ملخص
توقعات بإعلان نتائج المفاوضات مع صندوق النقد الدولي قريباً ومصر تعول على زيادة التمويل
فيما تترقب السوق المصرية تحريكاً وشيكاً للجنيه المصري مقابل الدولار، تبقى الأنظار معلقة على التضخم، ومنذ الربع الأول من عام 2022، دخلت البلاد في سلسلة من الأزمات على خلفية شح الدولار، مما تسبب في ارتفاعات غير مسبوقة في أسعار جميع السلع والخدمات.
وفي إطار الوصول إلى السعر العادل للدولار مقابل الجنيه المصري، وتضييق الفجوة بين أسعار صرف الورقة الأميركية في البنوك والسوق الموازية، من المتوقع أن يخفض البنك المركزي المصري الجنيه من جديد، ومع إعلان الحكومة المصرية عن صفقة استثمارية ضخمة ستحصل بموجبها على 35 مليار دولار، إضافة إلى الحديث بشكل إيجابي عن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن ساعة الصفر تقترب من التعويم المرتقب.
في مذكرة بحثية حديثة، كشف بنك "غولدمان ساكس"، أن تخفيض قيمة العملة قبل التوصل لاتفاق مع صندوق النقد "قد لا يفاقم التضخم"، إذ جرى التوضيح من خلال المناقشات مع المسؤولين أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي سيتبع بإقرار مصر سعر صرف أكثر مرونة.
وقال المحلل الاستراتيجي لدى "غولدمان ساكس" فاروق سوسة، إنه على رغم أن تقلب الطلب على العملات الأجنبية يعقد أي توقعات، فإن ارتفاع الجنيه في السوق الموازية يشير إلى أنه يمكن أن يتداول بين 45 و50 جنيهاً مقابل الدولار في حالة تخفيض قيمة العملة. وأضاف أن خفض قيمة العملة بهذا الحجم "من غير المرجح أن يؤدي لمزيد من التضخم"، مشيراً إلى ارتفاع قيمة الجنيه في السوق الموازية وزيادة طفيفة في سيولة العملات الأجنبية.
"رأس الحكمة" نقطة تحول بالنسبة لمصر
وكشف التقرير أن الأيام المقبلة قد تشهد الإعلان عن مصير المفاوضات التي جرت مع صندوق النقد الدولي خلال زيارته الأخيرة للقاهرة، فيما قال مسؤولون مصريون، إنهم يعملون على زيادة الحزمة التمويلية. وقال سوسة، إن الحكومة المصرية بذلت كثيراً بالفعل لتعزيز الاستدامة المالية، وكذلك العمل على تحقيق سعر صرف أكثر مرونة، وتعزيز دور القطاع الخاص في الاقتصاد بما يتماشى مع خطة عمل صندوق النقد الدولي، لكن أي إعلان قادم لصندوق النقد سيأتي مع "مزيد من هذه التدابير، بما في ذلك أهداف مالية جديدة أكثر صرامة".
وأشار إلى أن اتفاق مشروع "رأس الحكمة" يعد "نقطة تحول" بالنسبة لمصر، فمن المتوقع أن يوفر حجم وسرعة الاستثمار في المشروع، سيولة كافية من النقد الأجنبي لتلبية حاجات البلاد التمويلية على المديين القريب والمتوسط، والسماح للبنك المركزي بإنهاء تراكمات الطلب على العملات الأجنبية.
وقال سوسة، إنه إضافة إلى أن الصفقة تمثل "نقطة تحول واضحة للأصول المصرية الخطرة" في ما يتعلق بضغوط العملات الأجنبية، فإن التخفيف المتوقع لضغوط عرض العملات الأجنبية "من المرجح أن يؤدي إلى خفض حاد في الطلب على المضاربة والتحوط على العملات الأجنبية، مما يؤدي إلى خفض سعر الصرف بالسوق الموازية". هناك أخبار جيدة أيضاً بالنسبة إلى الائتمان الخارجي، إذ إن "هذه التطورات تقلل بصورة كبيرة من مخاوف المستثمرين في ما يتعلق بآفاق التمويل الخارجي على المدى المتوسط"، وأدت بالفعل إلى تحسن في أدوات الدين الخارجي للبلاد.
أشار إلى أن تدفقات العملات الأجنبية قد تعود إلى النظام المصرفي، إذ من المتوقع أن تؤدي عودة الثقة في عودة السيولة في الاتجاهين، إلى السوق الرسمية من داخل البلاد وخارجها. ومن المتوقع أن تتزايد المصادر الخارجية للعملة الأجنبية من التدفقات إلى سوق الدين المحلي، والتحويلات المقبلة من خلال القنوات الرسمية، والاستثمارات الضخمة في المشاريع العقارية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن في الوقت نفسه "من المرجح أن تستمر حالات عدم اليقين على المدى المتوسط". وقال "غولدمان ساكس" إنه لم يلحظ "أي مؤشر حالي إلى مثل هذا الانزلاق في السياسة" من جانب الحكومة، وأنها لا تزال ملتزمة الإصلاح، إلا أن بعض "المخاوف" قد أثيرت حول إمكانية استخدام التدفقات الجديدة من العملات الأجنبية، كالتي ستتلقاها الحكومة من صفقة "رأس الحكمة"، لتمويل الإنفاق الحكومي الإضافي أو المشاريع العقارية الأخرى. وقال سوسة، إن هناك مخاوف من أن التراجع الأخير في ضغوط التمويل الخارجي يمكن أن تقنع الحكومة بتقليل التزامها بالإصلاح، ولهذا السبب، فإن برنامج صندوق النقد الدولي "سيكون بمثابة مرساة خارجية مهمة لعملية الإصلاح للمضي قدماً".
التضخم يتراجع لكن المخاوف قائمة
على صعيد التضخم ووفق البيانات الرسمية، سجل التضخم في المدن المصرية تراجعاً خلال يناير (كانون الثاني) الماضي على أساس سنوي، إلا أنه ارتفع على أساس شهري. وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، إن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 29.8 في المئة في يناير من 33.7 في المئة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وعلى أساس شهري، ارتفع التضخم بنسبة 1.6 في المئة في يناير، مقابل 1.4 في المئة مسجلة في ديسمبر.
وانخفض معدل التضخم من أعلى مستوى على الإطلاق بلغ 38.0 في المئة في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكن هناك تحذيرات من خطر تسارعه مرة أخرى، بخاصة إذا سمحت الحكومة بخفض قيمة الجنيه المصري، كما هو متوقع من قبل كثير من مراقبي السوق على نطاق واسع.
ومطلع فبراير (شباط) الحالي، رفعت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي المصري، معدلات الفائدة، بعكس توقعات بأن تظل الفائدة من دون تغيير. ورفع البنك المركزي المصري سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسة للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.25 في المئة، و22.25 في المئة و21.75 في المئة، على الترتيب، ورفع سعر الائتمان والخصم بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.75 في المئة.
وأشار البنك المركزي المصري، إلى أن المعدلات السنوية للتضخم العام والأساس واصلت خفضها لتسجل 33.7 في المئة و34.2 في المئة على الترتيب في ديسمبر 2023، مدفوعة بالأثر الإيجابي لفترة الأساس، في حين تشير التطورات الحالية إلى استمرارية الضغوط التضخمية وارتفاعها عن نمطها المعتاد، وهو ما ينعكس على تضخم كل من السلع الغذائية وغير الغذائية، بحسب البيان.
ومن المتوقع استمرار تلك الضغوط في ضوء إجراءات ضبط المالية العامة، وتواصل الضغوط من جانب العرض، وإضافة إلى ذلك، أسهم ارتفاع معدل نمو السيولة المحلية عن متوسطه التاريخي في تصاعد الضغوط التضخمية، وفق بيانات البنك المركزي المصري.