يشهد الملف اليمني تطورات جوهرية قد توصل إلى اتفاق لوقف نهائي للحرب، تبدأ بتجديد الهدنة المنتهية بين الحوثيين والحكومة الشرعية، والشروع في حلحلة الملفات الإنسانية المتفاقمة جراء الصراع الذي دخل عامه التاسع وأدخل البلاد في أزمة إنسانية صعبة.
وللمرة الأولى منذ بدء الحرب عام 2015، وصل وفد حوثي إلى العاصمة السعودية الرياض لعقد مفاوضات مع قيادة السعودية في إطار الجهود المشتركة التي تقودها الرياض وسلطنة عُمان لحل أزمة البلد الجار الذي يشتركان معه في حدود برية وبحرية واسعة.
وأفادت وكالة الأنباء السعودية "واس" أمس الخميس بأن المملكة وجهت دعوة لوفد من صنعاء لزيارة الرياض لمواصلة المحادثات في شأن وقف إطلاق النار.
وتابعت الوكالة أنه "امتداداً للمبادرة السعودية التي أعلنت في مارس (آذار) 2021، واستكمالاً للقاءات والنقاشات التي أجراها الفريق السعودي برئاسة السفير محمد آل جابر وبمشاركة سلطنة عُمان في صنعاء خلال الفترة من 8 إلى 13 أبريل (نيسان) 2023، واستمراراً لجهود السعودية وسلطنة عُمان للتوصل لوقف إطلاق نار دائم وشامل في اليمن والتوصل لحل سياسي مستدام ومقبول من كافة الأطراف اليمنية، فقد وجهت المملكة دعوة لوفد من صنعاء لزيارة المملكة لاستكمال هذه اللقاءات والنقاشات".
إنهاء الانقلاب
وتعليقاً على المستجدات التي يأمل ملايين اليمنيين المعذبين بالحرب والصراعات أن تفضي تلك المشاورات لحلول واعدة تضع حداً لمعاناتهم الصعبة، رحبت الحكومة اليمنية الشرعية بجهود السعودية وسلطنة عمان، والمساعي الأممية والدولية "الهادفة لدفع الميليشيات الحوثية نحو التعامل الجاد مع دعوات السلام، وتخفيف المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني".
وجددت الحكومة، في بيان أوردته وكالة الأنباء الرسمية "سبأ" اليوم الجمعة، "التأكيد على استمرار نهجها المنفتح على كافة المبادرات الرامية إلى إحلال السلام العادل والشامل، وفقاً للمرجعيات الثلاث، وبما يضمن إنهاء الانقلاب واستعادة مؤسسات الدولة، والأمن والاستقرار والتنمية في اليمن".
وإزاء دعوات السلام، دائماً ما تؤكد الحكومة اليمنية على "المرجعيات الثلاث" لبناء أي اتفاقيات مع الجماعة الحوثية، وهي مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، الذي عقد بين مارس 2013 ويناير (كانون الثاني) 2014، وتنص أبرز بنوده على إنشاء دولة اتحادية من ستة أقاليم، وقرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة باليمن وبخاصة القرار 2021، والمبادرة الخليجية التي جرت عام 2011 خلال الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، ووضعت خريطة زمنية لترتيب نقل السلطة في البلاد، وانتهت بانتخابات رئاسية جديدة في فبراير (شباط) 2012 فاز فيها الرئيس التوافقي السابق عبد ربه منصور هادي، في حين يرفضها الحوثيون الذين يعتبرون أنها لم تعد مجدية كون "الزمن ومعطيات الواقع قد تجاوزتها".
ويشهد اليمن تهدئة هشة منذ إعلان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة هانس غروندبرغ ، في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عدم توصل الحكومة اليمنية والحوثيين إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة التي استمرت 6 أشهر.
وتسيطر جماعة الحوثي منذ سبتمبر (أيلول) 2014، على عدد من المحافظات وسط وشمال البلاد، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 مارس 2015، عمليات عسكرية دعماً لقوات الحكومة الشرعية والشعب اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة الراديكالية.
الرياض تستكمل اللقاءات السابقة
وأعلنت جماعة الحوثي مساء الخميس مغادرة وفدها إلى الرياض على متن طائرة عُمانية رفقة وفد مسقط الذي وصل العاصمة صنعاء الأربعاء.
وقال عضو المكتب السياسي للحوثيين علي القحوم إن الوفد العماني وصل إلى صنعاء الخميس بمعية رئيس وفد الميليشيات المفاوض محمد عبدالسلام، مضيفاً "أن الوفد العماني الوسيط والوفد الحوثي سيغادران اليوم صنعاء على متن طائرة عُمانية إلى السعودية لاستكمال اللقاءات السابقة التي عقدت في مسقط أكثر من مرة مع الوفد السعودي، وقبلها في صنعاء خلال فترتين سابقتين، وكذلك زيارة الوفد السعودي خلال رمضان الماضي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتأتي هذه التطورات استكمالاً للمفاوضات التي تجري منذ أشهر بوساطة السلطنة التي ترتبط بعلاقات جيدة مع الأطراف الضالعة في الصراع اليمني كافة.
التفاؤل سيد الموقف
وعبر القيادي الحوثي عن تفاؤله بنتائج هذه المشاورات، وقال إن "التفاؤل قائم ولا يزال في نجاح الوساطة والجهود العمانية لتحقيق السلام في اليمن، وبالتالي تأتي زيارة الوفد الحوثي والوسيط العماني إلى السعودية في هذا السياق".
وأضاف أن الوفد سيناقش أيضاً خروج القوات الأجنبية وإعادة الإعمار وصولاً إلى الحل السياسي الشامل.
من جانبه قال عضو الوفد الحوثي المفاوض علي ناصر قرشة عبر منصة "إكس" الخميس، إن الوفد سيزور السعودية، داعياً أن تكلل زيارته بالنجاح.
وكان قرشة كشف قبل أيام عن استكمال النقاشات مع الرعاة الإقليميين، بمن فيهم السعودية، المتوقفة منذ مغادرة الوفد السعودي برئاسة السفير محمد آل جابر صنعاء أواخر أبريل الماضي.
وتقود عُمان والسعودية منذ اتفاق الأخيرة مع إيران جهوداً مكثفة للضغط على ميليشيات الحوثي للاستجابة لصوت العقل والسلام، ووضع حد للمأساة الإنسانية التي يكابدها غالبية الشعب اليمني، تبدأ بعقد اتفاق مع الحكومة الشرعية لتجديد الهدنة المنتهية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والبدء بوضع معالجات إنسانية طارئة من ضمنها دفع الرواتب وفتح الطرقات والمعابر وفتح وجهات جوية أمام مطار صنعاء الخاضع لسيطرة الحوثيين، على أن تؤسس تلك الإجراءات موضوعياً للانخراط في خطة مفاوضات الحل النهائي تحت رعاية الأمم المتحدة وبرعاية إقليمية ودولية.