ملخص
اندلعت الاشتباكات الأخيرة بعد أسابيع من التوتر شهدتها مدينة الحسكة عقب اعتداء قائد "الدفاع الوطني" على أحد وجهاء قبيلة الجبور داخل المربع الأمني أواسط أغسطس الماضي
اندلعت بعد منتصف ليل الثلاثاء اشتباكات عنيفة بين قوات من الجيش الحكومي النظامي ومسلحي ميليشيات الدفاع الوطني داخل ما يعرف بالمربع الأمني وسط مدينة الحسكة، مخلفة قتلى وإصابات من الطرفين إلى جانب المدنيين.
القوات الحكومية استخدمت الأسلحة الثقيلة والدبابات في أثناء الهجوم على مقر الميليشيات التي تحصن بداخلها متزعمها عبدالقادر حمو، وبحسب شهود عيان من المدينة فإن الأخير زرع العبوات الناسفة بمحيط المقر منعاً لتقدم القوات النظامية.
إلى ذلك قتل ضابط في الجيش السوري ينحدر من مدينة اللاذقية وأصيب عدد آخر وفق مصدر محلي في حين لم يعرف عدد الإصابات والقتلى في صفوف "الدفاع الوطني"، لكن مصدراً حكومياً أكد لـ"اندبندنت عربية" إصابة حمو جراء الاشتباكات، وأن الجيش النظامي تمكن من فرض سيطرته على غالبية المبنى، الذي يتحصن فيه المسلحون والقريب من مبنى فرع أمن الدولة وحديقة تشرين.
وكانت ميليشيات الدفاع الوطني في المبنى السابق لفرع حزب البعث العربي الاشتراكي بمدينة الحسكة بشكل رئيس إضافة إلى استيلائها على عدد من المستودعات والمباني المحيطة الواقعة في شارع القضاة، إضافة إلى مراكز أخرى داخل المربع الأمني في المدينة والمؤلف من أحياء عدة متلاصقة تسيطر عليها القوات الحكومية، فيما تسيطر الإدارة الذاتية على بقية الأحياء في المدينة وتديرها.
القشة التي قصمت الميليشيات
اندلعت الاشتباكات الأخيرة بعد أسابيع من التوتر شهدتها مدينة الحسكة عقب اعتداء قائد "الدفاع الوطني" على أحد وجهاء قبيلة الجبور داخل المربع الأمني أواسط أغسطس (آب) الماضي، مما أدى إلى غضب بين أفرادها الذين طالبوا بتسليم حمو وحل الميليشيات التي يتزعمها.
لكن الحكومة السورية لم تلب شروط المتفاوضين وآثرت "تطبيق القانون" بحسب محافظ الحسكة لؤي صيوح أثناء لقائه بوجهاء من القبيلة، وعينت لاحقاً قائداً جديداً للميليشيات التي تتلقى دعماً كبيراً من جهات إيرانية، بحسب مراقبين.
قوات سوريا الديمقراطية آثرت الوقوف في هذه الأزمة مع قبيلة الجبور، واعتبرت أن "الاعتداء على الرموز الاجتماعية والوطنية فعل مناف للأخلاق والأعراف الاجتماعية ويحرض على الكراهية ويهدد النسيج الاجتماعي في المنطقة".
كما ساندت "قسد" مطالب الجبور في الأزمة التي أثارها قائد الدفاع الوطني في الحسكة، في حين أن القوات الروسية عملت على لعب دور الوسيط ما بين القبيلة والقوات من جهة والحكومة السورية والدفاع الوطني من جهة أخرى.
الإصرار على النهاية
الصحافي جيندار عبدالقادر المتابع للأوضاع من مدينة الحسكة قال إن قوات النظام مصرة على إنهاء وجود قائد "الدفاع الوطني" اليوم "بأي شكل، سواء عن طريق اعتقاله أو قتله".
وأضاف أن هذه القوات انتشرت بشكل كثيف بمختلف قطاعاته من هجانة وحفظ النظام وغيرهم في أحياء أراضي حبو والقضاة والمحطة وأجزاء من حي المطار الخاضع لسيطرته ضمن المربع الأمني.
وأشار الصحافي المستقل إلى أن وفداً روسياً التقى أول من أمس الإثنين مسؤولي النظام ضمن المربع الأمني في المدينة قبل أن يغادروها نحو مدينة عمودا، في إشارة إلى بحث الوضع الأمني في المدينة، إذ تمكنت قوات من الجيش النظام السيطرة على مقر لميليشيات الدفاع الوطني في اشتباك قصير الأسبوع الماضي.
جميع هذه التوترات الأمنية كانت ساحتها أحياء تعج بالسكان والمؤسسات الحكومية إلى جانب المدارس والمراكز الصحية، إذ توجد في المربع الأمني.
المدنيون مجدداً
الاشتباكات الأخيرة بين الطرفيين التابعين للنظام أدت إلى ست إصابات بين صفوف المدنيين منهم طفل، والذين حوصروا في منازلهم منذ الثلاثاء مساء، فيما أصيب شخص آخر في الأحياء التي تسيطر عليها الإدارة الذاتية، التي شهدت لجوء عائلات هاربة من الأحياء الواقعة في المربع الأمني، لا سيما مع ساعات الهدوء الحذر التي دامت ما بين الصباح والظهيرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما أن مديرية التربية وجامعة الفرات الحكومية أخطرت الطلاب والمدرسين بإغلاق المدارس والمعاهد والكليات الجامعية بسبب الوضع الأمني المتوتر في المدينة، في حين تأجلت بعض الامتحانات الجامعية لموعد غير محدد.
رسالة حمو الأخيرة
مع بدء الاشتباكات بين القوات الحكومية وميليشيات الدفاع الوطني التي كانت تسميها الحكومة بالقوات الرديفة، انتشر مقطع مصور لقائد "الدفاع الوطني" يخاطب فيه عناصره بأن الحكومة انقلبت عليهم وباتت تعتبرهم مسلحين مثل تنظيم "داعش" وأن كل جهود القتال السابقة لم تعد تجدي.
واتهم حمو في تسجيله المصور قيادات أمنية ورسمية حكومية بتلقي رشاوى مالية وصلت لـ500 ألف دولار خلال الفترات السابقة، وأن هذه القيادات تطالبه بتعويض يصل إلى 3 ملايين دولار واتهم فيها بالاسم رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك ووزير الدفاع السوري ومسؤولاً في محافظة الحسكة، مما يشير إلى أن حمو قطع صلاته مع النظام السوري والجيش خصوصاً عندما حث في كلامه عناصره بضرب أية مركبة تقترب منهم أو تستهدفهم في مقرهم.
سجل من الاعتداءات
كانت ميليشيات الدفاع الوطني تشكلت عقب دخول البلاد في النزاع المسلح مع المعارضة ونشطت هذه الميليشيات أثناء الاشتباكات مع مسلحي تنظيم "داعش"، وكذلك خاضت معارك مع قوات سوريا الديمقراطية التي نزعت عنها عدد من مقارها في مدينتي الحسكة والقامشلي، فيما كان السكان المحليون يشكون باستمرار ممارسات عناصر الميليشيات وقائدها من سلب أملاكهم والاستيلاء عليها والاعتداءات المختلفة كان آخرها إهانة أحد وجهاء قبيلة الجبور العربية، مما أثار حفيظة القبائل في المنطقة.