Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صفقة السجناء والدولارات: سياسة "العصابات" بين الدول

باتت مشكلة أي بلد مع آخر لها حل غير الحرب والتأزيم السياسي والضغط الاقتصادي

خطف الرهائن وسيلة بعض الدول لدفع الأخرى لاتخاذ موقف سياسي يخدم مصلحتها   (رويترز)

ملخص

خطف الرهائن كان في الأساس من وسائل العصابات والمافيات والفصائل الثورية للمقايضة في إطلاق سجناء أو للمطالبة بفدية مالية أو بموقف سياسي، لكن اللعبة توسعت.

صفقة السجناء والدولارات بين أميركا وإيران ليست كما يقال "بنت ساعتها"، بل عملية معقدة استمرت أكثر من عامين بوساطة قطرية. ولا هي خارج الألعاب السياسية، بصرف النظر عن الدواعي "الإنسانية" لجهة السجناء كما لجهة الحاجة الإيرانية إلى شراء الغذاء والدواء غير الخاضعين للعقوبات الأميركية.

خطف الرهائن كان في الأساس من وسائل العصابات والمافيات والفصائل الثورية للمقايضة في إطلاق سجناء أو للمطالبة بفدية مالية أو بموقف سياسي، لكن اللعبة توسعت. فالدول التي يقول الجنرال ديغول إنها "وحوش باردة" لجأ بعضها إلى سياسة العصابات لتحقيق أهداف سياسية أو مالية.

تلك اللعبة أسهل على الدول من العصابات. أي مشكلة لدولة أخرى لها حل غير الحرب والتأزيم السياسي والضغط الاقتصادي: القبض على مواطن من تلك الدولة واتهامه بالتجسس أو التحريض على العنف. والحكم السريع عليه بالسجن لسنوات طويلة، ثم توظيفه في عملية سياسية أو في "سواب" مساجين لدى الطرفين.

روسيا مارست اللعبة ضمن حدود. كذلك الصين وعدد كبير من الدول التي تدعى أنها دول قانون. لكن جمهورية الملالي في إيران تفوقت على الجميع. وهي مارست اللعبة على مرحلتين وضمن نوعين. عنوان الأولى في العقدين الأخيرين من القرن العشرين كان خطف الرهائن الأميركية والأوروبية لا في طهران بالطبع بل في بيروت.

فصائل لبنانية مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني تتولى خطف أجانب في العاصمة اللبنانية وتحرص على حياة الرهينة. دمشق تتولى التفاوض مع أميركا أو الدول الأوروبية التي تحمل الرهينة جنسيتها ثم يتم تسليمها في العاصمة السورية عندما تكتمل الصفقة. وطهران تحصد ما زرعته. وكل طرف يحصل على شيء ما. للخاطفين مكافآت،

لدمشق ثمن سياسي عبر تكبير الدور الخارجي للنظام. ولطهران أثمان متعددة بينها الإفراج عن أموال مجمدة في الخارج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أما عنوان المرحلة الأخيرة، فهو الاعتقال داخل إيران لشخصيات تحمل جنسيات أميركية أو أوروبية أو جنسيات مزدوجة إيرانية-أميركية أو أوروبية، بعدما انتهت مرحلة الحاجة إلى الخطف في بيروت التي ازدهرت خلال حرب لبنان الطويلة.

اعتقال ثم محاكمات سريعة على طريقة "العدالة" في الأنظمة السلطوية والشمولية. وأحكام قاسية بالسجن على معتقلين بينهم صحافيون يقولون إنهم أبرياء من تهمة التجسس. لا بل أحكام قاسية على أجانب شوهدوا في الشارع خلال تظاهرة للمعارضين، فجرى اعتقالهم واتهامهم بالمشاركة في أعمال ضد القانون والنظام مع أنهم قد يكونوا متفرجين.

هذا ما حدث أثناء التظاهرات الواسعة احتجاجاً على قتل الشابة مهسا أميني التي قبضت عليها "شرطة الأخلاق" بحجة أن خصلة من شعرها ظهرت من تحت الحجاب المفروض بقانون الملالي.

لكن الصفقة الأخيرة أعادت تأكيد الفاعلية لسياسة الاعتقال والحكم بالسجن. أميركا طلبت من كوريا الجنوبية ومن مصارف في بلدان أخرى الإفراج عن نحو 10 مليارات دولار لمصلحة طهران كانت مجمدة بأوامر أميركية. وهي فوق ذلك، تفرج عن سجناء إيرانيين في السجون الأميركية، وتحصل على الإفراج عن ستة سجناء أميركيين في

سجن إيفين الرهيب في طهران. فما الذي يمنع إيران من تكرار اللعبة من أجل مطالب أخرى؟ وما الذي يمنع دولاً في الشرق الأوسط أو سواه من اتباع الطريقة الإيرانية؟

عالم قانون دولي ودول قانون ودساتير وخطاب فخم؟ الواقع مختلف. وقمة الواقعية صارت التعامل مع الأوضاع كما هي.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء