Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا ستستفيد الهند من الوصول الى القمر؟

تكمن أهمية المهمة في تغيير صورة البلد من دولة فقيرة في العالم الثالث إلى دولة سباقة في مجال تكنولوجيا المعلومات

يمكن أن تسهم المهمة الهندية في مساعي الاستيطان على القمر أيضاً (ناسا)

ملخص

نظراً إلى أن جاذبية القمر أقل بست مرات من جاذبية الأرض، فإن كلفة إطلاق صاروخ من هناك ستكون أيضاً أقل بكثير من كلفة الأرض، ولذلك يمكن للقمر أن يلعب دور المعسكر الأساس بنجاح.

باتت الهند، الأسبوع الماضي، رابع دولة في العالم ترسل مهمة فضائية إلى القمر، وأول دولة تصل إلى القطب الجنوبي له، وإضافة إلى كون هذا التطور إنجازاً عظيماً لمجال التكنولوجيا في الهند، فإن هذا الهبوط له رمزية بالغة الأهمية إذ تمكنت نيودلهي بفضل هذا الانجاز من ترسيخ نفسها كقوة تقنية على الساحة العالمية.

يتم تغطية خبر وصول الهند إلى القمر عالمياً في عناوين رئيسة تعزز الصورة الناعمة للبلاد في العالم، إذ لن ينظر للهند بعد اليوم كدولة فقيرة في العالم الثالث بل كلاعب أساس في مجال العلم والتقنية، وهي ليست حديثة العهد في سباق الفضاء فقد أرسلت إلى المريخ صاروخاً فضائياً عام 2014 ويدور حول الكوكب منذ ذلك الوقت.

ما الذي يميز الهند عن مثيلاتها؟

بحسب البيانات التي قدمتها وكالة "ناسا" فقد تم إرسال 70 مهمة إلى القمر منذ عام 1958، باء أكثر من نصفها بالفشل (تحديداً 41)، وعلى مدى أربعة عقود بعد بداية السباق الفضائي احتكرت الولايات المتحدة وروسيا وحدهما مجال المهمات القمرية، ولكن في عام 1990 أضافت اليابان اسمها إلى القائمة بإرسال مهمة تسمى "هاتان"، تلا ذلك إرسال المهمات من قبل الاتحاد الأوروبي، وفي عام 2019 حاولت الهند الانضمام إلى القائمة بإرسال مهمة "شاندريان-2" لكنها لم تنجح.

أحد الأمور التي تميز مهمة الهند الأخيرة هي كلفتها القليلة، إذ أتمت المهمة في مقابل 75 مليون دولار، وهي كلفة أقل بكثير من المهمات المماثلة للدول الأخرى، وفي هذا السياق، انتشر عبر منصة "إكس" وعلى نطاق واسع منشور علق عليه إيلون ماسك أيضاً، وذكر أن فيلم الخيال العلمي الهوليوودي Interstellar  كلف 165 مليون دولار، في حين تمكنت الهند من إرسال مهمة إلى القمر بكلفة أقل بكثير.

وفي أواخر الشهر الماضي، تدمرت مركبة فضائية صينية "لونا-25" بعد أن اصطدمت بسطح القمر بسبب فقدان السيطرة عليها، وهذه المهمة أيضاً كلفت 135 مليون دولار بحسب صحيفة روسية.

وبالمثل، فإن مهمات الولايات المتحدة إلى القمر كانت مكلفة للغاية مقارنة بالهند، وبحسب تقرير لوكالة "ناسا" فإن الكلفة الإجمالية لمهمة "أرتميس" الأميركية لهبوط رجل على القمر تبلغ 93 مليون دولار، لكن هذه المهمة كانت أكثر تعقيداً من مهمة "شاندريان" الهندية، لأنها تضمنت هبوط البشر على سطح القمر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي المقابل، توظف الهند هذه الميزة إذ بدأ رئيس الوزراء ناريندرا مودي بالفعل في الترويج لصناعة الفضاء الخاصة في الهند، وهو يشجع العالم على الاستثمار فيها، ويتمثل عامل الجذب الرئيس في هذا الحافز والذي يمكن أن يلعب دوراً مهماً في تسويق البرنامج، في أن كلفة برنامج الفضاء الهندي أقل كثيراً من كلف الدول الغربية، ويمكن التنبؤ أن الهند ستصبح لاعباً رئيساً في المستقبل إذا بدأ التعدين أو السياحة على القمر.

 

وإضافة إلى ذلك، ثمة كثير من الدول المهتمة ببرامج الفضاء ولديها رأس المال أيضاً، ولكن ينقصها التكنولوجيا المطلوبة، ويمكن للهند أن توفر لها خدمات بأسعار معقولة أيضاً، فعلى سبيل المثال، تخطط دولة الإمارات العربية المتحدة لهبوط مركبة على سطح القمر عام 2024، لكنها لا تملك الوسائل اللازمة لإيصالها، ولهذا طلبت خدمات شركة الفضاء اليابانية ispace، ومن الممكن أيضاً أن تؤدي العمالة الرخيصة والتكنولوجيا المنخفضة الكلفة في الهند إلى إنشاء شركات فضاء منخفضة الكلفة وقادرة على التنافس مع شركات أخرى.

تفاصيل المهمة وأهدافها

قبل أن نخوض في تفاصيل المهمة، نذكر المسميات المهمة المتعلقة بالمركبة الفضائية ودلالاتها وهي كالآتي:

"شاندريان" اسم المهمة، والكلمة من اللغة السنسكريتية مركبة من كلمتين وتعني مركبة القمر، والمهمة الأخيرة كانت الثالثة من سلسلة "شاندريان"، ففي عام 2019 باءت مهمة "شاندريان-2" بالفشل.

"فيكرام" هو المسبار الذي هبط على سطح القمر، وسمي باسم مؤسس منظمة أبحاث الفضاء الهندية فيكرام سارابهاي.

"باراجيان" هي المركبة القمرية التي ستسير على سطح القمر وتجري تجارب وملاحظات هناك، وهي أيضاً كلمة سنسكريتية وتعني الحكمة.

 

وبحسب موقع منظمة أبحاث الفضاء الهندية، فإن المهمة كانت لها أهداف ومنها هبوط المسبار بطريقة آمنة وسلسة، ومراقبة وإظهار قدرات قيادة المركبة القمرية على سطح القمر، وإجراء التجارب والملاحظات على المواد المتوافرة على سطح القمر لفهم تكوينه بصورة أفضل.

وإضافة إلى تحقيق هذه الأهداف، ستكون هناك نتائج بعيدة المدى على الصعيدين المحلي والعالمي لهذه المهمة، وتورد "فورين بوليسي" أن هذا الانجاز هو فوز سياسي واضح لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وسيسهم في مساعي الهند لتصبح عضواً في مجلس الأمن ومجموعة الموردين النوويين، ووفقا للمجلة فإن هناك فائدة إضافية للمهمة تتمثل في تعزيز العلوم والتكنولوجيا في الهند، وبخاصة في مجال تكنولوجيا الاتصالات والاستشعار عن بعد.

وفي الجانب الآخر، ساعدت الأبحاث الفضائية الهندية في معرفة مستوى المياه الجوفية وتحديد أنماط الطقس، وبما أن الهند من أكثر الدول تأثراً بالاحتباس الحراري فإنها بالتأكيد ستستفيد من هذه الأبحاث.

وستشجع الإنجازات الفضائية التي حققتها الحكومة القطاع الخاص على الاستثمار في هذا القطاع كما هي الحال في الولايات المتحدة، إذ يستثمر القطاع الخاص بكثافة في صناعة الفضاء، وخير مثال على ذلك استثمار شركات الأثرياء مثل شركة SpaceX التي يمتلكها إيلون ماسك وشركة Blue Origin المملوكة لجيف بيزوس، فهاتان الشركتان استثمرتا مليارات الدولارات في الأبحاث الفضائية، ومن المقرر أن تزداد استثماراتهما مستقبلاً.

الاستيطان على القمر

وفي سياق متصل، أعلنت كل من الولايات المتحدة والصين أنهما تعتزمان إرسال البشر الى القمر، ويذكر هنا أن المركبة الهندية "شانداريان-3" على القطب الجنوبي للقمر حيث يوجد الجليد، وإذا أراد الإنسان بناء مستوطنة دائمة على القمر فيجب عليه اختيار منطقة يوجد فيها كثير من المياه التي ليست صالحة للشرب وحسب، بل يمكن استخدامها أيضاً لإنتاج الأوكسجين.

يبعد القمر من الأرض 384 ألف كيلومتر، وهي ليست مسافة كبيرة بحسب المسافات الكونية، ويمكن استيعاب هذا الفرق بمقارنة المسافات الثانية حيث يبعد المريخ تقريباً ​​14 مليون كيلومتر عن الأرض، أي 364 مرة أبعد من القمر، بينما يقع كوكب زحل على مسافة تزيد على ملياري كيلومتر، وإذا وصل البشر إلى هذه الكواكب فيمكن استخدام القمر كمعسكر أساس، تماماً كما يفعل متسلقو الجبال عندما يقضون أوقاتهم في المعسكرات الأساس للتأقلم مع الجو والمحيط قبل أن يبدأوا تسلق جبال مثل قمة "إيفرست".

وإضافة الى ذلك فإن العيش على القمر سيدرب رواد الفضاء على كيفية البقاء على الكواكب الأخرى فترات طويلة من الزمن، وسيساعد في معرفة المشكلات التقنية والبيولوجية التي قد تحدث خلال تلك الفترة، كما يمكن إعداد الوقود وإصلاح السفن الفضائية باستعمال المصادر الموجودة على القمر.

ونظراً إلى أن جاذبية القمر أقل بست مرات من جاذبية الأرض، فإن كلفة إطلاق صاروخ من هناك ستكون أيضاً أقل بكثير من كلفة الأرض، لذلك يمكن للقمر أن يلعب دور المعسكر الأساس بنجاح، وتفيد وكالة "ناسا" بأن "مهمة أرتميس" الخاصة بها لا تقتصر على القمر بل تخطط لاستخدامها أيضاً في محاولات الوصول إلى المريخ.

استكشاف الـ "هيليوم-3"

كتبت صحيفة "تايمز أوف إنديا" الهندية أن منظمة أبحاث الفضاء الهندية ستستكشف الـ "هيليوم-3" على القمر، وهو نظير نادر على الأرض ولكنه متوافر بكثرة على القمر، ويحتوي الـ "هيليوم" الشائع على الأرض على بروتونين ونيوترونين فقط، لكن الـ "هيليوم-3" يحتوي على بروتونين ونيوترون واحد فقط.

وتكمن أهمية الـ "هيليوم-3" في إمكان استخدامه كوقود نووي، وبحسب بعض التقديرات فإنه يمكن أن يلبي حاجات الأرض من الطاقة لمدة 250 عاماً مقبلاً، كما نقلت الصحيفة عن رئيس منظمة أبحاث الفضاء الهندية كيه سيفان قوله "إن الدول التي لديها القدرة على جلب هذه الرواسب من القمر إلى الأرض ستقود العملية، وأنا لا أريد أن أكون جزءاً منها بل أريد أن أقودها".

ومع ذلك، فإن العملية ليست بهذه البساطة، فهبوط مركبة فضائية على القمر والتقاط بضعة كيلوغرامات من الصخور أو التربة وإعادتها للأرض شيء، والتعدين على نطاق واسع شيء آخر تماماً، ومن الواضح أن هذه عملية صعبة ومكلفة للغاية، وحتى لو كان من الممكن إحضار الـ "هيليوم-3" إلى الأرض فليس من السهل توليد الطاقة منه، وبحسب تقرير لمجلة The Wire فإن هذه التقنية غير موجودة حالياً في أي مكان في العالم.

اقرأ المزيد

المزيد من علوم