Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الفوضى والعقوبات تتحكمان بسوق الصيرفة في لبنان

شركات عدة شملتها وزارة الخزانة الأميركية بإجراءاتها وسبب التهم التعامل مع "حزب الله" و"حماس" و"الجهاد الإسلامي"

 سوق الصيرفة في لبنان يعاني تفلتاً وفوضى (رويترز)

ملخص

تزداد الضغوط الخارجية على سوق الصيرفة وتحويل الأموال في لبنان، وآخرها فرض عقوبات أميركية على صرافين بحجة تحويل أموال إلى "حماس" و"الجهاد الإسلامي"

يواجه قطاع الصيرفة في لبنان ثلاثة تحديات كبرى، فمن جهة تتزايد الضغوط الدولية على القطاع من خلال سيف العقوبات الدولية. وكذلك المنافسة المتزايدة من قبل الصرافين غير الشرعيين، وشركات تحويل الأموال التي تبلغ أعداد فروعها نحو 2500 فرع، ناهيك بالأثر العميق للدولرة الشاملة لمختلف الأنشطة الاقتصادية في البلاد التي شهدت خلال السنوات الأربع الماضية أسوأ انهيار لقيمة العملة الوطنية.

العقوبات الخارجية تتوسع

بذريعة التضييق على تمويل حركتي "حماس" و"جهاد الإسلامي"، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات مالية على مجموعة من شركات الأموال والصيرفة في لبنان وفلسطين. وعلى مستوى لبنان، أعلنت الخزانة الأميركية أنها فرضت "عقوبات على شركة نبيل خالد خليل شومان، وابنه خالد، إضافة إلى الصراف رضا علي خميس" في إطار الدفعة الثالثة من العقوبات على "حماس" في أعقاب عملية "طوفان الأقصى". وادعت وزارة الخزانة أن "حماس تستخدم شركة نبيل شومان لتحويل الأموال من إيران إلى قطاع غزة"، كما أن الشركة "سهلت تحويل عشرات الملايين من الدولارات الأميركية"، فيما حوّل الصراف خميس "7 ملايين دولار من فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إلى حركتي الجهاد الإسلامي وحماس في غزة".



نقابة الصرافين توضح

إلا أن نقابة الصرافين في لبنان أوضحت في وقت لاحق أن "شركة مجموعة شومان ش.م.م. وشركة شومان للصيرفة ش.م.م. التي يقع مركزها الرئيس في بيروت الحمرا، ولها فروع في النبطية وفي صور، ومنتسبة إلى النقابة تحت رقم 2 فئة "أ"، لا علاقة لهما بالعقوبات الأميركية والبريطانية موضوع الخبر". وأضافت أن "الخبر الذي نشر أخيراً على الوسائل الإعلامية حول وضع شركة نبيل شومان وشركاؤه للصيرفة، وأصحابها خالد شومان ونبيل شومان والصراف رضى خميس على لائحتيّ العقوبات الأميركية والبريطانية، يحمل التباساً واضحاً في هوية الشركة المقصودة في الخبر".
وأوضحت النقابة أن "صورة المحل التجاري التي أرفقت في الخبر المذكور في بعض الوسائل الإعلامية، هي عائدة للمحل التجاري العائد لشركة شومان للصيرفة ش.م.م. وليس للشركة المقصودة بالخبر، مطالبين بذلك جميع الوسائل الإعلامية التي نشرت الصورة بتوخي الحذر والدقة والعمل على تصحيح الخبر بشكل فوري وإزالة صورة المحل التجاري العائد لشركة شومان للصيرفة ش.م.م عن الخبر المنشور".
وتسود حالة من الاستغراب في أوساط سوق الصرافين، وخلال جولة على مجموعة منهم تظهر علامات التعجب على وجوههم، يعلق أحدهم "لا يمكن تحويل أموال إلى (حماس) أو جماعة أخرى انطلاقاً من لبنان، بسبب خضوع عمليات التحويل لقيود كثيرة، وعمليات رقابة وتدقيق داخلية وخارجية"، فيما يعتقد آخر أن "الهدف من العقوبات فرض قيود إضافية على سوق الصيرفة، ومن ثم الوصول إلى إفلاس الشركات المخالفة".

عقوبات بأهداف متعددة

تهدف العقوبات الدولية إلى "حظر جميع الممتلكات والمصالح في ممتلكات الأشخاص المدرجين على قائمة العقوبات، والموجودة في الولايات المتحدة أو في حيازة أو سيطرة أشخاص أميركيين" بحسب نص القرار.

يؤكد بول مرقص رئيس منظمة "جوستيسيا" الحقوقية والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ أن العقوبات على شركات الصيرفة في لبنان تستند إلى القوانين المتبعة في إدراج أي شركات أو كيانات أخرى على لائحة العقوبات الأميركية، كما أن المرجع هو عينه، أي مكتب مراقبة الأصول والموجودات الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية. ويوضح المحامي مرقص أن "أصول التظلم والمراجعة هي نفسها تلك المتبعة لمواجهة العقوبات المشابهة، من خلال مسار المطلب الإداري، ولاحقاً التقدم بدعوى أمام المحاكم الفيدرالية الأميركية في حال عدم التجاوب مع الطلب الإداري".

يخشى مرقص من تأثير هذه العقوبات في الاقتصاد اللبناني، و"تحديداً تلك الناجمة عن زيادة أخطار السمعة اللاحقة بعمليات التحويل من وإلى لبنان، ويجعلها أكثر صعوبة في حال اتسع نطاق العقوبات، لتشمل شركات ومؤسسات جديدة، أو حتى استهداف مصارف تجارية أيضاً".

تشديد الرقابة

تزداد مؤسسات الصرافة في لبنان الخاضعة لعقوبات وزارة الخزانة الأميركية، ولكن ما زالت أعدادها ضئيلة مقارنة بالقطاع، إذ تقدر المؤسسات المرخصة بـ300 مؤسسة منتشرة على الأراضي اللبنانية. فبعد العقوبات على شركة "سيتكس" للصراف حسن مقلد بتهمة صلات مشبوهة مع "حزب الله" في الـ24 من يناير (كانون الثاني) 2023، عادت لتفرض عقوبات على مؤسسات نبيل وخالد شومان ورضا خميس. 

يقر نقيب الصرافين في لبنان مجد المصري بتأثير العقوبات التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية في القطاع بأكمله في لبنان، لافتاً إلى عدم امتلاك أدلة تدين خالد ونبيل شومان من قبل نقابة الصرافين، وهل جاءت لأسباب سياسية، أو مالية. ويؤكد المصري التوجه للقيام بتدريبات إضافية للصرافين بالتعاون مع مصرف لبنان، من أجل التدقيق في مصدر الحوالات ووجهتها لعدم ارتكاب أخطاء عن حسن نية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يشرح المصري الآلية المتبعة عند تحويل الأموال، التي لا يمكن أن تتجاوز 20 ألف دولار في مطلق الأحوال. ففي المبالغ التي لا تتجاوز 10 آلاف دولار، يطلب الصراف هوية الزبون طالب التحويل، وبعض المعلومات الشخصية، ويقوم بالحوالة. أما في ما يتصل بالمبالغ الأعلى فهي تخضع لقيود إضافية، إذ يفترض بالصراف التدقيق في هوية الزبون وتجارته، ومعرفة مصدر تلك الأموال، وتحديد سبب التحويل، إضافة إلى الطلب من الزبون تقديم مستندات توثق مصدر الأموال سواء كان مصرفاً، أو مدخرات، أو متأتية من بيع أصول أو عقارات، منبهاً إلى أنه "في حال عدم تمكن الزبون من إثبات مصدر الأموال، تقوم الشركة برد الحوالة إلى مصدرها"، و"لدى شركات التحويل المرخصة القائمة السوداء الخاضعة للعقوبات، من ثم لا يمكن تلقي أو إرسال أي حوالة من مصدر مشبوه".

ورداً على سؤال حول الفترة الزمنية التي استغرقتها عملية تحويل المبالغ المقدرة بعشرات الملايين من الدولارات بحسب الخزانة الأميركية، يجزم المصري أن تحويل المبالغ الكبيرة يحتاج إلى فترة زمنية طويلة.   

الصرافة غير الشرعية في الواجهة

يبلغ عدد شركات الصيرفة المرخصة في لبنان نحو 300 مؤسسة وشركة، فيما يوجد أضعاف هؤلاء من المؤسسات غير المرخصة التي تعمل تحت تسميات مختلفة منها تحويل الأموال.

يحذر نقيب الصرافين مجد المصري من أخطار توسع سوق الصيرفة غير الشرعية، وهو لا يقل خطورة عن العقوبات الدولية، مشيراً إلى أنه "مع بدء الأزمة، انتشر (تجار الشنطة) مستغلين الفرصة السانحة، واتسع نطاق عملهم. وعندما فرض مصرف لبنان قيوداً على عمل مؤسسات الصيرفة، وطلب مجموعة من المستندات لقاء أي عملية تقوم بها المؤسسات الشرعية، كان الصراف غير الشرعي يقوم بتصريف الأموال من دون أي شروط". يذكر المصري بلجوء مصرف لبنان لضخ الليرات من خلال وسطاء وليس بواسطة شركات الصيرفة الشرعية، مما أسهم في تقوية السوق السوداء.

يكشف المصري عن توجه نقابة الصرافين لصياغة خطة مواجهة ودفع الجهات الرسمية إلى محاربتها، بالتعاون مع لجنة الرقابة مع المصارف، وهيئة التحقيق الخاصة بمصرف لبنان، وقسم الجرائم المالية، وجهاز استخبارات الجيش.

يؤكد مجد المصري عدم التكافؤ بين "مؤسسة تلتزم قانون النقد والتسليف، وتضع استثمارات كبيرة في السوق، وأجور عمال وموظفين، ومدقق حسابات خارجي، ومكاتب، فيما يقوم صراف غير شرعي بالمزاحمة من خلال (مجموعة على واتساب)، أو يقف في زوايا الساحات العامة، أو يتنقل عبر الدراجة النارية من أجل تصريف الأموال بالعملات الأجنبية، ووصل الحد ببعضهم إلى فتح مؤسسات صيرفة غير مرخصة".

دولرة الاقتصاد

يقارن نقيب الصرافين بين الماضي والحاضر "في السابق كان الزبون يأتي ليصرف مبالغ وازنة بالدولار من أجل المعاملات التجارية الداخلية، أما اليوم فأصبح يطالب بتصريف مبالغ زهيدة من أجل دفع البدل لبعض الأنشطة المحدودة التي ما زالت تسعيرتها بالليرة"، مضيفاً "هناك طلب متزايد على الأوراق النقدية الصغيرة بالدولار من فئة خمسة و10 دولارات".

عملاء شركات تحويل الأموال

ويوضح المصري "في فترة من الفترات سمح مصرف لبنان لشركة OMT بفرعها الرئيس حصراً بإجراء أعمال الصيرفة، ومنح هذا الفرع رخصة من الفئة (أ)، وفي حينه طلبت OMT من وكلائها جمع الدولار لمصلحة مصرف لبنان، قبل الإعلان عن وقف ذلك الأمر. والآن يستغل وكلاء OMT اسمها لممارسة أعمال الصيرفة، ربما من دون إرادتها". وبحسب المصري عدد فروع شركات التحويل الأخرى يبلغ نحو 2500 صراف غير مرخص. 

اقرأ المزيد