ملخص
أمل رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا محمد تكالة بأن يضع بصمة تصل ليبيا من خلالها إلى الانتخابات وتحقيق دولة مستقرة ذات سيادة
يعرف رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا محمد تكالة عن نفسه على أنه "مواطن عاش وترعرع في ليبيا"، ويحاول مع زملائه وأبناء بلده توحيد البلاد والعمل على استقرارها.
ويقول إن وصوله إلى سدة رئاسة المجلس، أعلى سلطة استشارية في ليبيا، لم يكن ضمن صفقة أو ترتيب مسبق، بل بناء على رغبة زملائه المتكررة في المجلس طوال أربعة أعوام.
وعن انطلاقته في العمل السياسي يقول في حديث إلى "اندبندنت عربية" إنها كانت بعد الثورة الليبية من بوابة "المؤتمر الوطني العام".
المرحلة صعبة
ويصف محمد تكالة المرحلة في ليبيا بالصعبة وبأنها مرحلة الانقسام المؤسساتي وحتى في المجلس نفسه، ولكن من مجهوداته ومن خلال دعم مسانديه سيمكن تجاوزها.
وعن دوره، وهو الرجل القوي في الغرب الليبي، في خلق التوازن مع الشرق وبخاصة مع رئيس البرلمان عقيلة صالح، قال تكالة إنه يترك التقييم لليبيين وحدهم في الحكم، مضيفاً أن "المجلس الأعلى لدولة لم يتدخل في عمل البرلمان مطلقاً، وما تصريحات عقيلة صالح إلا مناكفة سياسية وتلاعب بالرأي العام المحلي والدولي"، مضيفاً أن "من لم يطلع على الاتفاق السياسي الذي دُستر واُعتمد من مجلس الأمن الدولي (الصخيرات 2015) يمكن أن يفهم ذلك بطريقة جلية، ويتضمن الاتفاق شقاً استشارياً وتشريعياً للمجلس الأعلى للدولة دور مهم فيه، ونصوصه واضحة وصريحة وتنص على أن التعديلات الدستورية لا تكون إلا من خلال موافقة المجلس الأعلى للدولة ويكون فيها شريكاً، كما تُصاغ القوانين بين لجنتين ممثلتين عن المجلس الأعلى للدولة والبرلمان، ويصوت عليها من قبل البرلمان من دون أي تحريف أو تعديل".
ويضيف تكالة أن "للمجلس الأعلى للدولة مهمات لا تتوقف عند هذا الحد بل تشمل مهمات أخرى يكون فيها شريكاً، وهي تسمية الحكومة وسحب الثقة منها وتسمية المناصب السيادية في الدولة، بما في ذلك إصدار القوانين التي يعطي فيها المجلس رأيه قبل تمريرها إلى البرلمان الذي يحاول الآن السطوة على صلاحيات المجلس الأعلى للدولة ولن يسمح له بذلك".
الانتخابات
ويعتبر رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا أن "القوانين الانتخابية التي أصدرها مجلس النواب معيبة وغير توافقية"، وأنه لن يوافق عليها باعتبار اختصاصه الاستشاري والتشريعي، "وطالما لم يوافق عليها فتُعتبر باطلة، وإذا صدرت عن البرلمان ولم يوافق عليها المجلس الأعلى للدولة فإن بإمكان أي مواطن ليبي تضرر منها أن يطعن فيها وسيربح الطعن مما سيعيد الأزمة إلى المربع الأول، ولذلك وجب اختصار الطريق وتصحيح الأمر عبر تشكيل لجنة مشتركة بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة لتصحيح هذه القوانين".
وبخصوص ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين يقول تكالة، "لم نطلب المستحيل بل نطلب ما يطبق في جل دول العالم، ولا نحتاج إلى قوانين تخالف ما تعرفه الدول"، مضيفاً "موقفنا واضح وصريح ونرفض مزدوجي الجنسية وترشح العسكريين بسبب رغبتنا في عيش ديمقراطية حقيقية بعيدة من الدكتاتورية وسيطرة العسكر، وهذا يقتضي إعادة النظر في القوانين".
أما عن المسار الحكومي فيرى رئيس المجلس الأعلى للدولة أنه "لم تكن هناك حكومة في الشرق، وحكومة أسامة حماد المنَصّبة من البرلمان لا تحظى بدعم دولي، وقد أنهى البرلمان وجودها فعلياً عندما أقال رئيسها السابق وجاء برئيس آخر بدلاً منه، وبالتالي فهي والعدم سواء، وهي مجرد مجموعة أُوجدت للضغط على الحكومة الشرعية الموجودة في طرابلس".
أما عن الحل في هذه الحال، وفق تكالة، فهو "التوافق على قوانين انتخابية جديدة ومن ثم الذهاب إلى حكومة موحدة، وأمام الليبيين الآن مشروع دستور يمكن الذهاب إلى استفتاء عليه بالوضع السياسي الحالي، وهكذا يصبح هذا الدستور ملزماً لكل الأوساط السياسية الليبية، وبإمكاننا بعد ذلك التأسيس لحكومة موحدة تشرف على الانتخابات".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
البعثة الأممية
أما في شأن عمل البعثة الأممية في ليبيا فاعتبر تكالة أنه "يقتصر على دور الوسيط، ولا تتدخل في الشأن المحلي بالرفض أو القبول، بل فقط إدارة الحوار والإشراف عليه للوصول إلى توافقات، ودور المبعوث الأممي عبدالله باتيلي لم يكن جيداً في هذا الإطار، ولا يزال منقوصاً، وعلى رغم ذلك فنحن ندعمه ونقبل بدعواته المتكررة إلى الحوار".
المؤتمر الوطني الجامع
وقال تكالة إنه "يجب الوصول إلى توافق على القوانين الانتخابية وبعد ذلك الذهاب إلى مؤتمر وطني جامع بهدف توحيد السلطة التنفيذية والقبول بنتائج الانتخابات في حال حدوثها، وفكرة الاجتماع الخماسي للأطراف الفاعلة في ليبيا أتت بعد توافق المجلسين الأعلى للدولة والبرلمان حول الانتخابات، وبعدها تُعقد جلسة لإصدار ميثاق للقبول بنتائج الانتخابات، ونحن لم نضع أي شروط للجلوس إلى طاولة الحوار، وهي أفضل وسيلة للتوافق".
وأضاف، "الإشكال عندنا في ليبيا منذ عام 2017 في القوانين الانتخابية فقط، وأكبر معضلة هي الانتخابات، والخلاف بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة ينحصر حول هذه المسألة، ولو حدث الاتفاق هنا فستصبح مسألة وضع خريطة طريق للمرحلة المقبلة سهلة على شرط أن تكون من دون تدخلات خارجية".
وتابع، "الصراع في ليبيا كلف أعواماً وبركاً من الدم، ونحن لم نكن يوماً متعنتين، وحاولنا زرع الثقة بين الليبيين ولم نكن يوماً مرتهنين لجهات أجنبية، وقراراتنا داخل المجلس الأعلى للدولة تؤخذ داخل القاعات وبعد صراع حولها، أما البرلمان فقرارته يأخذها رئيسه بمفرده وهذا يثير التساؤل حول التدخلات الخارجية، وأنا لا أتهم أحداً لكن أي وجود عسكري داخل ليبيا فيه انتقاص من السيادة الليبية، ونحن لسنا طرفاً في الصراع لكننا نمثل جزءاً كبيراً من الليبيين ولا نبحث عن تأبيد الأزمة، والاتهامات الموجهة إلينا هي محاولات لتوجيه الرأي العام خدمة لأجندات أجنبية معروفة".
واعتبر أنه "طالما أن المؤسسة القضائية بعيدة من التجاذبات السياسية فهي تسهم في استقرار ليبيا، وطالما أن المؤسسة لا تزال موحدة بين الشرق والغرب والجنوب، فستكون من أسباب توحيد البلاد".
انتشار السلاح
وعن مسألة انتشار السلاح في ليبيا وخروجه عن سيطرة الدولة رأى تكالة أن "المسألة خطرة وتعد مشكلة قديمة تعود لثورة فبراير (شباط) 2011 مع فتح مخازن الأسلحة بالكامل أمام الليبيين"، فضلاً عما وصفه بـ "التغذية من الخارج لأطراف الصراع بالسلاح"، معتبراً أن "المجتمع الدولي أسهم في انتشار السلاح داخل ليبيا واستمرار جلبه من الخارج".
وفي رأيه أن ليبيا تحتاج إلى مساعدة من المجتمع الدولي في وقف توريد السلاح إليها، إضافة إلى إرادة حقيقة لتحقيق ذلك وحكومة قوية تفرض سيطرتها وتبسط نفوذها لحل مشكلة السلاح، ومن دون ذلك لن يكون هناك استقرار في البلاد، على حد تعبيره.
وتعهد رئيس المجلس الأعلى للدولة في ختام اللقاء بالسعي إلى توحيد ليبيا والعمل على استقرارها وإخراجها من أزمتها، منوهاً بأن ذلك "يحتاج إلى خطاب سياسي وإعلامي يربط بين الليبيين ويوحدهم ولا يفرقهم"، آملاً في أن يضع بصمة تصل البلاد من خلالها إلى الانتخابات وتحقيق دولة مستقرة ذات سيادة.