ملخص
بعد سنتين على الهجوم على أوكرانيا، كيف تواجه روسيا الحظر النفطي والعقوبات الغربية عليها؟
بعد سنتين على الهجوم على أوكرانيا، وفي مواجهة سيل العقوبات الغربية على موسكو المرتبطة خصوصاً بصادراتها من النفط عبر البحر، تمكنت موسكو من تشكيل أسطول من ناقلات النفط التابعة لجهات غامضة أو تفتقر إلى التأمين المناسب، يعرف باسم "الأسطول الشبح" لتصدير النفط والالتفاف على العقوبات.
وأدرجت واشنطن أمس الجمعة على قائمتها السوداء 14 ناقلة نفط تستخدمها روسيا في إطار سعي الولايات المتحدة للإبقاء على السقف المحدد لأسعار الخام الذي فرضه الغرب على روسيا على خلفية هجومها على أوكرانيا.
وفرضت وزارة الخزانة عقوبات على شركة الشحن الروسية "سوفكومفلوت" التي تديرها الدولة، وأشارت إلى أنها أعطتها مهلة 45 يوماً لتفريغ الحمولات النفطية وغيرها من الناقلات الـ14 قبل دخول القرار حيز التنفيذ.
وتعرف كلية الاقتصاد في كييف "الأسطول الشبح" بأنه مراكب تجارية غير مملوكة لدول ضمن ائتلاف مجموعة السبع، أو الاتحاد الأوروبي، لا تستخدم تأمين الحماية المخصص للنقل البحري، والذي يعوض الأضرار إن حصلت من دون سقف محدد.
وتقول خبيرة الاقتصاد في الكلية إيلينا ريباكوفا إن هذه الممارسة كانت قائمة "حتى قبل الحرب".
تجهيل المالك
ويستخدم هذا النوع من السفن التي يطلق عليها أيضاً اسم "الأساطيل الغامضة" في دول مثل إيران وفنزويلا الخاضعتين لعقوبات نفطية أميركية، وحتى كوريا الشمالية، بحسب الباحثة لدى "المجلس الأطلسي" إليزابيث براو.
وبناءً لإحصاءات خدمة "لويدز ليست إنتيليجنس" التي تعنى بجمع المعلومات عن الملاحة البحرية، فإن عدد هذه السفن تضاعف العام الماضي، وباتت حالياً تمثل نحو 10 في المئة من ناقلات النفط التي تعمل دولياً. ويعادل ذلك نحو 1400 سفينة، وفق ما أفاد المجلس الأطلسي في يناير (كانون الثاني).
ويصعب غالباً تحديد الجهة الحقيقية المالكة للسفينة بسبب تجمع شركات في شركة واحدة أو اللجوء إلى شركات وسيطة أو غيرها من الوسائل.
وفرض حظر نفطي على روسيا وسقف لأسعار الخام الروسي، إضافة إلى حظر على تقديم خدمات لنقل النفط بحراً لحرمانها من تمويل حربها في أوكرانيا.
وللالتفاف على هذه العقوبات، اضطرت موسكو إلى خفض اعتمادها على الخدمات البحرية الغربية عبر شراء ناقلات وتوفير تأمين خاص بها، وفق ما تقول شركة "رايستاد إنرجي" الاستشارية.
وتقدر ريباكوفا بأن أكثر من 70 في المئة من النفط الروسي الذي ينقل بحراً يستخدم "الأسطول الشبح".
"كارثة وشيكة"
وقالت شركة "لويدز ليست إنتيليجنس" في ديسمبر (كانون الأول)، "يزداد برنامج روسيا للالتفاف على العقوبات ضخامة وتعقيداً بفضل أسطول غامض يزداد توسعاً".
وفي تقريرها في شأن "تعقب النفط الروسي" الصادر في يناير، قدرت كلية الاقتصاد في كييف بأن 196 ناقلة من الأسطول الشبح محملة بالنفط "غادرت الموانئ الروسية في ديسمبر 2023".
وأكدت الكلية أن "الشركات البحرية التي تتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقراً تشكل قلب الأسطول الروسي"، مشيرة إلى خمس شركات نقل جديدة "تنظيمها وهيكليتها غير شفافتين"، وقد بدأت بنقل النفط الروسي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 من دون تأمين الحماية. وأضافت أن أكثر أعلام ترفعها سفن "الأسطول الشبح الروسي" هي "أعلام بنما وليبيريا والغابون".
وذكرت "لويدز ليست إنتيليجنس" في ديسمبر أن "الجزء الأكبر من هذا الأسطول الغامض لم يخضع لأي تفتيش أخيراً كما أن صيانة (سفنه) دون المستوى".
وتحذر كلية الاقتصاد في كييف مراراً من أن السفن المتقادمة تشكل "خطراً بيئياً هائلاً للاتحاد الأوروبي"، إذ تمر السفن القديمة وذات الصيانة الرديئة من أمام سواحل عدد من الدول الأوروبية. وتشير إلى أن 73 في المئة من السفن التي نقلت النفط الروسي في ديسمبر بنيت قبل أكثر من 15 عاماً.
ولا تملك أي من السفن المنضوية في "الأسطول الشبح" الروسي تأمين حماية وتعويضاً مناسباً، وهو أمر إجباري بالنسبة للمراكب التجارية لتغطية الأخطار الناجمة عن الحروب أو حوادث الاصطدام أو الأضرار البيئية مثل التسرب النفطي.
وتتحدث الباحثة في معهد "أميركان إنتربرايز إينستيتيوت" عن "كارثة وشيكة". وتشير في مقال نشره موقع "بوليتيكو" إلى ارتفاع نسبة الحوادث التي حصلت لهذا الأسطول بسبب تقادمها، وكذلك لأنها لكي تتجنب الرادارات، "تطفئ غالباً أجهزة التعرف الأوتوماتيكي عليها (AIS)"، وهو نظام تعقب "جي بي أس" يفترض بالسفن التجارية استخدامه.