Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مهرجان المسرح العربي يختار بغداد لعروض الدورة الـ14

الرسالة المسرحية وجهتها هذا العام نضال الأشقر داعية إلى مواجهة الظروف القاسية بالإبداع

من المسرحية العراقية "حياة سعيدة" (خدمة المهرجان)

تنطلق اليوم، في بغداد، الدورة الـ14 من مهرجان المسرح العربي الذي تنظمه كل عام في إحدى العواصم العربية "الهيئة العربية للمسرح" التي تأخذ من الشارقة مركزاً لها، وتتعاون هذه السنة مع وزارة الثقافة والسياحة والآثار ونقابة الفنانين ودائرة السينما والمسرح في العراق. وقد أعلن القائمون على المهرجان عن إلغاء المظاهر الاحتفالية المصاحبة للمهرجان "تضامناً مع غزة، وتأكيداً لموقفهم الداعم والثابت للقضية الفلسطينية".

وفي هذا اليوم العاشر من يناير (كانون الثاني) الذي اختارته الهيئة "يوم المسرح العربي" والذي تعهد فيه كل عام إلى مسرحي عربي (مخرج، كاتب، ممثل...) مهمة توجيه رسالة مسرحية إلى كل الأوساط المسرحية في العالم العربي وفي المهجر، ألقت المخرجة والممثلة نضال الأشقر كلمة المسرح. وقد استهلتها قائلة: "إنه زمن التحولات والحصارات وحروب التصفية والإلغاء والصعاب، وكياناتنا مخلّعة ومترنحة. وسط هذا كله، وسط هذه الفوضى العارمة، وسط كل هذا الدمار، وسط هذا القتل والفساد، ومع كل ما يجري من حولنا من تدمير متعمد لمدننا التاريخية الرائعة، ولإنساننا وتدمير أرضنا وبحرنا وساحلنا ومدارسنا وتاريخنا وثقافتنا وذاكرتنا، وسط هذا كله نقاوم ونستمر".

يفتتح المهرجان دورته لهذا العام تحت شعار "نحو مسرح جديد ومتجدد" ويرفع ستارته بعرض "ميترو غزة" لفرقة "مسرح الحرية" (فلسطين)، تليه ندوة خاصة تقدم نماذج من التجارب الفلسطينية، وتأتي تحت عنوان "المسرح والمقاومة الثقافية في فلسطين"، وستقدم خلال هذه الندوة نماذج عن هذه التجارب في كل من "مسرح الحرية" في جنين، و"المسرح الشعبي" في رام الله، و"مسرح سنابل" في القدس، وسيتكون المتداخلون من ممثلين عن المسارح هذه، إلى جانب الفنان رفيق علي أحمد الذي سيوجه كلمة في المناسبة.

تحية عراقية

ويضيء المهرجان شمعته بعرض كرنفالي ضخم يأتي تحت عنوان: "مقامات الحب والسلام" لمؤلفه ماجد درندش ومخرجه ضياء الدين سامي، الذي يعد بمثابة تحية عراقية للعرب في كل بقاع الأرض العربية، ويضم في صفوفه أكثر من 86 مؤدياً ومؤدية على خشبة مسرح المنصور في بغداد. ويتضمن "مقامات الحب والسلام" تجسيداً حركياً موسيقياً اعتمد على حضور الجسد على الخشبة، مع التعويل على حضور الضوء والموسيقى كعنصرين من عناصر الإبهار في المسرح المعاصر.

وتشارك في هذه الدورة عروض من دول العالم العربي، ومن أبرزها مسرحية "ثورة" من الجزائر للمخرج عبدالقادر جريو، فيما يحضر المغرب بثلاثة عروض هي "كلام" لمخرجه بوسلهام الضعيف، و"إكستازيا" لمخرجه ياسين إحجام، و"تكنزا قصة تودة" لمخرجه أمين ناسور، ومن الأردن يحضر عرضان هما "فريمولوجيا" لمخرجه الحاكم مسعود، و"إنتغوني" لمخرجه حكيم حرب.

العراق البلد المستضيف حصل على حصة الأسد من بين المشاركين والمكرمين، إذ يحضر بخمسة عروض هي: "بيت أبوعبدالله" لمخرجه أنس عبدالصمد، و"حياة سعيدة" لمخرجه كاظم نصار، و"جنون الحمائم" لمخرجته عواطف نعيم، و"صفصاف" لمخرجه علي عبدالنبي الزيدي، و"ترنيمة الانتظار" لمخرجه علي حبيب. ويكرم المهرجان 23 مبدعاً من القامات المسرحية العراقية، وذلك خلال حفلة الافتتاح، ومن بينهم: أحلام عرب وآسيا كمال وإقبال نعيم وآلاء حسين وبيات مرعي وجواد الساعدي وكاظم نصار ورائد محسن.

ويحتفي المهرجان بالمهجريين العراقيين، فهناك يوم مخصص لهم تحت عنوان: "التأثر والتأثير في المشهد المسرحي"، ويشارك فيه 13 فناناً عراقياً من دول العالم. وتقام ندوة محكمة للمرحلة النهائية للمسابقة العربية للبحث العلمي المسرحي لعام 2023 تحتضنها كلية الفنون في جامعة بغداد.

وتسهم الإمارات في دورة هذا العام بعرضين هما "زغنبوت" لمخرجه محمد العامري، و"الجلاد" لمخرجته إلهام محمد، ومن سلطنة عمان يحضر عرض "سدرة الشيخ" لمخرجه عماد الشنفري، في حين تشارك الكويت بعرض "صمت" لمخرجه سليمان البسام، بينما تشارك مصر بعرض "البؤساء" لمخرجه محمود حسن حجاج. وتشارك تونس بعرضين هما: "غداً وهناك" لمخرجه نعمان حمدي، و"حلمت بك البارحة" لمخرجيه لبنى مليكة وإبراهيم جمعة.

غياب ملحوظ

وتغيب عن دورة هذا العام لأسباب لم توضحها إدارة المهرجان كل من سوريا ولبنان والسعودية والبحرين وقطر وليبيا، فيما أعربت الهيئة العربية للمسرح عبر أمينها العام الكاتب إسماعيل عبدالله عن أسفها لتعذر مشاركة العرض السوداني "آيس دريم" لمؤلفه ومخرجه وليد عمر بابكر محمد الألفي، لأسباب تتعلق بظروف الشتات التي يعيشها فريق العرض، فيما تشارك كل من جيبوتي والصومال للمرة الأولى في دورة هذا العام عبر ندوات نقدية ومداخلات تحليلية.

ويصنف القائمون على هذه الدورة من مهرجان المسرح العربي بأنها دورة استثنائية، إذ تتضمن 136 متحدثاً من نقاد وباحثين من الدول العربية، و600 مشارك من العراق وبقية العالم العربي، ويشارك في هذه الدورة 19 عرضاً مسرحياً تأهلت للمهرجان في تنافس عال، وتحمل تجارب وحساسيات فنية لافتة، منها 13 عرضاً تتنافس على جائزة الشيخ سلطان بن محمد القاسمي، وتشكلت لجنة تحكيم عروض المسابقة الرسمية للمهرجان برئاسة الفنان أيمن زيدان (سوريا) وعضوية كل من سامح مهران (مصر) وحسام أبو عيشة (فلسطين) وعلي الفلاح (ليبيا) وهشام زين الدين (لبنان).

ويعقب تقديم كل عرض من العروض فقرة تدعى "الأستوديو التحليلي"، ويضم هذا الأستوديو كوكبة من النقاد والفنانين العرب لمناقشة التجارب المشاركة. ومن بين المشاركين: سامي الجمعان (السعودية) وهشام كفارنة (سوريا) وعبيدو باشا (لبنان) ويوسف الحمدان (البحرين) ونزار السعيدي (تونس) وأيمن الشيوي (مصر) وعبدالمجيد شاكير (المغرب)، وخليفة الهاجري (الكويت) وعبدالرضا جاسم (العراق) وجستن بيلي (جنوب السودان) وعبدالناصر خلاف (الجزائر) وزهراء المنصور (البحرين).

ويشهد المهرجان اهتماماً متزايداً بمسرح المرأة العربية، وستتضمن هذه الدورة يوماً خاصاً عن المرأة في المسرح العربي، وهناك يوم لسيدات المسرح العربي، ويوم يتحدث عن جهود المرأة في المسرح العربي، ومن ضمن قائمة المكرمين من الفنانين العراقيين خمس سيدات من القامات الفنية المسرحية في العراق. ويضم المهرجان عدداً من الورش التكوينية والندوات العلمية والفكرية.

ويأتي "المؤتمر الفكري" كنشاط أساس في المهرجان، وتشارك فيه نخبة من الباحثين وأصحاب التجارب. ويتضمن المؤتمر الفكري لهذا العام العديد من العناوين الإشكالية المهمة في العملية المسرحية، ومنها حضور الصورة في المسرح العربي، وإشكالية الكاتب والمخرج وأصول التأليف المسرحي، إضافة إلى قضايا حول تصميم السينوغرافيا والمسرح الأدائي وسواها من العناوين التي يشرف عليها الفنان والمخرج الفلسطيني غنام غنام.

رسالة نضال الأشقر

أما رسالة الفنانة نضال الأشقر في اليوم العربي للمسرح فبدت عميقة وشاملة تناولت فيها تجربتها الفريدة في المسرح وبعضاً من مسيرتها في لبنان والعالم العربي عطفاً إلى مفهومها للمسرح وتاريخه ودوره السياسي والاجتماعي والإبداعي، ومما جاء في رسالتها: "أن اﻹبداع وفرح اﻹبداع ونظرة اﻹبداع إلى الحياة والفن والكون، وانطلاقة اﻹبداع من الفكر النير المنفتح الحر، هو الحدث الأهم الذي غير مجرى حياتي نحو حياة أفضل ونحو حرية واعية. واﻹبداع لا ينطبق فقط على الفنون، بل أيضاً على السياسة وتحرير السياسة من العادي ومن المسلمات والتقاليد العفنة. والمبدع هو المحرض الرؤيوي الذي يحرك المستنقعات، ويحرك المسلمات القائمة ويخربط السكون. وهو الذي يخرج من الثابت إلى الأفق الوسيع البناء. هذه الوثبة هي التي تخرجنا من العادي إلى عالم الحلم المجنح، وإلى استمرارية الحياة المنتجة المغامرة.

كيف لنا نحن المبدعين أن نشاهد المجازر والأطفال والقتلى، والعائلات المدمرة والبيوت التي سطحت على الأرض في فلسطين والعراق ولبنان وسوريا وليبيا والسودان، وألا نعبر بأعمال مسرحية، وعلى مدى قرن كامل، عما كنا شهوداً عليه. ألسنا نحن مؤرخين من نوع آخر؟ ألسنا نحن مشاهدين ومسجلين للحاضر؟ ألسنا نحن ناقلي التراجيديا الإنسانية على المسرح، كي تصل إلى قلوب الناس وعقولهم؟ ألسنا نحن من ينتزع الأقنعة عن كل وجه مزيف، وعن كل قضية فاسدة؟" وأضافت، "اليوم نحن في العراق، في بلاد ما بين النهرين، حيث كانت بابل وسومر وأكاد، وكانت نصوص الاحتفالات والصلوات والأعياد، كأنها مسرح كبير. وكان جلجامش وإنكيدو، وكان أيضاً النص الحواري الأول الذي وصلنا، وهو النص البابلي: "السيد والعبد"، ثم كان الإغريق حيث انطلق المسرح وانطلقت معه الديمقراطية أو حيث كانت الديمقراطية وانطلق منها المسرح. ولم يتوقف هذا الفن الجماعي الإنساني إلى يومنا هذا، بكل حلله التي تتماشى مع مختلف بلدان العالم".
 ومما قالت: "لقد كانت وظيفة المسرح أيام الإغريق تحريضية سياسية بامتياز، حيث تتمظهر الديمقراطية، ويسمع الرأي الحر، وتجلى الحوار أفقياً، لمخاطبة الآخر والمجتمع ككل، وعمودياً لمخاطبة الآلهة والمصير. وتلك الفترة قد تكون الوحيدة التي كان فيها المسرح من صميم النظام سياسياً ووجودياً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت: "هل من الممكن في مجتمعاتنا اليوم، أن ينمو الفن المسرحي، وأن يعمم في متحداتنا التي لا تتحمل في أكثر الأحيان تعبيراً حراً تغيرياً كالمسرح؟ (...) لكي يلعب المسرح دوراً ديمقراطياً فعالاً، يجب أن تكون هناك ورشة عمل كبيرة وخطة تنهض بالبلاد، وتحولها إلى خلية نحل، حيث يعمل المثقفون والفنانون والطلاب والأساتذة، يداً بيد للنهوض بمجتمعاتهم وبيئتهم، إلى عالم من البحث والدرس والتمحيص والتعبير الحر، وصولاً إلى المسرح. لذلك يجب أن تكون هناك العشرات من المراكز الثقافية والمسارح والمكتبات العامة، كي يصبح المسرح أداة فعلية وفاعلة في مجتمعاتنا.(...) إن المسرح هو من يعيد الإنسان إلى روحه وجذوره ووجدانه، ويربطه ربطاً سحرياً بأرضه ولغته وتاريخه ومستقبله، وهو في تكوينه يرفض كل ما يفرق، ويجمع تحت سقف واحد، جمهوراً متعدد الانتماءات، ويحرض على الحوار المثمر وعلى الفعل والتفاعل. لكن الحوار كما نريده ونبتغيه "لا يستقيم فعلياً من دون تعميم الديمقراطية، واحترام التعددية، وكبح النوازع العدوانية عند الأفراد والأمم على السواء" كما قال سعدالله ونوس، وتحرير الرجل والمرأة من كل الموروثات وكل العادات الآسنة، التي نجرها عبر السنين. وهو فضاء للمقاومة الثقافية، وللبقاء منصة إبداعية فكرية وفلسفية وفنية. نحن في حاجة إلى هذه المساحة اﻹبداعية الحرة، والانفتاح على الآخر، والتواصل في ما بيننا، وقبول الآخر واحترام الاختلاف، فما هي الديمقراطية إن لم تكن كل ذلك؟".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة