ملخص
الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة تعرقل العدالة في الضفة الغربية... إليكم التفاصيل
لم يجد رجل الأعمال الفلسطيني نظمي الجمل أي وسيلة لاسترداد قيمة الشيكات المرتجعة عن مبيعاته التي تقدر بمئات آلاف الدولارات، في ظل عمل المحاكم الفلسطينية بالحد الأدنى منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل أكثر من 70 يوماً.
وبلغت قيمة الشيكات المرتجعة في فلسطين عن الـ10 أشهر الأولى من العام الحالي نحو 1.5 مليار دولار أميركي بنسبة 11 في المئة عن أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بحسب سلطة النقد الفلسطينية، واشتكى الجمل من عدم وجود آلية قانونية لملاحقة أصحاب تلك الشيكات، حيث تشهد المحاكم تعطلاً شبه جزئي منذ الأسبوع الأول للحرب.
محاكم خالية
وجاء ذلك نتيجة صعوبة التنقل بين مدن وقرى الضفة الغربية لقضاة تلك المحاكم وموظفيها الإداريين والمحامين وأصحاب القضايا بسبب فرض الجيش الإسرائيلي قيوداً مشددة على تحركات الفلسطينيين.
وتبدو المحاكم الفلسطينية في الضفة الغربية شبه خالية من القضاة والمحامين وأصحاب القضايا، سوى القضايا المستعجلة، وطلبات الإفراج بكفالة وتمديد التوقيف.
وبشكل أسبوعي تمدد نقابة المحامين الفلسطينيين تعليق العمل أمام كافة المحاكم الفلسطينية النظامية والعسكرية والإدارية والنيابات التابعة لها معظم أيام الأسبوع، على أن "يستثنى من ذلك الأمور والطلبات المستعجلة وطلبات الإفراج بالكفالة وتمديد التوقيف والعمل أمام دائرة كاتب العدل ودائرة التنفيذ".
قانون عباس
ودفع ذلك الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى إصدار قرار بقانون "وقف سريان المدد والآجال القانونية، بما يشمل إجراءات التقاضي أمام القضاء النظامي والإداري والشرعي ودوائر التنفيذ ومحاكم التسوية وهيئات التحكيم"، ويتضمن "وقف جميع المدد والمواعيد والآجال القانونية اللازمة لاتخاذ أي إجراء لدى أي من الدوائر الحكومية أو المؤسسات والهيئات الرسمية".
وأوقف القانون الذي أصدره الرئيس عباس في الأسبوع الأول للحرب "إجراءات التحقيق أو مباشرة الدعوى الجزائية من قبل النيابة العامة أو العسكرية"، إضافة إلى الإجراءات التأديبية والإدارية، ومدد الرئيس الفلسطيني تنفيذ القانون إلى السابع من يناير (كانون الثاني) من العام المقبل للشهر الثالث على التوالي.
وجاءت إجراءات القانون بسبب "القوة القاهرة الناتجة من الأوضاع الراهنة والحرب التي تشنها السلطة القائمة بالاحتلال على الشعب الفلسطيني"، مشيراً إلى أن ذلك يشكل "سبباً قانونياً لوقف إجراءات التقاضي"، وأدى ذلك إلى تكدس القضايا أمام المحاكم الفلسطينية بجميع درجاتها، في ظل خشية من تأثير ذلك على السلم الأهلي والمصالح الاقتصادية في فلسطين.
عرقلة أمنية
وأبلغت مصادر "اندبندنت عربية" أن الاقتحامات اليومية للجيش الإسرائيلي في المدن والقرى والبلدات الفلسطينية تعرقل عمل الأمن الفلسطيني، وتمنعه من التنقل بين المراكز بسبب عدم وجود تنسيق فلسطيني- إسرائيلي، مشيرة إلى وجود آلاف الأحكام القضائية التي لا تستطيع الشرطة الفلسطينية تنفيذها، بينها أوامر توقيف بسبب الوضع الميداني الصعب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال نقيب المحامين الفلسطينيين فادي عباس، إن "الظروف الحالية مشابهة للمعيقات التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي جغرافياً خلال الانتفاضة الثانية وظروف العمل خلال جائحة كورونا قبل ثلاث سنوات"، مشيراً إلى أن "التعطل في عمل الجهاز القضائي يعود إلى صعوبة تنقل المحامين والقضاة والكادر الإداري للمحاكم والمواطنين أصحاب القضايا بين المدن والقرى الفلسطينية نتيجة هذه السياسات في عزل المناطق وخطر التنقل والواقع القائم، مما راكم أيضاً صعوبة واضحة في التبليغات وتنفيذ الأوامر القضائية".
وأوضح عباس أن صعوبة التنقل تعود "إلى عزل المدن والبلدات الفلسطينية عن بعضها، وهو مما أدى إلى صعوبة انتظام عجلة الجهاز القضائي بسبب عدم القدرة على العمل بشكل طبيعي، متابعاً "ذلك دفعنا إلى العمل بالحد الأدنى خصوصاً في الحالات الاستثنائية في الضفة الغربية مع تعطل الحياة بشكل كلي في قطاع غزة نتيجة العدوان الذي يتعرض له القطاع".
وكشف نقيب المحامين الفلسطينيين عن أن مجلس النقابة يبحث إمكانية "بلورة خطة طوارئ لإيجاد حلول للتغلب على المعيقات الحالية التي تفرضها سلطات الاحتلال من أجل بحث إمكانية عودة العمل ضمن المتاح في المحاكم الفلسطينية في الفترة المقبلة".
تأثيرات التوقف
واشتكى محامون فلسطينيون من توقف عملهم بشكل شبه تام، وهو مما سبب لهم معاناة اقتصادية، مع دخول الحرب الإسرائيلي شهرها الثالث على التوالي، حيث اعتبر المحامي أحمد الأشقر أن التوقف الكامل في عمل المحاكم الفلسطينية في قطاع غزة، وشبه الكامل في الضفة الغربية يؤدي إلى "تأثيرات على القطاع الاقتصادي والوضع الأمني ومصالح المواطنين الفلسطينيين وحقوقهم، بل وعلى نظام العدالة بالكامل".
وحذر الأشقر من تداعيات سلبية لذلك "تهدد السلم الأهلي في فلسطين، وتقلل من ثقة الناس في التعاملات المالية، مما يتسبب في تراجعها، وإلى التأثير في الوضع الاقتصادي"، مضيفاً أن توقف الجهاز القضائي عن العمل يؤدي إلى "إضعاف ثقة الناس في السلطة الفلسطينية وفي قدرتها على ضبط مقاليد الأمور في مناطق نفوذها".
لكن الأشقر شدد على أن الأسباب القاهرة التي أدت إلى ذلك تقف وراءها "سلطات الاحتلال الإسرائيلي وهجمات المستوطنين، وكذلك الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتأثيراتها على الضفة الغربية"، لافتاً إلى أن تعليق نقابة المحامين الفلسطينيين العمل أمام المحاكم يأتي بسبب "صعوبة الوصول إلى تلك المحاكم، وخطوة احتجاجية على المذابح الجماعية في قطاع غزة، إضافة إلى استشهاد أكثر من 47 محامياً في القطاع، وتدمير مقر النقابة وقصر العدل في مدينة غزة".