ملخص
كشف تقرير أميركي جديد أن ليبيا تملك مخزوناً ضخماً من النفط والغاز الصخريين يضعها في المرتبة الخامسة عالمياً بعد روسيا والولايات المتحدة والصين والأرجنتين... تعرف إلى التفاصيل
كشف تقرير جديد لإدارة معلومات الطاقة الأميركية "إي أي أي" أن ليبيا تملك مخزوناً ضخماً من النفط والغاز الصخريين، تضعها في المرتبة الخامسة عالمياً بعد روسيا والولايات المتحدة والصين والأرجنتين، وترفع العمر الافتراضي لإنتاج النفط الليبي من 70 عاماً إلى 112 عاماً، بعد الإعلان عن أن الاحتياطي الليبي من النفط المخزون بالصخور والقابل للاستخراج بالتقنيات الحالية يبلغ 26 مليار برميل.
هذه البيانات من المتوقع أن تزيد أهمية البلاد كمنتج استراتيجي للنفط والغاز، وتدعم خطة مؤسستها الوطنية للنفط لرفع مستويات الإنتاج النفطي في السنوات القليلة المقبلة، كما سترفع حرارة المنافسة بين شركات النفط الدولية على الاستثمار في قطاع الطاقة الليبي، والتي احتدمت بشكل كبير خلال العقد الأخير.
أحواض غنية بالطاقة
إدارة معلومات الطاقة الأميركية قالت في تقريرها، إن "تقييم احتياطات النفط والغاز الصخري في ليبيا جرى على ثلاثة أحواض رئيسة تبين أنها تحتوي على ما يقارب 942 تريليون قدم مكعب (26.7 تريليون متر مكعب) من الغاز و613 مليار برميل من النفط الصخري".
وأوضحت أن "122 تريليون قدم مكعبة (3.5 تريليون متر مكعب) من الغاز الصخري قابلة للاستخراج تقنياً إلى جانب 26.1 مليار برميل من النفط الصخري".
كما بينت أنه من الممكن أن ترتفع هذه الأرقام مستقبلاً لأنها أجرت تقييماتها على أحواض غدامس وسرت ومرزق (جنوب غربي) دون تقييم حوض الكفرة (جنوب شرقي) لمحدودية البيانات المتاحة بشأنه.
هذا التقييم أعطى امتيازاً للمخزون المكتشف في المناطق الصخرية في حوض سرت، حيث قال التقرير إنه "من النوعيات السميكة ذات الجودة الكافية لعمليات الحفر الأفقي مع تقييم ذلك بصورة منفصلة".
الجودة ليست الامتياز الوحيد الذي تفرد به حوض سرت، بحسب التقرير، بل حجم المخزون الذي يحتوي عليه، حيث تم الكشف عن 16 حقلاً عملاقاً تحتوي على أكبر احتياطيات قابلة للاستخراج تصل إلى 117 مليار برميل من النفط، وتمثل 89 في المئة من إجمالي الاحتياطيات النفطية المكتشفة في ليبيا، مع التنويه إلى أن أحواضاً عدة في ليبيا لم تتعرض إلا لعمليات محدودة من الاستكشاف حتى الآن.
مستقبل واعد
الإدارة الأميركية للطاقة بينت ميزات إضافية لمخزون النفط الصخري المكتشف في ليبيا، مؤكدة أنها "تعد موطناً للنفط الصخري المترسب من العصر السيلوري، وهو أهم مصدر هيدروكربوني في شمال أفريقيا، ويمكن أن ينتج ضعف كمية النفط الصخري التي تنتجها الرواسب المماثلة في المكسيك وفنزويلا مجتمعة".
التقرير خلص إلى توقع مستقبل واعد لقطاع الطاقة الليبي في حالة تطوير احتياطيات النفط والغاز الصخري، الذي يقع جله شمال غربي البلاد وجنوبها الغربي مما سيسهم في تخفيف المنافسة والصراع المحلي للسيطرة على منابع الطاقة.
دعم خطط التطوير
الكميات الضخمة من النفط الصخري التي تم تأكيدها ستشكل دعماً كبيراً لخطة رفع الإنتاج التي أعلنت عنها وزارة النفط الليبي العام الماضي، وتهدف إلى الوصول إلى مليوني برميل يومياً في غضون عامين أو ثلاثة.
وسبق لوزير النفط والغاز في حكومة الوحدة الوطنية، محمد عون، التصريح بداية العام الحالي أن "ليبيا تسعى لزيادة الإنتاج النفطي إلى نحو مليوني برميل يومياً"، مشيراً إلى "الاهتمام بتطوير النفط الصخري لأن ليبيا تمتلك خامس أكبر احتياطي من الصخر الزيتي في العالم، وفق بعض التقارير التي تلقيناها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف عون أن "لجنة النفط الصخري تضع اللمسات الأخيرة من أجل البدء بمشروع تجريبي للنفط والغاز الصخريين"، لافتاً إلى أن "المؤشرات الأولية تبقي احتمالية الكشف عن مزيد من الاحتياطيات المهمة في خمسة أحواض أخرى، مع العلم أن 30 في المئة من مساحة البلاد البالغة 1.7 مليون كيلومتر مربع لم تستكشف حتى الآن".
وأشار وزير النفط والغاز إلى أن "هذه النتائج عرضت على الحكومة الليبية، ووافقت على دعم خطوات التقييم اللاحقة عبر حفر إحدى الآبار، واختبار النتائج الفعلية خلال المدة المقبلة، ونسعى بداية لرؤية نتائج النمو بين عامين أوثلاثة وحتى من خمسة إلى سبعة أعوام تقريباً".
وزير النفط، كشف عن أنه " سيجري استثمار 17 مليار دولار في البنية التحتية للنفط والغاز لن يقتصر على الحقول القائمة فحسب، بل سيشمل أيضاً الحقول المكتشفة، التي لم يتم تطويرها بعد، والخطة تهدف إلى ترخيص العطاءات في عام 2024 لتوفير مساحة كبيرة في كل من المناطق البحرية والبرية".
منافسة شرسة
من المتوقع أيضاً بعد الكشف عن هذا المخزون الضخم من احتياطيات النفط الصخري في ليبيا، أن تشتد المنافسة بين الشركات الدولية العملاقة والدول الطامحة لاستثمارات نفطية ضخمة في ليبيا، وهي منافسة احتدمت كثيراً منذ سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، مع دخول منافسين جدد إلى الساحة مثل تركيا وروسيا، مع الأقطاب التقليدية مثل فرنسا وإيطاليا وأميركا، وبشكل أقل بريطانيا وألمانيا.
محمد عون أشعل هذه المنافسة مبكراً منذ بداية العام الحالي، عندما استدعى الولايات المتحدة الأميركية لاستخراج النفط والغاز الصخريين من عدة مواقع ليبية.
هذه الدعوة الرسمية وجهها عون خلال زيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية بداية الشهر الحالي، التقى فيها نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون شمال أفريقيا غوشو هرس، ومسؤول شمال أفريقيا بمجلس الأمن القومي الأميركي جرمي برندت، مع مسؤول الملف الليبي بمكتب الشرق الأدنى بالخارجية باترك بول، وكذلك نائب مدير مكتب شؤون شمال أفريقيا جفري هوليس.
وأكد عون خلال الاجتماع، بحسب بيان لوزارته، "أهمية استغلال الاحتياطي من النفط والغاز الصخري الذي يمكنه المساهمة في تلبية احتياجات السوق الدولية، على أن تلعب التقنية والخبرة الأميركية دوراً للإسراع في استكشاف المناطق التي لم تستكشف حتى الآن وتطوير الحقول النفطية، وكذلك استخدام التقنيات الأميركية في استغلال كميات الغاز التي تحرق الآن بلا جدوى".
وقال الوزير إن "مخزونات الغاز كبيرة بالنظر إلى احتياطيات الغاز الصخري وكذلك الاحتياطيات التقليدية، حيث يبلغ إنتاج الغاز نحو 2.5 مليار قدم مكعب يومياً حالياً، وهي نسبة قابلة للزيادة مستقبلاً".
عيوب كبيرة
على رغم التفاؤل الكبير بمستقبل الطاقة في ليبيا، بعد نشر هذه البيانات، فإن خبراء حذروا من رفع سقف التوقعات بأهمية النفط الصخري بالنظر إلى عدة عوامل معروفة عنه، تشكل عيوباً تقلل من أهميته الاقتصادية لأن استغلاله يحتاج إلى تقنيات متطورة مكلفة، ناهيك بخطورته على البيئة وإمكانية تدمير الأحواض المائية الجوفية الضخمة في الصحراء، التي تغذي مدن الشمال الأكثر كثافة عبر النهر الصناعي.
فمثلاً من المعروف عن النفط الصخري ارتفاع الكلفة اللازمة لاستخراجه، فعلى رغم التطور التكنولوجي الذي أسهم في تقليل القيمة اللازمة لاستخراج البرميل الواحد، فإنه يحتاج ما بين 40 و80 دولاراً لاستخراجه، ما يربط جدوى الإنتاج بشكل دائم بمتوسط الأسعار الدولية.
ولاستخراج النفط والغاز من الصخور مخاطر بيئية كبيرة، حيث تشير دراسات كثيرة إلى أن عملية التكرير ينتج عنها إطلاق ملوثات معينة، وتتضمن هذه الملوثات الرصاص وثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين، ويؤدي ذلك إلى تأثيرات سلبي حول الموقع الذي يتم فيه الحفر مع استهلاك كبير للكهرباء في أثناء عملية استخراج النفط الصخري.