Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حب وحرب في "الضوء الذي لا نستطيع رؤيته"

مسلسل من إنتاج "نتفليكس" مقتبس عن رواية للأميركي أنطوني دوور

لقطة من المسلسل (موقع العمل)

ملخص

ما يميز العمل أن المخرج استعان فعلاً بفتاة كفيفة لم يسبق أن مثلت، ولا فكرت بذلك، ورفض مئات الممثلات اللاتي تقدمن للدور.

على عكس الحرب الدائرة في غزة، والمشاهد القاسية التي تبثها وسائل الإعلام، يقدم لنا المسلسل الجديد التي تبثه "نتفليكس" All the light we cannot see (الضوء الذي لا نستطيع رؤيته)، مسحة أمل ومشاعر نحتاج إليها في هذه الأوقات العصيبة. هو ليس عملاً عن الحرب وبشاعتها، بقدر ما يقدم لنا صورة عن تغير مصائرنا في الحرب، وفقدان الحلم، والتحرك في اتجاهات لم نخطط لها سابقاً ولا أردنا أن نسلكها، لكن على رغم الحرب ثمة حب ينمو ومشاعر تتطور وتتبدل.

القصة

تدور أحداث العمل خلال الحرب العالمية الثانية حول الفتاة الكفيفة ماري لور (آريا ميا لوبيرتي) التي تنضم إلى المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال الألماني، وذلك من خلال إرسال إحداثيات مشفرة عبر بث الراديو أهدافاً ألمانية إلى الأميركيين الذين يقصفون هذه المواقع.

 

 

لكن القصة لم تبدأ هنا، ويعتمد المخرج والمنتج الكندي شون ليفي فيها على الفلاش باك لمعرفة ما حصل قبل الحرب. كانت ماري فتاة صغيرة، وعيت على الحياة من دون أن تعرف الألوان ولا صور الأشياء، لكن والدها (مارك رافالو) ساعدها كثيراً للتعرف إلى كل شيء، وعزز ثقتها بنفسها، فباتت تميز كل شيء من خلال الرائحة أو الصوت أو اللمس بحرفية. مشاهد بين الأب والبنت جميلة جداً، فيها كثير من الحنان والعطف والتعليم.

على الجانب الآخر من القصة، ثمة ورنر فينينغ (لويس هوفمان، بطل مسلسل Dark)، الذي لا يعرف والديه ونشأ مع أخته في ميتم، لكنه يتمتع بموهبة تركيب وتصليح الراديوهات، وهو مغرم بالاستماع إلى المحطات الإذاعية وهو ما كان ممنوعاً في تعاليم هتلر، كي لا تتلوث أفكار شعبه.

 

 

ما يجمع بين ورنر وماري أنهما يستمعان إلى البروفيسور الذي يتحدث منذ سنين على موجة لا تتغير 13.10، مساء كل يوم، ويتعلمان منه كل المشاعر الجميلة في الحياة، والأحلام التي يجب أن تتحقق. والبروفيسور (هيو لوري) مقاتل سابق يعيش في عزلة عن العالم، والراديو وسيلة تواصله الوحيدة مع العالم.

تكبر الفتاة الكفيفة وتكبر معها أحلامها، ويكبر الشاب اليتيم وينتقل إلى الخدمة العسكرية، بعدما علم عن موهبته قادة في جيش هتلر، فيتلقى تدريباً قاسياً ومكثفاً، ويصبح مراقباً للبث الإذاعي، لاعتراض أي رسائل مشفرة وفكها. المسار المشترك الذي يعتمده المخرج في العمل، حب الشاب والفتاة للاستماع إلى البث الإذاعي، والأفكار التي ينشرها البروفيسور.

تنتقل الفتاة من باريس حيث كانت تعيش مع والدها إلى مدينة ساحلية (سان مالمو)، وهناك تعرف أن البروفيسور الذي كثيراً ما استمعت إلى نصائحه هو الرجل الذي قصده والدها هرباً من الحرب. تتعلم معه كيفية البث وتدرك أن ما تفعله وتقرأه للمستمعين عبر الحرب، هو وسيلة التواصل الوحيدة مع والدها الذي بعد أن أوصلها عاد إلى باريس لتخبئة حجر كريم، لكن يقع في أيدي الألمان ويقتل.

 

 

هذا التواصل اليومي مع والدها كان خلاصاً بالنسبة إليها، تتكلم معه كل مساء لنحو ثلاث سنوات. تعده بأن تبث يومياً، ومن خلال قراءتها للمستمعين، كانت توصل رسائلها المشفرة التي يزودها بها عمها إلى القوات الأميركية. المفارقة أن الشاب اليتيم الذي أضحى جندياً في الجيش النازي بات من مستمعي ماري وينتظر بثها يومياً، وبما أن مهمته كانت تقضي بتحديد موقع أي بث إذاعي وقتل من يقوم بذلك، إلا أنه لم يبلغ عن الصوت الذي أغرم به، وقتل لأجله زميلاً له.

تنشأ علاقة حب خفية ومن طرف واحد بين جندي ألماني والفتاة الكفيفة التي باتت تعيش وحيدة مع مذياعها وبثها المباشر مساء.

 

 

تتطور أحداث القصة إلى أن يلتقي الجندي البروفيسور، ويتعرف إليه ومن خلاله يلتقي الفتاة الكفيفة وتنشأ بينهما قصة حب تحت القصف والدمار. وما بين كل هذا الحب لا ننسى أن الفتاة الضريرة كانت ملاحقة من ضابط الشرطة السرية القاسي، الذي يسعى إلى الاستحواذ على الحجر الكريم الذي هرّبه والدها من المتحف الذي كان يعمل به.

أداء لافت

ما يميز العمل أن المخرج استعان فعلاً بفتاة كفيفة لم يسبق أن مثلت، ولا فكرت بذلك، ورفض مئات الممثلات اللاتي تقدمن للدور، وذلك في سبيل أن يعطي الدور لمن يمنحه كل هذا الحب والصدقية، وبالفعل، نجحت "الممثلة الأميركية" في تقديم دور لافت، مع كثير من الانفعالات الحقيقية الجاهزة.

في المقابل، قدم بطل مسلسل "دارك" أداءً استثنائياً وتقلبات مزاجية ما بين الحب والتوتر والخوف، فتارة نراه يعيش حالة غرام، وطوراً نتتبعه خائفاً يرجف من شدة التوتر والقلق. العمل من أربع حلقات وهو مقتبس عن رواية للأميركي أنطوني دوور، تحمل الاسم ذاته، نال عنها جائزة "بوليتزر" عام 2015.

 

 

وفي بحث بسيط عبر الإنترنت، نلاحظ استياء من محبي الرواية، إذ إن المسلسل لم يقدم عديداً من التفاصيل، وهو نقاش قديم جديد في عالم الأدب، بخاصة حول الأعمال الأدبية التي انتقلت إلى الشاشة، إذ يرى بعض المخرجين أن المساحة على الشاشة لا تسمح بنقل كل تفاصيل العمل الأدبي، في حين يعتبر بعض المتابعين أن جودة الأعمال الأدبية أعلى بكثير من أن تعرض في مسلسلات أو أفلام.

مشاهد مقنعة

في سياق متصل، نجح مخرج العمل شون ليفي في تقديم صورة جميلة ومشاهد مقنعة، بخاصة تلك التي يظهر فيها القصف وتحطم المنازل على رؤوس ساكنيها، وثمة تميز وعنف في مشاهد الميتم، حيث تلقى الجندي تدريباته العسكرية، وظهور للصرامة النازية في التعامل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول ليفي "تم تصميم عديد من القطع التاريخية بشكل رائع، لكنها تبدو متشددة إلى حد ما أو بعيدة عاطفياً"، مضيفاً "كان هدفي من المسلسل تقديم دراما جميلة المظهر، من شأنها أن تسمح للجمهور بالتفاعل مع هذه الشخصيات وإنسانيتها".

وأوضح ليفي لمجلة "فانيتي فير" أنه شعر أنه من المهم أن تتحول الرواية الطويلة (التي تصل إلى أكثر من 500 صفحة) إلى مسلسل قصير بدلاً من فيلم. وأضاف "القصة شاملة للغاية، وهي مزيج مثير للاهتمام من رواية القصص الحميمية والخلفية الملحمية. كان لديَّ شعور بأن ساعتين لن تخدم أبداً مثل هذه الرواية الجميلة والمكثفة".

وفي مقابلة مع مجلة "إنترتينمنت ويكلي" قال ليفي "لقد ابتكرنا بعض الشخصيات، وتحديداً الألمانية، من أجل إظهار شر الحزب النازي، والتهديد بالحرب، والتهديد الزاحف على ماري لور الموجود في مكان اختبائها. لذلك قدمنا بعض الشخصيات الجديدة، وقد وجد الروائي دوور أنها فعالة حقاً، ويسعدني أن أقول ذلك".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات