ملخص
هل تكون حكومة التكنوقراط هي الحل لإنهاء الأزمة السياسية الليبية؟
قال رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح إنه رفض مشاركة عبدالحميد الدبيبة في الحوار الأممي الذي دعا إليه رئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا عبدالله باتيلي، نظراً إلى سحب الثقة من حكومته منتهية الولاية، إضافة إلى كونه غير طرف في العملية السياسية.
وأضاف صالح خلال جلسة للبرلمان أمس الثلاثاء أن باتيلي أكد له أن القوانين الانتخابية الصادرة من مجلس النواب صالحة ومقبولة، موضحاً أنهما اتفقا على تشكيل حكومة جديدة تحدد آلية اختيارها في أقرب وقت.
تصريحات لم يتأخر كثيراً رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة في الرد عليها، فأكد في بيان مرئي له نقلته منصة "حكومتنا" مساء أمس أنه مستعد للمشاركة في الطاولة الخماسية التي دعا إليها باتيلي (مجلس الدولة ومجلس النواب والمجلس الرئاسي وقائد قوات الجيش بالشرق الليبي خليفة حفتر ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة) ولا مجال "لحكومة جديدة".
وقال الدبيبة في كلمته إنهم مستعدون للتجاوب مع جميع المقترحات المقدمة من دون عرقلة لدعم جهود إنجاح الانتخابات، مشيراً إلى أن هناك استغلالاً لملف الانتخابات من أجل مخططات التمديد والتعطيل، وطالب بأن تكون القوانين عادلة ونزيهة وبعيدة من الانتقائية والإقصاء.
وتابع رئيس حكومة الوحدة الوطنية أن هناك أطرافاً معينة تعمل دائماً عند الوصول إلى أي اتفاق على الانقسام وتشكيل أجسام موازية للابتزاز المالي والسياسي، لافتاً إلى أن المسارات الجانبية قصدها التشويش على الهدف الأساسي وهو الانتخابات.
وذكّر الدبيبة بأن حكومته قدمت منذ عام مقترحاً لإيجاد "هيئة عليا" بمشاركة جميع الأطراف السياسية والعسكرية للإشراف على الانتخابات، موضحاً أن هذا هو الحل العملي للخروج من الأزمة وعودة الاستقرار.
حكومة تكنوقراط
في هذا السياق رأى رئيس مركز التمكين للدراسات والبحوث الاستراتيجية محمد المصباحي أن الوضع السياسي في ليبيا لم يعد يحتمل العودة للمربع الأول من حرب البيانات والتراشق بالتهم، فحكومة الدبيبة فشلت في المهمة الموكلة إليها والمتمثلة في إنجاز الاستحقاقات الانتخابية وتجاوزت حدودها الزمنية وهي فعلياً بحسب البرلمان منتهية الولاية، متسائلاً عن سبب الاستمرار بالدوران في الإشكالية ذاتها (الانقسام السياسي) ما دامت القوانين الانتخابية الصادرة عن لجنة إعداد القوانين الانتخابية "6+6" مقبولة وفق تعبير باتيلي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف أن استمرار الحكومات المتعاقبة هو التشويش بحد ذاته على العملية الانتخابية، فالأجسام السياسية ولدت لتنتهي وتأتي بعدها أجسام أخرى، مطالباً بضرورة الانكباب على تحقيق إرادة 2.8 مليون مواطن ليبي والذهاب إلى انتخابات وطنية تنهي المراحل الانتقالية التي عصفت بالبلد منذ انهيار نظام الرئيس السابق معمر القذافي عام 2012.
ودعا المصباحي عند تشكيل الحكومة الجديدة إلى الابتعاد من حكومات المحاصصة والجهويات والحسابات القبلية والمصالح الشخصية النفعية التي كانت السمة الأبرز للحكومات السابقة، مطالباً بضرورة اختيار رئيس للحكومة الجديدة قبل التفكير في الحكومة ومنحه الصلاحيات كافة لاختيار وتوزيع حقائبه الوزارية بعيداً من النعرات الجهوية، لأنه في حال بنيت الحكومة الجديدة على المناطقية (الأقاليم الثلاثة فزان وطرابلس وبرقة) فإنها ستفشل مثل سابقاتها.
ويرى أن المرحلة الحالية تتطلب البحث عن رئيس حكومة يتمتع بمواصفات التكنوقراط مهمته الأساسية الذهاب سريعاً نحو الانتخابات ويكون بعيداً كل البعد من أطراف الصراع حتى نضمن عدم تمسكه في مرحلة موالية بالسلطة مثلما فعلت جميع الحكومات الأخرى، وتتطلب تشكيل حكومة تكنوقراط أي حكومة كفاءات من دون التركيز على الانتماءات السياسية باعتبار أن الحكومة الجديدة ستكون مدة بقائها قصيرة ومرتبطة بإنجاز الاستحقاق الانتخابي ثم تنتهي مهمتها.
التحكم بالسلطة التنفيذية
وفي تعليقه على طلب رئيس البرلمان عقيلة صالح تشكيل حكومة جديدة، قال المحلل السياسي حازم الرايس إن صالح يحاول تشكيل حكومة جديدة تتماشى مع سياساته ليتحكم بها وحده ويوظفها للسيطرة على صلاحيات السلطة التنفيذية، وليس بهدف إنجاز استحقاق الانتخابات.
وأضاف أن الحديث عن أن الحكومة الجديدة ستكون حكومة مصغرة هو كلام غير واقعي لأنها لن تكون مختلفة عن سابقاتها من الحكومات المتعاقبة، مشيراً إلى أن رئيس مجلس النواب يعلم جيداً أن القوانين الانتخابية الحالية لا يمكن أن تصل بالعملية الديمقراطية إلى مراحلها الأخيرة وستفشل لأنها محل خلاف مع رئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة وعدد آخر من أعضاء مجلس الدولة وتشوبها صفقات سياسية عدة.
وبخصوص مواصفات رئيس الحكومة الجديدة، قال الرايس إن صالح يعمل على الدفع بشخصية مقربة من معسكره السياسي لكي يسهل عليه تشكيل الحكومة في ما بعد كيفما يرغب.
وأكد المحلل السياسي أنه حتى تنجح العملية الانتخابية لا بد من التوافق حول عدد من القضايا، وأهمها الحكومة التي ستشرف على الانتخابات والتي يجب أن تكون موحدة بالتوافق بين مختلف الأطراف الرئيسة حتى تتمكن من العمل والتحرك في المدن الليبية كافة وتهيئ البيئة المناسبة لإجراء الانتخابات.
وحذر الرايس من دخول البلد في صراع مسلح باعتبار أنه من دون التوافق بين الأطراف كافة على تشكيل حكومة موحدة، ستدخل البلاد في حال نزاع مسلح الذي حذر منه المبعوث الأممي في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن، لذا لا يمكن لمجلس النواب أو لبقية الأطراف السياسية الذهاب في مسار وحيد تنتج منه حكومة جديدة، ولا يمكن أيضاً للدبيبة رفض أي مخرجات برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تنتج منها حكومة موحدة توافقية تقود المرحلة المقبلة نحو الانتخابات شريطة أن تكون القوانين الانتخابية كذلك توافقية وليست محل خلاف.