يتزايد بشكل مثير للقلق عاماً بعد عام حرمان الأطفال والمراهقين من التعليم في إيران في ظل حكومة تحدد أولوياتها بهدف ترسيخ أسس الحكم الدينية.
وأظهر التقرير الأخير، الذي نشره مركز الإحصاء الإيراني، أنه خلال العام الدراسي الماضي، هناك ما لا يقل عن مليون طالب في المستوى الابتدائي إما لم يدخلوا المدرسة على الإطلاق أو دخلوا لكنهم تركوا الدراسة.
وبحسب التقرير، فقد تسرب في العام الماضي أكثر من 175 ألف طالب في المرحلة المتوسطة، و198 ألف طالب في المرحلة الأولى من الثانوية، و557 ألف طالب في المرحلة الثانوية الثانية، وهذا يعني أن مجموع الطلاب الذين تركوا المدرسة نحو 930 ألف طالب.
وتشمل هذه الإحصائية الأطفال الذين لديهم شهادة ميلاد وسجلت أسماؤهم في الإحصاءات الرسمية، في حين أن هناك الآلاف من الأطفال الذين ليس لديهم شهادات ميلاد ويعيشون في المناطق المحرومة والريفية ولا تتيح لهم فرصة الدراسة والتعليم ولا يتم تسجيلهم في الإحصاءات الرسمية.
كما كشف تقرير مركز الإحصاء عن أن عدد المنقطعين عن الدراسة في العام الدراسي الماضي يزيد على 19 ألفاً عن العام السابق، بمعنى آخر تسرب ما لا يقل عن مليوني طالب إيراني من التعليم خلال العامين الماضيين.
وفي تقرير سابق لمركز أبحاث البرلمان أعلن أن عدد الأطفال المنقطعين عن التعليم أو المتسربين من المدارس ارتفع بنسبة 17 في المئة خلال السنوات الست الماضية. وفي هذا التقرير، الذي نشر في فبراير (شباط) 2023، تم الاعتراف بفشل "السياسات التعليمية" التي اعتمدت بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.
ولا تقدم المؤسسات الرسمية في النظام الإيراني إحصاءات دقيقة عن الأطفال المنقطعين عن التعليم، كما أن الإحصاءات التي نشرتها وزارة التربية والتعليم لا تتفق مع البيانات الإحصائية التي نشرها مركز الإحصاء الإيراني، ومن ثم فإن هذا التباين الذي نشاهده في البيانات الإحصائية يؤكد أن الحكومة الإيرانية تعمل وبذكاء على إخفاء عدد المنقطين عن التعليم.
وينطبق هذا الوضع على معدلات الأمية المطلقة، وعادة ما يقدم المسؤولون الحكوميون إحصاءات مختلفة وبعيدة عن الواقع.
وفي أحدث تصريح لرئيس منظمة محو الأمية في إيران علي رضا عبدي، قال إن 7 ملايين و400 ألف شخص من السكان فوق سن السادسة أميون، و2.5 مليون شخص من السكان حديثو التعليم، وحديثو التعليم هم الأشخاص الذين تركوا التعليم في السنوات الأولى من المستوى الابتدائي.
كما أن منظمة اليونيسكو أعلنت في عام 1985 أن إيران واحدة من الدول التي يتجاوز عدد الأميين فيها 9 ملايين شخص.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقد ظلت هذه الإحصاءات مستقرة لأكثر من ثلاثة عقود، على رغم أن عدداً كبيراً من الأميين الذين كانوا من كبار السن قد توفوا، ما يكشف عن أنه خلافاً لوعود وادعاءات السلطات الإيرانية فإن معدل الحرمان من التعليم في إيران مرتفع، وإذا ما أضفنا عدد الأميين المطلق إلى عدد السكان ذوي التعليم الضعيف بالضرورة سنصل إلى أرقام أعلى عما تعلنها الجهات المعنية.
ويرى خبراء التربية والتعليم ونشطاء حقوق الطفل أن هناك عوامل مختلفة تؤدي إلى تسرب الأطفال من المدارس، إلا أن جل هؤلاء يوجهون أصابع الاتهام نحو الأجهزة التعليمية، وبالتحديد وزارة التربية والتعليم.
وفي أحدث تصريح للباحث والأستاذ الجامعي علي رضا رحيمي، في تعقيب له على البنية الضعيفة وغير الفعالة لوزارة التربية والتعليم، قال إن الإحصاءات الرسمية لعدد الطلاب المحرومين من المدارس مشكوك فيها، مضيفاً أن الدراسات الميدانية التي أجراها نشطاء الأطفال تشير إلى أن عدد الطلاب الذين حرموا من المدارس نحو 3 ملايين طالب وطالبة في عموم البلاد.
ويعتبر التعليم مدفوع الأجر وانعدام العدالة التعليمية ونقص المدارس في المناطق المحرومة والقرى الحدودية واليأس وانتشار الإدمان في المدارس بين الطلاب والتعليم الأيديولوجي ونقص المعلمين والمدارس المتهالكة وغير الآمنة والمحتوى التعليمي العقائدي السياسي والفقر من العوامل التي تؤدي بالضرورة إلى حرمان الأطفال من التعليم المدرسي.
وفي السياق ذاته، يقول الناشطون في مجال حقوق الطفل إن السبب الرئيس لتسرب الأطفال من المدارس هو الفقر، هذا وتشير الدراسات الإحصائية إلى أن ما لا يقل عن 30 في المئة من المجتمع الإيراني يعيش تحت خط الفقر. واللافت في الأمر أن النسبة الكبرى من الأطفال دون سن 18 يعيشون في هذه العائلات التي تعيش تحت خط الفقر.
ومع تزايد الفقر فإن التعليم لم يعد من أولويات الأسر وتصبح الأولوية لتوفير الحاجات الأساسية مثل الغذاء والملابس، ونتيجة لهذا الوضع يحرم عديد من الأطفال من التعليم ويدخلون دورة العمل والزواج المبكر.
ووفقاً للمادة 30 من الدستور الإيراني تلتزم الحكومات توفير مرافق تعليمية مجانية وشاملة لجميع الأطفال الإيرانيين حتى مرحلة المتوسطة (الصف الثاني عشر) على قدم المساواة وبشكل عادل.
نقلاً عن "اندبندنت فارسية"