Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الهند والخليج شراكة تقلب موازين الاقتصاد العالمي

ربط بري وبحري وسكك حديد لتعزيز أمن الطاقة والاستفادة من قدرات الرياض ونيودلهي لأنهما الأسرع نمواً في "مجموعة الـ 20"

ملخص

نجاح الشراكة الاقتصادية والاستراتيجية بين الهند والسعودية في ربط المنطقة بأوروبا وآسيا مرهون بالرغبة الدولية لدعم المشاريع المشتركة

تقوم الدبلوماسية السعودية على تعميق علاقاتها مع جميع الدول مبنية على مبدأ التكامل والشراكات وإحلال السلام العالمي، والتي عززتها خلال السنوات الماضية من خلال نشاطها المكثف الذي يعطي دلالة واضحة على المكانة المرموقة التي تحظى بها إقليمياً ودولياً، باعتبارها شريكاً استراتيجياً مهماً لكل الدول وعنصراً أساساً في أي معادلة إقليمية أو دولية تهدف إلى استتباب الأمن وإرساء دعائم الاستقرار.

وأخيراً أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في كلمته أمام اجتماع قادة "مجموعة الـ 20" المنعقد في العاصمة الهندية نيودلهي اليوم السبت، التاسع من سبتمبر (أيلول) الجاري، عن توقيع مذكرة تفاهم لمشروع اقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.

وقال ولي العهد "إن المشروع سيسهم في تطوير البنية التحتية ويضم سكك حديد وموانئ، كما يسهم في ضمان أمن الطاقة العالمي وزيادة التبادل التجاري ودعم جهود الطاقة النظيفة وتوليد فرص عمل لجميع الأطراف".

وجاء إعلان ولي العهد متزامناً مع بيان مشترك من الحكومتين السعودية والأميركية أعلنت فيه الدولتان عن توقيع مذكرة تفاهم ثنائية تحدد بموجبها أطر التعاون بين البلدين لوضع بروتوكول يسهم في تأسيس ممرات عبور خضراء عابرة للقارات، من خلال الاستفادة من موقع السعودية الجغرافي والاستراتيجي الذي يربط آسيا بأوروبا.

وبحسب البيان فإن المشروع يهدف إلى تيسير عملية نقل الكهرباء المتجددة والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط أنابيب، وكذلك إنشاء خطوط للسكك الحديد، إضافة إلى تعزيز أمن الطاقة، لا سيما النظيفة منها، ودعم جهود تطويرها وتنمية الاقتصاد عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية، وإلى جانب التبادل التجاري وزيادة مرور البضائع من خلال ربط السكك الحديد والموانئ. ورحبت الرياض بالدور الذي تقوم به الولايات المتحدة الأميركية لدعم وتسهيل التفاوض لتأسيس وتنفيذ هذا البروتوكول ليشمل الدول المعنية بممرات العبور الخضراء.

رسم حركة التجارة

ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين أميركيين القول "إن الولايات المتحدة والسعودية والهند ودولاً أخرى تجري محادثات في شأن اتفاق محتمل للبنية التحتية يمكن أن يعيد رسم حركة التجارة بين الخليج ومنطقة جنوب آسيا، حيث يربط دولاً بالشرق الأوسط عبر السكك الحديد ثم يربطها بالهند من طريق الموانئ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال المحلل السياسي مبارك آل عاني إن "دول الخليج العربي بوجه العموم، والسعودية بصفة خاصة، تمتلك موقعاً جيوسياسياً مهماً يتوسط دول العالم، وهذا يجعلها جزءاً لا يتجزأ من أية خريطة لمستقبل العالم كافة، وليس القارة الآسيوية فقط، بخاصة أن البلدان الخليجية لديها مخزون استراتيجي من النفط، وكذلك رؤية اقتصادية لتطوير اقتصادها خلال السنوات المقبلة، كما أن لديها عديداً من الخطط التي يشاركون بها دول العالم في النهوض بالاقتصاد العالمي".

ولفت آل عاني إلى أن الهند تملك اقتصاداً كبيراً ومرشحاً أن يكون الثالث على مستوى العالم في عام 2040، مضيفاً أن "تلك الميزات الاقتصادية يمكن أن ينتج منها فرص استثمارية كبيرة بين دول الخليج العربي والهند تحقق النماء والرفاهية لشعوبنا، وكذلك تحقق الأمن والاستقرار للمنطقة". وتابع المحل السياسي "أية مشاريع تأخذ في الحسبان الحفاظ على مصالح دول الخليج والهند سيكتب لها النجاح بشرط وجود رغبة صادقة من الأطراف الدولية لإنجاح هذه المبادرة الواعدة، والتي ستنقل اقتصاد المنطقة والهند إلى آفاق عالمية بجانب المبادرة الصينية والمتمثلة في طرق الحرير أو (الحزام والطريق)، والتي تسير بمحاذاة مشروع السكك الحديد".

توافق رؤى

وبخلاف مبادرة السكك الحديد التي ستربط دول الخليج بالشرق والغرب، يرى آل عاني أن السعودية والهند لديهما توافق كبير في الرؤى، مستطرداً بالقول إن "البلدين يربطهما تاريخ طويل من العلاقات التاريخية والثقافية والاجتماعية والتجارية".

محور استراتيجي

من جانبه يرى المتخصص في الشأن الاقتصادي بجامعة الملك فيصل محمد القحطاني أن ربط الهند ودول جنوب آسيا بالسعودية ومنطقة الشرق الأوسط وأوروبا يسهم في سرعة حركة نقل البضائع، مما سيجعلها محوراً استراتيجياً عالمياً خلال الـ 20 عاماً المقبلة.

وقال القحطاني "تعد الهند والسعودية من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم خلال العام الماضي"، لافتاً إلى امتلاك نيودلهي إمكانات اقتصادية فيما تمتلك الرياض ودول الخليج رأسمال ضخماً، وهو ما "يسهم في تعاون كبير بينهما، لا سيما في مجال التكنولوجيا وتقنية المعلومات، والتي تعد الهند من أكثر الدول المتقدمة فيه".

وقال نائب مستشار الأمن القومي الأميركي جون فاينر في تصريحات صحافية على هامش انعقاد "قمة الـ 20" في نيودلهي "إن اتفاق ربط السعودية ودول الشرق الأوسط من خلال السكك الحديد والهند من خلال الموانئ، سيعود بالنفع على الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، ويتيح للمنطقة الاضطلاع بدور حاسم في التجارة العالمية".

بدوره، يرى الكاتب السعودي عبدالرحمن الراشد أن المشروع السعودي - الأميركي المنطلق من الهند يشكل دفعة قوية للعلاقة العربية بالهند الوثيقة تاريخياً وحاضراً. وقال الراشد "هناك أكثر من ثمانية ملايين هندي في دول الخليج العربية، يستحوذون على نحو نصف التحويلات المالية الخارجية التي تستقبلها نيودلهي، كما تستورد الهند ثلث نفطها من الخليج أيضاً، حيث إنها سادس مستهلك للطاقة في العالم، ومع نمو اقتصادها سيزداد الاستهلاك وشراء للبترول"، لافتاً إلى أنها مجرد بداية لمشروع اقتصادي كبير.

وأضاف الكاتب السعودي "لهذا يشجع الأميركيون الهند على لعب دور أكبر اقتصادياً وسياسياً في منطقة الشرق الأوسط والعالم لمزاحمة الصين، ونيودلهي لا تحتاج إلى تحفيز، فبينها وبين بكين ما صنع الحداد متمثلاً في خلافات حدودية واشتباكات عسكرية وتسابق اقتصادي"، مشيراً إلى أن "الهند السابعة مساحة والأولى سكاناً فيما تأتي الصين الثالثة مساحة والثانية سكاناً"، منوهاً بأهمية "الاحتفاظ بعلاقة إيجابية معهما، لا سيما أنهما عملاقان يطلبان ود وسياسة السعودية".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات