Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد انتهاء مفاوضات صنعاء... الحوثي يترقب جولة أخرى "حاسمة"

وفد سلطنة عمان أنهى محادثات مكثفة مع قيادة الجماعة والأخيرة تستعجل دفع المرتبات لتخفيف الضغط الشعبي

أعلنت جماعة "أنصار الله ترتيبات لجولة مفاوضات جديدة مع الحكومة اليمنية قالت إنها تسعى إلى أن تكون "حاسمة" (أ ف ب)

ملخص

عضو فريق التفاوض الحوثي يرى أن الجولة المقبلة من المحادثات ستكون "حاسمة" لكن قيادة الجماعة تصعد لهجتها

أظهرت التطورات المحلية والإقليمية مؤشرات على إحراز تقدم في مفاوضات الملف اليمني بين أطراف الصراع، على وقع الضغوط الداخلية والدولية التي تواجه جماعة "أنصار الله" الحوثي المدعومة من إيران.

وأعلنت الجماعة مساء أمس الأحد ترتيبات لجولة مفاوضات جديدة مع الحكومة اليمنية قالت إنها تسعى إلى أن تكون "حاسمة"، وفقاً لعبدالملك العجري، عضو فريق المفاوضات الحوثي، لدى إفادته قناة "المسيرة" المتحدثة باسم حكومة صنعاء.

وقال العجري إن ترتيبات تجري لعقد "جولة مفاوضات مقبلة نسعى إلى أن تكون حاسمة في وضع حد لمعاناة الشعب اليمني، لا سيما الاستحقاقات الإنسانية لأن استمرارها هو استمرار للحرب بشكل آخر".

ولم يتطرق العجري إلى تفاصيل بشأن الترتيبات أو موعد هذه المفاوضات، كما لم يصدر تعليق حتى الآن من حكومة اليمن الشرعية، التي يقوم رئيس مجلسها الرئاسي رشاد العليمي بجولة ذات طابع سياسي في أنحاء متفرقة من المناطق المحررة في البلاد، خصوصاً محافظة "مهرة" الاستراتيجية قبالة سلطنة عمان.

استعجال النتائج

تأتي تلك التصريحات في أعقاب مغادرة وفد عماني صنعاء إلى مسقط أمس الأحد بعد محادثات مع قيادة الحوثيين استمرت أربعة أيام، وسط تعدد الإشارات من جانب المسؤولين في الجماعة باستعجال نتائج المحادثات، إثر الضغوط التي يواجهونها في مناطق سيطرتهم جراء تردي الأوضاع المعيشية للمواطنين، وسط تبادل تهم المسؤولية مع فرقائهم في عدن.

ودفعت الأوضاع المتفاقمة زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي إلى تصعيد لهجته في آخر خطاباته ضد التحالف الدولي الذي تقوده السعودية، في خطوة اعتبرت محاولة لإظهار التماسك أمام أتباعه، على وقع الدفع بعلاقات طهران والرياض أخيراً إلى تفعيل أكبر لبنود الاتفاق السياسي بين البلدين، الذي سمح بعقد محادثات موسعة بين وزير الخارجية الإيراني والقيادة السعودية بالتزامن مع المفاوضات في صنعاء.

في غضون ذلك طمأن القيادي في الميليشيا محمد علي الحوثي الساخطين بأن "المرحلة التي مضت هي الأصعب، والمرحلة الآتية سيكون فيها انفراجة كبيرة على الشعب اليمني كله"، في نبرة متفائلة توجها بالدعوة إلى "توحيد الجهود" كي تتكلل بالنجاح.

وتتنامى حال السخط الشعبي في اليمن جراء استمرار الميليشيا في قطع مرتبات موظفي الدولة في المناطق الخاضعة لسيطرتها، مما دفع بإطلاق حملات تنذر بتصعيد غير مسبوق.

وفي هذا الصدد نقلت وكالة "فارس" الإيرانية عن رئيس المجلس السياسي في صنعاء مهدي المشاط تعبيره للعمانيين عن حال استياء بالغة جراء ما وصفه بـ"المراوغة والتهرب من الاستحقاقات الإنسانية"، متمنياً أن تفضي الجهود العمانية إلى نتائج "تخفف المعاناة"، معتبراً أن "صنعاء مع السلام العادل الذي يضمن حقوق الشعب اليمني وأثبتت ذلك خلال الفترة الماضية"، في إشارة إلى التزام التهدئة.

ومع حال الغليان التي دشنها المعلمون منذ أيام، سارعت الجماعة بإطلاق تهديدات صريحة بالعودة للحرب، وهو ما عده مراقبون هرباً من الاستحقاقات التي عليها ومحاولة للتنصل برمي الكرة في ملعب الحكومة الشرعية وتحميلها مسؤولية ذلك.

المعلمون... في المقدمة

وعلى رغم التهديدات بالاعتقال والفصل التي واجهتهم بها سلطات الحوثي، إلا أن المعلمين واصلوا إضرابهم عن العمل للأسبوع الثاني، معلنين تمسكهم بمطلب صرف رواتبهم المقطوعة منذ سبعة أعوام.

وذكت مصادر إعلامية متطابقة أن مسلحي الحوثي اعتقلوا الأمين العام لنادي المعلمين محسن الدار، بسبب مطالباته بصرف الرواتب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال رئيس اللجنة التحضيرية لنادي المعلمين والمعلمات أبو زيد الكميم إن قيادات سلطات الحوثيين وكل موظفيها في ما يسمى المجلس السياسي الأعلى ومجلس النواب ومجلس الشورى والكهرباء والاتصالات والمياه والجمارك والضرائب يتسلمون رواتبهم الشهرية من دون انقطاع من البنك في صنعاء، في حين يحرم المعلمون منها للعام السابع على التوالي.

واستنكر في بيان نشره في صفحة الناي على موقع "فيسبوك" الإجراءات الحوثية في حق المعلمين والمعلمات المضربين، وقال "بدلاً من التعامل الواقعي مع مطالبهم ومعالجة مشكلة رواتب المعلمين والمعلمات شرعت الحكومة غير المعترف بها (التابعة للحوثيين) في اتخاذ إجراءات أمنية تعسفية في حق المضربين، إذ قبضت على مجموعة هنا وهناك ثم تطور الأمر بتهديد للقيادات النقابية"، وكشف عن أن مكاتب التربية والتعليم "استدعت قيادات نقابية للتحقيق معهم بتهمة المطالبة بالرواتب".

سبق واقترحت الحكومة الشرعية تسليم رواتب الموظفين إلى المستفيدين في مناطق سيطرة الميليشيا مباشرة وفقاً لقاعدة بيانات الخدمة المدنية والعسكرية لعام 2014 (قبل الانقلاب الحوثي)، إلا أن الجماعة رفضت وطالبت بالحصول على المبلغ عبرها وصرفه وفق البيانات الحالية، أي بعد قيامها بإحلال عشرات الآلاف من أنصارها بدلاً من الموظفين الذين فروا إلى مناطق سيطرة الحكومة أو أولئك الرافضين العمل مع سلطاتها من دون مقابل.

وخلال التهدئة الحالية تجاوزت الجماعة ملف الرواتب وطالبت بدلاً عنه بحصة من عائدات تصدير النفط على أن تتصرف هي بها، وهي الشروط التي تسببت بإفشال التوصل إلى اتفاق بشأن صرف الرواتب.

مجدداً... العنف ولغته

هذا الغليان الذي بدت الجماعة تخشى تطوره شعبياً، دفع زعيمها عبدالملك الحوثي للعودة للغة الوعيد والتهديد بـ"الخيار العسكري" عقب عام من التهدئة القائمة، قابلته الحكومة اليمنية بالتأكيد مجدداً على تحميل الميليشيا المسؤولية الكاملة عن عدم صرف المرتبات جراء رفضها سلسلة من الحلول والمقترحات والمبادرات التي قدمتها ومعها التحالف العربي والمجتمع الدولي والأمم المتحدة للتوصل إلى صيغة حلول عاجلة للملفات الإنسانية المتفاقمة، وفي مقدمها المرتبات.

ومع عودة الحراك الإقليمي والدولي الساعي إلى إيجاد حلول للأزمة اليمنية، كان واضحاً استغلال قائد الحوثيين لهذا الحراك وظهر السبت الماضي للحديث خلال إحدى مناسباته الطائفية، مهدداً بما لديه من أسلحة ومفخخات قال إن ميليشياته استغلت التهدئة للحصول عليها.

وهو الإجراء الذي يراه مراقبون نهجاً حوثياً معتاداً تجاه أية حال غليان شعبي لمحاولة الترهيب وصرف الأنظار عن أسبابها ومحاولة تحميلها غيرهم، إضافة إلى الحصول على عائدات النفط.

امتصاص الغضب 

ومثلما عاود التهديد باستخدام الهجمات الجوية المفخخة لمناطق الشرعية ودول الجوار في حال "لم تحصل تطورات إيجابية" على حد تعبيره، بعث الحوثي رسائل لجماعته والداخل الذي يسيطر عليه بغرض تهدئة حال الاحتقان المجتمعي العام، من خلال إطلاق وعود بالقيام "بتغييرات جذرية" في هيكل سلطته.

الإنفاق الخاص فقط

يقول الباحث الاقتصادي اليمني عبدالواحد العوبلي إن الميليشيا تسعى كما جرى في العادة، إلى تحميل غيرها المسؤولية في حين أنها تنهب ثلاثة أضعاف ما تجنيه الحكومة الشرعية من الموارد العامة.

يضيف "ومع التزام الشرعية بدفع المرتبات وتقديم الخدمات تخصص الجماعة كل الموارد التي تسيطر عليها للإنفاق الحربي، والصرف على قادة الميليشيا والمنتمين إلى الطائفة والسلالة الحوثية.

يشير إلى أن لدى الحوثي إيرادات ضخمة تتلخص أبرزها في ما تجنيه من إيرادات عبر ميناء الحديدة (غرب البلاد)، إضافة إلى حصولها على نفط إيراني مجاني تقوم ببيعه في السوق السوداء بأضعاف قيمته، إضافة إلى الضرائب الضخمة المحصلة من البضائع الواصلة إلى الميناء التي تقدر بمليارات الدولارات سنوياً، وحتى سفن المشتقات النفطية التي يقوم بالتصرف بأغلب كميتها وبيعها أيضاً في الأسواق السوداء التي لا يتورعون من نشرها في أحياء المدن كافة التي يسيطرون عليها.

موارد بلا التزامات

ومع ذلك يرى أن هذه الموارد الضخمة لا يقابلها أي التزام حوثي تجاه موظفي الحكومة أو قطاع الخدمات العامة والمشاريع والتنمية، ويضيف "كلفة المرتبات لا تتجاوز مليار دولار سنوياً لموظفي البلاد كافة، في حين تجني الجماعة أضعاف هذا المبلغ من الضرائب"، التي تجنيها من عدد من القطاعات التي عملت، وفقاً للعوبلي، على رفع نسبة التحصيل فيها وأهمها ضرائب القات والاتصالات والمواد الغذائية، فضلاً عن إيرادات ضخمة تأتيها من فارق سعر الغاز المنزلي الذي يأتي من مأرب بقيمة ألف ريال للأسطوانة ويبيعها الحوثي بـ7 آلاف ريال (28 دولاراً)، إضافة إلى جمارك المنافذ بينها والحكومة الشرعية وتقدر بمليارات الدولارات سنوياً.

يتطرق إلى مصدر آخر، وهو المساعدات الإنسانية التي قال إن الميليشيا تسيطر عليها بعد رفض المنظمات الدولية العاملة في صنعاء توريد 20-23 مليار دولار قامت بصرفها بتصرف الميليشيا منذ بداية الحرب.

وكان المبعوث الأممي هانس غروندبرغ وضع مقترحاً لتجديد الهدنة وتوسيع بنودها لتشكل جوانب إنسانية قوبلت بترحيب الحكومة، من خلال إضافة وجهات جديدة من مطار صنعاء ورفع القيود عن موانئ الحديدة، والاتفاق على آلية لصرف الرواتب وفتح الطرق بين المحافظات وإنهاء الحصار الخانق الذي يفرضه الحوثي على تعز، كإجراءات تمهد موضوعياً للشروع لاحقاً في مسار تفاوضي ينتهي بإحلال السلام. 

غير أن الميليشيات الحوثية طالبت بوضع يدها على المرتبات وتوريد موازنة النفط والغاز إلى البنك التابع لها بصنعاء، كما قابلت الجهود السعودية والعمانية بمزيد من التعقيدات التي وصفتها الشرعية بأنها "شروط لا تنتهي".

مهلة وتهديد ونفط

أمام حال الغليان هذه كان خطاب الحوثي التصعيدي الذي سعى إلى تحميل كل هذه التبعات للطرف الآخر ممثلاً بالحكومة الشرعية قد تحجج بإعطاء جماعته "المهلة الكافية للوساطة للتوصل إلى اتفاق"، بما في ذلك الوساطة العمانية، في إشارة إلى صرف المرتبات من إيرادات النفط والغاز الذي يقع تحت قبضة الحكومة في حين تطالبه الشرعية بتوريد ما يتحصل عليه إلى البنك المركزي التابع لها في عدن، وتوعد بأن مسلحيه لن يسكتوا إلا إذا حصلت على مبتغاها من عائدات النفط الذي تسببت هجمات صاروخية بوقف تصديره منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

إلهاء الرأي العام

ومع حال الانسداد هذه اتهمت الحكومة الشرعية ميليشيا الحوثي بممارسة التضليل ومحاولة إغراق وسائل الإعلام وإلهاء الرأي العام بالأكاذيب حول ملف المرتبات، للتغطية على تسببها بوقف دفع الرواتب عقب الانقلاب على الشرعية ونهب الاحتياطي النقدي من البنك المركزي بصنعاء.

وقالت على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني إن "الحكومة التزمت بدفع رواتب موظفي الدولة كافة، في مقابل توريد ميليشيا الحوثي عائدات ميناء الحديدة المالية لحساب خاص في البنك المركزي بالمحافظة، تنفيذاً لاتفاق استوكهولم إلا أن الحوثيين نهبوا تلك الإيرادات".

ثلاثة أضعاف أموال الحكومة

وكشفت التقديرات بحسب الوزير الإرياني عن أن إجمالي الإيرادات التي تحصلت عليها ميليشيات الحوثي خلال الأعوام 2022-2023 بلغت 4 تريليونات و620 مليار ريال، وهي ثلاثة أضعاف إيرادات الدولة اليمنية قبل الانقلاب في عام 2014 والبالغة تريليون و739 مليار ريال (تريليون يمني يساوي 4 مليارات دولار)، مشيراً إلى أن "الحكومة قامت من طرف واحد في عام 2019، بدفع رواتب ما يزيد على 120 ألف موظف ومتقاعد مدني في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي، بما في ذلك القطاع الصحي والقضاء، و50 في المئة من موظفي التعليم العالي والجامعات والقطاع المدني في محافظة الحديدة والمتقاعدين المدنيين".

ولفت إلى أن الجماعة صعدت منذ الهدنة الأممية 2022 عمليات النهب المنظم للإيرادات العامة والإيرادات الضريبية والجمركية للمشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، وقامت ببيع النفط والغاز الإيراني "المجاني" الذي تتلقاه من طهران في الأسواق المحلية بأسعار مضاعفة، وضاعفت جباياتها غير القانونية على القطاع الخاص وقطاع الاتصالات.

ترقب اتفاق

وبحسب مراقبين من المتوقع أن تتوج التحركات العمانية باتفاق يقضي بتمديد الهدنة الإنسانية المنتهية في أكتوبر الماضي، وإيجاد معالجات للملفات الإنسانية الملحة من بينها عملية صرف المرتبات.

إذ كشف القيادي في جماعة الحوثي علي ناصر قرشة الخميس الماضي عن احتمالية "تمديد الهدنة"، من دون أن يذكر تفاصيل أخرى عن الاتفاق المحتمل.

وقال القيادي الحوثي عبر منصة "إكس"، "توجهنا من صعدة إلى صنعاء لاستقبال الوسيط العماني والوفد الوطني (وفد الحوثيين) لإجراء مشاورات، إذا كتب الله أن يتم توقيع اتفاق سواء في صنعاء أم في الرياض"، قبل أن يعلن طرف آخر في الجماعة أن المفاوضات الحالية انتهت، على أن تستأنف في جولة أخرى مقبلة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير