Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متى تتوقف النساء المرموقات عن الاعتذار في الرسائل الإلكترونية؟

قدمت نائب سكرتير رئاسة الوزراء البريطانية هيلين ماكنمارا شهادتها أمام لجنة التحقيق الخاصة بـ" كوفيد" وضمنتها رسائل إلكترونية وجهتها إلى كبار المسؤولين من أجل المطالبة بتوفير معدات حماية شخصية للنساء

 نائب سكرتير رئاسة الوزراء البريطانية هيلين ماكنمارا تطلب معدات لحماية النساء من كوفيد وهي تعتذر  (تحقيق المملكة المتحدة في كوفيد-19/أ ف ب عبر غيتي) 

ملخص

لماذا تعتذر النساء المرموقات في الرسائل على رغم أن مطالبهن محقة؟

أثارت رسائل هيلين مكنامارا، التي أماطت لجنة التحقيق الخاصة بـ"كوفيد" اللثام عنها، رد فعل قوي في داخلي هذا الأسبوع. وظهرت صورة إحدى هذه الرسائل التي وجهتها إلى رئيس هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا آنذاك، سايمون ستيفنز، لمطالبته وإقناعه بتوفير معدات حماية شخصية للنساء، وفيها تعتذر النائب السابق لسكرتير رئاسة الوزراء في السطر الأول وتقول "لحظة ظننت أنك تخلصت من الرسائل الإلكترونية المزعجة التي أرسلها لك…". 

على رغم الحجة القوية والحيوية والمنطقية التي قدمتها بغية الارتقاء بالحماية من "كوفيد" (إذ تقول بأن معظم معدات الوقاية الشخصية ليست مصممة لتناسب أجسام النساء، في الوقت الذي كانت فيه أغلبية من يحتاج هذه المعدات من النساء)، تختم رسالتها بجملة أخرى فيها استخفاف بذاتها، فتكتب "لم أعلم من يمكنني أن أزعج بهذا الموضوع لذلك اخترتك أنت. ولكن على أي حال، أخبرني إلى من يفضل أن أوجه تساؤلاتي". 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رأيت في هذا السلوك شيئاً مألوفاً: نساء يمتلكن من المؤهلات أكثر من الكافي لكي يقدمن المشورة لنظرائهن، ومرؤوسيهن أو رؤسائهن، يطرحن طلباتهن على شكل اعتذار. ولا نفعل ذلك مع الرجال فحسب- بل مع بعضنا بعضاً كذلك. رسائل مليئة باعتذار وراء اعتذار أو مراعاة زائدة للآخر أو استخفاف بالذات أو تحفظات من نوع "لعلني لست على صواب، ولكن…" أو حتى استخدام صور الإيموجي إمعاناً في تلطيف التعابير إلى أقصى الحدود.  

أعمل في مجال التخطيط والاستجابة للطوارئ، وهو مجال غالباً ما يثمن الذكورية المعلنة. في الفصل الأول من كتابي عندما ينقشع الغبارWhen The Dust Settles، أكتب عن الأحكام التي تطلق علي فور وصولي إلى مكان وقوع مأساة- حيث أضطر لتحمل تعليقات حول شكلي الخارجي والنظرات البطيئة التي تقيمني "من تحت لفوق". التبرم حالما أفتح فمي. العمل عشر مرات أكثر من الآخرين لكي أثبت بأنني أستحق أن أتواجد في المكان.

كلنا هيلين مكنامارا…

نحن كنساء نقلل من أنفسنا ونلجأ إلى حس الدعابة والفكاهة. نخفض أصواتنا ونلطف نبرة أصواتنا. نفعل كل ما بوسعنا كي لا نبدو أننا مصابات بالهستيريا. ننحني ونلتوي لنناسب حجم المكان. أنا أيضاً أستاذة مخضرمة وهذا من أول الفوارق التي ألاحظها في تلامذتي. الطالبات معتادات على استهلال الكلام- وإنهائه- باعتذار. لكن ليس الطلاب. 

لا يقتصر الموضوع على الرسائل الإلكترونية بل يتعداها ليطل برأسه من خلال تصرفاتنا كافة - عندما كتبت عني "نيويوركر" تحقيقاً، تابعني الصحافي وأنا أقدم تدريباً أمام قاعة مليئة بموظفي الاستجابة للطوارئ. لاحظ فوراً استخدامي للغة الدعابة واستخفافي بذاتي والكلام المعسول الذي ألجأ إليه لتلطيف أي عبارات قاسية قبل أن أقولها.    

كتبت هذه المشاعر حول الرسائل الإلكترونية على منصة "إكس/تويتر" (آسفة، أنا أفعل ذلك كثيراً) وبعض النساء أوضحن من خلال إجاباتهن بأنهن لا يفعلن ذلك- ولم يفعلنه قط. لكن كثيرات غيرهن شاركن قصصهن الخاصة عن الكتابة على شكل اعتذار- "هذا ما أفعله طوال الوقت" أو "أعدت قراءة رسائلي الإلكترونية بعدما كتبتِ هذا ووجدت بأنني أستهل كل رسالة بالاعتذار عن وجودي".

أحياناً، تعاقب النساء إن لم يفعلن ذلك. سمعت عن بعض النساء اللواتي تعرضن للتأنيب بسبب "عدائيتهن" أو كون صراحتهن "لا تفيد أحداً". أزيحت بعضهن عن مشاريع عمل. وهذا أمر أفهمه جيداً كذلك. غالباً، تكون النقاط التي أحاول أن أرسلها عبر الرسائل الإلكترونية أموراً يصعب على زملائي أن يسمعوها- وقد تتعارض مع التوجيهات التي حصلوا عليها في مكان آخر. قد يفسر البعض ما أقوله بأنه تحد صريح لسلطتهم. تعلمت بلا وعي مني أن ألطف الرسالة لكي أخفف وقع مضمونها عليهم.

لكن ما تعلمته كذلك هو أن تلطيف الرسائل الإلكترونية لا يشكل تغييراً كبيراً في أي حال. فلطف النبرة واستهلال الرسالة بجملة اعتذار ("اعتذر على إزعاجك") لا تحمينا في أي حال. أطلعني آخرون في بعض الأحيان على مراسلات تتحدث عني- حتى تعاملي بلطف يلاقى بجلافة ووقاحة. في نهاية المطاف، لم تحمِ صور الإيموجي هيلين مكنامارا من تسميتها "بالعاهرة" ولا حمتها معرفتها ولا حدسها ولا خبرتها.

منذ خمس سنوات، أخذني زميل وحليف، يعمل محققاً، على جنب وقال لي شيئاً من أهم ما سمعته على الإطلاق. أخبرني بأن علي أن "أملأ المكان الذي استحقيته كاملاً". وطلب مني ألا "أرسل أي رسالة إلكترونية كتلك أبداً بعد اليوم". ولم أفعل. 

منذ ذلك الوقت، نقلت هذه النصيحة إلى غيري- ليس إلى النساء وحدهن بل إلى زملاء من مجتمع الميم أو من أقليات أو ممن يعانون من أمراض مزمنة أو يرعون قريباً على شفير الموت. تخلوا عن هذا الاعتذار. انتبهوا إلى المواقع- في البداية والنهاية عادة- التي تقللون فيها من قيمتكم. خذوا استراحة لشرب كوب من الشاي عودوا بعدها إلى النص. ثم عاودوا كتابة الرسالة الإلكترونية من البداية. (عذراً على العمل الإضافي، ولكن…)

تشغل البروفيسورة لوسي إيستهوب منصب أستاذة في مجال المخاطر في جامعة دورهام وزميلة في مجال الوفيات الجماعية والأوبئة في مركز الموت والمجتمع في جامعة باث. أطلقت كتابها عندما ينقشع الغبار: روايات عن الحب والفقدان والأمل من خبيرة في الكوارث، في مارس (آذار) 2022.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير