ملخص
حكومة السوداني تدرس استراتيجية تعزيز آفاق استخدام الطاقة النظيفة وفق ثلاثة أبعاد من خلال تسهيل وصول الألواح والبطاريات بأسعار مناسبة والسعي إلى دعم مفهومها في الدوائر والمؤسسات مع بدء تمويل ثلاثة مشاريع سترى النور في 2024
يحاول العراق استغلال "شمسه التي لا تغيب إلا نادراً طوال السنة" لنشر ثقافة الطاقة النظيفة والاستفادة منها في مجالات الحياة العامة وإدخالها حيز التنفيذ، إذ تحتاج بلاد الرافدين اليوم إلى أكثر من 32 ألف ميغاواط لتغطية حاجته الفعلية من الكهرباء.
ويتمتع العراق بأكثر من ثلاثة آلاف ساعة مشمسة من أصل 8700 ساعة في السنة، لكن 98 في المئة من كهربائه تنتج بواسطة "الوقود الأحفوري"، مما يؤشر إلى عدم استغلال الطاقة النظيفة.
العراق اليوم يسعى إلى تأمين جزء من الكهرباء عبر مصادر طاقة متجددة بحلول عام 2030، موقعاً بذلك عديداً من الاتفاقات لبناء محطات طاقة شمسية.
وانتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة تركيب منظومات للطاقة الشمسية على أسطح المنازل لاستغلال الطاقة النظيفة، فإنها لا تزال دون المستوى المطلوب. في وقت كشف فيه البنك المركزي العراقي عام 2022 عن تخصيص 750 مليون دولار لتأمين قروض مدعومة للقطاع الخاص شملت المنازل والشركات.
استراتيجية شاملة
وتحدث عضو لجنة الخدمات والإعمار البرلمانية النائب باقر الساعدي، عن استراتيجية حكومية شاملة لتعزيز آفاق الطاقة الشمسية في العراق. وقال في تصريح صحافي، "الطاقة الشمسية بدأت تأخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام الدولي، بخاصة أنها يمكن أن تسهم في تعويض جزء من الطاقة الكهربائية للمنازل والدوائر في أوقات الذروة، مع إمكانية تحويلها إلى قطاع منتج يمكن أن يخفف الضغط على مناطق واسعة من البلاد". وأضاف أن "حكومة السوداني تدرس مضامين استراتيجية شاملة لتعزيز آفاق استخدام الطاقة الشمسية وفق ثلاثة أبعاد، من خلال تسهيل وصول الألواح والبطاريات بأسعار مناسبة، والسعي إلى دعم مفهوم الطاقة النظيفة في الدوائر والمؤسسات، مع الشروع بتمويل ثلاثة مشاريع مهمة على مستوى البلاد سترى النور في 2024".
الساعدي يرى أن "الأسعار وقلة التفاعل مع الطاقة الشمسية سببان يعرقلان اقتناءها على رغم أنها يمكن أن تحل أزمة الكهرباء بمعدلات جيدة في مواسم الصيف، لا سيما أن أجواء البلاد تساعد على الإنتاج"، مبيناً أن "محاور أخرى سيتم تفعيلها بالأشهر المقبلة دعماً لتوسيع دائرة إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، بخاصة في الأرياف".
طاقة متجددة
وكان المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح قد حدد مسارين لبرامج تطوير قطاع الطاقة في العراق، مبيناً أن استخدام الطاقة المتجددة أصبح واحداً من مبادئ عمل الدولة واستراتيجياتها القصيرة والمتوسطة والطويلة الأجل.
وقال صالح إن "برامج تطوير قطاع الطاقة بصورة عامة، والطاقة المتجددة خصوصاً، تأخذ مسارين مختلفين في بلادنا، يتمثل الأول بالاستغلال الأمثل للغاز الطبيعي والغاز المصاحب لسد حاجات البلاد، من توفير الطاقة الكهربائية لأغراض التنمية والرفاهية من طريق إحلال الوقود النظيف والأقل انبعاثاً لمخلفات تلوث البيئة. والبداية هي اليوم مع واحدة من كبريات الشركات الفرنسية التي تعمل حالياً في حقول الجنوب والوسط، وتأخذ على عاتقها إيقاف الهدر في إنتاج الغاز الذي يصاحب إنتاج النفط الخام، فضلاً عن تشغيل مشروع يربط إنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة والنظيفة، وتحديداً باستخدام الطاقة الشمسية وربطها بالشبكة الوطنية للمرة الأولى في بلادنا وبمقدار إنتاج ألف ميغاواط. وهناك مشاريع استثمارية مماثلة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وربطه بالشبكة الوطنية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبحسب صالح، "لكون العراق من البلدان النادرة الغنية التي تتمتع بمتوسط ساعات شروق سنوية طويلة، وهي الأمثل في العالم، فإن التوجه نحو استعمال الطاقة الشمسية كطاقة متجددة أصبح واحداً من مبادئ عمل الدولة واستراتيجياتها القصيرة والمتوسطة والطويلة الأجل في استخدام مصادر الطاقة النظيفة، إذ ستبدأ الدولة بنفسها من خلال جعل مؤسساتها معتمدة على الطاقة الشمسية في سد حاجاتها التشغيلية تدريجاً، فضلاً عن تشجيع القطاع الخاص على استخدام الطاقة المتجددة (الشمسية)". وأوضح أن "أهمية ذلك التخفيف من الضغط على توليد الكهرباء، من ثم التقليل من استعمال الوقود التقليدي، إضافة إلى مواجهة مشكلات تتمثل بتوفير المياه العذبة من خلال تغذية محطات توليد الطاقة الكهربائية بالوقود التقليدي، لذا بات اللجوء إلى الطاقة المتجددة جانباً مهماً في استراتيجية إدارة المياه والاستعمال الأمثل لها كمورد حيوي وحياتي مهم". وزاد "سمحت السياسة الاستيرادية بتشجيع توفير الأجهزة الكهربائية التي تتغذى على الطاقة الشمسية، وبدأت تطرح في الأسواق كثقافة بديلة تستخدم الطاقة النظيفة وبصورة مستقلة في سد حاجات الكهرباء سواء في الإضاءة أو التكييف وغيرهما، وحتى في توليد الطاقة الكهربائية المتجددة من الشمس لسد حاجات العمل المزرعي كالسقي في ميدان الزراعة وعده بديلاً عن استعمال الوقود التقليدي". ولفت إلى أن "هناك برنامجاً تشجيعياً سبق للبنك المركزي العراقي أن أطلقه لدعم تصنيع الأجهزة التي تساعد على توليد الطاقة المتجددة، ولا سيما الطاقة الشمسية"، لافتاً إلى أن "التطورات التكنولوجية المتسارعة عالمياً في مجال خفض كلف إنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة، ستسمح لبلادنا بالدخول وبيسر في استخدامها، ولا سيما من جانب الجمهور في الاستعمال المنزلي، وعد الطاقة الشمسية كمصدر إضافي يقلل من الاعتماد على الكهرباء الذي يجري توليدها بالوقود التقليدي".
وترى الخبيرة البيئية إقبال لطيف أن النباتات التي نزرعها لإزالة الملوثات من التربة تعمل بالطاقة الشمسية وتقوم بإزالة الملوثات الموجودة في التربة لتصبح تربة نظيفة، من ثم نحصل على محاصيل غذائية نظيفة تعود بالمنفعة على الصحة العامة. وأضافت "تمثل هذه الطاقة أحد أنواع التنمية المستدامة للبيئة، وهي صديقة للبيئة، وواعدة مستقبلية، وكلفتها قليلة وفوائدها كثيرة".
جوانب بيئية ومالية
إلى ذلك، اعتبر الباحث الاقتصادي بسام رعد أن تنويع مصادر الطاقة الكهربائية أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى العراق، مبيناً أنها عملية تدريجية تحتاج إلى إطار زمني كبير وتهدف إلى الاستفادة من الطاقة الشمسية الوفيرة، من ثم المساهمة في تقليل الاعتماد على وارادات الغاز الطبيعي من دول الجوار، إضافة إلى توفير طاقة كهربائية مستدامة، بخاصة أن البلد يمتلك ميزة لتوفره على أشعة شمس لمدة تصل إلى 300 يوم في العام.
وأوضح رعد أن "التوجه إلى استغلال أشعة الشمس لإنتاج الطاقة الكهربائية له جوانب بيئية واجتماعية ومالية إيجابية على البلد". ويبدو أن هناك اهتماماً حكومياً كبيراً لاعتماد الطاقة الشمسية كمصدر لإنتاج الطاقة الكهربائية، من خلال الموافقة على بناء محطتين في البصرة والسماوة تعملان بالطاقة الشمسية وبقدرات تصل إلى 1500 ميغاواط، من أجل خفض الانبعاثات الكربونية ودعم الاقتصاد الوطني وجهود التنمية المستدامة.