ملخص
يقال إن معدل القتل في أكسفورد في العصور الوسطى كان أعلى 50 مرة منه في المدن الإنجليزية في القرن الـ21
كشفت خريطة جديدة لرصد الجريمة عن أن طلاب أكسفورد "العنيفين بشكل فتاك" في العصور الوسطى جعلوا المدينة "عاصمة القتل" في إنجلترا.
رسم باحثون، بما في ذلك باحثون من جامعة كامبريدج، خرائط لقضايا القتل المعروفة في إنجلترا في العصور الوسطى، مضيفين أكسفورد ويورك إلى مخطط الشوارع الخاص بأعمال القتل في لندن في القرن الـ14.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال التحليل، الذي كشف عنه في المورد الرقمي المعروف باسم خرائط القتل في القرون الوسطى Medieval Murder Maps، إن مجاميع طلاب أكسفورد كانت إلى حد بعيد "الأكثر عنفاً" من بين جميع نظرائها في أي من المدن الثلاث.
ولئن كانت أكسفورد في أواخر العصور الوسطى في إنجلترا واحدة من أهم مراكز التعلم في أوروبا، إذ يبلغ عدد سكانها نحو سبعة آلاف نسمة و"ربما 1500 طالب"، قال الباحثون إن معدل جرائم القتل في المدينة كان نحو 60-75 لكل 100 ألف.
وهذا المعدل أعلى 50 مرة مما هو عليه في المدن الإنجليزية في القرن الـ21.
ورسم الباحثون المشهد الذي يرصد واقع الجريمة بناءً على تحقيقات مترجمة من تحقيقات الطب الشرعي التي تعود إلى 700 عام.
وقدر الباحثون معدل جرائم القتل للفرد في أكسفورد أعلى بأربع إلى خمس مرات من لندن أو يورك في أواخر العصور الوسطى.
كان نحو ثلاثة أرباع من مرتكبي الجرائم في أكسفورد الذين لديهم خلفية معروفة من "رجال الدين" - طلاباً أو أعضاء في الجامعة القديمة - وكذلك ما يقارب 75 في المئة من الضحايا.
وقال المحقق الذي كان جزءاً من مشروع خريطة القتل مانويل إيزنر: "كان جميع طلاب أكسفورد من الذكور وعادة ما تراوحت أعمارهم بين 14 و21 سنة، وهي الفترة التي يبلغ فيها العنف والمخاطرة ذروتهما".
وتابع إيزنر: "هؤلاء كانوا فتياناً منفلتين من الضوابط المشددة للأسرة أو المجتمع أو النقابة، ودفعوا إلى بيئة مليئة بالأسلحة، مع تمتعهم بإمكانية وصول واسعة إلى البيوت والعاملين في مجال الجنس"، مضيفاً أن أكسفورد في ذلك الوقت كانت تعاني "مزيجاً فتاكاً من الظروف".
أضاف إيزنر أن عديداً من الطلاب كانوا ينتمون أيضاً إلى الجمعيات الأخوية الإقليمية التي تبين أنها مصدر إضافي للصراع.
وتسمح الخريطة التفاعلية الجديدة، التي أطلقها مركز كامبريدج لأبحاث العنف، للمستخدمين بمقارنة أسباب وأنماط العنف الحضري في إنجلترا في العصور الوسطى في ثلاث مدن.
في مدينة يورك، كان عديد من جرائم القتل الموثقة بين الحرفيين في المهنة نفسها، من معارك السكاكين بين عمال المدابغ إلى العنف المميت بين صانعي القفازات.
واستندت بيانات الخريطة إلى قوائم الأطباء الشرعيين، وهي سجلات للوفيات المفاجئة أو المشبوهة كما استنتجت هيئة محلفين من السكان المحليين "ذوي السمعة الطيبة".
وأوضح الدكتور إيزنر أنه "عندما كان يتم اكتشاف ضحية جريمة قتل مشتبه فيها في أواخر العصور الوسطى في إنجلترا، كان يتم البحث عن الطبيب الشرعي، ويجمع المسؤول المحلي هيئة محلفين للتحقيق".
وكانت مهمة هيئة المحلفين تحديد مسار الأحداث من خلال الاستماع إلى الشهود وتقييم الأدلة ثم تحديد المشتبه فيه.
وقالت المؤرخة في جامعة كامبريدج الدكتورة ستيفاني براون: "لا نملك أي دليل لإظهار أن هيئات المحلفين كذبت عمداً، لكن عديداً من التحقيقات كانت" أفضل تخمين "بناءً على المعلومات المتاحة".
وأضافت براون: "في كثير من الحالات، من المحتمل أن تكون هيئة المحلفين قد حددت المشتبه فيه الصحيح، وفي حالات أخرى قد تكون غير منطقية أبداً".
وباستخدام قوائم الأطباء الشرعيين التي تحوي أسماء وأحداثاً ومواقع وحتى قيمة أسلحة القتل، وضع الباحثون خريطة مفصلة للشوارع تضم 354 جريمة قتل في المدن الثلاث.
وقال الباحثون إن مزيجاً من الطلاب الذكور الشبان والخمر ربما كان في كثير من الأحيان بمثابة "برميل بارود" من شأنه تفجير العنف.
وقالت براون إن الضحايا أو الشهود في ذلك الوقت يتحملون "مسؤولية قانونية" لتنبيه المجتمع و"كانت النساء في الغالب هن اللاتي يصرخن، وعادة ما يبلغن عن النزاعات بين الرجال للحفاظ على السلم".
ويشتبه العلماء في أن إحساس القرون الوسطى بعدم الرجوع إلى السلطات لإنفاذ القانون وانتشار الأسلحة في الحياة اليومية في ذلك الوقت ربما تسبب في مخالفات بسيطة تفضي إلى القتل.
على سبيل المثال تشير الخريطة إلى حالات من المشادات بعد "التبول العشوائي" و"إلقاء القمامة" انتهت بالقتل.
"ستكون الظروف التي تؤدي في كثير من الأحيان إلى العنف مألوفة بالنسبة إلينا اليوم، مثل الشبان ذوي الانتماءات الجماعية الذين يسعون إلى ممارسة الجنس وشرب الكحول خلال فترات الفراغ في عطلات نهاية الأسبوع". وقال الدكتور إيزنر: "لم تكن الأسلحة بعيدة أبداً، وكان لا بد من حماية شرف الذكور".
© The Independent