفعل من خلال إعلان حكومة غينيا تأكيد دعمها القوي للمجلس العسكري النيجري".
وتابع مونكايلا في حديث خاص إلى "اندبندنت عربية" أن "السؤال هو ما إذا كان الدعم سيكون فعالاً حقاً عند الحاجة، وفي اعتقادي أن التحالف بين النيجر ومالي وبوركينا وغينيا سيكون عقبة حقيقية أمام التدخل العسكري المحتمل من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وثبتت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا قرارها التدخل العسكري في النيجر، لكن الانقسامات الطاغية على المجموعة ودولها، وخصوصاً نيجيريا التي عارض مجلس الشيوخ قرارها التدخل أرجأ ذلك، مما أثار تساؤلات حول مدى جهوزية القوة الاحتياطية للمجموعة للتدخل.
وتم إنشاء القوة الاحتياطية المسماة "إيكوموغ" عام 1990 كقوة تسهر على متابعة وقف إطلاق النار في ليبيريا عندما كان هذا البلد يشهد حرباً أهلية، قبل أن تصبح عام 1999 الجناح المسلح الدائم للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، ومنذ ذلك الحين تدخلت هذه القوة في عدد من الدول بسبب حروب أهلية أو غير ذلك.
ومن غير الواضح عدد الجنود الذين سيشاركون في هذا التدخل، لكن تقارير غربية وأفريقية أشارت إلى حشد 25 ألفاً وسط تكهنات بإمكان تلقي هؤلاء دعماً من قبل فرنسا أو الولايات المتحدة الأميركية اللتين تنشران جنوداً على الأراضي النيجرية.
عزلة إقليمية
وبخلاف مالي وبوركينافاسو اللتين أعلنتا دعمهما السلطات الجديدة في نيامي، تواجه البلاد في ظل تحمس بنين ونيجيريا عزلة إقليمية قد تسعى الجماعات المتشددة إلى استغلالها في شن ضربات على القوات النظامية وتحقيق مكاسب ميدانية، وهو ما كان بالفعل قبل ساعات عندما هاجمت جماعة "النصرة" الموالية لتنظيم "القاعدة" الجيش النيجري وأوقعت خسائر في صفوفه.
وهناك رابط مشترك بين دول الجوار والنيجر، وهو مواجهة الأعداء نفسهم من الإرهابيين مثل تنظيم "القاعدة" الذي يبسط سيطرته على مناطق شاسعة في مالي ونيجيريا وتشاد، إضافة إلى تنظيم "داعش"، مما يحتم في النهاية تعاوناً بين هذه الدول.
وسارعت مالي وبوركينافاسو اللتين شهدتا انقلابات خلال الأعوام الماضية إلى إعلان دعم قوي للانقلابيين في النيجر، وصل حد التلويح بالرد على أي عدوان يستهدفها واعتباره استهدافاً لهما أيضاً، مما أعطى متنفساً للانقلاب وزاد الضغط على المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
ولم ينجح الإرهابيون في السيطرة على ولايات أو مدن في النيجر كما حصل في مالي وبوركينافاسو، مما قد يجعل الفرصة الآن سانحة في ظل الانشغال بالأزمة السياسية التي أعقبت الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد بازوم.
وحاجات النيجر ودول الجوار مختلفة، ففيما تسعى الأخيرة إلى منع انزلاق الوضع الأمني مجدداً، فإن قادة نيامي يسعون إلى تأمين السلع وغيرها في خضم الأزمة الاقتصادية التي يئن تحت وطأتها النيجريون والتي من شأنها أن تفاقم معاناتهم اليومية.
كما تخشى الجزائر سقوط النيجر في دوامة العنف، لا سيما أن حدودها مشتعلة مع مالي وليبيا التي تعرف منذ أكثر من عقد فوضى أمنية وسياسية، وهو ما قد يجعلها تبحث عن سلام في النيجر، وما دفعها على الأرجح إلى معارضة أي تدخل عسكري أجنبي في البلاد الغنية بثرواتها من اليورانيوم والذهب.
كما لن يكون في مصلحة ليبيا أيضاً سقوط النيجر في فوضى أمنية من خلال تدخل عسكري أجنبي أو انتفاضة شعبية على الأوضاع الراهنة، لا سيما وأنه من الصعب تأمين الحدود في ظل نشاط مكثف لمهربي الوقود والبشر مع تصاعد موجات الهجرة غير النظامية، وهي معضلة تحاول السلطات الليبية منذ أعوام مواجهتها بلا جدوى.
وقال مونكايلا إن "المجلس العسكري قادر على حشد دعم هذه الدول، لكن كما أشرت يبقى التساؤل الأهم هو ما إذا كان هذا الدعم سيظل فعالاً في حال حصول هجوم أم لا؟".