ملخص
ماذا لو تصرف لويد أوستن كقدوة واستغل حالته الصحية لدواعي التوعية والتشجيع على الفحوص؟
إليكم اختبار جديد يخص جميع الرجال البالغين سناً معينة، ألا وهو مقياس لتقييم نهجكم لمقاربة المسائل الصحية: ما هو بالضبط مقدار الشبه بينكم وبين لويد أوستن؟
هذا الأسبوع أصابت الدوائر السياسية الأميركية دهشة جماعية بعد الكشف عن أن أوستن، وزير الدفاع الأميركي، خضع لعملية جراحية خطرة من دون أن يخبر أي شخص في البيت الأبيض.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يبلغ أوستن من العمر 70 سنة، مما يجعله مجرد غر نسبياً في الأوساط السياسية الأميركية، أدخل إلى المستشفى قبل عيد الميلاد لإجراء عملية جراحية لإزالة ورم سرطاني من البروستاتا. بعد المضاعفات، عاد إلى جناح العناية المركزة في وقت مبكر من العام الجديد. وهذا الأسبوع فقط، بينما كان مستلقياً على سريره في المستشفى وموصولاً عبر أنابيب بأدوات مختلفة، أعتقد أن عليه إخبار زملائه بسبب غيابه عن العمل. لم تكن هذه الحالة إحدى الوعكات التي تلي الإفراط في شرب الكحول، سيدي الرئيس. كانت حالة صحية خطرة.
بما أن أوستن يعد أهم شخصية في البلاد بعد الرئيس لجهة مسائل الدفاع، بدا سلوكه هذا أكثر غرابة بالنسبة إلى كثيرين – لا سيما أنه يشير إلى أن خطوط التواصل داخل الحكومة باتت مسدودة إلى درجة أنها تحجرت تماماً مثل طريقة مشي جو بايدن.
اقترح البعض أن تحلي أوستن بالسرية نجم عن خوف من التلميح إلى ضعف قد يستخدمه معارضون سياسيون ضده. في نهاية المطاف، لا يخجل دونالد ترمب قطعاً من السخرية من مشكلات الآخرين الصحية– بما في ذلك أوستن، الذي طالب دونالد بطرده "على الفور" لأنه "تغيّب أسبوعاً كاملاً عن العمل".
وقد يجادل آخرون بأن من واجب أوستن ربما استخدام تشخيص حالته الصحية، بغض النظر عن مدى حميميته، كتجربة تعلم – فيشاركها مع الجمهور الأميركي، من أجل الحد من وصمة العار التي تلحق بأصحاب الحالة المماثلة، والتوعية حولها، من ثم تشجيع الرجال الآخرين على الخضوع إلى الفحص المناسب.
ومع ذلك، ليس أوستن بأي حال من الأحوال أول سياسي يحاول التظاهر بعدم حدوث شيء وأن كل شيء على ما يرام. يثبت فلاديمير بوتين، صديق ترمب، منذ فترة طويلة أنه متحفظ بالقدر نفسه في شأن تقديم أي تلميح يشي بشفافية طبية. لا يعني ذلك أن السكوت في هذا الصدد ساعد بالضرورة في الحفاظ على الجو المحيط به بوصفه رجلاً لا يقهر: عندما غاب تماماً تقريباً عن الواجب العام أثناء جائحة كوفيد، سرعان ما انتشرت في روسيا إشاعات بأنه بدلاً من أن يرتعد خوفاً من الإصابة بالفيروس، كان في الواقع مصاباً بمرض عضال.
إليكم الحقيقة: بالنسبة إلى كثر منا نحن الرجال الذين باتوا في المرحلة المحفوفة بأخطار متزايدة بعد سن الـ50، تعد محاولة الحفاظ على سرية أي إجراء –ناهيك بإجراء مهم مثل الذي خضع إليه أوستن– مفهومة تماماً، إذ في ما يتعلق بالصحة، يبذل كل رجل قصارى جهده منذ فترة طويلة لذر الرماد في عيون الجميع. لا سيما عينيه هو.
لا يتعلق الأمر بمجرد الاعتراف بوجود مشكلة نخشاها نحن الأكبر سناً. إنما يتعلق الأمر أيضاً باقتراح أن مشكلة مهمة قد اكتشفت. بالنسبة إلى أولئك منا البالغين سناً معينة، ثمة محادثة نخوضها بانتظام متزايد. يتلقى رفيق للتو تشخيصاً طبياً جدياً ويخبركم بوجوب "فحص أنفسكم الآن". الرد القياسي هو: "نعم، بالتأكيد، سأفعل، بالطبع". وحتى عندما تقولونها، تعلمون أنكم لن تفعلوا. لأنكم إذا خضعتم للفحص أو الاختبار، لا تعرفون أبداً ما قد يكتشفه الطبيب.
هذا ما يجب أن نصفه الآن بـ"طريقة أوستن": حتى لو كنا نشعر بتوعك، نواصل المعاندة في حال من الإنكار الدائم. نجد أعذاراً لأكثر الأعراض وضوحاً: كل شيء من التراجعات في البصر والسمع إلى فقدان الوزن المفاجئ، نعيده إلى أي شيء آخر غير طبي. وهذا من دون حتى ذكر الزيادة الحادة في الحاجة إلى الذهاب إلى المرحاض.
نحن الرجال هم من يبدو أنهم غير قادرين في شكل فريد على مواجهة وضعهم الطبي. تميل النساء إلى أن يكن أكثر واقعية، على رغم الاحتمالات (الخاصة للغاية بنوعهن الجنسي)، في حين يعاند الرجال، تكون النساء أكثر سعادة بكثير حين يعترفن بقابليتهن للخطأ ويطلبن توضيحاً. تشير إحصاءات أخيرة إلى أن النساء البريطانيات يأخذن في المتوسط 12 يوماً إجازات مرضية من العمل في السنة، في حين يتغيب الرجال بداعي المرض خمسة أيام فقط. وفي معظم الحالات، لا يكون ذلك لأنهم أكثر صحة. من المرجح أنهم يقضون الأيام السبعة الأخرى في العطاس والسعال أمام زملائهم، من ثم ينشرون عدوى يزعمون أنهم غير مصابين بها في المقام الأول.
ربما الأخطر من ذلك، بالنسبة إلى المؤسسة الطبية، ليس هذا الميل إلى التهرب المنهجي ببساطة هوساً متواصلاً بالذات. هو يكلف النظام المليارات.
الوقاية أرخص دائماً من العلاج. وكلما أخضعنا أنفسنا نحن الرجال إلى فحوص ومتابعة في وقت مبكر، كان من الممكن حل مشكلاتنا في شكل أسرع. ولهذا السبب، في نظر عديد من منتقديه، كان تحفظ أوستن يمثل فرصة ضائعة كهذه. لو كان قد اعترف على الفور بحالته، لكان أرسل رسالة إلى كل رجل من جيله مفادها بأن ترتيب أوضاعه ليس علامة ضعف بل علامة قوة. في نهاية المطاف، إذا كان الرجل الذي يملك سلطة إطلاق هجوم نووي مستعداً للاعتراف بأنه غير مخلد، لن يكون لبقيتنا أي عذر.
أو في الأقل هذه هي النظرية. بالنسبة إلى عدد كبير جداً منا، حين يتعلق الأمر بنهجنا تجاه الطب، هذا هو نوع النصائح العملية والواضحة التي سنستمر في تجاهلها. الآن، جميعنا شبيهون قليلاً بلويد أوستن.
© The Independent