Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ثغرات" في بيع الوحدات السكنية المدعمة بالجزائر

يحذر قانونيون من أخطاء كبيرة قد تكلف أصحابها الشطب من قوائم المستفيدين بأنواعها المختلفة

مشهد يظهر تخطيط العاصمة الجزائرية (أ ف ب)

على رغم كثرة قضايا النصب والاحتيال بمحاكم الجزائر المتعلقة ببيع شقق وعقارات سكنية خارج الأطر القانونية، إلا أن كثيرين لا يزالون يقعون فريسة هذه العمليات الخطرة التي لا توفر الحماية للمشتري والبائع، وهي "ثغرة" لن تسدها سوى العودة إلى أنماط التمليك الشائعة قبل نحو ما يزيد على ربع قرن بحسب متخصصين عقاريين.

يلجأ مستفيدون من السكن المدعم من طرف الدولة في الجزائر إلى أساليب لبيع أو كراء شققهم من طريق إعلانات تصادف المتصفح لمنصات التواصل الاجتماعي وعبر الصفحات المهتمة بالعقار أو حتى بتعليق لافتات كتب عليها للكراء مع رقم الهاتف بواجهات العمارة، من دون دراية بالتوابع القانونية أو كمجازفة منهم، في عمليات واسعة تنتشر منذ سنوات على رغم الشكاوى قبل سنوات من غياب سقف يؤوي أسرهم.

ولأن الحكومة الجزائرية تتمسك بالطابع الاجتماعي للدولة، أطلقت في مواجهة أزمة السكن التي فجرت احتجاجات في عدة فترات خلال العقدين الماضيين، أنواعاً مختلفة من الصيغ لتهدئة الطبقات الهشة ذات الدخل المالي الضعيف، إذ يستفيد هؤلاء من السكن العمومي الإيجاري، لكن صيغة البيع بالإيجار المعروفة اختصاراً بـ"عدل"، تعد إحدى أهم الصيغ السكنية التي تلقى رواجاً واسعاً لحد الآن وسط الجزائريين، كونها متاحة للفئات ذات الدخل المتوسط، وعقدت عليها آمالاً كبيرة للتخفيف من الفجوة في العرض والطلب.

ومع ذلك، فإن فترة الاستفادة منذ إيداع الطلبات من طرف الراغبين في الحصول على إحدى الصيغ مبالغ فيها أو لا يوجه المستفيد إلى الحي أو المدينة التي يتمنى الحصول على سكن فيها، وهما أمران بالنسبة إلى كثيرين سبباً في انتهاج خيار المغامرة بالبيع من دون وثائق.

ويقدر صاحب وكالة عقارية، طلب عدم الكشف عن هويته، نسبة انتشار هذا النظام المتبع في الجزائر بـ15 في المئة، مقدماً عذراً لعدة حالات تحصلت على منزل بعد سنوات قضوها في الكراء أو آخرون تمكنوا من اقتناء عقار يغنيهم عن العقار السكني الجديد المدعم من خزانة الدولة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي رأي ممثل الوكالة، يتطلب القضاء على الظاهرة "حزماً" من الجهات الرسمية متبوعاً بضجة إعلامية لمن تصرف في الشقة مع فرض غرامة وعقوبات أخرى تسحب منه الشقة.

ومن التناقضات التي ساقها، إحصاءات سابقة تحدثت عن وجود أزيد من مليوني سكن شاغر، في مقابل أزمة سكن بدأت تعرف انفراجاً سوى في السنوات الأربع الأخيرة عقب انهيار أسعار العقار 30 في المئة.

غياب وثائق ملكية

بدوره، قال رئيس الفيدرالية الجزائرية للوكالات العقارية نور الدين مناصري، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، إن "السكن الاجتماعي أو الذي لم تسو وضعيته لا يمكن شراؤه أو بيعه امتثالاً للقانون الذي يمنع منعاً باتاً ذلك، لأن المعني سيبيع شيئاً ليس ملكه فهو بمثابة مستأجر عند الدولة".

وكشف مناصري عن نتائج اللجوء بالنسبة إلى المشتري إلى شراء شقق في غياب وثائق ملكية، أين تعج المحاكم بأمثلة عن التعرض للابتزاز، مثلما جرى للبعض بشراء سكنات تقدر قيمتها بـ 100 مليون سنتيم أي نحو 4600 دولار، ليستيقظ البائع ويتملكه الطمع بعد خمس سنوات مضت، فيذهب إلى مطالبة الطرف الآخر باسترجاع منزله بسعره القديم، بعدما ارتفعت قيمة العقار خلال هذه المدة بثلاثة أضعاف.

وعاد المتخصص الجزائري في العقارات، إلى ما قبل العقدين الماضيين، حين وضعت الدولة وقتها تسوية للسكن الاجتماعي قبل 2004، وكان الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون هو وزير السكن وتمت تسوية القضية، وهو ما يراه المتحدث حلاً للعديد من القضايا قبل أن تصل إلى أروقة العدالة، وبالنسبة له "يعد الأمر جيداً لتسوية المشكلات فتعم الفائدة على الجميع".

لكن ينبه نورالدين مناصري، إلى حالات "قاهرة" أخرى على رغم المانع القانوني، بحيث يلجأ المستفيد إلى بيع المنزل أو تأجيره لطرف آخر مع أنه عاش معاناة لسنوات طويلة تحصل عليه في الأخير، فيقدم له سكن بعيد جداً عن مقر عمله ومحيطه الاجتماعي، وهو ما يحتم عليه البحث عن كراء أو بيعه بطريقه ما.

 


ولتجاوز كل الأخطار، تقترح الفيدرالية الجزائرية للوكالات العقارية العودة إلى ترتيبات كانت متبعة ما قبل عام 1997، فكان لأصحاب السكنات الاجتماعية الإيجارية الحق في التنازل لشخص آخر، أي يتم بيعه بطريقة غير مباشرة، وهي بيعة وصفها بـ"التنازل أو البيع بلباس قانوني"، إذ يتم التواصل مباشرة مع الديوان الوطني للترقية والتسيير العقاري في الجزائر، لتجاوز العقبات الإدارية مع تسوية الوضعية المالية ودفع عام إيجار، علماً أن 80 في المئة من المستفيدين حالياً لا يدفعون قيمة الإيجار.

وبحسب مناصري فإن الخزانة الحكومية ستمتلئ، ومنها تتخلص الدولة من طرفين، هما من تحصل على السكن والذي اقتنى منه، وكلاهما سيتم تدوين أسمائهما في الأرضية الرقمية التي تعد قائمة تكشف المستفيدين من إعانات أو عقار تابع للدولة فلا يحق لهم الحصول عليها مجدداً.

ويحذر متخصصون عقاريون وقانونيون من عملية تأجير سكنات ملكيتها ما زالت باسم الدولة، وبحسب القوانين المنظمة لهذا النوع من السكن، ففي العقد الموقع يتضمن مادة تمنع كراء أو بيع الشقة، لكن بعضهم يتولى عملية الكراء من دون أي وثيقة مكتفياً بالاتفاق المعنوي، أما آخرون يقدمون على تحرير عقد عرفي غير معترف به تتم كتابته عند كاتب عمومي لتظهر وكأنها وثيقة معترف بها لكن في الحقيقة لا تملك أي صفة قانونية.

ولهذا فإن شراء سكن "مفتاح" كما أو العرفي، لا يستطيع صاحبها استخراج أي وثيقة باسمه أو شهادة إقامة، فكل ما يملكه هو وثيقة اعتراف بدين أو عقد وديعة يثبت فقط أنه دائن له بمبلغ، من دون أن يضمن هذا الدين البقاء في الشقة إذا قرر البائع طرده منها، كما يوضح القانوني والمحامي الجزائري محمد نامون.

وقال نامون إنه من الأخطاء الكبيرة قانونياً اللجوء إلى هذا البيع، والذي قد يكلفه الحرمان من سكنه والشطب من قائمة المستفيدين سواء من السكن الاجتماعي والتساهمي أو السكن الترقوي المدعم حيث لا يحق لهم الرهن أو البيع أو التصرف فيه إلى غاية جلب عقد نهائي.

وفي الأثناء، شددت الحكومة الجزائرية التدابير القانونية الخاصة بمحاربة الغش والتزوير الذي يدخل في هذا الباب بعد صدور تشريع خاص، إذ طاول العديد من المجالات، واتخذت الظاهرة أشكالاً عدة منها حصول البعض، من دون وجه حق، على امتيازات، ومنح أو مساعدات اجتماعية أو سكن أو عقار ما كلف الخزانة العمومية أموالاً طائلة خلال السنوات الماضية.

المزيد من العالم العربي