Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"مبادرة باتيلي" عقدة جديدة في المشهد السياسي الليبي

الخلافات حول المشاركين تطيح بانعقاد الحوار الخماسي على رغم أنه يشمل حكومتين وبرلماناً وجيشاً والممثل الأممي

المشهد السياسي الليبي ما زال معقداً على رغم محاولات التوافق المتعددة (أ ف ب)

ملخص

مبادرة المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي تخلط أوراق المشهد السياسي بين القبول والرفض... إليكم التفاصيل

زادت المبادرة السياسية التي اقترحها المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي من خلط أوراق المشهد الليبي وباتت مشكلة في حد ذاتها، على رغم أنها قدمت لتكون حلاً للأزمة السياسية ومخرجاً للعملية الانتخابية المعلقة منذ عامين بسبب خلافات الفرقاء السياسيين في شرق البلاد وغربها.

طاولة الحوار الخماسية التي حاولت مبادرة باتيلي ترتيبها لجمع الخصوم السياسيين بحثاً عن منفذ يسمح بالذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية بات مرجحاً ألا تنعقد، بسبب رفض بعض الأطراف المدعوة إليها مشاركة أطراف أخرى فيها، بل واعتراض بعضهم على البنود التي ستناقشها.

رفض مشاركة الدبيبة

المشكلة الأولى التي تعترض تنفيذ مقترح باتيلي هي رفض المعسكر السياسي في الشرق الليبي الجلوس في أي حوار يضم حكومة الوحدة في طرابلس برئاسة عبدالحميد الدبيبة، وصدر هذا الرفض عن كل الأجسام السياسية والعسكرية في شرق البلاد وهي البرلمان والجيش وحكومة أسامة حماد.

هذا الموقف الذي جهر به البرلمان منذ يوم الأول لإعلان مبادرة البعثة الأممية اتخذ طابعاً رسمياً بعد التصويت عليه في جلسة الأسبوع الماضي في بنغازي، ليعلن بشكل نهائي رفضه المشاركة في أي حوار تكون حكومة الوحدة الوطنية، التي وصفها بـ"المنتهية الولاية"، طرفاً فيه. 

القرار البرلماني بخصوص المشاركة في الحوار الذي ترعاه البعثة الدولية في ليبيا تم التصويت عليه بعد طلب قدمه 39 نائباً برفض مشاركة المجلس في أي حوار سياسي يضم حكومة عبدالحميد الدبيبة، وضرورة طرح مشاركة مجلس النواب من عدمها في أي حوار تحت قبة البرلمان.

وطالب مجلس النواب كذلك المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي، بدعوة حكومة أسامة حماد المكلفة من جانبه إلى الحوار، الذي من المفترض أن يضم أيضاً المجلس الرئاسي ومجلس الدولة وقيادة الجيش في بنغازي بدلاً من حكومة عبدالحميد الدبيبة التي عزلها قبل أكثر من عام، لكنها ترفض تسليم سلطاتها للحكومة الجديدة.

اختبار جديد للبرلمان

هذا الموقف البرلماني من المشاركة في حوار البعثة الأممية بحضور حكومة الوحدة رأى فيه كثيرون اختباراً جديداً لمجلس النواب الذي اعتاد التراجع عن مواقف مشابهة تحت الضغط الدولي، بينما يرى بعضهم أن هذه الكرة مختلفة بسبب حجم الخلافات مع حكومة طرابلس وانقطاع حبال الود بينهما نهائياً.

رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالمؤتمر الوطني سابقاً عبدالمنعم اليسير، يعتقد أن "مجلس النواب لن يتنازل عن مشاركة حكومة أسامة حماد في اللقاء الخماسي الذي دعا إليه المبعوث الأممي عبدالله باتيلي، لكن ربما يتنازل عن رفض مشاركة حكومة عبدالحميد الدبيبة".

اليسير رأى أنه "من السهل فهم موقف عقيلة صالح وقائد الجيش خليفة حفتر الداعي إلى إبعاد الدبيبة والدفع بحماد إلى طاولة حوار باتيلي، إلا أن المفاجئ كان موقف رئيس المجلس الرئاسي المؤازر لهما محمد المنفي، الذي يحسب على قائمة الدبيبة وتتقاطع مصالحه مع الأخير".

وعبر المنفي عن توافقه مع موقف البرلمان والجيش الذي يعتبر حكومة الدبيبة منتهية الصلاحية بعد سحب الثقة منها، وبالتالي لا يجب دعوتها إلى طاولة الحوار الجديدة التي ستناقش تشكيل حكومة جديدة للبلاد والاتفاق على خريطة طريق للانتخابات العامة.

قبول على مضض

أما عضو البرلمان إبراهيم الدرسي فتوقع أن يقبل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح "على مضض" المشاركة في الحوار الذي دعا إليه المبعوث الأممي في ليبيا، بسبب مخاوف من تجاوز المجتمع الدولي لمجلس النواب إذا لم يقبل الدعوة لهذا الحوار.

لكنه يرى أن "مبادرة المبعوث الأممي عبدالله باتيلي، ليست حلاً حقيقياً ولن تقود إلى مخرج من الأزمة الحالية وما هي إلا تحريك للمياه الراكدة للتغطية على فشله حتى الآن في إحراز أي تقدم بالعملية السياسية الليبية منذ تكليفه برئاسة البعثة الدولية".

كما قيم الدرسي الموقف الحالي للمبعوث الدولي معتبراً أنه "موقف حرج"، قائلاً إن "باتيلي حالياً يقف مكتوف الأيدي، لأن هناك خلافاً بين أعضاء مجلس النواب في شأن مبادرته الأخيرة، كما أن القوى الخارجية الفاعلة والقوية على الأرض، التي تقف في صف الدبيبة وحكومته، لن تقبل بتطبيق مخرجات لجنة (6+6) على أرض الواقع".

عقبة ثانية

المعضلة الأخرى التي يواجهها عبدالله باتيلي ومبادرته لتحريك العملية السياسية المعقدة في ليبيا، تتمثل في رفض رئيس الحكومة الموحدة في طرابلس ومجلس الدولة إجراء أي تغيير حكومي قبل العملية الانتخابية، التي كشف عنها المبعوث الأممي نفسه في إحاطة جديدة أمام مجلس الأمن الأسبوع الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

باتيلي قال في إحاطته أمام مجلس الأمن إن "ليبيا لديها إطار دستوري وقانوني للانتخابات قابل للتنفيذ، وأن المفوضية العليا للانتخابات مستعدة من الناحية الفنية للعملية الانتخابية".

وتحدث باتيلي عن الحوار المقرر برعاية أممية خلال الفترة المقبلة، مبيناً "أن بعض الأطراف وضعت شروطاً للمشاركة في اللقاء، إذ رفض رئيس الحكومة الموحدة عبدالحميد الدبيبة أن يناقش الحوار المرتقب حول تشكيل حكومة جديدة".

 ولفت باتيلي إلى أنه "لا يمكن التهوين من أهمية الجبهة الدولية والإقليمية الموحدة لدعم الانتخابات"، مشيراً إلى أن "تشكيل حكومة موحدة لقيادة البلاد للانتخابات لن يتحقق إلا إذا تصرف كبار القادة بمسؤولية".

فشل قبل البداية

هذه الخلافات الكبيرة التي دبت بين الأطراف المدعوة للحوار السياسي الذي ترعاه البعثة الدولية في ليبيا قبل أن يبدأ جعلت كثيراً من الشخصيات السياسية البارزة في البلاد تتوقع فشله وربما حتى عدم انعقاده.

المرشح الرئاسي أسعد زهيو اعتبر أن "حجم الخلافات بين أطراف اللقاء الخماسي، مؤشر على فشل مبادرة المبعوث الأممي عبدالله باتيلي قبل أن تبدأ".

وتابع زهيو "من المرجح إجراء الانتخابات مطلع 2026 حال توافر إرادة سياسية لعقدها، وإجراء الانتخابات مرهون بتشكيل حكومة جديدة، وطمأنة كل الأطراف بأنها ستكون بعيدة من التزوير وفي إطار تكافؤ الفرص".

بينما رجح النائب الثاني لرئيس مجلس الدولة عمر العبيدي أيضاً أن حوار المبعوث الأممي عبدالله باتيلي يتجه إلى الفشل، وتحدث عن "وجود اصطفافات حادة بين الأطراف الخمسة سواء في الشرق أو في الغرب"، لافتاً إلى أن هذا "مؤشر أن الحوار ذاهب إلى الفشل قبل أن يبدأ".

وأضاف العبيدي "المبادرة جمعت أطراف الأزمة الخمسة على طاولة واحدة، لكنها أدخلت أجساماً يفترض ألا تكون في الحوار، لأن هناك تناقضات كبيرة في التوجهات بين هذه الأجسام".

مبارزة سياسية

أما عضو مجلس النواب ربيعة بوراس فقالت إن "عدم تحديد المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي جدول أعمال لاجتماعه المرتقب سيدفع كل طرف من الأطراف المجتمعة بطاولة التفاوض للتمسك بمواقعها ومواقفها ومحاولة فرضها".

وأشارت بوراس إلى أن "كل طرف من فرقاء الأزمة ممن تمت دعوتهم سيحاول إظهار وتأكيد مدى ثقل وزنه وقوته بمواجهة الآخرين خلال هذا الاجتماع، مما سيحوله إلى ما يشبه المبارزة السياسية".

وخلصت إلى أن "هناك رفضاً تاماً من بعض تلك الأطراف للقوانين الانتخابية التي أعدتها لجنة لجنة (6+6) وأقرها البرلمان، ومن الممكن أن يطالب هؤلاء بمراجعة شاملة لتلك القوانين لا مجرد إحداث تعديل لبعض بنودها".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي