ملخص
وزراء ونواب إسرائيليون يشنون هجوماً على وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ويعتبرون أنه يقود حملة ضدهم.
تتداول الدوائر السياسية روايات عدة لتفسير التصعيد الملحوظ من قبل الجانب الإسرائيلي عبر قصف محيط المستشفى الميداني الأردني في غزة. وانقسمت الآراء في الساعات الماضية ما بين اعتبار ما جرى حادثة تستوجب الرد، ومن رأى فيها رسالة إسرائيلية لعمان على خلفية المواقف السياسية الأخيرة تجاه الحرب في غزة.
جريح وأضرار مادية
وكانت القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية أشارت إلى إصابة أحد موظفي المستشفى الميداني الأردني الخاص (2) في منطقة خان يونس جنوب قطاع غزة خلال اشتباكات في محيط المستشفى، واعتبرت ذلك انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني ولاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949.
وأشارت القوات المسلحة الأردنية إلى تعرض المستشفى لأضرار مادية بالغة جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على محيطه، وحملت إسرائيل كامل المسؤولية عن سلامة موظفي المستشفى الذي يقوم بواجبه الإنساني وفق القوانين والأعراف الدولية، فيما قالت الحكومة الأردنية إنها ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة جراء هذا "العدوان".
وهذه المرة الثانية التي يصاب فيها كوادر أردنية تابعة لمستشفيات ميدانية أردنية عاملة في غزة بنيران إسرائيلية. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، تعرض المستشفى الأردني الميداني الأول في مدينة غزة لاستهداف إسرائيلي، مما أدى إلى إصابة 7 من العاملين فيه.
مستجدات سياسية وميدانية
يفسر مراقبون حادثة قصف محيط المستشفى الميداني الأردني في غزة بمستجدات عدة، بعضها سياسي وأخرى متعلقة بالواقع الميداني على الأرض.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فعلى رغم استبعاد أوساط سياسية إقدام الأردن على اتخاذ ردود عملياتية، كان لافتاً الزيارة التي قام بها العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني إلى قيادة المنطقة العسكرية الشرقية، وإلقائه خطاباً داعماً وحازماً للآلاف من الجنود الأردنيين في ثكناتهم بعد ساعات من الحادثة.
في الأثناء قالت إذاعة عبرية نقلاً عن رؤساء بلدات ومستوطنات إسرائيلية في منطقة غور الأردن، أن الأردنيين يطلقون النار كل ليلة باتجاه البلدات الإسرائيلية.
وأكدت إذاعة "كان رشيت بيت" العبرية أن هؤلاء الرؤساء تقدموا بشكوى إلى وزراء وأعضاء في الكنيست الإسرائيلي، حول استغلال الأردنيين مناطق الأشجار المنتشرة في أماكن عدة حول نهر الأردن لإطلاق النار باتجاه الأراضي الإسرائيلية.
وكانت وزيرة الاستيطان الإسرائيلية أوريت ستروك، طلبت قبل بضعة أسابيع تفاصيل من رئيس قسم الاستراتيجيات في الجيش الإسرائيلي الجنرال ألعيزر تولدانو، في شأن إطلاق النار من الأردن خلال جلسة الحكومة، كما يخشى الإسرائيليون من حدوث عمليات تسلل من المناطق الحدودية، في وقت كثف الجيش الإسرائيلي قواته على الحدود مع الأردن منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
تصريحات الخصاونة
إلى جانب ذلك، برزت تصريحات رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، على هامش منتدى "دافوس" الاقتصادي، والتي قال فيها إن من الصعب على أي أردني بعد السابع من أكتوبر أن يوافق على مشاريع إقليمية مع إسرائيل، مضيفاً أن الأردن سيشارك بجلسات قضية جنوب أفريقيا ضد إسرائيل وسيقدم مرافعاته وملاحظاته.
وأكد الخصاونة رفض الأردن خلق أية ظروف قد تدفع الفلسطينيين إلى الهجرة من غزة والضفة الغربية، وأية خروقات مادية لمعاهدة السلام الأردنية - الإسرائيلية، أو التعرض للوضع التاريخي والقانوني والوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس.
لكن التصريح الأكثر إثارة للجدل والمنسوب للخصاونة كان أن جهود الأردن إلى جانب دول عربية منعت إسرائيل من استخدام أسلحة نووية تكتيكية ضد غزة.
وفي شأن متصل، يشن وزراء ونواب إسرائيليون هجوماً على وزير الخارجية أيمن الصفدي، من بينهم وزير الدفاع الأسبق في الحكومة الإسرائيلية أفيغدور ليبرمان، الذي اعتبر أن الصفدي يقود حملة صليبية ضد إسرائيلية.
ولم تسلم الملكة رانيا العبدالله بدورها من انتقاد وهجوم الإسرائيليين بسبب تغريدات ومواقف لها متضامنة مع غزة على وسائل التواصل الاجتماعي.
رسالة من نار
بدوره، يعتقد عضو مجلس الأعيان الأردني إبراهيم البدور، أن إسرائيل أرادت إرسال رسالة من نار للأردن بسبب مواقف أردنية متتابعة آخرها الموقف بخصوص محاكمة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
يضيف البدور "إسرائيل تعلم المكان جيداً، ولم يكن الهدف من قصف محيط المستشفى الأردني القتل وإنما التلويح بوجود موقف غاضب، أما الرد الأردني فكان سياسياً وقانونياً، لأن تل أبيب تحاول ضرب الموقف الأردني الموحد تجاه غزة عبر استهداف المستشفى الذي يقدم خدمات إنسانية كبيرة للفلسطينيين".
ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي منذر الحوارات، أن الأردن رد على عمل عسكري برسالة سياسية لم تكن موجهة إلى إسرائيل فقط بل إلى الولايات المتحدة، ومفادها أن إسرائيل باتت تتصرف بشكل أرعن وغير مقبول عسكرياً وسياسياً.
وأضاف أن واشنطن طالما كانت تستوعب التناقضات بين الأردن وإسرائيل، وعليها الآن التدخل لأن الأخيرة تريد أن تذهب بالأمور في اتجاه التصعيد والتدحرج إلى حرب مع الجميع.
ويرى الحوارات أن هناك تهديداً إسرائيلياً واضحاً للأردن. ليس فقط في غزة وإنما أيضاً للمصالح الأردنية في الضفة الغربية عبر استهداف ملفات الوصاية والتهجير.
أما المتخصص العسكري اللواء متقاعد هشام خريسات، فيقول إن أفراد المستشفى الأردني ليسوا معزولين عما يحدث لأهالي غزة، لكن استهدافهم كان مقصوداً على رغم أن هناك تعليمات لجميع الأفراد بأن يكونوا خارج منطقة الاشتباك ولا يتدخلوا بأية مواجهات.