Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الهجرة السرية" عبء أوروبي يثقل كاهل تونس

قيس سعيد يرفض أن تكون بلاده "شرطي حدود" للقارة العجوز ومراقبون يطالبون بالتقارب

تواصل تونس جهودها لتأمين حدودها البرية والبحرية لمنع تسلل المهاجرين (الإادارة العامة للحرس الوطني التونسي) 

ملخص

لماذا تتحمل تونس أعباء الهجرة السرية من جنوب الصحراء إلى أوروبا؟

لطالما مثلت الهجرة عبر التاريخ البشري رافعة تنموية، حين يتنقل الإنسان من منطقة إلى أخرى أو من بلد إلى بلد بحثاً عن موارد الرزق، ولتحسين وضعه الاقتصادي والمادي، إلا أن الهجرة تحولت في العقود الأخيرة إلى معضلة تؤرق الدول المقابلة لسواحل أوروبا على غرار تونس.

بعدما تدهورت الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية في دول أفريقيا جنوب الصحراء باتت تونس قبلة تدفقات متنامية من المهاجرين الذين يعبرون الحدود بحثاً عن منفذ نحو أوروبا.

 وتواصل تونس جهودها لتأمين حدودها البرية والبحرية لمنع تسلل هؤلاء المهاجرين، وصد محاولات الهجرة السرية إلى السواحل الإيطالية، كما تعمل السلطات على تفكيك الشبكات التي تنشط في مجال الهجرة، إذ تستقطبهم لتجميعهم ونقلهم إلى السواحل ثم وضعهم في مراكب فولاذية لا تتوفر فيها معايير السلامة من أجل الإبحار نحو سواحل إيطاليا.

هجرة سرية 

وبينما تعمل تونس على محاصرة ظاهرة الهجرة السرية، ازدهرت شبكات المتاجرة بالمهاجرين بخاصة القادمين من أفريقيا جنوب الصحراء، علماً أن كلفة الإبحار خلسة نحو سواحل إيطاليا تتراوح بين أربعة وستة آلاف دينار (1300 و2000 دولار).

وأعلنت الإدارة العامة للحرس الوطني في بيان الإثنين الماضي، أن وحداتها تمكنت من إحباط 9580 محاولة لاجتياز الحدود البحرية خلسة، ومنع 12459 مهاجراً غير نظامي من الأفارقة جنوب الصحراء من دخول الأراضي التونسية، وإلقاء القبض على 114 شخصاً بين منظم ووسيط، وذلك في الفترة الممتدة من 15 سبتمبر (أيلول) الماضي إلى 15 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.

كما تم حجز 113 مركباً و85 زورقاً وتحطيم 182 مركباً فولاذياً، إضافة إلى حجز أكثر من 100 سيارة و30 شاحنة و76 دراجة نارية تستخدم في نقل المجتازين وكشف المسارات الصحراوية.

شرطي حدودي

وإزاء هذه الأرقام علق منير حسين متخصص علم الاجتماع في الجامعة التونسية عضو المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالقول، إن "النجاح الذي تحققه تونس نسبي، وفي حدود الإمكانات المتاحة لها"، رافضاً أن "تلعب بلاده دور حارس حدود لأوروبا"، وهو الدور الذي خلف آلاف الضحايا من المهاجرين السريين من تونس وأفريقيا جنوب الصحراء، حيث بات المتوسط مقبرة تعج بالجثث، علاوة على ما بات يواجهه هؤلاء المهاجرون من صعوبات".

ودان المتخصص في علم الاجتماع السياسات الأوروبية في مجال الهجرة،  التي تم فرضها على تونس كأمر واقع، معتبراً أن "الاتحاد الأوروبي لا يسعى إلى إيجاد حلول جذرية للهجرة السرية، بل يسعى إلى خلق مناخ اجتماعي معاد للمهاجرين"، داعياً بلاده إلى أن "تتوخى سياسة هجرة واضحة، لأنه لا يمكن القبول بالممارسات التي تسلط على المهاجرين لتنفيذ خيارات أوروبية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتقد عضو منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن "تونس هي الحلقة الأضعف والاتحاد الأوروبي يسعى إلى التخلص من قضية الهجرة السرية بإلقائها على بلاده بكل تبعاتها الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية وهو عبء ثقيل لا يمكن أن تتحمله تونس وحدها".

 وأشار المتخصص إلى قصور المقاربة الأمنية، حيث "تصعب مراقبة كامل الحدود البرية التونسية لأن أغلب المهاجرين يتسللون إلى تونس عبر الشريط الحدودي الغربي مع الجزائر، أو الحدود الصحراوية مع ليبيا، كما يصعب التحكم في الشبكات التي تتاجر في هؤلاء المهاجرين".

ويدعو منير حسين إلى "تغيير سياسات تونس في الهجرة من خلال مزيد التنسيق مع بلدان الانطلاق، ودول العبور الأخرى لصياغة موقف موحد تجاه المهاجرين"، كما دعا أوروبا إلى التخلي عن سياسة "تصدير الحدود" حتى لا تلعب تونس دور شرطي الحدود لأوروبا.

 وخلص المتحدث إلى أن "جميع السياسات الأمنية أثبتت فشلها، وفي حال تريد أوروبا من تونس أن تلعب دور "شرطي حدود" فعليها إدخالها في الفضاء الأوروبي وقبولها بصعوباته وبمشكلاتها".

موقف ثابت

في المقابل، تؤكد تونس موقفها الثابت من قضية الهجرة السرية وهي رفضها أن تكون "حارساً لحدود دول أخرى"، وأن "حل مشكلة الهجرة غير النظامية لن يكون على حسابها".

وفي كلمة له خلال زيارته محافظة صفاقس (جنوب)، للاطلاع على أوضاع المهاجرين غير النظاميين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، قال رئيس الجمهورية، قيس سعيد، "لا يمكن أن نقوم بالدور الذي يفصح عنه البعض ويخفيه البعض الآخر (دون أن يسميهم) بأن نكون حراساً لدولهم"، مضيفاً "نتحمل المسؤولية الكبيرة في الحفاظ على الدولة وسيادتها، ولا نقبل بأن يعامل أي شخص معاملة غير إنسانية، ونعمل على أن يكون كل من يأتي إلى تونس في وضعية قانونية".

وأكد رئيس الجمهورية أن "الحل لا يمكن أن يكون إلا إنسانياً وجماعياً، بناء على مقاييس إنسانية في ظل قانون الدولة".

مقاربة تشاركية

ويتقاسم الباحث السياسي محمد صالح العبيدي الموقف ذاته باعتبار أن "معضلة الهجرة السرية لا يجب أن تتحمل وزرها تونس وحدها"، داعياً إلى "مقاربة تشاركية أوروبية-أفريقية من أجل تنمية عادلة لدول جنوب الصحراء، ومن أجل إنصاف تونس التي تهدر طاقات أمنية وإمكانات بشرية ومادية كبيرة في التصدي لشبكات الهجرة السرية، بينما تواجه بدورها ظروفاً اقتصادية واجتماعية صعبة".

وشدد العبيدي على أن "سياسات الهجرة تعتمد مبدأ إنسانياً بالأساس بعيداً من البراغماتية الاقتصادية والأمنية لبلورة مقاربة شاملة تنصف حقوق المهاجرين في التنقل وتوفر لهم إمكانات الاستقرار في بلدانهم الأصلية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير