Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف التعامل مع تماثيل إرث الماضي الاستعماري؟

شئنا أم أبينا تمثل العبودية جزءاً من تاريخ بريطانيا الوطني فلم نخف هذه الفظائع؟

كان السير جون كاس عضواً في البرلمان البريطاني واستخدم الأسهم التي كان يملكها في الشركة الملكية الأفريقية، وهي هيئة لتجارة الرقيق، لتمويل العديد من أنشطته الخيرية (غيتي)

ملخص

أعلن أخيراً في العاصمة البريطانية لندن أنه لن يزال تمثالان يخلدان ذكرى شخصيتين بارزتين وذواتي أهمية تاريخية للمدينة. بدلاً من ذلك، ستضاف لوحات توضيحية إلى هذين التمثالين لتثقيف الناس بصلتهما بتجارة الرقيق

أعلن أخيراً في العاصمة البريطانية لندن أنه لن يزال تمثالان يخلدان ذكرى شخصيتين بارزتين وذواتي أهمية تاريخية للمدينة، هما ويليام بيكفورد وسير جون كاس. بدلاً من ذلك، ستضاف لوحات توضيحية إلى هذين التمثالين لتثقيف الناس بصلتهما بتجارة الرقيق.

 كانت مؤسسة مدينة لندن (City of London Corporation) [الهيئة الإدارية والسلطة المحلية المسؤولة عن المركز التاريخي لمدينة لندن، والمعروف باسم "سكوير مايل"] قررت في السابق إزاحة هذين التمثالين من مقرهما في "غيلدهول" Guildhall في عام 2021، لكن القرار الجديد يعني بقاءهما في مواقعهما بكل تأكيد.

إن العبودية، مهما كانت مواقفنا ومعتقداتنا إزائها، هي جزء لا يتجزأ من تاريخنا الوطني، ولم يكن للدولة أن تحقق ما حققته اليوم لولاها. إذا كان لا بد من الإبقاء على هذين التمثالين، ففي الأقل يجب أن نستغل موقعها المميز لتوعية الناس بالأسس التي بنيت عليها بريطانيا، لكي لا يكون أمام الناس خيار سوى مواجهة الحقائق التاريخية.

ليست هذه هي المرة الأولى التي تثير فيها التكريمات المثيرة للجدل نقاشات محتدمة. من المؤكد أن الجميع يتذكر كيف أسقط وأزيل تمثال إدوارد كولستون على يد متظاهرين في يونيو (حزيران) 2020 (وهو تاجر عبيد من مدينة بريستول كانت شركته نقلت بوحشية أكثر من 100 ألف من الأفارقة المستعبدين من غرب أفريقيا إلى منطقة الكاريبي والأميركيتين). قام المحتجون بدحرجة التمثال وإلقائه في ميناء بريستول، وهو الميناء ذاته الذي كانت منه يبحر منه عديد من سفن كولستون.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

نصب التمثال البرونزي لكولستون في عام 1895، بعد مرور أكثر من قرن على وفاته، وكان يهدف إلى تكريم مساهماته في تطوير بريستول. ولكن مؤيدي كولستون لم يعرفوا كيف كان يمول مشاريعه الخيرية. إن إسقاط تمثاله كشف عن جرائمه وسلط الضوء عليها، مما أعاد النظر في تقييم مساهماته ضمن إطارها التاريخي الصحيح.

تمكن بيكفورد وكاس، مثل كولستون، من تحقيق ثرواتهما عبر تجارة الرقيق. ورث بيكفورد، الذي شغل منصب عمدة لندن مرتين في القرن الـ18، 13 مزرعة لإنتاج السكر في جامايكا، كانت تدار بواسطة أكثر من 3 آلاف عبد أفريقي. أما كاس، فكان عضواً في البرلمان، واستفاد من حصصه في شركة (Royal African)، وهي منشأة تجارية بريطانية متخصصة في تجارة العبيد، لتمويل مشاريعه الخيرية. ونصبت تماثيل بيكفورد وكاس بعد وفاتهما مثلما حدث مع كولستون.

لكن، يبدو أن هناك أمراً مثيراً للاهتمام في توقيت الإعلان الأخير. إذ قررت لجنة السياسات والموارد في مؤسسة مدينة لندن إزالة هذين التمثالين قبل عامين، لكنها تراجعت لاحقاً عن هذا القرار. لماذا تراجعت؟

لقد تناولت في مقالات سابقة الوعود التي قطعها عديد من الشركات خلال احتجاجات حركة (حياة السود مهمة) في 2020 وكيف لم تف بوعودها. عديد من المؤسسات، بما في ذلك هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)، لم تستطع تحقيق الأهداف التي وضعتها لنفسها.

تظهر الأمور بأن لجنة السياسات والموارد في مؤسسة مدينة لندن غيرت رأيها بشكل مفاجئ، إذ قررت مجموعة عمل جديدة مخصصة للتماثيل أن هذه التماثيل يجب أن تظل في أماكنها، وهذا القرار ليس غريباً أو فريداً - فقد رأينا مثل هذه الحالات من قبل. ويبدو لي أن هذا يمثل نوعاً من التلويح بالفضيلة. عندما كانت الاحتجاجات تتصدر الأخبار، كانت الشركات الكبيرة تظهر اهتماماً بالقضية، ولكن يبدو أن هذا الاهتمام تلاشى قليلاً بعد مرور سنتين.

مع الأخذ في الاعتبار ما سبق، يصبح من المنطقي طرح السؤال: ما الذي يعبر عنه قيام بلادنا بالاحتفاء بتماثيل ونصب تذكارية لتجار العبيد – الأشخاص الذين استفادوا من بعض أفظع الجرائم ضد الإنسانية – التي تتربع على منصات؟ من المنطقي تماماً القول إن الاستمرار في الحفاظ على هذه التماثيل في القرن الـ21 يعد أمر خاطئاً وسبباً لإحداث ضرر متواصل.

إذا كانت إزالة التماثيل ونقلها إلى المتاحف مع التأكيد على دور هؤلاء الأفراد في الربح من تجارة الرقيق والمساهمة في استمرارها ليست خياراً مرغوباً، فهناك بديل: دعونا نتركها في مجدها العتيد، ولكن يجب أن نضع لوحات إيضاحية على كل تمثال.

يجب أن يحمل كل تمثال يمجد تاجراً للرقيق، وكل اسم لشارع، وكل مبنى، وكل منظمة، إضافة إلى كل مؤسسة على صلة بالرق، لوحة إيضاحية. في نهاية المطاف، إذا كان بعضهم يعتقد أن تأثير الرق في بريطانيا لم يكن طويل الأمد كما يزعم، فسيتم فقط تركيب بضع لوحات توضيحية أليس كذلك؟

إذا لم يكن هناك خيار لإزالة التماثيل، فلنضع علامات على كل واحدة منها ولنجبر المارة على مشاهدة الطريقة التي أصبحت بها المملكة المتحدة قوة عالمية هائلة. لا تخفوا الحقائق - علينا إخبار الجميع بالحقيقة. دعونا نجعلها جزءاً من "تاريخنا الحي".

© The Independent

المزيد من تقارير