Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكاية "نصب صنعاء" التذكارية وتناقضاتها بين الزعماء المتعاقبين

شكلت الشواهد الصينية والتركية والمصرية مادة جدلية في الجمهورية بين من يطالب بصونها والداعي إلى هدمها

النصب التذكاري المعروف باسم "القبر الصيني" (مواقع التواصل)

ملخص

وهدم الحوثيون النصب التذكاري التركي في صنعاء في مارس

للمجسمات التذكارية حكايات لافتة تختلف من بلد إلى آخر، ذلك أنها تجسد بالنقش على الحجر أحداثاً مؤثرة خطفت الأضواء في مرحلة مهمة من حياة الشعوب، وتخلدها في ذاكرة الأجيال، لكن هذه الرموز التي تقف شامخة في مناطق شتى حول العالم، تتحدث عن ماضٍ سياسي أو عسكري أو ثقافي أو إنساني أو ديني قد تتعرض للتجريف والهدم والإزالة عند حدوث تصدعات في منظومة الحياة العامة جراء تغير الأنظمة الحاكمة إلى أخرى جديدة بفعل الانقلابات أو الثورات الشعبية أو الحرب.

وكما هو الحال مع بعض الصروح التذكارية الواقعة في العاصمة اليمنية صنعاء الشاهدة على أحداث مفصلية في تاريخ البلاد، وعن علاقات نوعية في مجالات عديدة جمعت اليمني بشعوب عربية وعالمية، يأتي على رأسها النصب التذكاري التركي، والنصب المصري، والقبر الصيني.

لكن هذه المجسمات التذكارية تعرض بعضها إما للإزالة أو الهدم الجزئي أو الكلي، وأضحت أخرى مهددة أيضاً بالمصير نفسه، أو في الأقل ظهرت دعوات أو مطالبات بإزالتها خلال سنوات الحرب.

المجسم التركي

وهدم الحوثيون النصب التذكاري التركي في صنعاء في مارس (آذار) عام 2022، إذ يعد المجسم الذي أقيم في محيط وزارة الدفاع اليمنية بين شارع التحرير وسور صنعاء القديمة، وسط العاصمة رمزاً للتاريخ المشترك بين اليمن وتركيا ويخلد ذكرى الآلاف من القتلى الأتراك الذين فقدوا حياتهم في صحارى وجبال اليمن.

حينها، نددت الحكومة التركية واعتبرت السلوك الحوثي اعتداءً غادراً وإساءة للعلاقات المتجذرة بين تركيا واليمن، بينما قال المسؤول الحوثي حسين العزي إنه "لا ينبغي لأحد أن يستاء من هدم هذا النصب لأنه في الواقع غير ضروري، ويذكر بالجانب السلبي من تاريخ الشعبين الشقيقين، وهو جانب الدم والحروب والأوجاع الكبيرة".

 

 

وكان الرئيس التركي السابق عبدالله غول قد حضر افتتاح المجسم التذكاري لبلاده في صنعاء عام 2011 معية نظيره اليمني الراحل علي عبدالله صالح.

الجندي المصري

أما النصب التذكاري المصري الواقع في العاصمة اليمنية صنعاء، والذي وضع حجر أساسه في الـ26 من سبتمبر (أيلول) 1974 الرئيس الراحل إبراهيم الحمدي، وفي مايو (أيار) 2006 افتتح رئيس الوزراء المصري الأسبق أحمد نظيف حديقة النصب التذكاري المصري في صنعاء، ليخلد ذكرى قتلى الجيش المصري الذين سقطوا في شمال اليمن وهم يقاتلون إلى جانب الثوار بعد اندلاع ثورة الـ26 من سبتمبر ضد الحكم الملكي عام 1962 بدعم من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي سبتمبر الماضي ظهرت مطالبات لناشط محسوب على الحوثيين، وائل شمس الدين، بإزالة النصب التذكاري المصري واستبدال آخر للإمام يحيى حميد الدين ونجله أحمد، به، واللذين قامت عليهما ثورة الـ26 من سبتمبر في شمال اليمن.

ويشير البرلماني شوقي القاضي في حديثه مع "اندبندنت عربية" إلى أن "وجود المعلم المصري في قرى لا تصل إليها وسائل الحداثة، وتحمل عناء المعيشة في الأرياف اليمنية بعيداً من المدن وبعيداً من مناطق الخدمات من أجل أن يخرج أجيالاً من المتعلمين، فالمجسم التذكاري المصري في اليمن له دلالته، وينبغي أن يخلد، وأن يهتم به، بل وينبغي أن يطور إلى معالم أخرى، معالم ثقافية ومعالم فنية".

مجسم "القبر الصيني"

أما النصب التذكاري الصيني فهو الوحيد بين النصب الثلاثة، والذي لم يأتِ على خلفية غزو أو حرب، بل كان تخليداً لمرحلة تعاون وإنسانية امتزجت فيها الآمال بالآلام بين الشعب اليمني، ونظيره الصيني.

 

 

ويأتي هذا المجسم الصيني تخليداً للعمالة الصينية التي وفدت إلى اليمن لإنشاء مشاريع البنية التحتية والمشاريع التنموية الأخرى، نهاية الخمسينيات، وسقط العشرات منها بفعل الحوادث العرضية فجاء هذا النصب التذكاري تخليداً للعمال والمهندسين الصينيين الذين فقدوا حياتهم في اليمن.

وتم دفن أكثر من 60 صينياً في مقبرة الصينيين في صنعاء، ممن سقطوا أثناء عملهم في اليمن ومن بينهم المهندس العام لمشروع طريق صنعاء – الحديدة تشانغ تسي شيوا (39 سنة).

ووصف تقرير صادر عن وزارة خارجية جمهورية الصين الشعبية عام 2014 ما حدث آنذاك بأنها "مرحلة امتزجت فيها آمال وطموحات الأجيال من الآباء اليمنيين مع أصدقائهم الصينيين الذين ضحوا بحياتهم في المرتفعات وقمم الجبال وهم يشقون الطريق باستخدام أدوات بدائية وأبسط معدات المسح (السفلتة)".

وكان اليمن من أول البلدان التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين في الـ24 من سبتمبر عام 1956. وبالتوازي كانت الصين من الدول التي بادرت إلى مساعدة اليمن عبر تمويل وتنفيذ حزمة من المشاريع الخدمية والتنموية عام 1959. واكتسبت العلاقة بين الجانب اليمني والصيني أهمية خاصة بعيد تمويل وتنفيذ الصين أهم شريانين حيويين هما طريق صنعاء - الحديدة، وطريق عدن - المكلا، وتنفيذ عدد من المشاريع التنموية الأخرى. وقد بدأ تنفيذ شق الطريق الأول عام 1959، بطول إجمالي يبلغ 231 كيلومتراً، وأنجز عام 1962.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي