Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العراق يكافح أزماته السكنية بالبناء العمودي

الهجرة من الأرياف ضغطت على المدن ونشرت أحياءً عشوائية

مشروعات سكنية عراقية جديدة يستغرق إنشاؤها بين 3 و5 سنوات (اندبندنت عربية)

ملخص

بعد أن ظل "البناء العمودي" لا يلقى قبولاً بين العراقيين في السنوات الماضية أصبح اليوم أحد خياراته وجزءاً من حل أزمة السكن لهم.

تتزايد حاجة العراقيين اليوم قبل الغد إلى وحدات سكنية بعد أن شهدت مراكز المدن ضغطاً هائلاً نتيجة النمو السكاني والهجرة من الريف مما أدى إلى انتشار المجمعات والأحياء السكنية بشكل عشوائي.

وبعد أن ظل "البناء العمودي" لا يلقى قبولاً بين العراقيين في السنوات الماضية أصبح اليوم أحد خياراتهم وجزءاً من حل أزمة السكن لهم، خصوصاً بعد أن شهدت أسعار العقارات في البلاد ارتفاعاً كبيراً، إذ وصل سعر المتر إلى أكثر من 60 ألف دولار في المناطق التجارية.

وبحسب وزارة التخطيط العراقية، فإن عدد تجمعات السكن العشوائي في البلاد تجاوز أربعة آلاف تجمع، مبينة أن العاصمة بغداد تتصدر العدد الأكبر بين المحافظات بنحو ألف تجمع عشوائي، بينما بلغت في محافظة البصرة 700 تجمع. ولفتت الانتباه إلى أن التجمعات العشوائية يسكنها قرابة أربعة ملايين عراقي يشكلون تسعة في المئة من مجموع السكان في البلاد.

يشار إلى أن مجلس الوزراء العراقي وافق في وقت سابق، على إحالة أربع مدن سكنية من أصل خمس إلى الاستثمار، إذ ستوفر قرابة 200 ألف وحدة سكنية في خمس محافظات.

ووفق الناطق الرسمي باسم وزارة التخطيط عبدالزهرة الهنداوي، فإن "المدن السكنية التي تعمل عليها وزارة الإسكان والهيئة الوطنية للاستثمار ستكون إضافة مهمة في قطاع السكن وستسهم في معالجة جزء كبير من الأزمة".

وسجل العجز في الوحدات السكنية بالعراق أكثر من ثلاثة ملايين وحدة سكنية، وتعتزم الحكومة إنشاء 20 مدينة سكنية جديدة، إذ توفر 700 ألف وحدة سكنية، مما يغطي نسبة 23 في المئة فقط من إجمالي العجز.

البناء العمودي

وحددت لجنة الخدمات في مجلس النواب العراقي، ثلاثة أسباب لنجاح البناء العمودي في البلاد، وقال عضو اللجنة النائب باقر الساعدي في تصريح صحافي، إن "أزمة السكن في العراق اقتربت من ذروتها في ظل أخطاء متراكمة من قبل الحكومات المتعاقبة في معالجة الأزمة التي تسببت بخلق العشوائيات والتجاوزات وتجريف عشرات الآلاف من الأراضي والبساتين الزراعية بخاصة في مراكز المدن الرئيسة ومحيطها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونوه الساعدي، إلى أن "البناء العمودي أحد الحلول التي لجأت لها معظم دول العالم في معالجة أزمة السكن، لكن نجاحها في العراق مرتبط بثلاثة أسباب هي الأسعار المغرية والخدمات وتغيير بوصلة ثقافة شرائح واسعة حول إمكانية أن يكون البناء العمودي بديلاً جيداً من الأفقي"، موضحاً أنه "سيكون نقطة جذب أكثر من الآن كلما توفرت فيه الخدمات والأسعار المغرية".

وكانت وزارة الإعمار والإسكان أوضحت في وقت سابق، أن مدة إنجاز المدن السكنية الجديدة ستتراوح بين ثلاث إلى خمس سنوات، مبينة أن شرائح جديدة من المجتمع ستشمل بتوزيع الأراضي السكنية.

شطر الوحدة السكنية

يرى صاحب مكتب عقارات في بغداد، مهيمن الربيعي، أن ارتفاع الأسعار يعود إلى إهمال الدولة خلال السنوات الماضية لهذا القطاع المهم والحيوي، إذ لم تقِم مدناً رسمية جديدة، وإنما لجأ العراقيون إلى شطر الوحدة السكنية التي تتراوح مساحتها بين 150 و200 و250 و300 متر إلى وحدات عديدة حتى وصلت الوحدة السكنية في بعض مناطق بغداد إلى 30 و40 و50 متراً وتسكن فيها عائلة، فضلاً عن بناء عشوائيات في المناطق المحاذية للمدن والأحياء مما جعل الطلب يرتفع على المدن بشكل كبير جداً". 

وأفاد بأن سوق العقارات لم تتحكم به الشركات، وإنما الأفراد، بالتالي هؤلاء لا تسيطر عليهم الدولة، منوهاً بأن بعض المناطق في بغداد وصل سعر المتر فيها إلى أكثر من 40 ألف دولار، بينما الوحدات السكنية الاستثمارية التي منحت الدولة الأرض مجاناً وصل المتر الواحد فيها إلى أكثر من 2000 دولار. 

صعوبة الشراء

وفي هذا السياق، يشير المتخصص في قطاع العقارات محمد عزوز، إلى أنه "أصبح الآن من المستحيل أن يشتري أصحاب الدخل المحدود بين 300– 1000 دولار، منزلاً أو شقة يسكنون فيها، فأسعار العقارات بلغت مستويات مرتفعة في مدينة بنيتها التحتية متهالكة وتعاني من الإهمال، وتشهد اختناقات مرورية، إضافة إلى دخان المولدات وهطول أقل كمية أمطار تغرق شوارعها بالكامل.

 

 

وقال الباحث الاقتصادي باسم رعد، إن العراق في الفترة الأخيرة عانى تزايداً في وتيرة الطلب على السكن نتيجة النمو الديموغرافي الضاغط، إضافة إلى الهجرة الداخلية من الريف إلى المدينة بسبب التغييرات المناخية والظروف الاقتصادية الصعبة، وكل ما تقدم أدى إلى التوسع الأفقي والعشوائي في البناء واستهلاك الأراضي بطرق غير عقلانية ونتج من ذلك كله ارتفاع أسعار الأراضي بشكل غير مقبول أو معقول.

ووفق رعد، فإنه مع محدودية الأراضي داخل المحافظات سيسهم التوسع العمودي (الرأسي) على أطرافها في معالجة مشكلة الإسكان والحصول على أقصى استفادة من مساحات الأراضي باعتباره خياراً اقتصادياً من الدرجة الأولى، لكونه يخفف من الكلفة الباهظة لتشغيل البنية التحتية المتمثلة في التمديدات وشبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء والطرق العامة والداخلية وغيرها من الخدمات الأساسية.

واعتبر أن التوجه نحو البناء العمودي سيوفر سكناً مناسباً من حيث الكلفة لمحدودي الدخل، بالتالي الإسهام في تحقيق الرضا المجتمعي، لأن السكن من أهم مقومات حياة الإنسان وإنتاجيته وراحته النفسية والاجتماعية، لذلك تبذل الحكومات في الدول المتقدمة والنامية كثيراً من الأموال والدعم لتوفير السكن المناسب لمواطنيها.