Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأوسكار: جوائز للأفلام المتميزة أم للنفوذ والتسويق؟

ربما يكون هارفي واينستين قد رحل، لكن الحملات المخادعة للفوز بالأوسكار التي كان هو العقل المدبر لها لا تزال موجودة ومستمرة بقوة. في ما يلي، بحث في التكتيكات المحكمة المستخدمة في سباق الأوسكار لضمان أن الأفلام ذات الدعم المالي الأكبر تأتي دائماً في المقدمة

الفريق وراء "شكسبير عاشقاً" يحتفل بجائزة الأوسكار في 1999 (شترستوك)

ملخص

جوائز الأوسكار المنتظرة في عالم السينما غالباً ما تعتمد على خطط تسويقية ماكرة أكثر منه على جودة الأفلام الرابحة الفعلية.

قلة هم في أيامنا هذه الذين يعرفون الفيلم الهولندي "شخصية" Character الصادر عام 1997 على رغم فوزه بأوسكار أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى فيلم "سطر أنطونيا" Antonia’s Line الصادر عام 1995. وفي بداية العقد الأول من الألفية أنتجت هولندا مزيداً من الأفلام التي وصلت إلى الأوسكار، وحصلت على ترشيحات لأعمال درامية مثل "التوأمتان" Twin Sisters (2002) و"زوس وزو" Zus & Zo (2001). لم تسمعوا عن هذين الفيلمين أيضاً؟ كانت هذه الأعمال نتيجة استراتيجية متلاعبة قليلاً اتبعتها صناعة السينما الهولندية - بعدما أدركت أن أعضاء لجنة التحكيم الوحيدين الذين يملكون الوقت والرغبة لمشاهدة الأفلام الدولية المتنافسة في الأوسكار غالباً ما يكونون في نهاية مسارهم المهني، وهكذا ركز الهولنديون على المشاركة بأفلام درامية ذات ذائقة رفيعة ومواضيع متوسطة.

تقول كلوديا لاندسبيرغر، التي كانت رئيسة وكالة ترويج الأفلام الهولندية "هولاند فيلم" آنذاك: "في تلك الأيام، كان جميع [المصوتين في الأكاديمية] من المتقاعدين، كلهم كبار في السن... في تلك الأيام، كان لا يزال بإمكاننا إقامة حفل في منزل القنصل. وكنا ندعو [المخرجين الهولنديين] بول فيرهوفن وجان دي بونت [للقاء] جميع أعضاء الأكاديمية". كانت اللجنة تعرض الأفلام بصورة متكررة وتنشر إعلانات في المجلات السينمائية التجارية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

خلال فترة سبع سنوات، حصلت هولندا على أربعة ترشيحات لجوائز الأوسكار وفازت في اثنين منها، وكان ذلك عن أفلام لم يكن معظم الجمهور خارج هولندا يعلم حتى بوجودها. يسلط النجاح الذي حققته هولندا الضوء على حقيقة مزعجة حول حملات الجوائز، وهي أن الفوز ليس بالضرورة لصالح أفضل الأفلام، ولكن لتلك التي تسوق بأكبر قدر من الجرأة والمكر.

وفي بعض الأحيان، يمكن أن تكون الأمور ببساطة اختيار التوقيت أو الأوقات المناسبة. على سبيل المثال، تم إصدار فيلم "المحتفظون" The Holdovers للمخرج ألكسندر باين في المملكة المتحدة في نهاية يناير (كانون الثاني)، وهو قرار حير عديداً من المشاهدين البريطانيين، لكونه دراما كوميدية دافئة تدور أحداثها حول عطلة عيد الميلاد ولاختيار إصداره في الولايات المتحدة في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) ومن ثم عرضه على مستوى العالم بعد أسبوعين. لكن تبين أن تأخر إصداره في المملكة المتحدة كان خاطئاً لتزامنه مع التصويت النهائي لجوائز بافتا، فصار الفيلم مثل فرس دخيل ينضم إلى سباق للخيول عند اقتراب السباق من نهايته. كان الجميع منشغلين بالرهان الرابح المتمثل في كيليان ميرفي عن فيلم "أوبنهايمر" Oppenheimer لدرجة أنهم تفاجؤوا بالدعاية الضخمة المتأخرة لبول جاماتي بطل فيلم "المحتفظون".

في النهاية، فاز ميرفي بالبافتا، لكنه وجاماتي حققا نجاحاً في سباق غولدن غلوب عن فئتي أفضل ممثل في عمل درامي وأفضل ممثل في عمل كوميدي/موسيقي على التوالي. وأسهمت الضجة التي أحدثتها الجائزة في تحقيق "المحتفظون" نجاحاً على شباك تذاكر المملكة المتحدة - وهو أمر ما كان ليحدث ربما لو أصدر الفيلم هناك في وقت سابق.

اعتاد القطب السينمائي سيئ السمعة هارفي واينستين القول بخصوص الجدل السنوي الدائر حول سباق الأوسكار: "اسمع، عليك إبقاء الأمر مثيراً للاهتمام" بخصوص الجدل السنوي حول جوائز الأوسكار. قبل سنوات من الكشف عن جرائمه الجنسية، عرف عن واينستين بذله جهوداً متطرفة لكسب جوائز لصالح الأفلام التي أنتجتها ميراماكس، الشركة التي شارك في تأسيسها مع شقيقه بوب. في كتابه "حروب الأوسكار" The Oscar Wars، يقدم الكاتب مايكل شولمان تقارير مفصلة حول تكتيكات الحملات الدعائية الفاسدة التي كان واينستين يلجأ إليها، أشهرها ما قام به من أجل ضمان فوز "شكسبير عاشقاً" Shakespeare in Love من إنتاج ميراماكس بجائزة أفضل فيلم في سباق عام 1998 على حساب فيلم "إنقاذ الجندي رايان" Saving Private Ryan من إنتاج دريم ووركس وباراماونت. شملت جهوده قوله لصحيفة "ذا نيويورك تايمز" إن مستوى "إنقاذ الجندي رايان" ينحدر بسرعة مباشرة بعد مشهد الإنزال على الشاطئ الشهير. وكانت هناك أيضاً تقارير عن لجوء موظفي علاقات عامة مستقلين في ميراماكس إلى التشهير بفيلم ستيفن سبيلبيرغ أمام الصحافيين الآخرين.

في جزء من "حروب الأوسكار" يصف شولمان كيف تعلم هارفي واينستين تكتيكات الحملات من عالم السياسة لضمان تفوق أفلامه، ويقول: "من خلال تصوير مشهد الإنزال الشجاع للجندي رايان وكأنه عيب، فقد تبنى واينستين أحد قوانين كارل روف لفنون الحملات السياسية المظلمة وهو: هاجم قوة خصمك، لا ضعفه".

من ناحية أخرى، لم يكن هارفي واينستين غريباً عن استخدام نهج "الجنس يجذب الجمهور" عند محاولته جذب أصوات أعضاء الأكاديمية لصالح أفلامه. في بداية حياته المهنية، عندما كان يسوق للفيلم الفني الاسكندنافي القاتم "بيل الفاتح" Pelle the Conqueror في عام 1987، أصدر ملصقات تبرز ظهر امرأة عارية بالكاد لها ظهور في الفيلم النهائي. نجح هذا النهج، حيث فاز الفيلم بجائزة أفضل عمل ناطق بلغة أجنبية في سباق الأوسكار لعام 1988.

لاحقاً، عندما كانت الشركة تروج لفيلم "لعبة البكاء" The Crying Game الصادر عام 1992 للمخرج نيل جوردان، الذي يتناول قصة جندي في الجيش الجمهوري الإيرلندي يغرم بامرأة متحولة جنسياً، حاول واينستين وفريقه بشكل يائس إبقاء نجم الفيلم بعيداً من الأضواء. في النهاية تم ترشيح جاي ديفيدسون - الممثل الذكر الذي لعب شخصية المتحول جنسياً - في فئة أفضل ممثل في دور مساعد، مما أدى إلى الكشف بصورة كبيرة عن التحول الدرامي المركزي في حبكة الفيلم.

الآن، ولت الأيام التي كان بإمكانك فيها شراء الجوائز بفاعلية. حدث ذلك بشكل مثير للجدل خصوصاً في حفل توزيع جوائز غولدن غلوب لعام 1982، عندما قام الممول الإسرائيلي المليونير ميشولام ريكليس بدفع كلف نقل أعضاء رابطة الصحافة الأجنبية في هوليوود إلى لاس فيغاس. كانت الاستجابة لكرم ريليكس فورية من خلال منح زوجته الشابة بيا زادورا جائزة "نجمة العام الجديدة" عن أدائها الذي سخر منه النقاد في فيلم الإثارة الشبق "الفراشة" Butterfly. من بين المرشحات الأخريات كانت إليزابيث ماكغافرن عن فيلم "راغتايم" Ragtime وكاثلين تيرنر عن فيلم "حرارة الجسم" Body Heat - لكنهما لم تكونا قريبتين من الفوز أبداً. قال الناقد ريكس ريد متحمساً لأدائها: "بشفتيها المنتفختين ووركيها الطفوليين المتمايلين، أصبحت بيا زادورا بريجيت باردو الأميركية". لا يبدو أن أحداً وجد أنه من غير الملائم استخدام هذا الاقتباس المتحيز جنسياً بصورة صارخة في إعلانات حملة الفيلم.

وسرعان ما أصبحت "فضيحة بيا زادورا" تمثل حضيض حملات توزيع الجوائز. ومع ذلك، لم تكن النهاية، إذ كانت هناك حيل وممارسات سرية كثيرة التي استخدمت في سباقات جوائز الأوسكار وغولدن غلوب منذ ذلك الحين.

في كل مرة يتم فيها تغيير قوانين حملات الجوائز، يخلق ذلك ثغرات يستطيع صانعو الأفلام والموزعون المبدعون استغلالها. على سبيل المثال، حصلت المخرجة التشيلية مايتي ألبيردي على ترشيحها الثاني لجائزة الأوسكار هذا العام عن فيلمها الوثائقي الطويل "الذاكرة الأبدية" The Eternal Memory، الذي يحكي قصة حب زوجين تأثرت حياتهما بعد إصابتهما بألزهايمر. تعترف ألبردي من دون تحفظ بأن ترشيحها السابق للأوسكار عن فيلمها الوثائقي ’الجاسوس السري’ The Mole Agent في عام 2020، الذي يتم تحويله حالياً إلى مسلسل درامي يقوم ببطولته تيد دانسون، كان قد استفاد من وباء كورونا.

تقول متذكرة: "كان ’الجاسوس السري’ فيلماً مستقلاً... لم تكن لدينا موازنة كافية لحملة ترويجية لكننا حصلنا على الترشيح لأن عملية الترشيح كانت أكثر ديمقراطية. عرضت كل الأعمال على الإنترنت، بالتالي لم تكن هناك حاجة لإقامة عروض في لوس أنجلس". خلال وباء كورونا، لم يكن لدى الاستوديوهات ما تنفق أموالها عليه. لم تكن هناك حفلات فخمة أو عروض شخصية فاخرة. كل هذا عني أن الأفلام الأقل موازنة كانت قادرة على المنافسة مع الشركات الكبرى على قدم المساواة.

مع اقتراب حفل توزيع جوائز الأوسكار لهذا العام، بدأت الاتهامات والانتقادات المعتادة حيال حالات الإغفال والإهمال. إحدى نقاط الخلاف، هي الجدل الواسع المسمى "ازدراء باربي"، بعد غياب غريتا غيرويغ ومارغوت روبي عن قائمة ترشيحات جائزتي أفضل إخراج وممثلة في دور رئيس على التوالي. هناك أيضاً احتجاج من بعض مؤيدي أفلام مثل "فيراري" Ferrari و"سالتبرن" Saltburn و"المخلب الحديدي" وThe Iron Claw و"مدينة الكويكب" Asteroid City و"بريسيلا" Priscilla على عدم ترشيحها.

لكن هل تفوز أفضل الأفلام؟ نعم، في بعض الأحيان. لكن من المؤكد أن وجود فريق تسويقي ماهر يلعب دوراً مهماً في تسليط الضوء على مزاياها، إضافة إلى إقامة الحفلات الفاخرة والترويج لها بصورة عامة، والتلميح المستمر لمصوتي اللجنة بأن الأعمال المتنافسة الأخرى "سيئة جداً" بغض النظر عن جودتها الفعلية.

 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات