ملخص
إسرائيل مصممة على دخول رفح ومجلس الأمن يفشل في إقرار وقف لإطلاق النار في غزة ومحادثات التهدئة مستمرة في الدوحة
استخدمت روسيا والصين اليوم الجمعة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار أميركي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة في إطار اتفاق في شأن الرهائن، إذ اعتبرت موسكو أنه "مسرحية تنطوي على نفاق"، كونه لا يضغط على إسرائيل، فيما قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن حكومته مصممة على إرسال قوات إلى مدينة رفح حتى من دون دعم أميركي.
واقترحت الولايات المتحدة التي سبق أن استخدمت حق النقض ضد دعوات إلى وقف إطلاق النار، مشروع القرار الذي كان سيؤيد للمرة الأولى "حتمية وقف فوري ومستدام لإطلاق النار"، بينما يدين هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 التي شنتها حركة "حماس".
ودعا مشروع القرار إلى "وقف فوري ومستدام لإطلاق النار" مدة ستة أسابيع تقريباً، من شأنه حماية المدنيين والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية، ونال تأييد 11 دولة من الأعضاء الـ15 للمجلس، في حين رفضته ثلاث دول وهي الصين وروسيا والجزائر، وامتنعت غويانا من التصويت.
ورأى المندوب الروسي فاسيلي نيبينزيا أن الولايات المتحدة لا تبذل أي جهود لكبح جماح إسرائيل، ساخراً من واشنطن لحديثها عن وقف لإطلاق النار بعدما "مُحيت غزة فعلياً عن وجه الأرض". وأضاف، "شهدنا مسرحية معتادة تنطوي على نفاق". وأكد أن "المنتج الأميركي (مشروع القرار) مسيس بصورة مبالغ فيها، وهدفه الوحيد هو استرضاء الناخبين ورمي طعم لهم عبر الإشارة إلى نوع من وقف إطلاق النار في غزة"، متابعاً أن مشروع القرار "يضمن الحصانة لإسرائيل التي لا تأتي المسودة حتى على ذكر جرائمها".
ويربط مشروع القرار وقف إطلاق النار بالمحادثات الجارية التي تقودها قطر بدعم من الولايات المتحدة ومصر لوقف الحرب في مقابل إفراج "حماس" عن الرهائن.
في المقابل وصفت مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفلد الفيتو الروسي والصيني بأنه ليس "خبيثاً وحسب، بل سخيف أيضاً". وقالت، "بكل بساطة لا ترغب روسيا والصين في التصويت لمصلحة قرار صاغته الولايات المتحدة".
وتابعت، "بكل صراحة وفي ظل هذا الخطاب الحماسي كله، نعرف جميعاً أن روسيا والصين لا تبذلان أي جهود دبلوماسية باتجاه تحقيق سلام دائم أو للمساعدة بشكل مؤثر في جهود الاستجابة الإنسانية".
فرنسا ستعمل على قرار جديد
وفي السياق قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم إن بلاده ستعمل على صياغة قرار جديد في الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في غزة.
وقال ماكرون في ختام اجتماع لزعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل، "بعد استخدام روسيا والصين حق النقض قبل دقائق قليلة سنستأنف العمل على مشروع قرار فرنسي في مجلس الأمن، وسنعمل مع شركائنا الأميركيين والأوروبيين والعرب للتوصل إلى اتفاق".
وقالت وزارة الخارجية الفرنسية أمس الخميس إنها بدأت صياغة قرار مع دبلوماسيين قائلة إنهم سيطرحون مسودة إذا لم يتم إقرار القرار الأميركي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نتنياهو: سندخل رفح حتى من دون دعم أميركي
وفي الأثناء قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه أبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم في تل أبيب أن تل أبيب تعتزم شن عملية عسكرية على مدينة رفح جنوب قطاع غزة حتى من من دون تأييد الولايات المتحدة.
وقال نتنياهو إثر لقائه بلينكن، "لا سبيل أمامنا لهزيمة ’حماس‘ من دون الدخول إلى رفح والقضاء على كتائبها الباقية هناك"، مضيفاً "أخبرته أنني آمل في أن أفعل ذلك بدعم من الولايات المتحدة، لكن إذا لزم الأمر فسنفعل ذلك بمفردنا".
وأضاف، "أخبرته أنني أقدر حقاً حقيقة أننا نقف معاً في الحرب ضد ’حماس‘ منذ أكثر من خمسة أشهر، وأخبرته أيضاً أننا ندرك ضرورة إجلاء السكان المدنيين من مناطق الحرب، وبالطبع تلبية الحجات الإنسانية أيضاً، ونحن نعمل على تحقيق هذه الغاية".
وتضغط الولايات المتحدة على إسرائيل منذ أسابيع للامتناع من اجتياح رفح التي ارتفع عدد سكانها إلى 1.5 مليون شخص، وفق الأمم المتحدة، مع تدفق النازحين إليها من المناطق المدمرة في الشمال والوسط، خشية وقوع كارثة إنسانية.
وقال بلينكن أمس الخميس إن "من الخطأ تنفيذ عملية اسرائيلية في رفح"، مضيفاً "هناك طريقة أفضل للتعامل مع التهديد المستمر الذي تمثله ’حماس‘".
كما كررت واشنطن، وهي أبرز داعم لإسرائيل سياسياً وعسكرياً منذ اندلاع الحرب، توجيه انتقادات إليها بسبب القيود المفروضة على إدخال المساعدات الإنسانية والحصيلة البشرية الباهظة للمدنيين في القطاع الفلسطيني المحاصر.
ومن المرجح أن ترسي محادثات اليوم الأساس لاجتماعات في واشنطن بين كبار المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين الأسبوع المقبل، والتي من المقرر أن تقدم الولايات المتحدة للإسرائيليين خلالها طرقاً بديلة لملاحقة "حماس" من دون اللجوء إلى هجوم شامل من شأنه أن يعرض مزيداً من أرواح المدنيين للخطر.
دخول المساعدات
وبحث وزير الخارجية الأميركي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي اليوم ضمان تدفق مزيد من المساعدات إلى غزة، وسط توتر متزايد في العلاقات بين الحليفين بسبب الحرب المستمرة منذ ما يقارب ستة أشهر مع حركة "حماس".
وانخرط بلينكن الذي يقوم بزيارة هي السادسة له إلى الشرق الأوسط منذ اندلاع الحرب، في جولة مكثفة من الجهود الدبلوماسية منذ وصوله إلى المنطقة أول من أمس الأربعاء، إذ التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في السعودية، ووزراء خارجية ومسؤولين عرب في القاهرة أمس.
وتأتي زيارة بلينكن الأحدث إلى إسرائيل وسط توتر العلاقات مع الولايات المتحدة، إذ وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن الحملة الإسرائيلية في غزة بأنها "تجاوزت الحد"، وقال إنها تسببت في خسائر فادحة في أرواح المدنيين.
وقبل الاجتماع الذي استمر نحو 40 دقيقة مع نتنياهو قال بلينكن إنه سيبحث الفجوة التي تزداد اتساعاً بين البلدين خلال محادثتهما المباشرة، كما اجتمع مع حكومة الحرب الإسرائيلية.
وذكر بلينكن أنه سيضغط على نتنياهو لاتخاذ خطوات عاجلة للسماح بدخول مزيد من المساعدات إلى القطاع المكتظ بالسكان، والذي تقول الأمم المتحدة إنه صار على وشك أن يشهد هلاكاً جماعياً بسبب المجاعة.
واندلعت الحرب بعد أن شن عناصر "حماس" هجوماً على جنوب إسرائيل قالت الإحصاءات الإسرائيلية إنه أسفر عن مقتل 1200 واحتجاز 253 رهينة. وتقول سلطات الصحة في غزة إن أكثر من 32 ألف فلسطيني قتلوا خلال القصف الإسرائيلي بعد ذلك، وسط مخاوف من وجود قتلى كثيرين آخرين تحت الأنقاض.
ويقول مسؤولون أميركيون إن عدد شحنات المساعدات التي تدخل القطاع براً تحتاج إلى زيادة سريعة، كما يجب أن تستمر المساعدات لفترة طويلة، بينما تقول إسرائيل إنها لا تمنع المساعدات الغذائية.
وقال بلينكن، "يعاني 100 في المئة من سكان غزة مستويات خطرة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، ولا يمكننا ولا يجب أن نسمح باستمرار ذلك".
وذكر قائد مديرية التنسيق والارتباط - غزة الكولونيل الإسرائيلي موشيه تترو أن "الجيش لا يعتقد أن ثمة نقصاً في الغذاء في القطاع"، وأضاف لصحافيين، "بقدر ما نعلم من خلال تحليلاتنا فلا توجد مجاعة في غزة، حيث يدخلها يومياً ما يكفي من الطعام".
محادثات الدوحة
كما تعقد اجتماعات بالتوازي في الدوحة اليوم بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار، وتتركز محادثات الهدنة على اقتراح لوقف القتال ستة أسابيع يُطلق خلالها نحو 40 من الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى "حماس" في مقابل إطلاق مئات الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
لكن إسرائيل لا تبدي استعداداً للالتزام إلا بهدنة موقتة للصراع، ودأبت على القول إنها ستواصل حملتها لتحقيق هدفها في القضاء على الحركة، فيما تريد "حماس" إنهاء الحرب بصفة دائمة وانسحاب القوات الإسرائيلية، بينما قال بلينكن أمس الخميس إن الفجوات تضيق.
الوضع الميداني
ميدانياً أسفرت غارة جوية على منزل في منطقة النصر شرق رفح اليوم عن مقتل ثمانية أشخاص، وأظهرت صور من مقاطع فيديو حشوداً من المشيعين حول الجثث الملفوفة بأكفان بيضاء بينما كانت دمية حمراء ملقاة وسط أنقاض منزل.
وقالت تركية بربخ التي كانت بين المشيعين، إن من بين القتلى أسرة من أم وأب وأولادهم الخمسة.
وأضافت، "كلهم أطفال لم يقاوموا ولم يعملوا أي شيء، وإلى متى سنبقى نتحمل؟".
وتركز القتال خلال الأيام القليلة الماضية على مجمع الشفاء الطبي الذي يؤوي أيضاً مئات النازحين، ودخلت القوات الإسرائيلية الإثنين الماضي المستشفى المترامي الأطراف وقامت بتمشيطه، إذ تقول إنه متصل بشبكة أنفاق تستخدمها "حماس".
وقالت تل أبيب إنها قتلت مئات المسلحين واعتقلت أكثر من 500 مشتبه فيهم خلال عمليتها في الشفاء، منهم 358 عضواً في حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي". وأضافت أنها اعتقلت ثلاثة من كبار القادة العسكريين في "الجهاد" وعضوين في "حماس" مسؤولين عن العمليات في الضفة الغربية، إضافة إلى مسؤولي أمن داخلي آخرين في الحركة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري خلال مؤتمر صحافي في وقت متأخر أمس الخميس، "من لم يستسلموا لقواتنا قاتلوا قواتنا وقُتلوا".
وتنفي "حماس" وجود مسلحين لها في المجمع وتقول إن القتلى هناك مدنيون وإن عاملين في القطاع الطبي من بين المعتقلين.
ونشرت إسرائيل صوراً لوجوه مئات الرجال الذين قالت إنهم مسلحون أسرتهم في المستشفى، ثم أقرت لاحقاً بأن بعضهم لم يكونوا أسرى، وقال مدير المكتب الإعلامي الحكومي الذي تديره "حماس" إسماعيل الثوابتة إن ما نشره الجيش الإسرائيلي من صور "يعبر عن أزمته وفشله".
وأضاف، "هناك صور لأشخاص موجودون الآن خارج فلسطين، وهناك صور لأطباء وممرضين وصيادلة وطواقم طبية بشكل عام يعملون داخل المستشفى ويقومون على خدمة بعض المرضى والجرحى الذين جاؤوا لمجمع الشفاء الذي بات أخيراً يقدم خدمة طبية عبارة عن إسعافات أو رعاية أولية، وذلك للحصول على الخدمة الصحية والطبية في ظل تدمير المستشفيات والمرافق الصحية الأخرى".