ملخص
بالنسبة إلى أولئك الذين يواجهون تحديات مرض السرطان، بمن فيهم كيت، أنصحهم بإعطاء الأولوية لسلامتهم العقلية والنفسية
هز المملكة المتحدة بأكملها قبل أيام خبر الإعلان عن إصابة أميرة ويلز كيت ميدلتون بالسرطان، وبالنسبة إلى كثيرين في بريطانيا الذين لم يواجهوا هذا المرض المروع، فقد شعروا بصدمة وحيرة وحزن شديد، تماماً كما يشعر بذلك آلاف المصابين بالداء يوميا، إذ إنها تجربة مؤلمة أعرفها تماماً أنا وأفراد أسرتي.
ففي عام 2018 تلقيت تشخيصاً بإصابتي بـ "سرطان الثدي الثلاثي السلبي" Triple Negative Breast Cancer، وهو نوع من السرطان يكون تشخيصه قاتماً بشكل خاص بسبب الخيارات العلاجية المحدودة المتاحة للمصابين به، ويميل إلى التأثير أكثر على النساء الأصغر سناً، ويطاول بصورة غير متناسبة النساء من أصول سوداء.
إن مجرد تلقي مثل هذه الأخبار يمكن أن يقلب عالمك رأساً على عقب، وكنت أعرف أنه سيغير حياتي، فعندما علمت بتشخيص إصابتي تحول قلقي نحو ابنتي إيلاني التي كانت تبلغ من العمر ست سنوات فقط في ذلك الوقت لجهة تأثير ذلك فيها، إذ كيف يمكن أن يشرح أحد لطفلة صغيرة أن والدتها هي مريضة للغاية؟
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
اخترت أن أنقل الخبر إلى إيلاني خلال إجازتها الصيفية، وقد كان من البديهي أن تتصرف بالطريقة التي يمكن توقعها من أي طفل يتلقى مثل هذه الأخبار، ومع ذلك حافظت على تفاؤلي وأكدت لها أن جميع علاجاتي تهدف إلى شفائي من المرض. كنت أرغب في إعدادها للتغييرات التي قد تطرأ على مظهري واحتمال أن يقوم أصدقاؤها في المدرسة بالإدلاء بملاحظات من دون فهم تأثيرها بصورة كاملة.
عندما كنت أعود للمنزل بعد جلسات العلاج كانت إيلاني تجلس في كثير من الأحيان إلى جانب سريري وترسم لي صوراً أو تلعب معي دور الطبيبة والمريضة لتسليتي، وكانت عندما تذهب إلى المدرسة تخبر أصدقاءها ومعلميها بثقة بأن "والدتها في صحة جيدة، أو أن لديها شعراً مستعاراً جديداً"، وقد وجدنا معاً الحال الاعتيادية الجديدة التي ناسبتنا.
في ذلك الوقت اعتقدت أن نقل خبر إصابتي بالسرطان إلى ابنتي كان أصعب شيء يجب علي القيام به وأسوأ شعور على الإطلاق إلا أنه في الواقع لم يكن كذلك، فقد تبين أن اللحظة الأشد حزناً حدثت عام 2021 عندما اضطررت إلى الجلوس معها وإبلاغها بأن السرطان الذي أعانيه قد تطور إلى المرحلة الرابعة، وأصبح عصياً على العلاج وغير قابل للشفاء منه.
قد يبدو الأمر متناقضاً ومنافياً للمنطق، لكن الوضع يصبح أكثر صعوبة كلما كبرت ابنتي، وربما يرجع السبب في ذلك إلى أنها أصبحت أكثر وعياً بخطورة مرضي وآثاره على كل منا في المستقبل، ولقد أدركت أن العلاجات التي أجريها الآن لم تكن تهدف إلى علاج المرض، بل إلى توفير الراحة لي ما أمكن.
ولسوء الحظ لم يكن الوصول إلى هذه العلاجات سهلاً كما ينبغي بالنسبة إلى شخص في مثل ظروفي، فليست لدي القدرة على تحمل كلف الحصول على رعاية صحية في القطاع الخاص، كما أن "الخدمات الصحية الوطنية" البريطانية لم توافق بعد على مجموعة كاملة من الأدوية التي يمكن أن تحسن بشكل كبير نوعية الحياة لمرضى مثلي.
ويتمثل أحد الجوانب الصعبة في التعامل مع داء السرطان في مراحله النهائية، أو أي سرطان آخر، في احتمال فقدان العلاجات فعاليتها بمرور الوقت، وهذا يعني أن حال عدم اليقين المستمرة تعني البحث دائماً عن خيارات بديلة، مع العلم أن نظاماً محدداً من العلاج الكيماوي قد ينجح فقط لفترة محدودة مدتها ثلاثة أشهر، قبل أن يحين وقت استكشاف طرق أخرى.
الآن أجد نفسي على وشك الانتهاء من آخر خيار علاجي متاح لي، وعلى رغم أني تمكنت من التحكم بالألم وعيش حياة طبيعية إلى حد ما، إلا أن الحقيقة هي أنه بمجرد انتهاء هذا العلاج قد تتغير ظروفي بصورة جذرية.
إن توافر علاجات السرطان غالباً ما يشبه "يانصيب الرمز البريدي" Postcode Lottery، بمعنى أنها موجودة في مكان وليس في آخر (إلا إذا كنت قادراً على دفع ثمنها)، إنه لأمر محبط عندما تريد أن تؤكد لأطفالك أن هناك خيارات علاجية أخرى متاحة لكن الواقع قد يكون مختلفاً بسبب أمر تافه مثل الموقع الجغرافي الذي يمكن أن يملي عليك إمكان الوصول إلى علاجات من شأنها أن تنقذ حياتك.
وما يثير الإحباط أكثر هو انتظار أدوية سبق أن جرى الموافقة عليها في الولايات المتحدة أو في مناطق أخرى من المملكة المتحدة، لكنك تواجه حقيقة أن الأمر قد يستغرق شهوراً أو حتى أعواماً قبل أن تقرها هيئة "أن إتش أس" وتجعلها في متناولك، على رغم أنها باتت تستخدم في أماكن أخرى، وهي تعمل على تحسين حياة الناس.
خذ على سبيل المثال العلاج الكيماوي الذي أخضع له في الوقت الراهن، والذي لم يكن حتى خياراً عندما أعيد تشخيصي بالمرض قبل نحو ثلاثة أعوام، وغالباً ما يبدو الأمر وكأنه لعبة انتظار على أمل أن تصبح العلاجات الجديدة متاحة بينما لا تزال مؤهلاً للحصول عليها، ومع ذلك فإن التحدي يكمن في عدم اليقين في شأن مقدار الوقت الباقي لديك.
إنني، كما أي شخص يكافح السرطان، أهدف إلى دمج العلاجات في نمط حياتي بدلاً من أن أتركها تملي عليّ كل خطوة أقوم بها، لكن للأسف يظل هذا في الوقت الراهن هدفاً بعيد المنال بالنسبة إلى معظم الناس.
ومع الأخبار الأخيرة عن تشخيص كيت ميدلتون لا يسعني إلا أن أفكر في الطريقة التي ستتطور فيها النقاشات المتعلقة بعلاج السرطان خلال الأسابيع والأعوام المقبلة. إن أمنيتي الصادقة هي أن تنعم كيت بإمكان الوصول إلى أفضل رعاية متاحة عالمياً، وسأذكرها في صلواتي من أجل أن تشفى بسرعة وتتعافى بالكامل، ومع ذلك فأنا أدرك تماماً أن كثيراً من الأفراد في جميع أنحاء المملكة المتحدة سيواجهون صعوبات في الوصول إلى الموارد اللازمة لرعايتهم.
نأمل، في انتظار معرفة التفاصيل التي ستختار كيت مشاركتها معنا، بأن نسعى إلى الدخول في مناقشات حول الموارد المتاحة لمرضى السرطان واستكشاف الطرق التي من شأنها أن تسهم في تعزيز إمكان الوصول إليها.
وفي هذه الأثناء سأواصل رحلتي الخاصة وأحاول التعامل مع كل يوم كما يكون عليه، وبالنسبة إلى أولئك الذين يواجهون تحديات مماثلة، بمَن فيهم كيت، أنصحهم بإعطاء الأولوية لسلامتهم العقلية، فبعض الأيام ستكون أصعب من غيرها، وخلال تلك اللحظات العصيبة التي تبدو فيها أنشطتكم المعتادة غير ممكنة فإن قوتكم العقلية هي التي ستدفعكم نحو المضي إلى الأمام.
إن هناك أملاً بالفعل حتى في أحلك الأوقات عندما قد يبدو بعيد المنال، وفي النهاية ستجدون أنفسكم تشعرون بتحسن وتتكيفون مع الوضع الطبيعي الجديد، وستكتشفون أنكم قادرون على الاستمرار في المضي قدماً، فتمسكوا بالأمل بقوة واسعوا إلى تقدير اللحظات البسيطة، وبالنسبة إلي فإن تلك اللحظات هي فرصة مشاهدة ابنتي تنمو لتصبح امرأة شابة، وسأحرص على تثمين كل ثانية أقضيها إلى جانبها.
نينا لوبيز هي سفيرة "منصة السرطان" The Cancer Platform (التي تدعم المتضررين من المرض عبر توجيههم إلى معلومات الخبراء وإعدادهم لرحلة علاجهم) - يمكنكم التبرع لحساب نينا على موقع "غو فاند مي" Nina's GoFundMe بالنقر هنا
© The Independent