ملخص
عصام شرف الدين يصف وزير الخارجية اللبناني بأنه "ساعي بريد" لدى الولايات المتحدة.
تحول وزير شؤون المهجرين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عصام شرف الدين منذ أيام إلى حديث الساعة عندما شن حملة غير مسبوقة على حكومة هو عضو فيها، على خلفية أدائها في ملف النازحين السوريين.
وكان شرف الدين زار دمشق أكثر من مرة قبل أن يعود ويشيع أجواء إيجابية مرتبطة باستعداد النظام السوري لبحث الملف، ويدفع باتجاه تنسيق سياسي بين الدولتين بعد أن اقتصر خلال الأعوام الماضية على التنسيق الأمني من خلال المديرية العامة للأمن العام.
واتهم شرف الدين، وهو الوزير المحسوب على الحزب "الديمقراطي اللبناني" حليف الرئيس السوري بشار الأسد في لبنان، الحكومة اللبنانية بالتقاعس والتلكؤ في معالجة موضوع النازحين السوريين والتماهي مع الولايات المتحدة الأميركية، وطالب بمحاكمة حكومة تصريف الأعمال أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء، واتهم زميله وزير الخارجية عبدالله بو حبيب بأنه ساعي بريد لدى الأميركيين، معتبراً أنه يماطل عمداً في تجنب زيارة دمشق بعد تكليفه في آخر جلسة للحكومة برئاسة الوفد اللبناني إلى سوريا للبحث مع المسؤولين موضوع عودة النازحين لقراهم ومدنهم.
واجب وطني
وجدد شرف الدين في حديث إلى "اندبندنت عربية" اتهامه لبو حبيب بأن "تلكؤه في تأدية واجبه الوطني قد يكون بسبب عمره، لذا أدعوه لأسباب صحية إلى استشارة طبيب".
ويأتي كلام شرف الدين بالتزامن مع موقف أطلقه الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله، طرح خلاله موضوع النازحين السوريين من زاوية مختلفة هذه المرة، واعتبرتها المعارضة بأنها للضغط على الحكومة كي تضغط بدورها على المجتمع الدولي لفك الحصار عن النظام السوري عبر ربطه موضوع النزوح برفع "قانون قيصر" وبدء الإعمار.
وكان نصرالله تقدم باقتراحين، الأول ممارسة ضغوط من الدول الغربية الأوروبية على الولايات المتحدة لإلغاء "قانون قيصر" الذي يفرض عقوبات على سوريا، فإذا رفعت العقوبات وبدأت الشركات بالاستثمار في سوريا فسيتوقف النزوح الاقتصادي إلى لبنان وسيعود مئات الآلاف لبلدهم، والاقتراح الثاني هو فتح البحر أمام النازحين السوريين للتوجه إلى أوروبا، وأن "تسمح الدولة اللبنانية لمن يرغب من النازحين في التوجه إلى أوروبا وفي سفن مجهزة لا في قوارب الموت"، وهذا سيؤدي حتماً إلى أن تأتي الدول الأوروبية خاضعة إلى بيروت لتقول ماذا تريدون لإيقاف هذه الهجرة؟
خيار البحر
ويتبنى وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين اقتراح حسن نصرالله القاضي بفتح البحر أمام النازحين السوريين والسماح لهم بالسفر إلى أوروبا، ويدعو الحكومة اللبنانية إلى اتخاذ قرار نهائي في هذا الخصوص، والقوى الأمنية إلى غض النظر والامتناع من توقيفهم في البحر، متهماً الدول بالتواطؤ ضد بيروت ومعتبراً أن هناك وصاية حالياً على بلد الأرز من خلال تفويض الاتحاد الأوروبي وإملاءات أميركية لإبقاء النازحين في لبنان.
ويشرح وزير شؤون المهجرين بأن أكثر من 45 في المئة من السكان في لبنان باتوا من السوريين، مضيفاً أن "أوروبا التي يصل عدد سكانها إلى 67 مليوناً عليها أن تستضيف 350 مليوناً مقارنة مع النسبة نفسها الموجودة حالياً في لبنان، فيما هم لم يتحملوا المليون".
وأوضح شرف الدين أن ألمانيا التي هي دولة مهمة في الاتحاد الأوروبي تسعى بكل الوسائل للتخلص من اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى أراضيها، وتقدم لهم الإغراءات للعودة لبلادهم من خلال الاستفادة من العفو الرئاسي السوري، أو إعطاء بطاقات سفر مجانية للعودة ورواتب شهرية تستمر لأعوام.
ورداً على تداعيات هذا القرار وخطورة عزل لبنان عن المجتمع الدولي واتخاذ عقوبات بحقه، قال شرف الدين إن "البلد في الأساس ليس معزولاً فقط بل محاصر أيضاً، لأن ’قانون قيصر‘ الذي يحاصر سوريا يستنزف العملة الأجنبية والكهرباء في بيروت مع حصار خارجي".
عنصرية أوروبية
ويصف شرف الدين الموقف الذي أدلى به أخيراً المتحدث الرسمي للاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لويس ميغيل بأنه كلام خطر، وتوعد قائلاً "سينعكس هذا الكلام سلباً عليهم"، محذراً من أن ضرب لبنان في ملف النازحين السوريين سيؤثر في الأمن القومي لأوروبا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان المتحدث الرسمي للاتحاد الأوروبي أعلن في حديث صحافي أنه "لا عودة للنازحين السوريين في الوقت الحالي"، داعياً إلى مساعدتهم في لبنان.
واستغرب الوزير الكلام عن المساعدات فيما يتبين يوماً بعد يوم أنها لا تصل إلى الشعب اللبناني بل إلى النازحين الذين هم بنسبة 80 في المئة تحت خط الفقر، مجدداً اتهام الدول الأوروبية بالعنصرية ومستنداً إلى تعاطيهم بازدواجية مع ملفي أوكرانيا وسوريا، إذ استقبلوا مئات الآلاف من الأوكرانيين فيما يوصدون أبوابهم أمام السوريين.
عقدة ستوكهولم
وكشف وزير المهجرين أنه أرسل كتاباً إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ولم يتلق رداً عليه حتى الآن، طالبهما فيه بعقد اجتماع لمجلس الأمن المركزي لبحث الأخطار المتفاقمة لأزمة النزوح السوري، ودعا الحكومة إلى اتخاذ التدابير القانونية والإدارية العاجلة والفورية الكفيلة بالتصدي لأزمة النازحين السوريين، خصوصاً في ضوء التطورات المستجدة في هذا الموضوع وما بات ينذر به من أخطار وجودية متفاقمة.
ونوه شرف الدين بأن "الوضع بلغ حدود توجيه دعوات علنية لتسليح النازحين لمواجهة المؤسسات العسكرية والأمنية وعموم أبناء هذا الوطن"، مؤكداً أنه لم يتلق الجواب من الحكومة على كتابه بسبب مطالبته بمحاكمتها بصورة عامة وإحالتها إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
وفي رده على سؤال عن أسباب تأخر الحكومة في معالجة ملف النازحين، وهي في غالبية وزرائها من الأحزاب الحليفة للنظام السوري، اتهم شرف الدين كل الوزراء بمن فيهم ممثلي الأحزاب بمسايرة رئيس الحكومة، واصفاً إياها بأنها "أميركية الهوى" وتعاني "عقدة ستوكهولم"، فهم يماهون جلادهم، بحسب وصفه.
تأخر المولوي
وأخيراً دعا وزير الداخلية بسام المولوي البلديات إلى تنظيم العمالة السورية والإقامات وإجازات العمل والتراخيص للمؤسسات، لكن شرف الدين يرى أنه كان من المفترض أن يتخذ الوزير هذا القرار منذ عامين ولكنه تأخر، بل وجدد اتهامه لوزير الخارجية عبدالله بو حبيب بأنه "ساعي بريد لدى الأميركيين".
وعلق الوزير اللبناني قائلاً، "بات بو حبيب شبه متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، فيما يفترض أن يكون دوره وطنياً بامتياز"، مؤكداً بأنه كان يفترض أن يزور دمشق بعد تكليفه برئاسة الوفد اللبناني إلى سوريا، لكنه "لا يزال يقضي عطلته في واشنطن ويماطل"، معتبراً أن "العجز الدائم عندما يتكرر يصبح تواطؤاً".
ملفات اقتصادية
ولوزير المهجرين كثير من المآخذ على حكومة تصريف الأعمال خصوصاً ما يتعلق بالملفات الاقتصادية، وكان حرياً بها أن تأخذ بعين الاعتبار ضريبة التضامن الاجتماعي والضريبة على الثروة النقدية التي كان يمكن أن تؤمن للخزانة أكثر من 2.5 مليار دولار أميركي، وتسهم في تعويم الاقتصاد وتريح القطاع العام، لتصبح الرواتب منسجمة مع الزيادات على فاتورة الكهرباء والمياه والاتصالات وغيرها من الخدمات اليومية.
وانتقد شرف الدين مشروع الموازنة الأخير الذي قدمته الحكومة إلى مجلس النواب، معتبراً أنه يتضمن كثيراً من الضرائب، مشيراً إلى أنه لو اعتمدت ضريبة الثروة النقدية بنسبة واحد في المئة على الأموال في الداخل والخارج ولو لمرة واحدة لأمكن التخفيف من الضرائب، وكذلك اعتماد الزيادة التدريجية لإراحة الاقتصاد الوطني وإعطاء الأمل للمودعين لاسترداد إيداعاتهم المحجوزة.