Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الباكستاني غل بهادر... من عرش السياسة إلى أدغال الإرهاب

أحد المقربين من الأب الروحي لحركة "طالبان" الأفغانية الملا محمد عمر

تتهم إسلام آباد حركة "طالبان باكستان" باتخاذ الأراضي الأفغانية مقراً لعملياتها الإرهابية (أ ف ب)

ملخص

ظهر اسم حافظ غل بهادر لأول مرة عندما بدأت الأمم المتحدة بالعمل على خطة نشر المراقبين على الحدود الباكستانية - الأفغانية بعد شهر من أحداث سبتمبر 2001 بهدف وقف خط إمداد الأسلحة للإرهابيين

تصعيد غير مسبوق تشهده العلاقات بين إسلام آباد وكابول بعد ضربات جوية على قواعد مجموعة مسلحة تابعة لحركة "طالبان باكستان" داخل الأراضي الأفغانية رداً على هجوم إرهابي في وزيرستان راح ضحيته عدد من الجنود الباكستانيين.

مجموعة حافظ غل بهادر هي المجموعة الإرهابية التي استهدفتها باكستان التي تعتبر - وفق إسلام آباد - إحدى المجموعات المتورطة في العمليات الإرهابية، لكن قائدها غل بهادر كان قبل عدة أعوام مشاركاً في النظام الديمقراطي من خلال أحد الأحزاب الدينية، فما الذي حول قيادي سياسي إلى زعيم إرهابي؟ وما علاقته بالحرب الأفغانية والفصائل المشاركة فيه؟

ظهر اسم غل بهادر لأول مرة عندما بدأت الأمم المتحدة بالعمل على خطة نشر المراقبين على الحدود الباكستانية - الأفغانية بعد شهر من أحداث الـ11 من سبتمبر (أيلول) 2001 بهدف وقف خط إمداد الأسلحة للإرهابيين. لم ترق هذه الخطة لقيادي في حزب جمعية "علماء الإسلام" في وزيرستان الشمالية الذي اعتبر تعيين المراقبين تدخلاً في مشاركة البشتون في العمليات الإرهابية، وشكل تنظيماً محلياً قوامه 4 آلاف متطوع لمنع تعيين المراقبين لتتحول أنظار العالم إليه ويذكر اسم غل بهادر لأول مرة في أروقة السياسة.

نشأة وتكوين غل بهادر

ينتمي حافظ غل بهادر إلى عشائر "قبيلة وزير" المعروفة التي تقطن القرى القريبة من الحدود الأفغانية في وزيرستان الشمالية، وتشير المصادر إلى أن بهادر كان عضواً فعالاً في "منظمة الطلاب" التابعة لجمعية "علماء الإسلام" ليصبح بعد ذلك من وجهاء القبيلة وعرف بالإصلاح بين الناس والفصل في منازعاتهم.

تجنب بهادر، الذي تلقى تعلميه الديني في إحدى المدارس الديوبندية بمدينة مولتان، الإعلام والأضواء منذ بداية مسيرته، وشارك في الحرب الأهلية الأفغانية خلال عقد التسعينيات لينضم بعد ذلك إلى "طالبان" التي شكلت الحكومة في أفغانستان عام 1994.

ووفقاً للصحافي رسول داور المطلع على أحوال المنطقة القبلية فإن غل بهادر منع الصحافيين الغربيين من العمل في وزيرستان الشمالية لأنه كان يعتقد أنهم يتجسسون تحت غطاء الصحافة، كما منع أحد رفقاء غل بهادر بيع أشرطة الموسيقى وحلق اللحى في منطقة ميران شاه إضافة إلى فرض "ضريبة شرعية" على أهالي المنطقة.

الخلاف مع الحكومة الباكستانية

تدهورت الحالة الأمنية خلال العقد الأول من القرن الـ21 في المناطق القبلية الباكستانية التي كانت توجد فيها عناصر من "القاعدة" والتنظيمات الأوزبكية المشاركة في تنفيذ عمليات ضد القوات الأميركية و"الناتو". بدأت الحكومة الباكستانية عملية عسكرية ضد الإرهابيين في شمال وزيرستان وسط هذه الأجواء المتوترة في عام 2004 التي انتهت باتفاق سلام تضمن ترحيل الإرهابيين الأجانب من المناطق القبلية.

وفقاً لمقال سادية سليمان عن حافظ غل بهادر في صحيفة "جيمس تاون" الأميركية فإن اتفاق السلام بين الحكومة الباكستانية وغل بهادر جرى بوساطة زعيم "طالبان" الملا محمد عمر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

آنذاك، حث زعيم "طالبان" في رسالة للمقاتلين المحليين والأجانب في وزيرستان بعدم خوض الحرب ضد باكستان لأن ذلك سيصب في مصلحة الولايات المتحدة، لكن المقاتلين الأجانب شعروا بأن غل بهادر غدر بهم بالتحالف مع إسلام آباد. كما أن بهادر أيضاً لم يكن راضياً بترحيل المقاتلين.

انتهى اتفاق السلام بين الجانبين في يوليو (تموز) 2007 واتهم كل من الحكومة الباكستانية وغل بهادر بخرق الهدنة، فيما أخبر الأخير مقاتليه بأنه سيبدأ حرب عصابات ضد القوات الباكستانية، إلا أن الهدنة عادت مرة أخرى بين الجانبين بوساطة وجهاء القبائل المحلية.

شهدت المنطقة آنذاك تطوراً كبيراً عندما أعلنت المجموعات المسلحة تشكيل تنظيم جديد في ديسمبر (كانون الأول) 2007 باسم حركة "طالبان" الباكستانية وتعيين بيت الله محسود أميراً وغل بهادر نائباً لأمير للحركة.

الخلافات والتحالفات

كان غل بهادر يتمتع بعلاقة قوية مع الملا عمر الذي خالف تكوين حركة "طالبان باكستان" وحث المقاتلين على التركيز على أفغانستان وعدم مواجهة القوات الباكستانية، لذا نأى غل بهادر بنفسه عن الحركة الجديدة ومنع المقاتلين المحليين من محاربة القوات الباكستانية عندما بدأت العملية العسكرية عام 2008.

في الجانب الآخر، وعلى رغم مطالبة الحكومة الباكستانية بترحيل المقاتلين الأجانب، فإن المنطقة القبلية كانت تعد قاعدة للمقاتلين الأجانب الذين كانوا يأتون من أنحاء العالم للمشاركة في حرب أفغانستان بمساعدة من غل بهادر.

شكل غل بهادر بعدها تنظيماً خاصاً برفقة الملا نذير باسم "حركة طالبان المحلية"، والتي كانت تسمى أيضاً بـ"تحالف وزير" لأنها كانت تشمل عناصر "طالبان" المنتمين لقبيلة وزير.

يقول الصحافي رسول داور، إن قصة غل بهادر مثلت منعطفاً مثيراً عندما شكل كل من الملا نذير وغل بهادر وبيت الله محسود تحالفاً باسم "شورى اتحاد المجاهدين" وعزموا على العمل معاً وترك الخلافات. وفقاً لداور فإن هذا التحالف تم تشكيله بمباركة الملا عمر وقرروا التركيز على الجهاد الأفغاني وعدم التعرض للقوات الباكستانية.

انسحاب "طالبان" الأفغانية

استمر اتفاق الحكومة الباكستانية مع حافظ غل بهادر والملا نذير حتى عام 2009، فيما كثفت الحكومة الباكستانية عملياتها ضد المسلحين في وزيرستان خلال هذه الفترة بينما تلقت إسلام آباد دعماً من مجموعة حافظ غل بهادر.

وفقاً لتقرير نشر على موقع عسكري أميركي في عام 2012 في تلك الأثناء، فر بعض مقاتلي حركة "طالبان باكستان" إلى أفغانستان في عام 2010 واختبأوا في المقاطعات الأفغانية وتحديداً خوست وكونار المجاورتين للحدود واتخذوا منها مقراً لعملياتهم.

وبحسب رسول دوار، فإن الرئيس الحالي لحركة "طالبان باكستان"، المفتي نور والي محسود، يحاول جاهداً ضم جماعة حافظ غل بهادر معه، لكنه لم ينجح في ذلك حتى الآن. وقال إن حافظ جول بهادر وحركة "طالبان باكستان" تربطهما علاقة جيدة، لكن الجماعتين تنفذان أعمالهما بصورة منفصلة وتتقبلان مسؤولياتهما. يقتصر تأثير مجموعة حافظ غل بهادر في الغالب على شمال وزيرستان وبنو ولكي مروات.

حرصت إسلام آباد على الإعلان مراراً وتكراراً عن موقفها من العمليات الإرهابية بالإشارة إلى أن مقاتلي حركة "طالبان باكستان" متورطون في أنشطة متطرفة على أراضيها انطلاقاً من الأراضي الأفغانية. في هذا السياق، قال الجيش الباكستاني في بيان أصدره في الـ18 من مارس (آذار) 2024 إن المسلحين المتورطين في الهجوم على نقطة التفتيش الأمنية في وزيرستان يوم الـ16 من الشهر نفسه قدموا من أفغانستان، كما أن الهجمات الأخيرة في شيترال ومجمع زوب العسكري في بلوشستان وغيرها من الهجمات المشابهة كانت بفعل مقاتلين قدموا من الجانب الأفغاني، لكن حركة "طالبان" الأفغانية نفت مراراً حديث الحكومة الباكستانية عن لجوء مسلحي حركة "طالبان باكستان" في أفغانستان، إلا أن التقرير الأميركي عن الوضع الأمني ​​في أفغانستان الصادر قبل بضعة أشهر ذكر أن حركة "طالبان الباكستانية" موجودة بالفعل في أفغانستان، كما أن عناصرها يحظون بدعم حركة "طالبان" الأفغانية.

بين الاتهامات الباكستانية والنفي الأفغاني لها تنفذ مجموعة غل بهادر تحركاتها المميتة وعملياتها الأليمة على الأراضي الباكستانية التي بدأ منها بهادر حياته السياسية ليتحول بعد ذلك بدعم من أسلاف حكومة "طالبان" الحالية إلى أحد أشهر زعماء المقاتلين وأبرز المطلوبين لحكومة إسلام آباد.

نقلاً عن اندبندنت أوردو

المزيد من متابعات