توقّع محللون تأثر بورصة مصر بشكل إيجابي خلال معاملات الأسبوع الحالي، بعدما خفَّض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بنحو 150 نقطة أساس خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية، وذلك للمرة الأولى منذ فبراير (شباط) الماضي، مدعوماً بانخفاض معدلات التضخم عن المتوقع في الآونة الأخيرة.
وقررت لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي، خفض سعر الإيداع لأجل ليلة واحدة إلى 14.25% من 15.75%، وسعر الإقراض لليلة واحدة إلى 15.25% من 16.75%.
وتوقّع محللون اقتصاديون أن ينعكس قرار الخفض على كثيرٍ من القطاعات، تتصدرها البورصة المصريَّة التي تعاني كثيراً منذ بداية شهر أبريل (نيسان) الماضي، وتكبَّدت خسائر عنيفة بسبب غياب المحفزات، وتراجع مستويات السيولة.
كما يستفيد قطاع التجزئة من هذا الخفض الذي من المتوقع أن يعزز مستويات السيولة في السوق المصرية، هذا بخلاف قطاع العقارات الذي يعاني كثيراً من الأزمات، أهمها عدم وجود سيولة كفاية لتحريك السوق ليتجاوز حالة الركود الصعبة، التي يعانيها منذ بدء تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي في بداية نوفمبر (تشرين الثاني) من العام 2016.
خسائر عنيفة تطارد القطاع الخاص
ويواجه القطاع الخاص كثيراً من الأزمات المرتبطة بالتمويل منذ تشديد البنك المركزي المصري سياسته النقدية في إطار تحركات حكومية لاحتواء التضخم وتقليص معدلات السيولة من السوق، التي تسببت في ارتفاع أسعار جميع السلع والخدمات مع كل قرار حكومي يتعلق بهيكلة وتقليص الدعم سواء الكهرباء أو المحروقات أو المياه وأيضاً المواصلات والنقل الحكومي.
وقد يساعد تراجع أسعار بعض الخضراوات بالأسواق في استمرار الاتجاه النزولي لمعدلات التضخم بالبلاد خلال مؤشرات الشهر المقبل، ما قد يمهد الطريق أمام البنك المركزي للاستمرار في الاتجاه النزولي بأسعار الفائدة، خصوصاً أنه كان رفعها بنحو 700 نقطة أساس بعد تحرير سعر الصرف في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 على ثلاث مراحل.
وقالت مصادر رسميَّة مطلعة، إن "قرار تخفيض أسعار الفائدة سينعش الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة، وسيجذب مزيداً من الاستثمارات الأجنبية للسوق المحلية"، وسط توقعات بأن تتجه البورصة المصرية إلى الصعود خلال جلسات الأسبوع المقبل.
وتوقعت "بلتون" المالية القابضة، في مذكرة بحثية لها عقب قرار خفض الفائدة، "زخماً في تداول بعض الشركات المستفيدة بشكل مباشر من خفض أسعار الفائدة". لافتة إلى أن "الخفض بالنسبة الكبيرة يعطي إشارة إلى أن هناك تخفيضات أخرى قادمة في الطريق. سنشهد الأسبوع المقبل شراءً في السوق لنرى مستويات صعوديَّة جيدة جدا"ً.
أرباح الشركات تتأثر إيجاباً
وقالت رضوى السويفي رئيسة قسم البحوث في بنك الاستثمار "فاروس"، إن "قرار خفض الفائدة إيجابي جداً للبورصة، ويوجه رسالة على اتجاه أسعار الفائدة في المستقبل. وكلما خُفّضت الفائدة انعكس ذلك إيجابياً على أرباح الشركات وتقييمها المالي، وقد نشهد ارتفاعات كبيرة بالسوق، ونرى مستوى 15000 نقطة في البداية فقط".
وذكرت السويفي، أن "التأثير الإيجابي على الاستثمار سيظهر في النصف الثاني من 2020، بعد أن يصل إجمالي الخفض لمعدل الفائدة لما يتراوح بين 3 و5%".
وفي بيانٍ، قال نعمان خالد محلل الاقتصاد الكلي في بنك الاستثمار "سي. آي كابيتال"، "سنشهد رد فعل إيجابياً خلال معاملات الأسبوع المقبل، لكن القرار الأهم الذي سيؤثر بشكل أكبر سيكون قرار المركزي في سبتمبر (أيلول) المقبل، الذي نتوقَّع فيه خفض نحو 100 نقطة أساس".
كما توقَّع إبراهيم النمر من "نعيم" للوساطة في الأوراق المالية، نجاح المؤشر الرئيس للبورصة المصرية في تخطي عقبة المقاومة عند مستوى 14540 نقطة في محاولته المقبلة، وهو ما سيفتح له الباب باستئناف الصعود مستهدفاً مستوى 14800 ثم 15300 نقطة.
وأوضح أن "موجة التفاؤل ستكون شاملة، والصعود سيكون شبه جماعي، لكن بنسب متفاوتة. ستكون الشركات ذات مستوى الدين الأكبر صاحبة الاستفادة الأكبر على المدى القصير، لكن على المديين المتوسط والطويل سترجح كفة الشركات ذات الكفاءة الأكبر في الاستفادة من تخفيف قيود السياسة المالية، مثل (حديد عز) و(القلعة) و(كيما) و(المصرية للاتصالات)".
خفض أكبر من التوقعات بواقع 150 نقطة أساس
وفي اجتماعها مساء الخميس الماضي، قررت اللجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، خفض كل من سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 150 نقطة أساس ليصل إلى 14.25 و15.25 و14.75%، على الترتيب، لتطلق بذلك دورة التيسير النقدي.
وبذلك تجاوز "المركزي المصري" توقعات المحللين وشركات الأبحاث التي كانت تدور في إطار خفض يتراوح ما بين 50 إلى 100 نقطة أساس فقط.
وأوضح البنك المركزي المصري، في بيان، أن هناك عدة أسباب دفعته إلى خفض أسعار الفائدة على عائد الإيداع والاقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسة بالمركزي المصري.
وذكرت لجنة السياسة النقدية أن أول هذه الأسباب يتعلق باستمرار انخفاض المعدل السنوي للتضخم العام والأساسي ليسجل 8.7 و5.9% في يوليو (تموز) الماضي على الترتيب، وهو أدنى معدل لهما منذ ما يقرب من 4 سنوات، على الرغم من إجراءات ضبط المالية للعامة للدولة المطبقة مؤخراً، التي أدت إلى تغطية تكاليف معظم المنتجات البتروليَّة.
وأشارت إلى أن تراجع التضخم جاء مدعوماً باحتواء الضغوط التضخميَّة، وهو ما انعكس في الانخفاض النسبي لمعدلات التضخم الشهرية، فضلاً عن التأثير الإيجابي لسنة الأساس، نظراً إلى أن إجراءات ضبط المالية العامة للدولة المطبقة مؤخراً كانت أقل من مثيلتها في العام السابق.
الناتح المحلي الإجمالي ينمو بشكل طفيف
وأوضحت لجنة السياسة النقدية بـ"المركزي المصري"، أن الأسباب تضمنت كذلك البيانات المبدئية، التي تشير إلى استمرار الارتفاع الطفيف لمعدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، ليسجل 5.7% خلال الربع الثاني من 2019، و5.6% خلال العام المالي الماضي، وهو أعلى معدل له منذ العام المالي 2007 - 2008.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما استمر انخفاض معدل البطالة في الانخفاض ليسجل 7.5% خلال الربع الثاني من العام الحالي، بما يمثل انخفاضاً قارب 6 نقاط مئوية مقارنة بذروته التي بلغت 13.4% خلال الربع الأخير من العام 2013.
وتضمنت أسباب "المركزي المصري" لخفض الفائدة، استمرار تباطؤ معدل نمو الاقتصاد العالمي والتأثير السلبي للتوترات التجارية في آفاق النمو، مما أسهم في تيسير الأوضاع المالية العالمية من خلال خفض أسعار العائد الأساسية لعدد من البنوك المركزية، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي بالولايات المتحدة.
وأشار "المركزي المصري" إلى انخفاض الأسعار العالمية للبترول مؤخراً، التي لا تزال عرضة للتقلبات بسبب المخاطر الإقليمية، إضافة إلى عوامل أخرى من جانب العرض.
وفي ضوء استمرار احتواء الضغوط التضخمية وكل التطورات المحلية والعالمية قررت اللجنة خفض أسعار العائد الأساسية لدى المركزي بواقع 150 نقطة أساس.
وأكد أن القرار يتسق مع تحقيق معدل التضخم المستهدف، البالغ 9% خلال الربع الأخير من العام 2020 واستقرار الأسعار على المدى المتوسط.
وسوف تستمر لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في اتخاذ قراراتها بناء على معدلات التضخم المتوقعة مستقبلاً، وليس معدلات التضخم السائدة، وبالتالي ستستمر وتيرة وحجم التعديلات المستقبلية في أسعار العائد الأساسية لدى المركزي في الاعتماد على مدى اتساق توقعات التضخم مع المعدلات المستهدفة، وذلك لضمان الاستمرار في تحقيق المسار النزولي المستهدف لاستقرار الأسعار على المدى المتوسط.