ملخص
على مدار أيام قمة جوهانسبورغ، كانت الدعوات الرامية إلى توسيع "بريكس" مهيمنة على جدول الأعمال
من بين أكثر من 20 طلباً رسمياً بالانضمام جاءت دعوة دول "بريكس" لست دول جديدة هي السعودية ومصر والإمارات وإيران وإثيوبيا والأرجنتين لتكون أعضاءً اعتباراً من الأول من يناير (كانون الثاني) 2024 في نادي كبرى الاقتصادات الناشئة الساعية إلى إعادة تشكيل النظام العالمي، ليفتح باب النقاش والجدل معاً حول مستقبل التكتل الذي يمثل ما مجموعه نحو 42 في المئة من سكان العالم، و24 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و16 في المئة من التجارة العالمية قبل إقرار توسعه.
وجاء ضم أعضاء جدد للتكتل، في آخر أيام قمة جوهانسبورغ التي استمرت لثلاثة أيام وشهدت "مفاوضات ماراثونية استمرت حتى وقت متأخر من ليل الأربعاء"، انتهت بتوصل الدول الخمس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) إلى "توافق" حول ما يمكن توصيفه "معايير أولية وتوجيهية في شأن توسع بريكس وفتح الباب أمام خطوات مماثلة في السنوات المقبلة"، وفق ما أوضحه لنا دبلوماسي جنوب أفريقي رفيع المستوى في أعقاب اتخاذ القرار.
لماذا تم قبول الدول الست وتأجل حسم أخرى؟ رغم ترجيح كثيرين طوال أيام القمة دخول ملفات أخرى أو قبول عدد أكبر، بحسب رصد "اندبندنت عربية" خلال حضورها في جوهانسبورغ. وهل يفتح التوسع الباب لتغيير مسمى التكتل الذي يمثل الأحرف اللاتينية الأولى لدوله الخمسة الأعضاء؟ غابت إجابات تلك الأسئلة عن إعلان الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا، صباح أمس الخميس، حول ضم أعضاء جدد، ولم تجب عنها كلمات الرؤساء الأربعة الآخرين لدول التكتل على مدار تصريحاتهم طوال اليوم الأخير من القمة، على رغم تأكيد جميعهم "تاريخية الخطوة وأهميتها البالغة في مسار مستقبل بريكس".
وفي إعلانه ضم أعضاء جدد قال رامافوزا، "لقد قررنا دعوة الأرجنتين، ومصر، وإثيوبيا، وإيران، والسعودية، والإمارات، ليصبحوا أعضاء كاملي العضوية في مجموعة بريكس"، مضيفاً أن العضوية "ستدخل حيز التنفيذ اعتباراً من الأول من يناير (كانون الثاني) 2024". وتابع أن أعضاء "بريكس" الذي تتخذ قراراته بالإجماع، اتفقوا على "المبادئ التوجيهية لعملية توسيعه ومعاييره وإجراءاته"، من دون توضيح تلك المبادئ أو المعايير.
هكذا حُسمت ملفات العرب
على مدار أيام قمة جوهانسبورغ، كانت الدعوات الرامية إلى توسيع "بريكس" مهيمنة على جدول الأعمال وحتى بين نقاشات الوفود المشاركة، لكن تأخر حسمها في أول يومين عكس انقسامات بين دول التكتل الرئيسة في شأن وتيرة ومعايير قبول أعضاء جدد، وبدت "الصين وروسيا ومن خلفهما جنوب أفريقيا" الدول الأكثر رغبة في إتمام الخطوة، بحسب ما ترشح إلينا من معلومات.
ووفق مصادر دبلوماسية متطابقة تحدثت لـ"اندبندنت عربية" في اليوم الأخير من قمة جوهانسبورغ، فإن "الدول الست الجديدة التي تم اختيارها توافقت عليها بشكل كامل الدول الخمس، وإن بدت البرازيل والهند أقل تحمساً لملفي إيران وإثيوبيا"، موضحة أن من بين المعايير التي وضعتها الدول الأعضاء، أن يكون المنضمون الجدد للتكتل من بين "الاقتصادات الناشئة ولديهم نفوذ إقليمي وعالمي كبير".
وبحسب مصدر دبلوماسي آخر، من جنوب أفريقيا تحدث إلينا، "كانت الملفات العربية (السعودية والإمارات ومصر) الأقوى والأكثر قبولاً لدى كل أعضاء بريكس"، لما يمثلونه من ثقل سكاني واقتصادي داخل "مجتمع الجنوب"، الأمر الذي أوضحه في حديثه معنا، السفير الجنوب أفريقي لشؤون بريكس شيربا أنيل سوكلال، قائلاً: "نحن سعداء جداً بضم دول عربية مهمة إلى التكتل"، مضيفاً، "السعودية ومصر والإمارات جزء مهم من المجتمع الدولي، وكذلك من مجتمع الجنوب، وعليه فإن وجود قوى عربية مؤثرة بيننا أمر في غاية الأهمية ومهم بالنسبة لنا، ويمثل إضافة متبادلة"، مشدداً في الوقت ذاته، على أن "قرار التوسيع واختيار أعضاء جدد كان موقفاً مدروساً بعناية وتطلب الوصول إلى توافق كامل بين كل الأعضاء الخمسة الرئيسين".
وبعد تأكيد أن "انضمام الدول الجديدة سيضيف لبريكس، وأن التكتل اليوم بات أكثر قوة من قبل"، ذكر سوكلال أن "مجموعة الدول الست الجديدة ما هي إلى مرحلة أولى من مراحل التوسيع التي ستتواصل في السنوات المقبلة، وانضمامها يبث رسالة لكل دول الجنوب أن تتحد وتعمل معاً، ومع الشركاء حول العالم من أجل تعظيم مصالحنا"، معتبراً أن أحد أهداف "بريكس" الرئيسة، هو "رفع صوت الجنوب العالمي، وإصلاح البنية العالمية والعمل من أجل نظام عالمي أكثر عدالة".
ومن دون إيضاح المعايير والمبادئ التي تم قبول الأعضاء الجدد على أساسها، تحدث إلينا دبلوماسي آخر وهو سفير جنوب أفريقيا لدى الصين سيابونجا سيبريان كويلي، قائلاً إن "تكتلنا هو شراكة من أجل التنمية، وينصب تركيز بريكس الأساسي على التنمية العالمية وإدراج وجهات نظر البلدان النامية على المستوى المتعدد الأطراف"، مشدداً على أن المبادئ الأساسية التي تربط "بريكس"، هي "الرؤية المشتركة لتنمية شعوب دولها، والسعي لتحقيق السلام كحافز للتنمية، والالتزام بالتعددية بدلاً من الأحادية".
وبحسب مراقبين فإن التوسع الذي أحدثه "بريكس" في قمة جوهانسبورغ، من شأنه أن يخلق ثقلاً اقتصادياً وجيوسياسياً ويعزز من الطموح المعلن للمجموعة بأن تصبح نصيراً لدول نصف الكرة الأرضية الجنوبي. وهو أمر وصفه الرئيس الصيني شي جينبينغ في معرض كلمته، أمس الخميس، بأنه "توسع تاريخي يعكس عزم دول بريكس على الاتحاد والتعاون مع الدول النامية الأوسع نطاقاً"، فيما ذكر الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أنه مع انضمام ستة أعضاء جدد، فإن التكتل يمثل الآن 46 في المئة من سكان العالم وحصة أكبر من ناتجه الاقتصادي.
تشير تقديرات، إلى أن انضمام السعودية وحدها، بما لديها وما تملكه من احتياطي ضخم من الثروات المعدنية، وكونها أكبر مصدر للنفط على مستوى العالم، وأكبر اقتصاد عربي، وثاني أكبر دولة عربية من حيث المساحة، من شأنه أن يرفع حجم اقتصاد التكتل بأكثر من 1.1 تريليون دولار، بعد أن وصلت مساهمة "بريكس" إلى 31.5 في المئة من الاقتصاد العالمي، مقابل 30.7 في المئة لمجموعة السبع الصناعية الكبرى.
لماذا "تأجل" ملف الجزائر؟
لكن وبخلاف الدول التي قوبلت، بدت ملفات أخرى على مدار الأيام الأخيرة قريبة من العضوية، إلا أن "قرار استبعادها أو تأجيل انضمامها" أثار كثيراً من الجدل في أوساط المراقبين والمتابعين لمسار "بريكس"، ومن بين تلك الدول كان ملفا "الجزائر وإندونيسيا وبنغلاديش". رغم إبقاء قادة المجموعة على فتح الباب أمام خطوات مستقبلية أخرى بقبول أعضاء آخرين في السنوات المقبلة.
ففي الحالة الجزائرية، جاء طلبها الرسمي بالانضمام في إطار مساعيها الخارجية لتعزيز دورها في إعادة تشكيل النظام العالمي، معتبرة في مجموعة "بريكس" قوة "اقتصادية وسياسية مثالية" لتحقيق ذلك، وعليه بذل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، جهوداً حثيثة خلال الفترة الأخيرة نحو قناع دول رئيسة في التكتل بقبول عضوية الجزائر على رأسها الصين ورسيا.
لكن ووفق ما ترشح إلينا من معلومات من مصادر عربية وجزائرية في جوهانسبورغ، "لعبت الهند والبرازيل دوراً في تأجيل قبول الملف الجزائري"، معولة في ذلك على "بعض المعايير الاقتصادية التي تتطلب أن تكون في الدول المنضمة للتكتل ولم يمتلكها الاقتصاد الجزائري".
ومن دون استبعاد قبول الملف الجزائري في قمة "بريكس" المقبلة في روسيا 2024، قال لنا مصدر عربي في جوهانسبورغ، إن "رغم ما تملكه الجزائر من علاقات قوية مع دول البريكس وبخاصة روسيا والصين، رجحت التحفظات الهندية والبرازيلية تأجيل انضمامها"، موضحاً: "أن تباينات واسعة كانت بين الدول الأعضاء حول أي دول ينبغي ضمها في القمة الحالية، مع التركيز على إحداث توازن في تمثل القوى الرئيسة من القارات الثلاث (آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية).
ووفق المصدر ذاته، الذي فضل عدم ذكر اسمه، "تأتي توسعة عضوية بريكس في ظرف استثنائي، يشهد فيه العالم تحديات اقتصادية وجيوسياسية واسعة، وعليه كان أعضاء بريكس يدركون أن تكتلهم في مفترق طرق، وأن الحاجة باتت ملحة لاتخاذ قرار توسيع العضوية".
وتابع "عكست الانضمامات الجديدة حرص دول بريكس على إحداث توازن بين أهداف ومبادئ التكتل، ورغبات أعضائها الرئيسين، في ظل التحولات الاقتصادية والجيوسياسية الموجودة حالياً في العالم، وإجمالاً يمكن القول إنهم وفقوا إلى حد بعيد في هذا الأمر"، مرجحاً في الوقت ذاته قبول الملف الجزائري في مرحلة التوسع الثانية المرتقبة للتكتل. وهو الأمر الذي يتوافق وحديث دبلوماسيين من جنوب أفريقيا إلينا، بأن "الانضمام الأخير ما هو إلا مرحلة أولى، وأن التكتل سيقبل عديداً من الدول النامية في الفترات المقبلة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هل يتغير اسم "بريكس" مستقبلاً؟
من بين الموضوعات التي أوجدها انضمام أعضاء جدد لـ"بريكس"، كان مستقبل اسم التكتل الذي تأسس بالأساس حاملاً الأحرف الأولى للدول الخمس المكونة له (BRICS)، وصاغه في 2001 لأول مرة جيم أونيل كبير الخبراء الاقتصاديين في مؤسسة الخدمات المالية والاستثمارية الأميركية "غولدمان ساكس" تحت مسمى "بريك"، اختصار للدول الأربع (البرازيل وروسيا والهند والصين) التي كانت تحقق معدلات نمو كبيرة على مستوى الإنتاج العالمي، وفي معرض رده على حديثنا معه، قال سفير جنوب أفريقيا لشؤون "بريكس" شيربا أنيل سوكلال، إن اسم "بريكس" سيبقى، موضحاً "هناك بعض الأمور التي سيتم مناقشتها على مستويات عليا خلال الفترة المقبلة، وأعتقد أن الاسم لن يتغير، وإن حدث سيكون بريكس بلس".
ومضى سوكلال، قائلاً، "لن يكون الانضمام في معظم التقدير مستدعياً لتغير الاسم"، مستدلاً في ذلك بمجموعة الـ77 للدول النامية (تحالف مجموعة من الدول النامية، تأسس في يونيو (حزيران) 1964)، التي حين تأسست كانت تضم هذا العدد من الدول، أما الآن فأصبحت تضم نحو 130 دولة، وعلى رغم ذلك لم يتغير اسمها وأبقت على فكرة الذي تمثله مجموعة الـ77 من أهداف".
وتابع سوكلال، "الحال نفسها بالنسبة إلى بريكس اليوم، لم يعد فقط خمس دول، هناك انضمامات حدثت وأخرى مرتقبة"، ومضى قائلاً: "الفكرة هي عندما نتحدث عن بريكس لم يعد يقتصر الأمر على روسيا أو الصين أو البرازيل أو جنوب أفريقيا، ولكن ما يمثله بريكس كعمل جماعي، وعليه بات اسم بريكس ماركة عالمية لما يمثله بالنسبة لدول الجنوب، وعليه نحن على ثقة أن اسم بريكس سيبقي من دون تغيير".
في الاتجاه ذاته أوضح السفير سيابونجا، في حديثه لنا، أن "تغيير الاسم غير وارد في الغالب، وأن التركيز والمهم لدى دول المجموعة القدامى والجدد سيبقي الموضوعات والأهداف المشتركة لتنمية دول الجنوب، وتلبية طموحات الدول النامية". وهو ما توافق مع حديث مصدر دبلوماسي روسي إلينا، المقتضب في هذا الشأن، قائلاً إن "فكرة تغيير اسم التكتل من عدمه لم تكن مطروحة بأي شكل من الأشكال على ملف القمة أو حتى النقاشات والاجتماعات الممهدة لها".
وبدأت فكرة تأسيسي مجموعة "بريكس" (BRICS)كتكتل اقتصادي عالمي في سبتمبر (أيلول) 2006، حينما عقد أول اجتماع وزاري لوزراء خارجية البرازيل وروسيا والهند والصين على هامش أشغال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لإعلان بداية تعاون مشترك بين مجموعة دول كانت تسمى "بريك" (BRIC) وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين.
وفي يونيو (حزيران) 2009، عقد رؤساء الدول الأربع حينها اجتماعهم الأول بمدينة يكاترينبورغ في روسيا، ورفعوا درجة تعاون دول "بريك" إلى مستوى القمة، ثم أعلن الرؤساء تأسيس تكتل اقتصادي عالمي من شأنه أن يكسر هيمنة الغرب وينهي نظام القطب الواحد الذي تتزعمه أميركا، وذلك من خلال التركيز على تحسين الوضع الاقتصادي العالمي وإصلاح المؤسسات المالية، وكذلك مناقشة الكيفية التي يمكن بها للبلدان الأربعة أن تتعاون في ما بينها على نحو أفضل في المستقبل.
وفي عام 2010، انضمت جنوب أفريقيا للتكتل رسمياً وبعدها تغير اسم التكتل في قمته الثالثة التي عقدت في الصين في 14 أبريل (نيسان) 2011، حيث غيرت المجموعة اسمها إلى كلمة "بريكس" عوضاً عن "بريك"..
أي مستقبل ينتظر التكتل؟
أبدى عديد من المراقبين والمتابعين كثيراً من التفاؤل لدخول ست دول جديدة إلى تجمع "بريكس"، من بينها ثلاث دول عربية، وإن قلل بعض السياسيين من تأثير الخطوة على وصول أهداف التكتل الطموحة على المدى المنظور إلى نتائج مؤثرة.
وبجانب الترحيب الواسع التي استقبلت به الدول الجديدة نبأ الانضمام، عكست مداخلات قادة التكتل الرئيسين تفاؤلهم بأهمية التوسع، وأن الطريق مفتوح أيضاً أمام عشرات الدول الأخرى للسعي للانضمام إلى "بريكس" الذي تعهد معالجة شكواها من النظام العالمي الذي يشعر كثير منها أنه ضدها.
فمن جانبه، اعتبر الرئيس الصيني شي جينبينغ، الذي تعد بلاده الأقوى في مجموعة الدول غير الغربية التي تمثل ربع اقتصاد العالم، في تصريحات أعقبت إعلان التوسع أنه "توسع تاريخي يعكس عزم دول بريكس على الاتحاد والتعاون مع الدول النامية الأوسع نطاقاً"، مضيفاً التوسع يعد أيضاً نقطة انطلاق جديدة للتعاون بالنسبة لـ"بريكس". فهو سيمنح آلية تعاون "بريكس" قوة جديدة وسيعزز قوة الدفع باتجاه السلام والتنمية في العالم.
من جانبه، قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، إن توسيع التكتل يجب أن يضرب مثالاً يحتذى به لمؤسسات عالمية أخرى، مضيفاً "توسيع وتحديث مجموعة بريكس رسالة مفادها أن جميع المؤسسات في العالم في حاجة إلى أن تشكل نفسها وفقاً للظروف المتغيرة".
وبينما رأى الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أنه مع انضمام ستة أعضاء جدد، يمثل التكتل الآن 46 في المئة من سكان العالم، وحصة أكبر من ناتجه الاقتصادي. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن "بريكس" "لا يتنافس مع أي أحد". أضاف "لكن من الواضح أيضاً أن هذه الفكرة التي تستهدف بزوغ نظام عالمي جديد لا يزال لها معارضون أشداء".
في الأثناء، تباينت آراء المراقبين ممن تحدثت إلينا على هامش اليوم الختامي لقمة جوهانسبورغ، فمن جانبه، يقول الباحث الجزائري المتخصص في الشأن الاقتصادي وليد مذكور، إنه "مما لا شك فيه أن انضمام أعضاء جدد لبريكس وبهذا التمثيل على مستوى العالم منح زخماً مشتركاً لعمل التكتل الساعي لمواجهة الهيمنة الغربية"، موضحاً "في ضوء ما يشهده العالم من تحديات اقتصادية وسياسية ومنافسة قوية بين أقطابه الكبرى، تطرح بريكس رؤية مشتركة لدول الجنوب بحثاً عن توفير بدائل يمكن الاعتماد واللجوء إليها بعيداً من المؤسسات الدولية المهمين عليها الغرب".
يتوافق حديث مذكور، مع ما طرحه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الذي حضر إعلان التوسع، أمس الخميس، حين ردد مطالبات متكررة لـ"بريكس" بإصلاح مؤسسات مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، مشيراً إلى أن هياكل الإدارة العالمية "تمثل عالم الأمس"، وشدد غوتيريش، قائلاً "لكي تبقى المؤسسات متعددة الأطراف عالمية حقاً، يتعين إصلاحها لتعكس سلطة اليوم والحقائق الاقتصادية. ومع غياب هذا الإصلاح يصبح الانقسام حتمياً".
وتابع مذكور، يحاول "بريكس" المناورة مع القوى الغربية الكبرى عبر توسيع عضويته بحثاً عن إحداث توازن مع التحولات الاقتصادية والجيوسياسية العنيفة التي تضرب العالم"، مضيفاً "فكرة التوسع تفيد بريكس، إذ أصبح التكتل في حاجة إلى قوة اقتصادية وجيوسياسية لموازنة علاقاته مع الغرب، ومع ما يعرف بمجموعات الشمال بوجه عام، وعليه يبحث بريكس عن قوى اقتصادية وسياسية مؤثرة، لمواجهة هذه التحديات الموجودة".
في الاتجاه ذاته، يرى المحلل السياسي العربي المقيم في جنوب أفريقيا أحمد المشطاوي، أن "مخرجات قمة بريكس سواء على صعيد التوسعة أو فتح باب النقاش حول ملف الاعتماد على العملات المحلية لتقليل الاعتماد على الدولرة في التجارة الدولية، فتحت الأفق أمام الدول النامية لتجد بديلاً لها في مواجهة الهيمنة الغربية"، مشيراً إلى أن المبادئ التي ينتهجها التكتل بشكل عام في تعامله مع الدولة النامية ودول الجنوب، قائمة على التنمية والازدهار من دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول وفرض شروط على دعمها، تمثل بزوغ حالة دولية جديدة من شأنها أن تهدد السيطرة الغربية على المؤسسات الدولية".
ويأمل كثيرون أن يكون بنك التنمية الجديد الذي أنشأته دول "بريكس" عام 2015 بديلاً لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وذلك بعد أن وعد بزيادة الإقراض بالعملات المحلية كوسيلة للحد من تعرض الأعضاء لتقلبات أسعار صرف الدولار، لكن اللافت كان من بين نحو 33 مليار دولار من القروض التي وافق عليها بنك التنمية الجديد، كان ثلثا القروض بالدولار، وفق شرح قدمه مستثمرون في أبريل (نيسان).
في المقابل يجادل آخرون بأن التباينات والاختلافات وحتى بعض التوجهات بين الدول الأعضاء من شأنها أن تكبح جموح طموحات التكتل، إذ يمثل "بريكس" مجموعة متباينة من الدول، مزيجاً من الاقتصادات الكبيرة والصغيرة والأنظمة السياسية المختلفة، المدفوعة إلى حد كبير بالرغبة في تكافؤ الفرص عالمياً وإعادة التوازن إلى المنظمات الدولية التي تهيمن عليها الولايات المتحدة ودول غربية أخرى غنية.
وبينما تمثل تعهدات زعماء "بريكس" بالدفاع عن مصالح الدول غير الغربية جزءاً من تحول تدريجي في تركيز المجموعة من الاقتصاد إلى الجغرافيا السياسية، يشير المنتقدون إلى أن "بريكس" لا يزال أمامها طريق طويل لتقطعه لتحويل نفسها إلى منظمة عالمية متحدة بوسعها فعلياً تحدي الهيمنة الغربية على المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد والبنك الدوليين.