ملخص
تسعى وزارة الداخلية إلى تقديم دورات تدريب لأعوانها من أجل احترام مبادئ حقوق الإنسان في كل المجالات
كشف تقرير أعدته الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان ومحامون بلا حدود حول "واقع التوقيفات في تونس وحقوق الموقوفين"، أن ظروف الاحتفاظ في تونس غير إنسانية في أغلب الحالات بسبب نقص التجهيزات وتدهور الظروف وعدم تطبيق القانون.
إلا أن وزارة الداخلية التونسية نفت هذا التوصيف واعتبرت أنه يندرج في إطار "المغالطات الهادفة إلى تشويه الواقع".
وفي هذا الشأن قال المتحدث باسم وزارة الداخلية فاكر بوزغاية في تصريح خاص، إن "ما أعلنته المنظمات مغالطات لا تمت للواقع بصلة"، وإن "ظروف الاحتفاظ في السجون والمراكز تتطابق والمواصفات العالمية، وهي في بعض النقاط أفضل من بلدان أخرى متقدمة". وأضاف بوزغاية أن "الوزارة تسعى جاهدة إلى تقديم دورات تدريب لأعوانها من أجل احترام مبادئ حقوق الإنسان في كل المجالات داخل الوزارة".
ودعا المنظمات التي اعتبر أنها "تروج لصورة مغالطة للواقع" أن تزور مراكز الإيقاف للاطلاع على جهود الوزارة في توفير الظروف الإنسانية الملائمة للموقوفين.
وقالت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان إنها قامت بـ180 زيارة لـ19 مركز احتفاظ في مختلف جهات البلاد، موزعة على ثماني محافظات منها 33 زيارة فردية. وعلى ضوء الزيارات قدمت تقريراً مفصلاً على حال المراكز.
"وضع كارثي"
وأفاد رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، بأن "الرابطة بنت تقريرها على الزيارات المتكررة لمراكز إيقاف عدة في تونس، وخلصت إلى أن "الوضع كارثي في بعض منها وتفتقر لأبسط الحاجيات الضرورية، إضافة إلى المعاملة غير القانونية للموقوفين". وأوضح الطريفي أن "الزيارات جاءت في إطار اتفاق مشترك بينهم وبين وزارة الداخلية من أجل تحسين ظروف الاحتفاظ".
وأرجع رئيس الرابطة هذه الظروف إلى قلة الإمكانات المادية. ولم ينكر الطريفي جهود وزارة الداخلية في تركيز بعض المراكز النموذجية، لكن بحسب قوله "يجب تعميم مثل هذه التجارب في كل المراكز حفاظاً على حقوق الموقوفين وكرامتهم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى أن "هناك انتهاكات كبيرة في مراكز الاحتفاظ التي لا يستجيب عديد منها للمعايير الدولية، من حيث المعاملة أو المساحة والتهوئة أو الوصول إلى الخدمات الصحية".
ودعا الطريفي السلطات إلى ضرورة مراجعة القانون عدد 5 لسنة 2016 لتلافي النقائص، وتفعيل بنوده المتعلقة بإعلام المحامي والعائلة بمكان الاحتفاظ وعرض الموقوف على الفحص الطبي.
عدم احترام المعايير
وأفرزت نتائج التقرير الذي شاركت في تحضيره منظمات حقوقية عدة في تونس، أن 71.43 في المئة من الحالات تم فيها رفض طلب المتهم في الاستعانة بمحام، وأن 67.86 في المئة من الإخلالات شملت إجبار المتهم على الإمضاء على محضر الاحتفاظ من دون الاطلاع عليه، إلى جانب 46.43 في المئة من الملفات المدروسة تم منع المتهم من الاطلاع على محضر الاحتفاظ، وهي نفس نسبة حالات منع المحامي من مقابلة موكله على انفراد أثناء الاحتفاظ.
ولاحظ فريق الزيارة بحسب التقرير نفسه، أن حوالى 60 في المئة من الغرف التي تم تفقدها، لا تتوفر بها تهوئة.
أما بخصوص حال غرف الاحتفاظ ومدى احترامها للمعايير، لحظت فرق الزيارات أن أكثر من 30 في المئة من أماكن الاحتفاظ، إما قديمة أو تفقد لوجود إنارة طبيعية، أما في ما يتعلق بالمياه الصالحة للشرب، فهي غير متوفرة في أكثر من 21 في المئة منها.
كما كشفت النتائج في ما يتعلق بالحق في التغذية، أن مراكز البحث والمحاكم لا تمتلك موازنة خاصة للأكل في مراكز الاحتفاظ.
44 ألف عملية احتفاظ في العام
من جهته أكد عضو الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب لطفي عز الدين أن "إحصاءات أعوام 2016 و2017 و2018، تفيد بتسجيل 44 ألف عملية احتفاظ في السنة"، ما اعتبره "عدداً كبيراً جداً"، وقال "هذا ما يدفعنا إلى الإقرار باستسهال عمليات الإيقاف".
وسعى المشرع التونسي إلى حصر الحالات التي يجوز فيها سلب حرية أي متهم، نظراً إلى خطورة ذلك على العدالة، وتأثيره في الفرد، فالأصل أن المتهم بريء ما لم تثبت إدانته، وكرس المشرع حالتين فقط يجوز فيهما اعتقال المواطن من دون حكم، وهما الاحتفاظ، والإيقاف التحفظي.
وتنظم مجلة الإجراءات الجزائية في تونس، "الاحتفاظ الذي يكون من اختصاص بعض مأموري الضابطة العدلية، ويقضى بالأماكن التابعة لمراكز البحث، ومدته محددة بثلاثة أيام قابلة للتجديد مرة واحدة لنفس المدة بشرط التعليل. أما الإيقاف التحفظي فإنه من اختصاص السلطة القضائية، ويقضى بالسجن بمقتضى بطاقة إيداع، ومدته القصوى قد تصل إلى تسعة أشهر في الجنحة، و14 شهراً في الجناية".
وشدد وزير الداخلية كمال الفقـي خلال أشرافه يوم التاسع من ديسمبر (كانون الأول) 2023 على أعمال الندوة الختامية حول "مجهودات وزارة الداخلية في مجال تكريس مبادئ حقوق الإنسان"، على أن وزارة الداخلية أصدرت بتاريخ الـ13 من مارس (آذار) 2023 مُدونة سلوك قوات الأمن الداخلي، التي تتضمن في جانب منها مبادئ وقيم العمل الأمني كترسيخ سيادة القانون، وعلوية حق الحياة واحترام الحقوق والحريات العامة والفردية واحترام كرامة الذات البشرية، والرصانة وضبط النفس والحياد وعدم التمييز، وغيرها من الجوانب الكفيلة بحماية الحقوق بما في ذلك التناسب والتدرج باستعمال الوسائل الأقل إضراراً في صورة اللجوء لاستعمال القوة.
ويشار إلى أن عديد الاتهامات وجهت لأمنيين بخصوص استعمال العنف المفرط على موقوفين مما أدى إلى وفاتهم.