Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما سبب إفلات مجرمي السكاكين في بريطانيا من العقاب رغم القبض عليهم؟

حصري: "اتحاد الشرطة في إنجلترا وويلز" يطالب بتشكيل لجنة ملكية بعد تحليل قامت به "اندبندنت" وكشف عن أن 4 من كل 10 أفراد كرروا ارتكاب جرائم مرتبطة بالسكاكين أفلتوا من أحكام بالسجن الفوري

 أظهرت أحدث الأرقام انخفاض نسبة الاحتجاز في السجن للأفراد الذين يقومون بارتكاب جرائم مرتبطة بالسكاكين على نحو متكرر بعدما سبق أن قبض عليهم لحيازتهم أداة حادة (غيتي/ آي ستوك)

ملخص

تبين من أرقام وزارة العدل البريطانية أنه من بين أكثر من 4 آلاف شخص بالغ قُبض عليهم لحملهم سكيناً أو سلاحاً هجومياً للمرة الثانية في الأقل، لم يُحكم على ما نسبته أربعة من كل 10 منهم بالسجن الفوري في كل من إنجلترا وويلز

علمت "اندبندنت" أن عدداً أكبر من الأفراد الذين يكررون ارتكاب جرائم مرتبطة بالسكاكين في المملكة المتحدة باتوا يفلتون من عقوبة السجن أكثر من أي وقت مضى، وذلك منذ تنفيذ سياسة "ردع الجريمة المكررة" قبل نحو عقد من الزمن.

وتبين من أرقام وزارة العدل البريطانية أنه من بين أكثر من 4 آلاف شخص بالغ قُبض عليهم لحملهم سكيناً أو سلاحاً هجومياً للمرة الثانية في الأقل، لم يُحكم على ما نسبته أربعة من كل 10 منهم بالسجن الفوري في كل من إنجلترا وويلز، وذلك خلال العام المنتهي بشهر سبتمبر (أيلول) 2023.

وتكشف الإحصاءات عن أعلى نسبة من الأفراد الذين جُنبوا عقوبة السجن منذ الحملة الصارمة التي انطلقت عام 2015، والتي فرضت عقوبة السجن لستة أشهر في الأقل على الذين يعاودون ارتكاب هذا النوع من الجرائم.

وكانت النتائج التي توصلت إليها "اندبندنت" أدت إلى تكثيف المطالبات من جانب "اتحاد الشرطة في إنجلترا وويلز"  Police Federation of England and Wales بتشكيل لجنة ملكية، واللجنة اتهمت القضاة بإصدار أحكام بناء على "ردود أفعال غير محسوبة" ومدفوعة بقيود الموازنة ونقص الأماكن في السجون.

يأتي ذلك وسط ارتفاع نسبة الجرائم المرتبطة باستخدام السكاكين، إذ قفز عدد الحوادث التي سجلتها الشرطة في كل من إنجلترا وويلز خمسة في المئة ليصل إلى 49 ألف حادثة في العام الذي سبق شهر سبتمبر 2023، كما أن نحو 45 في المئة من جرائم القتل خلال الفترة نفسها شملت استخدام سكاكين أو أدوات حادة.

وفيما اعتبر اتحاد الشرطة أنه "بعد هذه الإحصاءات فليس من المستغرب أن يشعر الضحايا والجمهور عموماً بالإحباط وخيبة الأمل"، رأى المستشار السابق لشؤون الجريمة لدى الحكومة البريطانية روري جوغيغان أن السبب في انخفاض السلامة العامة وحال عدم الأمان في البلدات والمدن يعود لـ "تخفيف الإجراءات العقابية".

هايلي ريال، الأم التي تُوفي ابنها ميكي روينون العام الماضي وهو في سن الـ 16 بعد تعرضه للطعن في عنقه خلال حفلة عيد ميلاد في مدينة باث، أعربت عن مخاوفها بالقول إن "كثيراً من الأفراد يحملون سكاكين، وإلى أن يتم إصدار أحكام أكثر صرامة، فما هي الرسالة التي نبعث بها؟ سيظل هؤلاء يعتقدون أنهم قادرون على الإفلات من العقاب، وسنفقد مزيداً من الأرواح مثل ابني".

يُشار إلى أن التفويض الخاص بحبس مكرري ارتكاب الجرائم المرتبطة بالسكاكين جاء نتيجة إدخال تعديل على "قانون العدالة والمحاكم الجنائية"  Criminal Justice and Courts Act، يُعرف باسم "قاعدة الجريمة المكررة" Two-Strike Rule، وذلك خلال فترة ولاية رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ديفيد كاميرون.

 

وعزز هذا القانون بشكل أكبر بـ "قانون الشرطة والجريمة وإصدار الأحكام والمحاكم للعام 2022" Police, Crime, Sentencing and Courts Act 2022 الذي منح القضاة ورؤساء المحاكم الابتدائية سلطة فرض عقوبة سجن فورية ما لم تكن هناك "ظروف استثنائية".

إلا أن بيانات صدرت حديثاً أشارت إلى أن 38 في المئة من مكرري ارتكاب الجرائم البالغين أفلتوا من عقوبة السجن الفوري خلال العام المنتهي في شهر سبتمبر 2023، وذلك بزيادة عن نسبة الـ 35 في المئة المسجلة في العام السابق، وعن المستوى الأقل الذي كان في حدود 28 في المئة عام 2019.

وارتفعت في المقابل نسبة الأحكام مع وقف التنفيذ إلى 23 في المئة، وهو أعلى مستوى مسجل مقارنة بالعامين السابقين، في حين أن في واحد في المئة من الحالات، 48 حالة، خرج المدعى عليهم إما بالتبرئة أو بغرامة.

هذه الأرقام الجديدة تأتي في أعقاب سلسلة من حوادث الطعن البارزة في مختلف أنحاء المملكة المتحدة، بما فيها مقتل صبيين مراهقين عمرهما 15 و16 سنة في مدينة بريستول في يناير (كانون الثاني) الماضي أدت إلى تزايد المخاوف من انتشار ظاهرة حمل السكاكين.

وأظهرت أيضاً أحدث البيانات الصادرة عن هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" (أن إتش أس) NHS عن قبول 3775 حالة في المستشفيات بسبب هجمات "بأدوات حادة" في إنجلترا وحدها، في السنة المالية 2022 - 2023، بزيادة مقدارها أربعة في المئة عن سنة 2014 - 2015.

وقال رئيس اتحاد الشرطة ستيف هارتشورن "يبدو أن القرارات المتعلقة بالمبادئ التوجيهية لإصدار الأحكام تأتي بناء على "ردود أفعال متهورة وغير محسوبة تكون متأثرة بقيود الموازنة وعدم توافر أماكن في السجون، وليس بالمنطق أو الإستراتيجية، مما يعوق قدرة القضاة على إصدار الأحكام المناسبة".

وزعم أن فشل القضاة في دعم جهود عناصر الشرطة بعد قبضهم على الأفراد الذين يحملون سكاكين كان عاملاً مهماً سُلط الضوء عليه في دراسة استقصائية أجريت أخيراً، وأفاد تسعة من كل 10 شرطيين بأنهم يشعرون بإحباط مما ينعكس سلباً على معنوياتهم ودوافعهم للقيام بواجباتهم.

وطالب هارتشورن كذلك بتأليف لجنة ملكية تهدف إلى التحقيق في القضايا داخل نظام العدالة الجنائية والأمن العام، ورأى أنه "ليس من المستغرب أن يشعر الضحايا والجمهور الأوسع بخيبة أمل".

أما باتريك غرين، وهو الرئيس التنفيذي لـ "مؤسسة بن كينسيلا"  Ben Kinsella Trust - التي تأسست تخليداً لذكرى الطالب البالغ من العمر 16 سنة والذي تعرض للطعن حتى الموت في إيزلينغتون عام 2008، فرأى أن الأرقام تشير إلى وجود "تباينات مقلقة" في طريقة تطبيق المبادئ التوجيهية المتعلقة بإصدار الأحكام على الجناة.

وشدد على "حق الضحايا في الحصول على العدالة"، معتبراً أن "هذا الفشل في تنفيذ الأحكام يمكن أن يؤدي إلى حال يشعرون فيها بأن النظام القانوني قد خذلهم"، مضيفاً أن "ما هو أكثر من ذلك أن هذا الإخفاق يقوض التأثير الرادع المطلوب لحاملي السكاكين المعتادين، مما يعرض حياة مزيد من الشباب للخطر، ونحن في حاجة ماسة إلى إعادة التركيز على دعم القانون وضمان فرض عقوبات أكثر صرامة على مكرري ارتكاب هذه الجرائم".

 

وكان روري جوغيغان أطلق "مؤسسة السلامة العامة" Public Safety Foundation (التي تُعنى بمكافحة الجريمة والفوضى في بريطانيا) بعدما كان مستشاراً خاصاً لمقر رئاسة الوزراء في "داونينغ ستريت" للعدالة والشؤون الداخلية ومفتشاً للشرطة في "شرطة تايمز فالي" Thames Valley Police.

ونبه إلى أن "أي تهاون في تطبيق العقوبات المخففة أساساً المفروضة على الأفراد الذين يقبض عليهم وهم يحملون سكاكين وسواطير وغيرها من الأسلحة غير القانونية في شوارعنا لن يكون من شأنه سوى زيادة تعريض سلامة بلداتنا ومدننا للخطر".

ورأى أن "حمل سلاح غير قانوني في الأماكن العامة والشوارع غير مقبول على الإطلاق، علماً أنه يتكرر بشكل واضح للغاية، ومن الضروري أن يواجه المعتقلون عواقب وخيمة، بما فيها السجن".

وشدد جوغيغان أيضاً على ضرورة أن تتعهد الأحزاب السياسية بزيادة الطاقة الاستيعابية للسجون لتوجيه "رسالة واضحة لا لبس فيها" إلى الجناة.

وتشير البيانات الأخيرة إلى أنه في الـ 22 من مارس (آذار) الماضي بلغ عدد نزلاء السجون 87700 سجين، وهو ما يقل بنحو 1200 عن القدرة الاستيعابية التي تبلغ 88900 سجين، ومع ذلك ترجح توقعات الحكومة أن يرتفع عدد المساجين إلى 94400 بحلول شهر مارس 2025.

وللمساعدة في معالجة الأزمة قامت الحكومة البريطانية أخيراً بتوسيع إجراءات الطوارئ للسماح بالإفراج الباكر عن السجناء.

متحدث باسم "المكتب القضائي" Judicial Office الذي يمثل القضاة، أكد أن الاكتظاظ في السجون لا يؤخذ في الاعتبار عند إصدار الأحكام، وشدد على أن المبادئ التوجيهية لإصدار الأحكام، إلى جانب العوامل المشددة والمخففة الخاصة بكل قضية، تضطلع بدور مهم في تحديد طبيعة الأحكام.

أما في المحاكم الابتدائية فقد يتلقى الجناة حكماً فورياً بالسجن مدة تصل إلى ستة أشهر، أو قد تحال قضيتهم إلى "محكمة التاج"  Crown Court لفرض عقوبة محتملة أطول عليهم.

الرئيس التنفيذي لـ "رابطة القضاة" طوم فرانكلين وصف الوضع بأنه "ليس واضحاً ولا يمكن التعامل معه على أساس حل واحد ينطبق على الجميع"، وأشار إلى أنه قد تكون هناك ظروف لا يحكم فيها على هؤلاء الجناة بالسجن الفوري، خصوصاً إذا كان لديهم سبب وجيه لحمل آلة حادة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال "على سبيل المثال قد يكون لدى الأفراد الذين أقروا بالذنب مبرر وجيه لحمل سكين، لكن قد لا يستوفون معايير الدفاع القانوني".

ولفت إلى أن القضاة ينظرون أيضاً في التوصيات الصادرة عن "دائرة المراقبة" Probation Service (وكالة مسؤولة عن الإشراف على الأفراد الذين دينوا بارتكاب جرائم، لكنهم أطلقوا في المجتمع وأبقوا قيد المراقبة) التي قد تشير إلى أنه يمكن إدارة سلوك الجاني بشكل فعال داخل المجتمع، وبالتالي التأثير في قرارهم حول فرض عقوبة السجن.

وذكر أنه "في وقت يتمتع القضاة بسلطة إصدار أحكام بالسجن عندما يرون ذلك ضرورياً، فمن المسلم به على نطاق واسع أن فترات السجن القصيرة غالباً ما تكون غير فعالة في تعزيز إعادة التأهيل، ولذلك فكلما وجدت بدائل ممكنة للاحتجاز الفوري فإنها تُفضل ويُصار إلى استخدامها".

وبحسب أرقام وزارة العدل البريطانية ففي العام الذي سبق شهر سبتمبر 2023 انتهت 33 في المئة من جميع الجرائم المرتبطة بحمل سكاكين إلى عقوبة بالسجن الفوري، وكان متوسط مدة تلك الأحكام بالسجن سبعة أشهر ونصف الشهر.

وفي تعليق على ما تقدم أفاد متحدث باسم الحكومة بأن "أحدث بياناتنا تُظهر أن الأفراد الذين يُجرى القبض عليهم وهم يحملون سكاكين أو أسلحة هجومية يحتجزون الآن أكثر فأكثر ولفترات أطول، مقارنة بما كان الوضع عليه قبل 10 أعوام، بفضل إجراءاتنا الحازمة لحماية السلامة العامة".

وختم بالقول، "نحن ملتزمون بالقيام بما في وسعنا لثني الشباب اليافعين عن الدخول في أنشطة جرمية، وبات من المرجح الآن، بفضل إصلاحاتنا الصارمة للأحكام، أن يتلقى الأفراد الذين يحملون سكاكين أحكاماً بالسجن، مقارنة بما كان الوضع عليه قبل عقد من الزمن".

© The Independent

المزيد من تقارير