ملخص
من خلال مزيج من الجهل والخوف، أتجنب كل ما يتعلق بالمال قدر الإمكان. لا أريد أن أتحدث عن المال. لا أريد أن أسأل أحداً عن المال. ولا أريد تسوية أي شيء يتعلق بالمال. أنا أريد فقط التأكد من أن لدي بعض منه
"مرحباً، من فضلك هل يمكنك أن ترسلي لي ثمن تذكرة السينما"؟ سألت صديقتي بخجل عن ثمن تذكرتها الذي دفعته في الأسبوع السابق. ردت على الفور برسالة أرفقتها بصورة عن هاتفها تخبرني أنها أرسلت المال في اليوم نفسه الذي اشتريت فيه التذكرة، شعرت بالحرج. "آسفة، كان يجب أن أتحقق من حسابي قبل أن أسأل. شكراً جزيلاً لك"، أجبتها بسرعة من دون مزيد من التوضيح. في الغالب لأنني أجريت المحادثة نفسها مع صديقة أخرى قبل أسبوع واحد فقط، بعد أن طاردتها من أجل مال اتضح أنها سبق وأرسلته لي بالفعل.
نعم هذا سلوك نمطي، وهو ليس بالأمر الجيد. فأنا لا أحب أن أراجع حسابي البنكي. في الواقع، هذا آخر شيء أرغب بالقيام به، إلى جانب الذهاب إلى طبيب الأسنان، لذلك نادراً ما أفعل. والأمر ليس لأنه لا يوجد ما يدعوني إلى القلق. بل على العكس من ذلك، فبعد صيف باهظ التكاليف وفاتورة ضريبية ضخمة بشكل مفاجئ يجب تسويتها بحلول شهر كانون الثاني (يناير)، هناك كثير مما يدعوني إلى القلق. ومع ذلك، لا أستطيع أن أجبر نفسي على فعل كثير حيال الموضوع، باستثناء محاولة إنفاق أقل قدر ممكن في محاولة لتأخير اللحظة الحتمية التي لا تقبل فيها بطاقتي المصرفية.
لقد أصبح الموضوع بمثابة عبء على أقل تقدير، خصوصاً منذ أن أصبحت أعمل لحسابي الخاص في العام الماضي. فجأة، صرت أغرق في بحر من المصطلحات المالية، وألهث للحصول على مساعدة لفهم فاتورتي الضريبية. في الوقت الذي أنشأ فيه أصدقائي أعمالهم الخاصة، أو أصبحوا خبراء في فرز مواردهم المالية من خلال البنوك ذات الأفكار المستقبلية، مثل "مونزو" Monzo، فأنا وللأسف متخلفة عن الركب، ولا زلت أعاني مع تطبيق الخدمات المصرفية عبر الإنترنت. والمشكلة تزداد سوءاً. لذلك توصلت الآن إلى تسمية لسلوكي، لتحفيز نفسي على التغيير: مرحباً، اسمي أوليفيا، وأنا "أتجنب التعامل مع الأمور المالية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
باختصار، هذا يعني أنه من خلال مزيج من الجهل والخوف، أتجنب كل ما يتعلق بالمال قدر الإمكان. لا أريد أن أتحدث عن المال. لا أريد أن أسأل أحداً عن المال. ولا أريد تسوية أي شيء يتعلق بالمال. أنا أريد فقط التأكد من أن لدي بعض منه. من الناحية العملية، كان هذا يعني تأخير تحويل الأموال إلى الأصدقاء خوفاً من اطلاعي على رصيدي البنكي، والالتزام بالنظام المصرفي القديم المذكور أعلاه حتى لا أتمكن من تحليل نفقاتي [توفر الخدمات المصرفية الجديدة مثل مونزو، تحليل للنفقات من خلال إيضاح المبلغ الذي صرف شهرياً على التسوق، الرفاهية، الفواتير وغيره]، وتوكيل زملائي بالسكن بمهمات إدارة فواتير المنزل، واعدة بالتعويض عن ذلك بطرق أخرى ("سأنظف المطبخ كل أسبوع!"). وباستخدامي مصطلح توكيل، فأنا أقصد أني أجعلهم يدفعون - حتى عندما استخدم هذا المصطلح، أجد نفسي متجنبة للأمور المالية. أدرك كم أبدو جاهلة، لكنني أعلم أيضاً أنني لست الوحيدة التي تشعر بهذا الإحساس.
كلما فتح موضوع الأمور المالية مع أصدقائي يكون رد الفعل الأول، على الفور تقريباً، هو تجنب التواصل البصري المباشر أو تغيير الموضوع. إنه موضوع يجعل الجميع يشعرون بعدم الارتياح إلا إذا كان لديهم كثير من المال، وهو أمر نادر بين الأشخاص الذين أعرفهم، الذين يعملون في الغالب في مجال الفنون. الوحيدون الذين لديهم أموال ضمن دائرتي الاجتماعية حصلوا عليها من عائلاتهم. وقد لا يكون لديهم فهم أفضل مني من الناحية المالية.
إنه موضوع يجعل الجميع يشعرون بالتوتر إلا إذا كان لديهم كثير من المال، وهو أمر نادر بين الأشخاص الذين أعرفهم
وبطبيعة الحال، فإن انعدام الثقة المالية يؤثر في كل من الرجال والنساء. ولكن له تأثير أكبر في النساء، لأسباب واضحة - هل سمعت من قبل عن فجوة الأجور بين الجنسين؟ نعم، ما زلنا نكسب أقل من الرجال في مقابل القيام بالوظائف نفسها. وهذا هو السبب الذي يجعلنا إحصائياً أقل احتمالية في أن نطالب بزيادات في الأجور أو أن نستثمر أموالنا في الأسهم. هذا من دون التطرق إلى القروض العقارية، والتصنيفات الائتمانية، وحساب المدخرات الشخصية (ما زلت غير متأكدة تماماً من ماهيتها). كيف ينبغي لنا أن نتعامل مع الجوانب الأكثر تعقيداً للثقافة المالية و"تعزيز أرباحنا" أو "تأمين مستقبلنا" عندما بالكاد يمكننا فهم الضرائب؟
ما من هذه الأمور تدرس في المدارس. في الأقل، لم تدرس عندما كنت في المدرسة. لو كنت تعلمت عن الضرائب، أو المعاشات التقاعدية، أو قروض الطلاب قبل تخرجي، لكنت الآن في وضع أفضل بكثير لإدارة أموري المالية. المشكلة هي أن المال لم يكن موضوعاً يناقش داخل الفصل الدراسي أو خارجه. لكن موقفي تجاه الأمر ربما كان متأصلاً حتى قبل ذلك.
في فترة نشأتي، كان آباء أصدقائي فقط هم من يعيلون أسرهم. عندما كنت طفلة، كانت زيارة منزل شخص ما تعني عادة أن تقوم أمه بطهي الطعام، في حين أننا لم نلتق أبداً بوالد أي شخص تقريباً: في معظم الأسر، ظلوا لغزاً غير مرئي يكسب المال. أعطت هذه الظروف الاجتماعية الفتيان إطاراً مالياً لمستقبلهم: ستكونون معيلين. إذاً، ما الإطار الذي أعطي للفتيات؟ وربما ليس من المفيد أيضاً أن الفتيات يحصلن في المتوسط على مصروف أقل بنسبة 20 في المئة من الفتيان، وفقاً لدراسة حديثة أجراها بنك ستارلينغ.
قد يبدو كل هذا وكأنه أشياء صغيرة تافهة، ولكنها تتضافر لتشكل سردية حول المال يضع النساء في وضع غير موات بشكل كبير منذ البداية. تقول آنا صوفي هارتفيغسن، إحدى مؤسسي "فيمايل انفست" "Female Invest" [استثمارات نسائية]، وهي منصة ومجتمع للتعليم المالي: "الحقيقة هي أن الفتيات يكبرن ليصبحن نساء مضطرات إلى الكفاح من أجل الحصول على فرصة، ومن أجل المساواة في الأجر، ومن أجل تعليم مالي أفضل - ونتيجة لذلك، استغرق مستوى الثقة في إدارة الأمور المالية وقتاً أطول للتطور".
ويتفاقم كل هذا أيضاً بسبب النهج المحافظ الذي يتبعه المجتمع البريطاني في التعامل مع الأمور المالية. في بعض الدوائر، غالباً ما يكون هناك شعور بالخجل من الحديث عن المال. على سبيل المثال، ينظر إلى الحديث عن مدخولك بين الأصدقاء على أنه أمر مبتذل، وفي الوقت نفسه، تمنع معظم الشركات الحديث عن الموضوع بين الزملاء. وكمثال على ذلك، وبخ الأصدقاء بسبب مناقشة الرواتب مع زملاء العمل عبر قنوات العمل الخاضعة للمراقبة. ولكن إذا لم نفعل ذلك، فكيف سنعرف ما إذا كنا نتقاضى أجوراً عادلة في مقابل عملنا ونمنح فرصاً متساوية؟
النساء اضطررن إلى النضال من أجل الحصول على فرصة، ومن أجل المساواة في الأجر، ومن أجل تعليم مالي أفضل - ونتيجة لذلك، استغرق مستوى الثقة في إدارة الأمور المالية وقتاً أطول للتطور
آنا صوفي هارتفيغسن، خبيرة التعليم المالي
اسمحوا لي أن أوضح: لا أريد أن أتفادى الأمور المالية. لا أعتقد أن أي شخص يرغب في ذلك. ولكن بحسب توضيح هارتفيغسن: "بالنسبة إلى النساء، يتعلق الأمر بالدخول إلى مجال جديد وامتلاك صوتهن بطريقة لم تكن ممكنة بالنسبة إليهن تاريخياً". وهي تعتقد أن بعض العوائق التي تحول دون القيام بذلك "متأصلة بعمق في المجتمع، لدرجة أن كثيرين يتجاهلونها أو حتى ينكرون وجودها". ببساطة، لا يزال هذا المجال مجهولاً إلى حد ما بالنسبة إلى جيل نشأ، على الأرجح، في أسرة ذات أدوار تقليدية للجنسين. أي أنه لا يمكنك أن تصبح ما لم تره من قبل، وهكذا.
ولحسن الحظ، فإن الشركات تسعى إلى معالجة ذلك، ومن هنا جاء ظهور منصات مثل "Female Invest"، التي صممت لدعم نساء مثلي في رحلاتهن المالية، إذا جاز التعبير. هناك أيضاً بعض الإحصاءات الواعدة التي قد تشجع الآخرين على البدء. وتشير هارتفيغسن إلى أنه "في المتوسط، تحقق النساء عائداً سنوياً على الاستثمارات أفضل بنسبة 0.44 في المئة من الرجال". وتقول: "قد يبدو هذا فرقاً صغيراً، ولكن مع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي إلى تأثير كبير. تدرك النساء أن الوقت حان لتولي زمام الأمور، ويظهرن على قدر مستوى التحدي".
في الوقت الحالي، حتى إجراء محادثة مع المحاسب الخاص بي يبدو وكأنه مهمة شاقة. لكن ربما مع مرور الوقت، عندما أعمل على معرفة المصطلحات المالية وبناء ثقتي بنفسي، سيتغير هذا الأمر. آمل حقاً أن يحدث ذلك، وإلا فسينتهي بي الأمر مدينة لكثير من الأصدقاء بكثير من المال. تنبيهي لنفسي سيكون: عدد أقل بكثير من الأصدقاء وأموال أقل بكثير.
© The Independent