Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جرائم الاعتداء الجنسي في المستشفيات البريطانية لا تلقى بالاً

أظهرت إحصاءات جديدة أن عدداً قليلاً من الشكاوى المرفوعة قد انتهى بتوجيه اتهاماتٍ جنائية

أبلغت امرأة في إحدى وحدات الصحة العقلية عن تعرضها لخمسة اعتداءات جنسية مزعومة في عامٍ واحد، في "مستشفى غلوسترشير" (إندي)

ملخص

أخفقت أجهزة الشرطة في تحقيق العدالة لمرضى الصحة العقلية في مستشفياتٍ في المملكة المتحدة، وسط مزاعم عن تعرضهم لعنفٍ جنسي، بحيث أظهرت إحصاءات جديدة أن عدداً قليلاً من الشكاوى المرفوعة قد انتهى بتوجيه اتهاماتٍ جنائية

أخفقت أجهزة الشرطة في تحقيق العدالة لمرضى الصحة العقلية في مستشفياتٍ في المملكة المتحدة، وسط مزاعم عن تعرضهم لعنفٍ جنسي، بحيث أظهرت إحصاءات جديدة أن عدداً قليلاً من الشكاوى المرفوعة قد انتهى بتوجيه اتهاماتٍ جنائية.

وتبين الأرقام التي كشفت عنها "اندبندنت" أن أكثر من 1,374 بلاغاً عن حالات اغتصاب واعتداءٍ جنسي في مستشفيات الطب النفسي، جرى تقديمها للشرطة في العامين الأخيرين، ومع ذلك، لم يُوجه سوى 26 اتهاماً فيها، أي أقل من 2 في المئة.

ويتعلق الجزء الأكبر من هذه التقارير باعتداءاتٍ مزعومة على مرضى - جميعهم يعانون من اضطرابات عقلية - تشمل جرائم تتفاوت ما بين الاغتصاب والاعتداء الجنسي واستراق النظر خلسة إليهم.

هذه الخلاصات المثيرة للقلق تأتي في أعقاب تحقيقٍ مشترك واسع النطاق أجرته "اندبندنت" وشبكة "سكاي نيوز"، كشف عن "فضيحةٍ وطنية" من سوء المعاملة داخل مرافق الصحة العقلية التي تديرها هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" (ان إتش أس) NHS، مع الإبلاغ عن نحو 20 ألف حادثة اعتداء جنسي أو تحرش على مدى الأعوام الخمسة الأخيرة.

ومنذ نشر نتائج التحقيق، تقدم المزيد من الضحايا المزعومين، بحيث أبلغ كثيرٌ من الأفراد "اندبندنت" عن عدم قيام أجهزة الشرطة بمتابعة ادعاءاتهم أو النظر فيها.

وفي هذا الإطار يمكن لـ "اندبندنت" أن تكشف الآتي:

• جرى إبلاغ قوى الشرطة خلال العامين الماضيَين عن 357 ادعاء بالاغتصاب - ثلاثة منها كانت تتعلق باغتصابٍ جماعي - عبر 340 جناحاً من أجنحة الصحة العقلية

• أبلغت امرأة في إحدى وحدات الصحة العقلية عن تعرضها لخمسة اعتداءات جنسية مزعومة في عامٍ واحد، في "مستشفى غلوسترشير"

• الأسباب الرئيسة لعدم الأخذ بالمطالبات، تمثلت في "صعوبات إثبات الاعتداءات"، أو لسوء صحة المشتبه به، أو لعدم وجود مصلحة عامة في الملاحقة القضائية.

ضابط رفيع المستوى في قوى الشرطة أوضح لـ "اندبندنت" أن "عناصر الشرطة يميلون إلى التسرع في اعتبار الأدلة غير موثوقة، من جانب الأشخاص المبلغين الذين أدخلوا إلى المستشفيات بموجب "قانون الصحة العقلية"  Mental Health Act" (تشريع بريطاني يسمح بالاحتجاز الإجباري وعلاج الأفراد الذين يعانون من اضطراباتٍ عقلية، ويعتبَرون خطرين على أنفسهم أو على الآخرين).

وفي تعليق على هذه الأرقام، قالت أميليا هاندي من منظمة "أزمة الاغتصابات" Rape Crisis (وهي مؤسسة خيرية نسوية تعمل على إنهاء العنف والاعتداءات الجنسية في إنجلترا وويلز): "إنه لأمرٌ مقلقٌ للغاية أن تنتشر حالات الاغتصاب والاعتداء الجنسي داخل أقسام الصحة العقلية، وهي البيئات التي يُفترض أن يكون فيها المرضى في مأمن من الأذى".

واعتبرت أنه "من غير المقبول أن يلق اللوم بشكلٍ غير عادل على الأفراد الذين يواجهون مخاوف خطيرة تتعلق بالصحة العقلية، واعتبارهم غير ذي ثقة، من دون إمكانية اللجوء إلى القانون. وهذا الوضع يبعث برسالة مثيرة للقلق مفادها أن مرتكبي العنف الجنسي يمكن أن يتصرفوا من دون عواقب".

 

وأضافت هاندي أنه "استناداً إلى البيانات التي جُمعت من 41 جهاز شرطة، بموجب "قانون حرية الحصول على المعلومات"، فقد تم تقديم الشكاوى عبر 340 مستشفى خاصاً وآخر تابعاً لهيئة ’أن إتش أس‘، في الفترة الممتدة ما بين العام 2021 والعام 2023. ومع ذلك، فإن 26 فقط من هذه الشكاوى قادت إلى توجيه اتهامات أو أوامر استدعاء".

يُشار إلى أن بيانات الشرطة تفتقر لمعلوماتٍ تكشف عن عدد الإدانات، وعما إذا كانت الشكاوى المرفوعة قد أحيلت إلى "خدمة النيابة العامة الملكية" Crown Prosecution Service، وهي الهيئة المسؤولة عن تحديد ما إذا كان ينبغي توجيه تهمٍ أم لا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كاتريونا روبنز، المحامية المشاركة في فريق الانتهاكات التابع لشركة المحاماة "لي داي"  Leigh Day، (مؤسسة محاماة متخصصة في الإهمال الطبي والإصابات الشخصية والتوظيف وحقوق الإنسان)، طالبت الحكومة البريطانية بوضع إطارٍ تنظيمي إلزامي للعاملين في مجال الرعاية الصحية، على غرار المخطط القانوني المعمول به بالنسبة إلى الأطباء والممرضات.

ولفتت السيدة روبنز إلى أن فريقها تعامل مع حالةٍ قام فيها أحد مساعدي الرعاية الصحية في جناح للمرضى الداخليين، باستخدام هوية مزورة والفرار لاحقاً، ما يعني استحالة تعقب الشرطة له.

وأضافت لـ "اندبندنت": "لسوء الحظ، يمكن أن يكون هناك تحيز بنيوي ضد الأفراد الذين يعانون من اضطراباتٍ في الصحة العقلية، ما يؤثر على احتمال تصديقهم من جانب هيئة المحلفين".

وتخوفت المحامية المتخصصة في قضايا الانتهاكات، من أن يؤثر هذا النقص في المعلومات على عملية صنع القرار في "دائرة الادعاء العام الملكية"، حيث يتعين على المدعين تقييم ما إذا كان هناك احتمالٌ واقعي لتوجيه إدانة.

وأشارت السيدة روبنز كذلك إلى أن "من الأهمية بمكان إدراك أن الأفراد غالباً ما يكونون في مواقف صعبة للغاية عند وقوع هذه الحوادث. ولا يرغب جميع عملائنا في المضي قدماً بتوجيه إدانات جنائية".

وكان وزير الصحة البريطاني السابق ستيف باركلي قد أطلق في العام الماضي مراجعةً وطنية لأداء خدمات الصحة العقلية، وذلك في أعقاب نشر "اندبندنت" سلسلةً من المقالات في هذا الإطار. وستنظر المراجعة التي بدأت هذه السنة أيضاً في ما إذا كانت المستشفيات تضمن "السلامة الجنسية" للموظفين والمرضى على حد سواء.

إلا أن ناشطين ومرضى طالبوا بإجراء تحقيق محدد، يركز بشكلٍ خاص على الاعتداءات الجنسية في مجمل قطاع الرعاية الصحية.

إحدى المريضات وتُدعى كيلي (تم تغيير اسمها لحماية خصوصيتها وهويتها الحقيقية)، روت لـ "اندبندنت" تجربتها في التعرض 5 مرات لاعتداءاتٍ جنسية، عندما كانت تتلقى العلاج في "مؤسسة غلوسترشير للصحة والرعاية"  Gloucestershire Health and Care Foundation Trust التابعة لـ "الخدمات الصحية الوطنية".

وبحسب كيلي، فإن أول حادث مزعوم وقع معها في شهر يونيو (حزيران) من العام 2022، عندما ادّعت أنها تعرضت لاعتداءٍ جنسي من جانب شخص لا تعرفه عند مقبرةٍ تقع قبالة المستشفى، وبكامل الحزن والارتباك، اتصلت بالجناح الذي تقيم فيه للإبلاغ عن الحادث، لكن قيل لها إنه يتعين عليها أن تجد طريق العودة إلى المستشفى بنفسها".

 

وتؤكد عائلة كيلي أن إدارة المرفق الصحي لم تقم بالاتصال بالشرطة إلا بعد ساعاتٍ عدة من وقوع الاعتداء المزعوم.

وتدعي كيلي أنها تعرضت لأربعة اعتداءاتٍ جنسية أخرى، أثناء وجودها في "مستشفى ووتون لون" Wotton Lawn Hospital، في حضور موظفين خلال كل حادثة. وأفادت بأنها تعرضت في مناسبتين للاعتداء من جانب مرضى ذكور في فناءٍ مشترك للرجال والنساء. وادعت كذلك أن مريضتين في الجناح ارتكبتا الاعتداءين الآخرين.

وأضافت: "الموظفون كانوا يطمئنونني من خلال التأكيد على أنهم سيكونون يقظين ويضمنون سلامتي. ومع ذلك، فقد فشلوا باستمرار في الوفاء بوعودهم ... وبدا كأنهم قد نسوا الأمر. ولم أتلق أي دعمٍ أثناء وجودي في الجناح".

وروت كيلي أنه بعد كل اعتداء، كان العاملون في المؤسسة الصحية يتجاهلون مخاوفها. وأوردت كذلك أن الشرطة أبلغتها بأنها قد لا تتمكن من اتخاذ أي إجراءاتٍ، لأن المرضى موضع الاتهام بالاعتداء عليها، هم مرضى عقليين.

وقد رفعت كيلي ووالداها شكاوى إلى المؤسسة، لكنهم لم يتلقوا أي توضيح عن النتائج التي أفضت إليها التحقيقات.

وقال زوج والدتها في هذا الإطار إنه "فيما كان بعض الموظفين استثنائيين ورائعين، فقد فشل كثيرٌ من العاملين الآخرين في ضمان سلامة المرضى، حتى بعد وقوع الاعتداء الثالث".

وتكشف بياناتُ مصدرها "شرطة غلوسترشير" Gloucestershire Constabulary عن تلقيها 28 تقريراً عن حالات اغتصاب أو اعتداءٍ جنسي في مستشفياتٍ تديرها "مؤسسة غلوسترشير للصحة والرعاية"، منها 16 تقريراً من "مستشفى ووتون لون" وحده. ومع ذلك، لم توجه أي اتهامات في أي من هذه القضايا.

ولدى مراجعة "مؤسسة غلوسترشير للصحة والرعاية"، أفادت بأنه على الرغم من تحفظها عن التعليق على حالاتٍ فردية، فقد أكدت إدارتها أنها أجرت مراجعات لجميع الحوادث وإجراءات الإبلاغ وبروتوكولات التدريب لـ "التخفيف من المخاطر".

أما "شرطة غلوستر" فقدمت توضيحاتٍ عن الحالات التي أُبلغ عنها في "مستشفى ووتون لون"، مشيرة إلى أنه جرى الانتهاء من التعامل مع 10 شكاوى من دون تحديد أي مشتبه به، و12 قضية تتعلق بعدم قدرة الضحايا المتضررين على التعاون ودعم عملية التحقيق، فيما كانت هناك صعوباتٌ في تقديم المشتكين لأدلةً وافية في 4 حالات.

وأفادت الشرطة كذلك بأنها تتعاون بشكلٍ وثيق مع "خدمة النيابة العامة الملكية" لتحسين عدد الملاحقات القضائية الناجحة في قضايا الاغتصاب. وأشارت إلى أنها كانت في طليعة الذين تبنوا مخطط "عملية سوتيريا" Operation Soteria التابع لوزارة الداخلية البريطانية، وهو برنامج يهدف إلى تعزيز "استجابات إنفاذ القانون في قضايا الاغتصاب والجرائم الجنسية الخطيرة" Responses to Rape and Serious Sexual Offences (Rasso)، ويتضمن التعاون بين قوى الشرطة وأكاديميين وواضعي السياسات.

في المقابل، شدد متحدثٌ بإسم "خدمة النيابة العامة الملكية" أن الهيئة تتعامل مع كل إحالة بمنتهى الجدية، وأن جميع الحالات التي تنطوي على اغتصاب أو اعتداءٍ جنسي تتم مراجعتها بعناية من قبل مدعين متخصصين. وأوضح أنه على الرغم من أن وضع الصحة العقلية للشخص يؤخذ في الاعتبار، إلا أن ذلك لا يضمن تلقائياً الحصانة له أو الحماية من المساءلة عند ارتكاب جريمة كالاغتصاب أو الاعتداء الجنسي، مشيراً إلى أنه يتم تقييم كل حالة على حدة.

الجدير بالذكر هنا أنه في العام 2011، اعتمدت الحكومة معايير جديدة تحظر استخدام أماكن الإقامة المختلطة عبر مراكز الصحة العقلية التابعة لهيئة "أن إتش أس". وعلى الرغم من ذلك، فإن تلك الأماكن ما زالت قيد الاستخدام.

وفي تعليقٍ على ما تقدم، أكدت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية أنه ينبغي ألا يتقاسم المرضى أماكن نومٍ مختلطة، وأنه يجب أن تتوافر لهم مرافق استحمام ومراحيض منفصلة. وأكدت أنها تعمل في الوقت الراهن على تحديث المبادئ التوجيهية في هذا الصدد.

إشارةٌ أخيراً إلى أن "اندبندنت اتصلت بوزارة الداخلية البريطانية للتعليق على ما ورد في هذا التقرير.

© The Independent

المزيد من متابعات