من المنتظر أن يلتقي منتجو النفط في أبوظبي لبحث أوضاع السوق، وسط توقعات بأن تبحث لجنة المتابعة في أوبك خفضا جديدا في إنتاجها، بهدف رفع الأسعار المتراجعة على خلفية الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلا أن محللين يشكّكون في إمكانية نجاح هذه الخطوة بوقف الانحدار.
وتواجه منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" بقيادة السعودية، والدول المنتجة خارجها على رأسها روسيا، تحديا رئيسا يتمثل في تحقيق توازن في سوق النفط حيث تواصل الأسعار تراجعها، على الرغم من خفض الإنتاج والعقوبات الأميركية على قطاع النفط في إيران وفنزويلا. وكانت هذه الدول اتفقت في بداية 2019 على خفض الإنتاج بمعدل 1,2 مليون برميل يوميا.
وبحسب المحلّلين، تبدو الخيارات محدودة أمام الدول المنتجة في اجتماع لجنتها المتخصّصة بتطبيق اتفاق خفض الانتاج في أبوظبي الخميس المقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لجنة مراقبة الأسعار تواجه هذه الصعوبات
من جانبه، اعتبر الخبير في شؤون النفط د.أنس الحجي، "أن الأسواق لا تزال تعاني ضبابية شديدة الآن، وبذلك فإن اللجنة ستواجه صعوبة في الوصول إلى إجماع على التوصيات".
وأوضح لـ"اندبندنت عربية"، "أن الوضع الحالي يشير إلى أحد نتيجتين، إما توصية بإبقاء الإنتاج على حاله مع ضرورة التزام الدول الأعضاء بالحصص الإنتاجية، أو زيادة التخفيض الحالي كي يتناسب الإنتاج مع هبوط النمو في الطلب العالمي على النفط".
"أما الخيار الأول سيمنع الأسعار من الانخفاض، لكن الخيار الثاني سوف يدعم السعر، وأضاف، "مشكلة دول أوبك+ الآن هي الوضع الاقتصادي العالمي والحروب التجارية، وليس الصخري الأميركي".
وأشارت وكالة "رويترز" إلى أنه مع أنّ الخطوة المتوقعة هي اقتراح خفض جديد في الإنتاج، ما قد يساعد على رفع الأسعار مؤقتا، إلا أنّ هذا القرار سيتسبب بتقليص أكبر في حصص كل من الدول المنتجة في عملية انتاج النفط، الأمر الذي سيزيد من خسائرها السابقة.
وقال "أم. آر. راغو"، نائب الرئيس التنفيذي في إدارة الأبحاث المنشورة في المركز المالي الكويتي، "تقليديا، لجأت أوبك إلى خفض الإنتاج بهدف رفع الأسعار، لكن هذا الأمر أدى إلى تراجع حصتها في سوق النفط العالمية من مستوى 35% القياسي في 2012 إلى 30% في يوليو (تموز) 2019".
تحركات "أوبك" تعزز تحسن الأسعار
وساعدت اتفاقات خفض الإنتاج في السابق على زيادة الأسعار، لكن الاتفاق الأخير بداية هذا العام لم يؤد إلى نتائجه المرجوة، حيث واصلت الأسعار انحدارها على الرغم من الموافقة على تمديد خفض الإنتاج لتسعة أشهر إضافية بدءا في يونيو (حزيران) الماضي.
وعشية انطلاق المؤتمر، أكّد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي في مؤتمر صحافي في أبوظبي، أن الدول المنتجة للنفط ستقوم "بكل ما هو ضروري" لتحقيق التوازن، لكنه أضاف أن خفض الإنتاج بشكل أكبر مما هو عليه حاليا "ليس قرارا يمكن أن نتّخذه بسهولة".
وتلعب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين دورا رئيسا في هذا الأمر، إذ إن التلويح بفرض الضرائب خلق تخوفا من انكماش اقتصادي على مستوى العالم قد يقوّض الطلب على النفط.
وتتراوح أسعار الخام حاليا عند مستوى 60 دولارا للبرميل بعدما تراجعت إلى مستوى الـ50 دولارا قبل بضعة أشهر، علما أنها كانت قد وصلت إلى 70 دولارا قبل نحو عام.
وتمضي التداولات في سوق النفط في ظل تقلص الإنتاج في كل من إيران وفنزويلا بفعل العقوبات الأميركية، وتباطؤ النمو في الإنتاج الأميركي.
خيارات محدودة لسياسة إنتاج النفط
وبحسب تحليل لمصرف "ستنادرد تشارترد" الشهر الماضي، فإنّ "النمو في إنتاج النفط الصخري الأميركي ابتعد عن وتيرته السابقة، فيما أصبح أنتاج أوبك عند أقل معدلاته منذ 15 عاما بعدما تقلّص بواقع 2.2 مليون برميل يوميا في الأشهر التسعة الأخيرة".
واعتبر المصرف أنّ "خيارات تحديد السياسة النفطية في الدول المنتجة الرئيسة أصبحت محدودة في الوقت الراهن"، موضحا "على النقيض من أزمة الأسعار في 2014-2015 وأواخر 2018، الأزمة الحالية ليس مدفوعة بعدم توازن السوق".
وتقوم لجنة متابعة تنفيذ اتفاق خفض الإنتاج بالإشراف على عملية التطبيق، ولا يحق لها اتخاذ قرارات نيابة عن الدول المنتجة في اوبك وخارجها، لكنها قد تقترح خطوات ليجري مناقشتها خلال اجتماع مهم للدول المنتجة في فيينا في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وفي تقرير، رأت مجموعة "رابيدان انرجي غروب" للطاقة أخيراً، أن على الدول المنتجة خفض الإنتاج بنحو مليون برميل إضافي من أجل تحقيق توازن في السوق.
ويكمن التحدي الرئيس في تحديد الدول التي ستتحمل العبء الأكبر في أي انخفاض جديد، خصوصا أن السعودية قامت بخفض إنتاجها أكثر مما كان مطلوبا منها خلال الفترة الماضية للمساعدة على تطبيق الاتفاق بشكل كامل.
خفض الإنتاج قد لا يكون الخطوة الكافية لاستقرار الأسعار
في سياق متصل، أكّد وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، أن الدول المنتجة للنفط ستقوم "بكل ما هو ضروري" لتحقيق التوازن في سوق الخام، مع بقاء الأسعار عند مستوياتها المتدنية متأثّرة بالخلافات التجارية وتراجع الطلب.
لكن المزروعي حذر في الوقت ذاته من أن قرار زيادة خفض الإنتاج اليومي المتفق عليه، قد لا يكون الخطوة المثلى لرفع الأسعار بسبب التداعيات المحتملة للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وأوضح أن خفض الإنتاج بشكل أكبر مما هو عليه حاليا "ليس قرارا يمكن أن نتّخذه بسهولة".
وشدّد في الوقت ذاته على أنّ الدول المنتجة للذهب الأسود في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وخارجها "ملتزمة بمناقشة أي مسألة ترى المجموعة أنّها ستساعد على توازن السوق، وستقوم بكل ما هو ضروري لتحقيق ذلك".
وتبحث الدول المنتجة للنفط في أبوظبي هذا الأسبوع خفضا جديدا في إنتاجها، بهدف رفع الأسعار المتراجعة بسبب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إلا أن محللين يشكّكون في إمكانية نجاح هذه الخطوة بوقف الانحدار.
وتواجه "أوبك" بقيادة السعودية والدول المنتجة خارجها بزعامة روسيا، تحديا رئيسا يتمثل في تحقيق توازن في سوق النفط حيث تواصل الأسعار تراجعها، رغم خفض الإنتاج والعقوبات الأميركية على قطاع النفط في إيران وفنزويلا.
وكانت هذه الدول اتفقت في بداية 2019 على خفض الإنتاج بمعدل 1.2 مليون برميل يوميا.
أحداث إيجابية تعزز اتجاه السوق نحو الاستقرار
من جانبه قال خبير النفط محمد الشطي، إن أنظار السوق تتجه إلى أبوظبي حيث ينعقد اجتماع اللجنه الوزاريه لمراقبة الإنتاج وأهمية الاجتماع الوزاري تبرز لعدة أمور فقد شهدت السوق تعافياً بعد أنباء عن تجدد جولة من المفاوضات بين الولايات المتحده والصين التي يعتقد أنها تبدا في شهر أكتوبر (تشرين الأول)، كذلك تأكيدات من بنك الاحتياطي الفيدرالي بمتانة الاقتصاد الأميركي وهي مؤشرات عبّرت عنها سوق النفط بتعافٍ في الأسعار إلى حين ظهور مؤشرات تؤكد تعافي الاقتصاد العالمي.
ومن المنتظر أن يشارك الأمير عبدالعزيز بن سلمان، في أول اجتماع رسمي منذ توليه وزارة الطاقة في السعودية، وسوف تتابع الأسواق تصريحاته باهتمام حيث أن السعودية هي ثالث أكبر منتج للنفط في العالم لتتعرف على اتجاهات النفط خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف الشطي، "أعتقد أن السعودية تكلل وتبني على نجاحات اتفاق التعاون لخفض الإنتاج بآليات تضمن استمرار التعاون لتحقيق توازن أسواق النفط وفق استراتيجية واضحة المعالم، وبالتالي سنرى تعافيا تدريجياً لتعافي الأسعار بحنكة وزير الطاقة الجديد خصوصا أنه أحد أعمدة تشكيل استراتيجيات منظمة أوبك من خلال الاستراتيجية الطويلة الأجل للمنظمة، ويحظى بعلاقات مميزة بين أجميع الأعضاء وقد شارك بفاعليه في عدة قرارات مصيرية للمنظمة في السابق لتحسين أوضاع السوق".
وأوضح الشطي، "أن السوق النفطية تتابع أيضاً تصريحات منسوبة للوزير الإماراتي سهيل المزروعي التي أوضح فيها أنه ربما يكون موضوع تعميق الخفض مطروحا في الاجتماع المقبل، حسبما نقلته بعض وسائل الإعلام، لكن في النهاية أي مقترح من اللجنة يجب أن تتم الموافقه عليه من دول تحالف المنتجين".
وذكر "أن الوضع الحالي في أساسيات السوق النفطية "أن نسب الالتزام بالاتفاق تؤكد مدى جدية الدول الأعضاء في تحالف المنتجين في الاتفاق لتحقيق استمرار توازن السوق، وإن كان بعض الخفض لبعض الدول مثل فنزويلا وإيران لأسباب فنية وجيوسياسية لكنه يَصْب في خانة تقييد المعروض الذي يعني تخفيض المخزون النفطي".
التوترات التجارية تضغط على الأسعار
ويتفق المراقبون على أن ضعف أسعار النفط والتذبذب في الأسعار والضغوط هي بالدرجة الأولى تعود إلى التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأميركية ومؤشرات ركود في بعض الدول مثل ألمانيا وتراجع وتباطؤ في دول أخرى وتباطؤ في الإنتاج الصناعي، وهي في المحصلة تصب في اتجاه تباطؤ في معدل تنامي الاقتصاد العالمي مقارنة بالأعوام السابقة وهو ما أسهم في توقعات ضعف تنامي الطلب العالمي على النفط ويسبب قلق الأسواق من استمرار حاجه السوق من تحالف المنتجين إلى لعب دور فاعل في توازن الأسواق ربما في عام 2020، ولذلك فإن أي تطمينات تصب في هذا الاتجاه بلا شك تعني تعافي في الأسعار واستقرار للأسواق. لذلك فإن التوقعات تشير إلى أن الاجتماع سيكون مهماً ومحط أنظار السوق والمراقبين لاستلهام معالم المرحلة المقبلة والتعويل عليه يحمل مؤشرات ايجابية قد تتعافى معها السوق والأسعار.