في ظل انتشار ملايين القطع من حطام الأقمار الاصطناعية في المدارات الفضائية، والتي تشكل خطراً على الإنسان وكوكب الأرض، تشهد العاصمة السعودية الرياض خلال يومي 11 و12 فبراير (شباط) 2024 أعمال مؤتمر "الحطام الفضائي" تحت شعار "نحو تأمين مستقبل اقتصاد الفضاء العالمي"، بهدف تعزيز الوعي العالمي حول تحديات الحطام الفضائي وإيجاد حلول مستقبلية تسهم في التخلص من الأخطار، وسبل تأمين كوكب الأرض، بمشاركة 260 متحدثاً من أكثر من 50 دولة حول العالم، إلى جانب عديد من الرؤساء التنفيذين وقادة قطاع الفضاء في العالم.
تشريعات المواجهة
يهدف المؤتمر الذي تنظمه وكالة الفضاء السعودية، بالشراكة مع مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي UNOOSA كشريك محتوى، وهيئة الاتصالات والفضاء والتقنية بوصفها شريكاً في الاستضافة، إلى تعزيز الوعي حول تحديات حطام الفضاء لضمان مستقبل مزدهر وآمن لاستكشاف الفضاء، حيث تسعى السعودية من خلاله إلى تقديم خريطة طريق شاملة لمواجهة التحديات الناجمة عنه، من خلال عمله على بحث التشريعات والسياسات لمواجهة تحدي الحطام الفضائي، وتنشيط المؤتمر لعمليتي البحث والابتكار، وتطوير آليات وحوكمة عالمية فعالة للتخفيف من آثار هذا الحطام.
وقالت آرتي هولا مديرة مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي خلال كلمتها في المؤتمر، "يجب علينا العمل وتحقيق التوافق على قوانين متفق عليها في مجال الفضاء، وندرك أننا سنواجه تحديات جمة مع استمرار عمليات إطلاق الأقمار الاصطناعية، ونحن بحاجة إلى تسريع جهودنا والتركيز على عملنا لتجاوز المعوقات الرئيسة وتحقيق التقدم في هذا المجال".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتحدثت الأمينة العامة للاتحاد الدولي للاتصالات دورين بوغدان خلال المؤتمر، عن الفرص التي يقدمها المؤتمر للمجتمع الدولي وقالت "إن مؤتمرنا الحالي والجامع يمثل فرصة حقيقية لتعزيز التعاون الدولي وبناء قرارات مستدامة تضمن الحفاظ على بيئة الفضاء واستغلاله بشكل مثمر لمصلحة البشرية، لنتحد جميعاً في جهودنا لتحقيق التقدم في هذا الصدد، ومن الرياض لنجعل التعاون الدولي والإرادة المشتركة القوة الدافعة للحفاظ على الفضاء واستخدامه بشكل مستدام لمصلحة الجميع".
كمية الحطام
وأوضح الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء السعودية محمد التميمي خلال كلمته في افتتاح أعمال المؤتمر، أنه "يمثل مناسبة مهمة للتعبير عن التزامنا الراسخ بمكافحة التحديات التي تواجه إدارة الحطام الفضائي"، مشيراً إلى أن الزيادة المستمرة في كمية الحطام الفضائي وتأثيرها المحتمل على سلامة المركبات الفضائية وتقدم البشرية في استكشاف الفضاء، بخاصة في ظل إشارة التقديرات إلى وجود عشرات الآلاف من الأجزاء والقطع الفضائية المتناثرة في المدارات الأرضية، مما يجعل ضرورة التصدي لهذه الظاهرة أكثر إلحاحاً وأهمية".
وكشف التميمي خلال المؤتمر عن كمية الحطام في الفضاء، وأشار إلى أن هناك نمواً متزايداً لحطام الفضاء إذا لم يتم السيطرة عليه، مبيناً أن التقديرات الأولية تشير إلى أنه سيكون هناك أكثر من 34 ألف قطعة من الحطام في الفضاء يتخطى حجمها 6 أمتار، كما أن هناك مليون قطعة يتراوح حجمها من 1 إلى 10 سنتيمترات، و130 مليون قطعة حجمها أقل من سنتيمتر واحد، وهذا العدد سيتغير مع الوقت، الأمر الذي يستوجب مواجهة هذه المشكلة".
وأشار إلى أن العالم يخطط لإطلاق أكثر من 30 ألف قمر اصطناعي بحلول عام 2030، وهو رقم يمثل 3 أضعاف ما تم إطلاقه من أقمار اصطناعية خلال الـ60 عاماً الماضية، والتي شهدت إطلاق 12 ألف قمر، من بينها 9 آلاف قمر فاعل الآن.
اتفاقيات للمراقبة
على هامش المؤتمر وقعت وكالة الفضاء السعودية اتفاقيتين، إحداها مع شركة "نورث ستار" NorthStar الرائدة عالمياً في مجالات الرصد وتتبع الأجسام الفضائية، وتهدفان من خلالها إلى تعزيز تعاونهما من أجل تقييم واستكشاف الفرص المختلفة التي قد تنشأ في المستقبل، وتبادل الخبرات والمعارف في مجال الوعي بالظرف الفضائي.
الاتفاقية الثانية مع شركة "ليو لابز" LeoLabs بهدف بناء علاقة تعاونية في مجال مراقبة الفضاء، وتبادل الخبرات والمعارف ذات الصلة، إضافة إلى استكشاف فرص التعاون المستقبلية.
وفقاً للمذكرة، ستعمل شركة "نورث ستار "على دعم نمو صناعة الفضاء في السعودية، وتنمية قدرات البحث والتطوير، واستكشاف الفرص في بناء مركز التميز المتخصص بالوعي بالظرف الفضائي، إضافة إلى إدارة حركة المرور الفضائية، مع التركيز على البحث والاستكشاف في الاستدامة الفضائية، وبيئة الفضاء، وتقنيات الاستشعار المختلفة مثل التقنيات البصرية وأجهزة الرادار والراديو الترددي، واستكشاف قدرات تحليلات البيانات المتقدمة.
كما ستعمل الوكالة مع شركة "نورث ستار" بموجب مذكرة الاتفاقية على استكشاف الفرص المتاحة للشركة لإبراز القيمة المضافة المتوقع تقديمها لقطاع أعمال الفضاء المدنية، إضافة إلى ذلك سيعمل الجانبان على تعميق تعاونهما في المجالات والمشاريع التي تتعلق بفرص المساهمات الاستراتيجية التي يمكن أن تقدمها الشركة في مجال الوعي، وتسهيل المناقشات مع الجهات ذات العلاقة لإنشاء المرافق والشركات الفرعية في السعودية.
من جهته، أوضح الرئيس التنفيذي لوكالة الفضاء السعودية "أن توقيع هذه المذكرة يعكس التزام الرياض بتطوير وتعزيز صناعة الفضاء بها، وتعزيز دورها في مجال مراقبة الفضاء، والمشاركة الفاعلة في إيجاد حلول للتحديات المتصاعدة في هذا المجال"، مشيراً إلى أن المذكرة تعكس الالتزام الكبير بالتعاون الدولي وبناء شراكات استراتيجية لتحقيق التقدم والابتكار في مجال الفضاء.
ولفت إلى أن "المؤتمر سيتيح الفرصة كاملة للعمل بشكل وثيق على تعزيز التواصل مع الجهات الرائدة في قطاع الفضاء بشقيها العام والخاص، وصولاً إلى تحسين قدرات الرصد والتحليل، والمساهمة الفعالة في مكافحة جميع تحديات الاستكشاف السلمي للفضاء، بما فيها الحطام".
حلول مستقبلية
في سياق متصل، تضمن المؤتمر في يومه الأول، 4 جلسات حوارية و3 كلمات رئيسة ناقشت التشريعات والتوجهات المستقبلية في مواجهة تداعيات الحطام الفضائي، وطرحت مجموعة من الأفكار للحلول المستقبلية التي تسهم في التخلص من الأخطار، وسبل تأمين كوكب الأرض، وسيصاحب المؤتمر إقامة معرض للشركات المحلية والعالمية المتخصصة في تقنيات الفضاء وعلومه بهدف التعريف بأخطار الحطام الفضائي وزيادة التوعية بالتطورات التقنية المتسارعة التي تسهم في معالجة هذا التحدي الذي يواجه البشرية جمعاء.
يذكر أن وكالة الفضاء السعودية تطمح بالتعاون مع شركائها الإقليميين والعالميين، للعمل على تعزيز الوعي العالمي حول تحديات الحطام الفضائي، عاملة من أجل ذلك على تنظيم مؤتمرها "الحطام الفضائي: نحو تأمين مستقبل اقتصاد الفضاء العالمي"، الذي تستضيفه الرياض حالياً لتشكيل أكبر منصة للحوار العالمي للتصدي لهذا التحدي الكبير.
