ملخص
الاغتيال علامة أخرى على أن الحرب الدائرة منذ ما يقارب ثلاثة أشهر بين إسرائيل و"حماس" في غزة تمتد في أنحاء الشرق الأوسط
كثفت القوات الإسرائيلية قصفها لقطاع غزة، اليوم الأربعاء، وأمرت المدنيين بمغادرة مخيم في شمال القطاع بعد أن امتدت الحرب إلى لبنان بمقتل نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري.
ولم تؤكد إسرائيل أو تنفِ تنفيذ الاغتيال بطائرة مسيرة في بيروت أمس الثلاثاء، لكن الأميرال دانيال هاغاري المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قال إن القوات الإسرائيلية في حال جاهزية مرتفعة ومستعدة لأية احتمالات.
في أنحاء الشرق
والاغتيال علامة أخرى على أن الحرب الدائرة منذ ما يقارب ثلاثة أشهر بين إسرائيل و"حماس" في قطاع غزة تمتد في أنحاء الشرق الأوسط باشتباكات في الضفة الغربية وتبادل لإطلاق النار على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية مع "حزب الله"، إضافة إلى تأثير الصراع في مسارات الشحن في البحر الأحمر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والعاروري (57 سنة)، الذي كان يعيش في بيروت، هو أول قيادي سياسي كبير لحركة "حماس" يتم اغتياله منذ شنت إسرائيل هجوماً شرساً جواً وبرا وبحراً على الحركة قبل ما يقارب ثلاثة أشهر على أثر هجومها المباغت ضد بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
وقال عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" حسام بدران في رثاء العاروري، "نقول لإسرائيل المجرمة إن المعركة بيننا وبينهم مفتوحة".
ودأبت إسرائيل على اتهام العاروري بتدبير هجمات على إسرائيليين، لكن مسؤولاً من "حماس" قال إنه كان أيضاً في "قلب المفاوضات" التي تجريها مصر وقطر في شأن تبعات الحرب في قطاع غزة والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى الحركة.
قلق الـ"يونيفيل"
ومن المقرر أن يلقي الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله خطاباً في بيروت اليوم الأربعاء. وكان قد حذر من قبل إسرائيل من مغبة تنفيذ أية اغتيالات داخل لبنان، وتوعد بالرد عليها بقوة.
وقال "حزب الله" في بيان أمس الثلاثاء إنه استهدف مجموعة من الجنود الإسرائيليين بصواريخ قرب منطقة مرج بعد اغتيال العاروري.
وتتبادل جماعة "حزب الله" اللبنانية المسلحة والمتحالفة مع "حماس" إطلاق النار بصورة شبه يومية مع إسرائيل عبر حدود لبنان الجنوبية منذ اندلاع حرب غزة في أوائل أكتوبر الماضي. وفي المنطقة الحدودية في جنوب لبنان وشمال إسرائيل قتل أكثر من 100 من مقاتلي "حزب الله" وأكثر من 20 مدنياً في لبنان، كما قتل تسعة جنود إسرائيليين في الأقل.
وبعد اغتيال العاروري، قالت المتحدثة باسم قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) كانديس أرديل، اليوم الأربعاء، إن القوة تشعر بقلق عميق إزاء أي احتمال للتصعيد قد تكون له عواقب مدمرة على الناس على جانبي الخط الأزرق. وأضافت، "نواصل مناشدة جميع الأطراف لوقف إطلاق النار، ومناشدة أية أطراف تتمتع بالنفوذ على أن تحث على ضبط النفس".
تحت القصف
وأكد الجيش الإسرائيلي في إفادة يومية أن "معارك طاحنة" مع مسلحين تتواصل في قطاع غزة اليوم الأربعاء، في مدينة خان يونس جنوب القطاع. وقال من قبل إنه يحاول طرد قيادات "حماس" من المنطقة.
وأفاد سكان ووسائل إعلام فلسطينية بأن القوات الإسرائيلية قصفت مخيم "النصيرات" للاجئين في شمال القطاع خلال الليل، حتى اليوم الأربعاء، ودمرت بنايات عدة متعددة الطوابق.
وأسقطت طائرات إسرائيلية منشورات على المخيم تأمر الناس بإخلاء سبعة أحياء. وكتب الجيش الإسرائيلي في المنشور، "المنطقة التي توجدون بها تعد منطقة قتال خطرة. جيش الدفاع الإسرائيلي يعمل بشدة في منطقة سكنكم. ومن أجل سلامتكم يناشدكم الإخلاء الفوري من هذه المنطقة والتوجه إلى المآوى المعروفة في دير البلح".
كما كثفت الطائرات الإسرائيلية والدبابات هجماتها على مخيم "البريج" للاجئين. وأعلنت "كتائب القسام"، الجناح العسكري لـ"حماس"، قتل 10 جنود إسرائيليين في المخيم واستهداف خمس دبابات وناقلات جنود.
وقال الجيش الإسرائيلي إن عدد الجنود الذين قتلوا منذ بدء العملية البرية في القطاع يوم 20 أكتوبر، وصل إلى 177.
وفي مخيم "المغازي" للاجئين، قال مسؤولون في قطاع الصحة إن أربعة في الأقل قتلوا في ضربة جوية إسرائيلية استهدفت منزلاً، وإن ثلاثة قتلوا أيضاً في ضربة جوية على منزل في رفح جنوب القطاع.
وتقول إسرائيل إنها تحاول تجنب إيذاء المدنيين، لكن وزارة الصحة في غزة أوضحت في بيان اليوم الأربعاء، أن 22313 فلسطينياً قتلوا وأصيب 57296 في الغارات الإسرائيلية على القطاع منذ السابع من أكتوبر، مضيفة أن نحو 128 فلسطينياً لقوا حتفهم وأصيب 261 آخرون خلال الساعات الـ24 ساعة الماضية.
جذوة المقاومة
وخرج مئات الفلسطينيين إلى شوارع رام الله ومدن أخرى بالضفة الغربية للتنديد باغتيال العاروري مرددين هتافات مطالبة بالثأر.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، "دماء العاروري ستشعل بلا شك جذوة المقاومة، ليس في فلسطين فحسب، وإنما في المنطقة أيضاً وبين جميع الباحثين عن الحرية في العالم". كما ندد كنعاني بانتهاك "النظام الإسرائيلي العدواني" سيادة لبنان وسلامة أراضيه.
وقبل وقت قصير من مقتل العاروري، قال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، الذي يعيش أيضاً خارج قطاع غزة، إن الحركة سلمت ردها على اقتراح وقف إطلاق النار المصري - القطري.
وأكد مجدداً أن شروط "حماس" تتضمن وقفاً كاملاً للهجوم الإسرائيلي مقابل إطلاق سراح مزيد من المحتجزين. وقال، "بعد دراسة الأفكار بإيجابية قدمت الحركة لقطر ومصر موقفها ورؤيتها التي ترتكز على الوقف الشامل للعدوان على شعبنا وإغاثته والاستجابة لمطالبة المحقة والعادلة".
وأضاف هنية، "لن يطلق سراح أسرى العدو إلا بشروط المقاومة. قلنا ونكرر، لن تمر مؤامرة التهجير".
وتعتقد إسرائيل أن 129 لا يزالون محتجزين في قطاع غزة بعد إطلاق سراح بعضهم خلال هدنة قصيرة في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ومقتل آخرين في ضربات جوية ومحاولات إنقاذ أو هرب.
وتعهدت إسرائيل بمواصلة القتال لحين القضاء على "حماس"، لكن لم يتضح بعد ما الذي تخطط لفعله بالقطاع إذا نجحت في السيطرة عليه، وما مدى تأثير ذلك على آفاق قيام دولة فلسطينية مستقلة.