Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مع احتمال نهاية عهده: ما الإرث الذي سيتركه سوناك؟

يريد رؤساء الوزراء ترك بصماتهم على التاريخ مما قد يجعلهم خطرين

ما الشيء الذي سيُذكَر ريشي سوناك لأجله؟ (رويترز)

ملخص

يواجه سوناك خطر تذكره بشيء لا علاقة له بما تنطوي عليه شخصيته وذلك باعتباره أول رئيس وزراء بريطاني آسيوي، ومع محاولته تجنب هذا المصير، يكمن الخطر علينا نحن الآخرين

في حين تغادر تيريزا ماي مسرح الحياة العامة، تشكل نهاية حياتها السياسية تحذيراً لريشي سوناك. على غرار معظم رؤساء الوزراء، ستُذكَر لشيء واحد فقط، هو في حالتها فشلها في كسر الجمود البرلماني حول "بريكست".

يمثل تحديد "الشيء الوحيد" الذي يُشتهَر به كل رئيس للوزراء لعبة بدأت تقليدياً بستانلي بالدوين، الذي يُذكَر لشعاره "السلامة أولاً"؛ ورامزي ماكدونالد لخيانته حزب العمال [في إشارة إلى قراره بتشكيل حكومة ائتلافية مع حزب المحافظين عام 1931، متخلياً عن مبادئ حزبه ومسبباً انقساماً داخله وهو ما شكل نقطة تحول مهمة في السياسة البريطانية]. ويُربَط نيفيل تشامبرلين إلى الأبد بالتهدئة [مع ألمانيا النازية]؛ وونستون تشرشل بفوزه في الحرب العالمية الثانية؛ وكليمنت أتلي ببنائه دولة الرفاه. ويُذكَر أنتوني إيدن لأزمة قناة السويس؛ وهارولد ماكميلان لمقولته "لم تكن الأمور يوماً بهذه الجودة"؛ وأليك دوغلاس-هوم لاستخدامه أعواد الثقاب للعد.

يُعرَف هارولد ويلسون بقوله "الجنيه في جيبكم [لن يتأثر بتراجع سعر الصرف]"؛ وتيد هيث بأسبوع العمل المؤلف من ثلاثة أيام [توفيراً للكهرباء في ظل إضراب عمال مناجم الفحم]. وواجه جيمس كالاهان "شتاء السخط" [الذي اتسم بإضرابات عمالية واسعة النطاق]؛ ومارغريت ثاتشر حرب جزر فوكلاند. وشهد جون ميجور "الأربعاء الأسود". ويُذكَر توني بلير لحرب العراق؛ وعايش غوردون براون الانهيار المالي.

سيُذكَر ثلاثة رؤساء وزراء لـ"بريكست": ديفيد كاميرون للاستفتاء؛ وماي لعدم تنفيذ "بريكست"؛ وبوريس جونسون لإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

عديد من هذه العبارات الفردية غير منصفة لناحية تبسيط إرث هؤلاء القادة. على سبيل المثال، ثمة حجة مقنعة مفادها أن تصرفات تشامبرلين قد وفرت وقتاً حاسماً لبريطانيا لتعزيز دفاعاتها. في كثير من الحالات، ثمة مزاعم منافسة بإراث أكثر أهمية. قادنا هيث مثلاً إلى السوق المشتركة التي استهلك إخراجنا منها ثلاثة رؤساء وزراء، كما شهدت فترة ثاتشر ضعفاً كبيراً في النقابات العمالية. وفاوض بلير على اتفاقية الجمعة العظيمة وأنقذ الخدمات العامة. وقد يُذكَر جونسون لإقامته حفلات خلال الإغلاق المرافق لجائحة كورونا بقدر ما يُذكَر من استكماله إنجاز "بريكست".

لكن الذاكرة الشعبية في شكل عام انتقائية وقاسية، ولا تسمح لرؤساء الوزراء سوى بشيء واحد. ستُذكَر ليز تراس لاعتبارها الشخص الأقصر ولاية في رئاسة الوزراء ولفترة طويلة بعد نسيان الحقائق المتعلقة بميزانيتها المصغرة.

هذا يوصلنا إلى سوناك. ما الشيء الذي سيُذكر لأجله؟ عندما لعبتُ هذه اللعبة آخر مرة، اقترحتُ أنه قد يجد كلمة "رواندا" [حيث كان من المفترض إرسال طالبي اللجوء الواصلين إلى بريطانيا بطرق غير شرعية] منحوتة على شاهد قبره المجازي. لكن يبدو من غير المرجح أن يتذكر التاريخ سياسة لم تنجح قط في نقل شخص واحد إلى الوجهة المقصودة، بغض النظر عن مدى الصدمة الناجمة عن إهدار الأموال العامة التي أُنفِقت عليها.

ويبدو من المؤكد الآن، بالمناسبة، أن أي طائرة لن تقلع وعلى متنها طالبي لجوء قبل الانتخابات. إذا تقرر إجراء الانتخابات في نوفمبر (تشرين الثاني)، لم يتبق سوى ثمانية أشهر، وبغض النظر عما يتمخض عن مجلس اللوردات في هذا الشأن، لن يكون أمام المحاكم الوقت الكافي للبت في الطعون. وكيف ما صِيغَ التشريع لمحاولة تجنب الطعون القانونية، ستحصل طعون قانونية، وسيضطر سوناك إلى المسارعة إلى القصر الملكي طالباً حل البرلمان.

هل من شيء آخر يمكن تذكر سوناك به؟ إلغاء مشروع الخط السريع الثاني للسكك الحديد؟ حظر التدخين (ببطء شديد)؟ اقتراح نظام معقد في ما يخص مؤهلات المستويات التعليمية المتقدمة (A-Level)؟ لا أرى ذلك. بهذا المعدل، يواجه سوناك خطر تذكره بشيء لا علاقة له بما تنطوي عليه شخصيته وذلك باعتباره أول رئيس وزراء بريطاني آسيوي.

سيكون حريصاً على تجنب هذا المصير، وهنا يكمن الخطر علينا نحن الآخرين. يشكل رؤساء الوزراء اليائسين الذين يكافحون بحثاً عن إرث خطر على أنفسهم وعلى الآخرين. تعامل بلير مع طوافه الفخري الأخير [يقوم به الرياضي تحية للجمهور] في شكل جيد، فقد قام بجولة وداع، وألقى خطباً بارزة، واتخذ بعض القرارات الصعبة في شأن تجديد "ترايدنت" [برنامج الأسلحة النووية] وإصلاح البرامج التقاعدية حتى لا يضطر براون إلى ذلك.

لكن تيريزا ماي تركت إرثاً غير متوقع، إذ ألزمت الأمة بصفر صاف لانبعاثات الكربون بحلول عام 2050. كان موضوعاً بالكاد ذكرته من قبل أو منذ ذلك الحين، ومع ذلك ستكون له عواقب وخيمة على صعيد تقييد خلفائها، بالفعل، بعد أقل من خمس سنوات، يحاول سوناك "البراغماتي والمتسق" تأخير بعض الأهداف الموقتة المرتبطة بهذا الالتزام. والمشكلة مع الصفر الصافي هي أن ماي استغلته كرقم لافت لصالح إرثها من دون تقديم الحجة الشعبية التي ستدعمه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يبدو أن سوناك يستسلم إلى يأس مماثل. يحاول جاهداً رشوة الناخبين في محاولة لتفادي هزيمة مذلة في الانتخابات. بل قد ينجح الأمر، إلى حد ما. من المحتمل أن يبدأ أثر التخفيضين الضريبيين الكبيرين، بقيمة 950 جنيهاً إسترلينياً (1222 دولاراً) لشخص متوسط الدخل، في التبلور خلال الأشهر الثمانية المقبلة. هذا لا سيما إذا استمرت المداخيل في النمو بسرعة أكبر مقارنة بالأسعار، وإذا وُعِد بمزيد من التخفيضات الضريبية في المناسبة المالية السابقة للانتخابات، ستكون في واقع الأمر ميزانية ثانية، التي من المرجح أن تطلق الحملة الانتخابية التي ستستمر خمسة أسابيع.

لكن ما هو الثمن الذي سيترتب على سمعة سوناك التاريخية؟ أعتقدُ أن فرص منعه كير ستارمر من أن يصبح رئيس الوزراء المقبل بعيدة المنال. ويُعَد برلماناً ذا أغلبية مناهضة لحزب المحافظين حيث يفتقر فيه أي حزب إلى أغلبية مطلقة "أسوأ سيناريو معقول" لحزب العمال، إذا استعرنا عبارة درجت خلال التخطيط لمكافحة الجائحة. لذلك ينبغي لسوناك أن يسأل نفسه ما إذا كان مجرد إنقاذ حفنة من مقاعد حزب المحافظين يستحق إلحاق هذا الضرر كله بالمالية العامة التي سيشرف عليها البرلمان المقبل.

كل تخفيض ضريبي يُطبق أو يُوعَد به قبل الانتخابات يكون ثمنه تخفيضات نظرية عميقة في الإنفاق العام بعد الانتخابات. قد يكون بعض مسؤولي حزب المحافظين الذين يطلقون على أنفسهم "مخططين استراتيجيين" سعداء لأنهم ينصبون "فخاً" كهذا لحكومة عمالية، مما يجبرها على فرض ضرائب بعدما وعدت بعدم القيام بذلك أو خفض الإنفاق، وهذان أمران مؤلمان. لكن هذه الرشوة التي سبقت الانتخابات هي ببساطة غير مسؤولة، وكلما تخلى سوناك عن عرضه الترويجي الفريد باعتباره الوصي على التمويل العام الحكيم، كان التاريخ أقل لطفاً في نظرته إليه.

أراد أن يبقى في الذاكرة بوصفه وزير الخزانة، ثم رئيس الوزراء، الذي حمى الناس بالإجازات المدفوعة [خلال الجائحة] وإعانات أسعار الطاقة [خلال التضخم]، الذي اتخذ القرارات المسؤولة للحفاظ على استقرار الاقتصاد والمالية العامة حتى يمكن توفير حماية كهذه.

ومع ذلك، هو الآن في خطر أن يدخل التاريخ باعتباره رئيس الوزراء الذي ترك الحسابات في حالة اضطرت خلفاءه إلى اللجوء إلى تدابير طوارئ لمنع انهيار الخدمات العامة.

© The Independent

المزيد من آراء