Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحرب والإجراءات الأمنية تفاقمان مأساة مرضى السرطان الفلسطينيين

عدم توافر العلاج الإشعاعي والمسح الذري بسبب المنع الإسرائيلي يهدد حياة المئات

تسبب الإغلاق التام واقتصار العلاج على مستشفيين شمال وجنوب الضفة الغربية، في مضاعفة معاناة مرضى الأورام في المدن الفلسطينية (اندبندنت عربية)

ملخص

تسبب الإغلاق التام واقتصار العلاج على مستشفيين في شمال وجنوب الضفة الغربية، في مضاعفة معاناة مرضى الأورام في المدن الفلسطينية

على مدى أكثر من 10 أيام متتالية، ظلت فاتن (35 سنة) تبحث عن فرصة للسفر مع طفلها المصاب بسرطان الدم (اللوكيميا) من أجل جلسة علاج إشعاعي، لكنها لم تنجح. وبعد انتظار طويل تمكنت الأم من مغادرة مدينة جنين إلى مستشفى المطلع (الأوغستا فكتوريا) شرق القدس في رحلة شاقة ومضنية تعرضت خلالها لمعاناة كبيرة. وضاعف آلام صغيرها ذي الخمس سنوات، التوقف لساعات طويلة عند النقاط الأمنية والحواجز الإسرائيلية المنتشرة في الطريق. فمنذ أن شنت "حماس" هجومها على مستوطنات غلاف قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، فرض الجيش الإسرائيلي إغلاقاً شاملاً على كافة محافظات الضفة الغربية وعزل المدن عن بعضها البعض، كما أغلق مداخل عدد من البلدات بالبوابات الحديدية والسواتر الترابية والمكعبات الإسمنتية. وتقدّر مصادر طبية فلسطينية، أن نحو 20 من مرضى السرطان فقط من الضفة الغربية، والمحوَّلين للعلاج بالإشعاع داخل القدس، نجحوا في الوصول إلى المستشفى منذ بدء الإغلاق، وذلك من أصل 150 مريضاً يتعالجون هناك يومياً.
وبسبب الإغلاق التام واقتصار العلاج على مستشفيَين شمال الضفة الغربية وجنوبها، يعاني مرضى الأورام في المدن الفلسطينية للوصول إلى أحدهما، فيما يضطر المرضى المحتاجين لعلاج بالأشعة إلى السفر للقدس أو إسرائيل. وفي كثير من الأوقات، تمتنع السلطات الإسرائيلية عن إصدار تصاريح تسمح للمرضى بالعبور والوصول إلى مراكز العلاج، بخاصة أثناء الأحداث الأمنية والتصعيد مع غزة. ووفقاً لبيانات وزارة الصحة الفلسطينية، فإن مرض السرطان هو المسبب الثالث للوفاة في فلسطين.


كارثة إنسانية

وبات مستشفى "المطلع" العنوان الأول لاستقبال مرضى الضفة الغربية وغزة ممن يعانون من أمراض الكلى والسرطان، فهو إلى جانب كونه ثاني أكبر مستشفى فلسطيني بالقدس، يُعتبر الوحيد في مجال علاج الأورام وأمراض السرطان الذي يقدم العلاج الإشعاعي. ويستقبل المستشفى سنوياً أكثر من خمسة وأربعين ألفاً من المرضى، فيما يقدم نحو ثمانية وعشرين ألف جلسة علاج بين الإشعاع والعلاج الكيماوي وغسيل الكلى سنوياً. وبحسب الأرقام الرسمية الفلسطينية، تم تسجيل 5320 إصابة جديدة بمرض السرطان خلال عام 2021، ثلثهم تقريباً من قطاع غزة.
ويقول المدير التنفيذي العام لمستشفى "المطلع"، فادي الأطرش، إن "الإغلاقات المتكررة للضفة الغربية تسبب في قطع العلاج مرات عدة عن المرضى، الأمر الذي قد يؤثر في نتائج علاجهم، ولمنع ذلك، وفرنا أماكن سكن لإقامة المرضى بجانب المستشفى طوال فترة العلاج لتجنّب منعهم من العودة إلى المستشفى، بخاصة أن 60 إلى 70 في المئة من مرضى السرطان الذين يتعالجون في مستشفى المطلع هم من الضفة الغربية". وأضاف" لضمان استمرار وصول الطواقم الطبية من الضفة الغربية إلى القدس شكلنا غرفة طوارئ".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


موت بطيء

ولا تقتصر معاناة السفر والانتقال من أجل ضروريات العلاج على مرضى الضفة الغربية، فمئات مرضى السرطان من قطاع غزة حُرموا أيضاً من العلاج داخل مستشفيات القدس والضفة الغربية وإسرائيل حتى إشعار آخر جراء الحرب المشتعلة في القطاع منذ نحو أسبوعين، والتي أدت إلى منع 160 مريضاً بالسرطان من الوصول إلى مستشفى المطلع، 40 منهم يحتاجون العلاج الإشعاعي. إلى جانب ذلك، هناك معاناة نفسية قاسية باتت ترافقهم، بخاصة الأطفال وكبار السن منهم، حيث أصبحت الآلام تعتصرهم كل يوم، من دون أي علاج.
وأكدت وزارة الصحة في قطاع غزة منتصف يوليو (تموز) الماضي، أن 50 في المئة من مرضى السرطان في القطاع، لا يجدون العلاج بسبب نقص الأدوية والأجهزة جراء الحصار الإسرائيلي على القطاع منذ 17 سنة، وأن عدم توافر العلاج الإشعاعي لمرضى السرطان، وغياب إمكانيات الطب النووي التشخيصي والعلاجي، فضلاً عن عدم توافر بعض التحاليل الطبية المهمة لتشخيص الأورام، دفع مئات المرضى من القطاع للتدفق إلى مستشفيات القدس والضفة الغربية وإسرائيل، لتلقي العلاج، وإجراء العمليات، مشيرةً إلى أن نسبة مرضى السرطان في القطاع ارتفعت من 60 مريضاً في كل 100 ألف نسمة، إلى 93.1 بين كل 100 ألف نسمة. وبحسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فإن المعوقات الإسرائيلية أمام سفر المرضى الغزيين ووصولهم إلى المستشفيات المحوَّلين إليها منذ عام 2008 وحتى عام 2022 تسببت في وفاة 848 مريضاً كانوا ينتظرون السماح لهم بالسفر والوصول للمستشفيات لتلقي العلاج.

رفض مستمر

ووفقاً لبيانات رسمية، عرقلت السلطات الإسرائيلية منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية يونيو (حزيران) الماضي، سفر نحو 1690 من مرضى القطاع المحولين للعلاج في مستشفيات الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وداخل إسرائيل، وذلك من أصل 9478 طلب تصريح للعلاج، أي ما نسبته 17.8 في المئة من إجمالي الطلبات المقدمة. وقال "مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة" (بتسيلم) في تقرير نشره أخيراً، إن إسرائيل بسياستها هذه "خلقت واقعاً أصبح فيه الجهاز الصحي في قطاع غزة عاجزاً عن تأدية مهماته بالصورة المطلوبة وعن تلبية حاجات السكان وعن تقديم العلاجات ومن ضمنها العلاجات المنقذة للحياة". وأضاف أن "بدلاً من تمكين السكان المحتاجين من تلقي العلاجات اللازمة لهم، والمتوافرة على بعد بضع كيلومترات عنهم، تضع السلطات الإسرائيلية مزيداً من المصاعب والعقبات، من خلال المعايير والإجراءات التعسفية وتقرر بذلك مصائرهم".
بدورها، أكدت منظمة الصحة العالمية أن القيود المفروضة للحصول على الخدمات الصحية الأساسية تشكل أحد الحواجز الرئيسة التي يواجهها الفلسطينيون الذين يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة من أجل الحصول على حقهم في الصحة. وأوضحت المنظمة أن هذه القيود "تؤثر في مرضى السرطان في مرحلة حرجة في حياتهم يحتاجون فيها إلى خدمات متخصصة في التشخيص والعلاج"، داعيةً إلى "حماية وتوفير الحق في الصحة لجميع الفلسطينيين".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات