Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.
اقرأ الآن

مبادرة "الاعتدال" تخرق الجمود في الملف الرئاسي اللبناني

يقوم الطرح على لقاء تشاوري للنواب في البرلمان تليه جلسات متتالية حتى انتخاب رئيس

أخفق المجلس النيابي على مدى 14 جلسة خلال عام ونصف العام من انتخاب رئيس للبلاد (رويترز)

ملخص

مبادرة جديدة تكسر التوازن السلبي القائم في المجلس النيابي بين "المعارضة" وتحالف "الممانعة"، والذي أخفق على مدى 14 جلسة خلال عام ونصف العام بانتخاب رئيس للبلاد.

على وقع التصعيد العسكري بين "حزب الله" وإسرائيل الذي لا يزال مضبوطاً، على رغم توسيع رقعة المواجهة جغرافياً ووصولها إلى بعلبك شرق لبنان للمرة الأولى منذ حرب غزة، يشهد الملف الرئاسي تحريكاً داخلياً جديداً مع إطلاق تكتل "الاعتدال الوطني" مبادرة جديدة تكسر التوازن السلبي القائم في المجلس النيابي بين "المعارضة" وتحالف "الممانعة"، الذي أخفق على مدى 14 جلسة خلال عام ونصف العام في انتخاب رئيس للبلاد.

وينطلق نواب تكتل "الاعتدال الوطني" من موقع الاصطفاف الرمادي، حيث التزموا طيلة الجلسات بالتصويت بشعار "لبنان الجديد" وعدم الاصطفاف إلى جانب مرشح المعارضة وحلفائها الذي حصل على 59 صوتاً مقابل مرشح "الممانعة" الذي حصل على 51 صوتاً في حين صوت 18 نائباً بخيارات أخرى.

وبحسب المعلومات فإن "الحوار" الذي يدعو إليه تكتل "الاعتدال الوطني" يأتي كصيغة وسطية، بعد رفض المعارضة مرات عدة الحوار الذي كان دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري. ويقوم الطرح الجديد على لقاء نواب من كل الكتل في المجلس النيابي والتشاور على الهامش في الموضوع الرئاسي، فإن تم الاتفاق على مرشح، يدعو بري إلى جلسة لانتخاب الرئيس وإن لم يتفقوا يحدد موعداً لجلسة رئاسية مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس.

وعلى رغم أن المبادرة لا تحمل في ظاهرها أسماء لمرشحين محتملين يتم التوافق عليهم، فإن المعلومات تؤكد أن الطرح يُسقط في مضمونه مرشحي المعارضة جهاد أزعور و"الممانعة" سليمان فرنجية وكذلك اسم قائد الجيش جوزيف عون لمصلحة أسماء بديلة لم يتم التداول بها سابقاً، كذلك لن تتطرق النقاشات إلى الملفات الخلافية كمسألة السلاح ولا الاستراتيجية العسكرية، لينحصر التركيز فقط على انتخاب رئيس في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ لبنان.

ويركز المراهنون على هذا المسار على "طمأنة" الحزب إلى أن قبوله التفاوض حول اسم غير سليمان فرنجية، سيقابل بعدم إلزام الحزب بترتيبات أمنية تضيق عليه في مواجهته العسكرية القائمة في الجنوب.

 

عقبة "الثنائي"

وحصلت "المبادرة" على إجماع من تحالف قوى المعارضة التي أبدى جميع مكوناتها استعدادهم لدعم التحرك ووضع الجهود لإنجاحها، وهذا ما كشفه النائب في كتلة الاعتدال عبدالعزيز الصمد، الذي أكد أن التحرك هو بمبادرة داخلية نافياً وجود طلب خارجي، وقال "لا مرشح لدينا حتى الآن، وسنرى نتائج اجتماع الكتل التي تملك كل مجموعة منها اسماً معيناً، وفي ضوء التشاور يمكن أن نختار اسماً".

من جانبه أبدى عضو تكتل "الاعتدال الوطني" النائب محمد سليمان، تفاؤله حول نجاح المبادرة، مشيراً إلى أن المبادرة تنطلق من وجود حراك دولي جدي، وبالتالي على القوى السياسية المحلية ملاقاة هذا الحراك، لافتاً إلى أن قوة التكتل أنه كان خلال المراحل الماضية في الموقع الوسطي، وهو اليوم قادر على التحدث مع جميع الأفرقاء للتلاقي والنقاش، لتأمين أكثرية من 86 نائباً وفتح باب المجلس النيابي. 

ووفق مصادر في "التكتل" فإن المعارضة كانت إيجابية في الطرح، كذلك كتلة "اللقاء الديمقراطي" ورئيس مجلس النواب، بانتظار موقف "حزب الله" الذي سيكون حاسماً لناحية نجاحها أو إجهاضها كما سابقاتها، مشيرة إلى أنه في حال استمر إصرار "الثنائي الشيعي" على عدم التخلي عن مرشحه سليمان فرنجية، فستنضم المبادرة إلى سابقاتها.

توافق مع الخماسية

وفي السياق يشير النائب في كتلة "تجدد" فؤاد مخزومي، إلى أن "مسعى التكتل أحدث خرقاً في الجمود الرئاسي"، معتبراً أن المبادرة تعيد الاعتبار للدستور وتشكل منطلقاً حقيقياً للخروج من الأزمة، لا سيما وأنها تتزامن مع عمل ومسعى اللجنة الخماسية، لتحقيق تطلعات اللبنانيين في إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

المقايضة

إلا أن مصدراً نيابياً في المعارضة (طلب عدم الكشف عن اسمه)، أبدى تشاؤمه تجاه نجاح تلك المبادرة، إذ برأيه يسعى "حزب الله" لمقايضة الملف الرئاسي بتطبيق القرار الدولي 1701، مشيراً إلى أن الحزب أسقط "الورقة الفرنسية" رغم أنها صيغة مخففة للقرار الدولي، لأنه يريد صفقة مع أميركا وليس مع أي طرف آخر.

 

وأشار إلى أن الحزب يسيّر رئيسي مجلس النواب والحكومة وفق مصالحه، الأمر الذي يجعلهما مجردين من أي قرار، وإن أبديا رغبة معينة إلا أن قرارهما مصادر من قبل الحزب، كاشفاً أن الحزب ينتظر تفعيل التحرك الأميركي على خط رئاسة الجمهورية، الذي سيكون مواكباً للتحركات حول إرساء الاستقرار في الجنوب، ربطاً بما سيتم التوصل إليه في شأن الهدنة المرتقبة في غزة.

حوار "مستنسخ"

في المقابل يؤكد مصدر مقرب من "حزب الله"، أن انفتاح "المعارضة" على المبادرة المستنسخة عن مبادرة "الحوار" التي سبق أن أطلقها بري، ليست سوى مزايدة كلامية، متهماً إياها بالهروب إلى الأمام وشراء الوقت متأملة بتراجع "الثنائي الشيعي" عن ترشيحه لسليمان فرنجية تحت وطأة الضغوطات الخارجية والمعارك مع إسرائيل.

وبرأيه فإن تلاقي التيار الوطني الحر مع المعارضة حول المبادرة هو لاحتواء الضربات السياسية المتتالية التي تلقاها من ملف التمديد لقائد الجيش مروراً بالجلسة التشريعية وإقرار الموازنة وصولاً إلى رئاسة الأركان، مؤكداً أن "الثنائي" لا يعرقل انتخاب رئيس إنما الرهان على التخلي عن مرشحه لمصلحة مرشح مموه للمعارضة بشخصية معتدلة لن يمر.

مقاربة الخماسية

وفي وقت تتخوف بعض المصادر المقربة من الرئيس بري من تعقيدات المشاورات اللوجيستية والاختلافات الجوهرية المتعلقة بمواصفات الرئيس والتفسير المتفاوت لتلك المواصفات وانطباقها على الأسماء التي يدعمها كل طرف، يشير مصدر دبلوماسي عربي مشارك في اجتماعات اللجنة الخماسية، إلى أن مسار اللجنة ومقاربتها للملف الرئاسي لا يزال مستمراً وهو يرحب بأي مسعى داخلي يعزز فرص التوصل إلى انتخاب رئيس للبنان.

ويؤكد تماسك جميع أعضاء الخماسية ووحدة موقفها، كاشفاً أن اجتماع اللجنة على مستوى السفراء في بيروت أوصى بتأجيل زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان حتى إشعار آخر تكون نضجت معه الأجواء.

وأضاف أن اللجنة الخماسية تسعى لإنجاح استحقاق تِلوَ الآخر مما يعني نفي أي حديث عن سلة متكاملة وربط للاستحقاقات، الأمر الذي برأيه يعقد المشهد أكثر، مشيراً إلى أن اللجنة تسعى إلى دعم مسار في لبنان يبدأ بانتخاب رئيس وقد حددت مواصفاته في اجتماع وزراء خارجية الخماسية بالدوحة في 17 يونيو (تموز) 2023، وهو أمر لم يتغير، مشدداً على ضرورة فصل الاستحقاق الرئاسي عن حرب عزة وتداعياتها. 

المزيد من تقارير