يواصل زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الصمت بعد ظهوره المفاجئ أخيراً في طهران إلى جانب المرشد الإيراني علي خامنئي، وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، وتضاربت في أوساط المراقبين قراءات هذا التطور البارز.
وجاءت زيارة الصدر إلى طهران، في مرحلة تشهد تصعيداً كبيراً من حلفاء إيران في العراق ضد الولايات المتحدة، بعد اتهامها بتسهيل مهمة إسرائيل في ضرب مخازن السلاح التابعة للحشد الشعبي، خلال الشهرين الماضيين، بالتزامن مع جدل كبير بشأن تغوّل دور الحشد الشعبي نفسه بتشجيع إيراني، وصل إلى حد السعي إلى امتلاكه قوة جوية خاصة به.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تفسيرات متنوعة
وتنوعت تفسيرات المتابعين العراقيين لهذا الظهور، بين اعتباره إذعاناً من الصدر لخامنئي، وانضمامه إلى المشروع الإيراني في المنطقة، بعد سنوات من الشد والجذب بين الجانبين، أو أنه محاولة إنقاذ حكومة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي من الضغوط التي تمارسها ميليشيات عراقية تعمل تحت إمرة الحرس الثوري، ودفعها نحو إعلان العداء للولايات المتحدة، أو حتى التوسط بين إيران والسعودية، لتهدئة التوترات المتزايدة في الخليج.
لكن جميع التفسيرات، لم تخرج هذا التطور، من سياق التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران، والدخول المفترض لإسرائيل على خط الأزمة، وبالنظر إلى أن الصدر هو أحد اللاعبين الأساسيين في الساحة العراقية، التي توصف بأنها منطقة التماس الأهم بين واشنطن وطهران، تحظى تحركاته باهتمام بالغ.
أمره لن يكون في يد إيران
القيادي البارز في التيار الصدري حاكم الزاملي، يرى أن ظهور الصدر إلى جانب خامنئي هو أمر طبيعي، لا سيما إذا حدث هذا خلال مناسبة دينية، مشيراً إلى أن عائلة الصدر موزعة بين العراق وإيران، وتنقلاته بين البلدين لم تتوقف منذ العام 2003. وقال الزاملي إن كثيرين في العراق يتمنون "الجلوس قرب خامنئي"، مستدركاً بأن هذا الظهور لا يعني أن أمر زعيم التيار الصدري "سيكون في يد إيران"، وتابع أن الصدر زار إيران مثلما زار السعودية من قبل، ما يترجم حضوره الإقليمي وتأثيره الواسع.
وجهان للإعلام الإيراني
ومنذ ظهوره مع خامنئي وسليماني، لم يدل الصدر بأي تعليق، بل اكتفى بتغريدات مقتضبة على حسابه في "تويتر" تتعلق بقضايا دينية، ما زاد من حيرة المتابعين.
اللافت، أن ظهور الصدر في مجلس خامنئي، لقي في العراق أصداء إعلامية أكبر من إيران، فعلى سبيل المثال، اختفى أي ذكر للصدر في ثلاث وكالات أنباء إيرانية شبه رسمية، ناطقة بالعربية، وهي تغطي مجلس العزاء الذي أقامه خامنئي بمناسبة ذكرى عاشوراء، بينما ذكرت الوكالة الرسمية "إرنا" الصدر بوصفه "أحد الحضور".
الصدر يلتحق بمحور المقاومة؟
وعلى الرغم من أن وكالة "تسنيم"، التابعة للحرس الثوري الإيراني، لم تذكر اسم الصدر، عندما غطت مجلس عزاء المرشد الأعلى، إلا أنها أبرزت صوراً لخامنئي وهو يبتسم للصدر ويحيّيه، لكن المفارقة جاءت من جريدة "كيهان" المقربة من خامنئي، إذ استخدمت عنواناً "نارياً" في نسختها الناطقة بالفارسية، وهي تصف حضور الصدر، لم يظهر في نسختها العربية.
وقالت "كيهان" في أعلى صفحتها الأولى، إن الصدر يلتحق بمحور المقاومة، الذي تقوده إيران، ويضم حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن وفصائل شيعية عراقية. أما في النسخة الناطقة بالعربية، فقد اكتفت الصحيفة بالحديث عن المجلس العاشورائي وتعداد حضوره، من دون إشارات إضافية.
غضب وحرج
ويقول معلقون عراقيون إن إهمال الإعلام الإيراني الناطق بالعربية زيارة الصدر، ربما يتضمن مقاصد عدة، بينها أن طهران لا تريد إغضاب حلفائها في الداخل العراقي، ومعظمهم خصوم للصدر، من خلال الاحتفاء بظهوره في مجلس خامنئي، بينما ذهب آخرون إلى أن طهران لم تشأ إحراج الصدر نفسه أمام جمهوره، لذلك اكتفت بتوجيه الرسائل إلى الداخل عبر الإعلام الناطق بالفارسية.