ملخص
بحسب تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير، نفذ الجيش الإسرائيلي ومستوطنون خلال النصف الأول من العام الحالي 4073 انتهاكاً في حق الفلسطينيين وأراضيهم.
خلال حملة سرية استمرت طوال الليل تمكن مستوطنون من نقل معهد لتدريس التوراة (ييشيفا) أقاموه بشكل غير قانوني من البؤرة الاستيطانية العشوائية "حوميش" شمال الضفة الغربية إلى موقع آخر فوق ما يعرف بـ"أراضي الدولة"، لكن بضع مئات الأمتار هذه كانت كفيلة بقطع الطريق على عشرات الفلسطينيين الذين طالبوا لسنوات بتمكينهم من الوصول إلى حقولهم، فالمحكمة العليا الإسرائيلية ردت التماسهم عبر منظمة "ييش دين" الحقوقية الإسرائيلية بدعوى أن "جوهر الالتماس يدور حول حقيقة أن مباني المعهد الديني في (حوميش) قد بنيت على أرض فلسطينية خاصة، ولكن بعد نقل المباني إلى أراضي دولة قريبة تابعة للمجلس الاستيطاني (شومرون) فإن البناء غير القانوني على الأراضي الخاصة تمت إزالته بالفعل"، وهو الأمر الذي دفع المنظمة التي قدمت الالتماس إلى اعتبار القرار "مكافأة وتشجيعاً للمجرمين وتجاوزاً للقانون الدولي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأصدر الكنيست الإسرائيلي في مارس (آذار) الماضي قانوناً يلغي حظراً يعرف باسم "فك الارتباط" صدر عام 2005 على إقامة مستوطنتين في منطقة "حومش" وثلاث مستوطنات أخرى في شمال الضفة الغربية، وتم إصدار أمر عسكري لتطبيق التشريع، وتمهيداً لعودة المستوطنين حولت السلطات الإسرائيلية موقع البؤرة الاستيطانية العشوائية إلى ثكنة عسكرية يمكث فيها عشرات الجنود بشكل دائم. وبحسب منظمة "السلام الآن" التي ترصد نمو المستوطنات، يسجل عام 2023 رقماً قياسياً للبناء الاستيطاني في الضفة الغربية وشرعنة البؤر الاستيطانية غير القانونية.
مليون مستوطن
وفقاً لأرقام المنظمة، قامت الحكومة الإسرائيلية منذ بداية العام بشرعنة 22 مستوطنة اعتبرت في السابق بؤراً استيطانية غير قانونية، وهو أكبر عدد من البؤر مقارنة بالسنوات الماضية بأكملها، كما تلقت أربع بؤر منها تصاريح تخطيط بأثر رجعي من الإدارة المدنية بعد أن تم بالفعل البناء فيها، في حين أن ما لا يقل عن خمس من البؤر الاستيطانية التي تم إنشاؤها عام 2023 لا تزال قائمة.
وعلى رغم أن هذه البؤر الاستيطانية لا تزال تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي، فإنها وفقاً للقانون الإسرائيلي مناطق سكنية قانونية مثل جميع المستوطنات الأخرى في الضفة الغربية.
وأظهرت البيانات أنه في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي تمت الموافقة على 12 ألف وحدة سكنية للمستوطنات، ونشر مناقصات لبناء 1289 وحدة تمت الموافقة عليها بالفعل.
غسان دغلس مسؤول ملف الاستيطان في الضفة الغربية يقول إن "تشريع هذه البؤر بشكل متسارع يعني سحق حقوق الفلسطينيين في أراضيهم لأنها أصبحت مركزاً لعصابات تدفيع الثمن الاستيطانية التي تمارس عنفها ضد الفلسطينيين في برقة وحوارة وترمسعيا وغيرها من القرى، وأصبحت هذه العصابات اليد الضاربة لحزب الصهيونية الدينية".
وأضاف دغلس "الحكومة الإسرائيلية تسابق الزمن لتنفيذ أكبر عدد ممكن من المشاريع الاستيطانية وخصوصاً هذا العام بهدف حسم مستقبل الضفة الغربية وتحقيق حلم المليون مستوطن".
من جانبه، قال رئيس فريق مراقبة المستوطنات في "السلام الآن" يوني مزراحي "لقد تمكن الوزير سمورتيش بعمله في المنطقة (جيم) من السيطرة على أنشطة الجيش كما يشاء، وأقام مستوطنات في جميع أنحاء الضفة الغربية وبالقرب من البلدات والقرى الفلسطينية، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من الاحتكاك بين الشعبين ومعه كثير من العنف".
في المقابل نفى مجلس "يشع" (المجلس الأعلى لمستوطنات الضفة الغربية وقطاع غزة) أن تكون هناك زيادة في البناء، وقال ممثل عن المجلس لموقع "زمان يسرائيل" إن "تصاريح البناء ازدادت فقط لأنها كانت مجمدة في ظل الحكومة السابقة، والمشاريع التي يتم بناؤها الآن تمت الموافقة عليها منذ سنوات".
وأكد رئيس المجلس الاستيطاني "شومرون" يوسي داغان، أنه ستتم إقامة ثلاث مستوطنات أخرى في مواقع كانت توجد فيها مستوطنات "غانيم" و"كيديم" و"سا- نور" التي تم إخلاؤها في إطار خطة فك الارتباط عام 2005.
رقم قياسي
بحسب تقرير هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير، نفذ الجيش الإسرائيلي ومستوطنون خلال النصف الأول من العام الحالي 4073 انتهاكاً في حق الفلسطينيين وأراضيهم.
وبين التقرير أن لجنة التخطيط والبناء الإسرائيلية درست ما مجموعه 75 مخططاً هيكلياً لتوسعة مستوطنات أو إقامة جديدة في الضفة الغربية، مقارنة مع 83 مخططاً خلال عام 2022 بأكمله.
وأشارت المعلومات إلى أن المستوطنين أقاموا خلال النصف الأول من العام الحالي 13 بؤرة استيطانية ذات طابع رعوي على أراضي المواطنين الخاصة.
وبحسب بيانات الهيئة تم الاستيلاء على أكثر من 44 مليون متر مربع تحت تسميات تعديل حدود ومحميات طبيعية وأوامر وضع يد وإعلان أراضي دولة وأوامر استملاك، في زيادة كبيرة على العام الماضي الذي سجل بأكمله مصادرة نحو 27 مليون متر مربع.
وأجرت الحكومة الإسرائيلية في يونيو (حزيران) الماضي تعديلاً يقضي بطرح مخططات البناء الاستيطاني في الضفة الغربية في "مجلس التخطيط الأعلى"، التابع لوحدة "الإدارة المدنية" في الجيش، خلال مرحلتي إيداع المخطط والمصادقة عليه نهائياً من دون حاجة إلى مصادقة المستوى السياسي الإسرائيلي، وذلك خلافاً للوضع الذي كان قائماً منذ 25 عاماً.
وشهدت الأشهر الماضية ارتفاعاً في عنف المستوطنين، إذ أفادت الأمم المتحدة بوقوع 600 هجوم ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم في الأشهر الستة الأخيرة، في حين سجلت معطيات رسمية إسرائيلية وفقاً لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" 680 حادثة إلقاء حجارة أو اعتداء على فلسطينيين من قبل المستوطنين خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2023، مقارنة بـ950 حادثة خلال عام 2022 بأكمله.
ويرى رئيس الهيئة مؤيد شعبان أن الارتفاع الملحوظ في البناء الاستيطاني ومصادرة الأراضي منذ بداية هذا العام يرمي إلى توجيه الضربة القاضية إلى كل محاولات الفلسطينيين للمحافظة على ما تبقى من الأرض والممتلكات لتحقيق حلمهم بدولة مستقلة.
وأكد شعبان لـ"اندبندنت عربية" أن إنفاذ أكبر قدر ممكن من عمليات الهدم من أجل محاصرة البناء والنمو الطبيعي الفلسطيني يهدف إلى تهجير الفلسطينيين وتفريغ الأرض لصالح السيطرة عليها وتحويلها إلى المشروع الاستيطاني.
بدوره يقول الباحث بمركز "يبوس" للدراسات والاستشارات سليمان بشارات إن "شعور المستوطنين بأنهم في سدة الحكم ويمسكون زمام الأمور بقبضة من حديد ولد لديهم حافزاً قوياً من أجل الاستيطان بشراهة ومصادرة مزيد من الأراضي، وما عزز ثقتهم للعنف والهجوم والاستيلاء على حقوق الفلسطينيين وممتلكاتهم بلا أي رادع أنهم بمنأى عن العقاب والملاحقة".
نصف الأراضي
المنظمتان الحقوقيتان الإسرائيليتان "حقل" و"كرم نابوت" اللتان تعملان من أجل مراقبة وبحث سياسة الأراضي الإسرائيلية في الضفة الغربية، أشارتا في شهر يونيو الماضي إلى أن السلطات الإسرائيلية سلمت نصف الأراضي التي صادرتها في الضفة الغربية إلى المستوطنين ليستخدموها وحدهم، فيما اثنان في المئة فقط من الأراضي المصادرة يستخدمها الفلسطينيون.
وأكدت المنظمتان أنه منذ عام 1967 وحتى 2022 أصدرت السلطات الإسرائيلية 313 أمر مصادرة أراض بمساحة 74 مليون متر مربع تقريباً، وزعمت أنها لخدمة حاجات الجمهور.
وأفادت المنظمتان بأن 37 مليون متر مربع من الأراضي المصادرة توجد فيها بنية تحتية وشوارع يستخدمها الفلسطينيون والمستوطنون، و36 مليون متر مربع مخصصة لاستخدام المستوطنين وحدهم، في حين يستخدم الفلسطينيون مليوناً ونصف المليون متر مربع فقط.
وبحسب معهد الأبحاث التطبيقية (أريج) فإن "مخططات التهويد الاستيطانية التي تمارس في الأراضي الفلسطينية وبخاصة مصادقة الكنيست الإسرائيلي على قانون إلغاء قانون الانفصال، تهدف إلى فرض خطة الضم الإسرائيلية بشكل غير قانوني وأحادي الجانب، وهو أيضاً رسالة واضحة من الحكومة اليمينية الجديدة بأن الاستيطان مستمر بجميع أشكاله، وأن مساعي الحكومة الإسرائيلية مستمرة في منحه الصفة الشرعية اللازمة لاستدامته".
وصرح وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير نهاية يونيو الماضي بأنه ينبغي الاستيطان في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، وفي موازاة ذلك شن عملية عسكرية وإزالة مبان وتصفية مخربين (في إشارة إلى منفذي عمليات فلسطينيين). وقال "هكذا فقط نعزز السيطرة ونعيد الأمن للمستوطنين. أسرعوا إلى التلال واستوطنوا فيها، وأنا أمنحكم دعماً كاملاً ومطلقاً".