شدد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على أهمية الرد الجماعي على الهجمات التي استهدفت معامل نفطية في "بقيق وخريص" شرق السعودية.
وأدان جونسون يوم الثلاثاء 17 سبتمبر (أيلول) خلال اتصاله بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هذه الهجمات مؤكداً حرص بلاده على أمن المملكة .
من جانبه أعلن نائب الرئيس الأميركي مايك بنس إن الولايات المتحدة تعكف على تقييم الأدلة بشأن الهجمات على منشأتي النفط السعوديتين وتقف على أهبة الاستعداد للدفاع عن مصالحها وعن حلفائها في الشرق الأوسط. وأضاف بنس في كلمة بمعهد هيريتيج وهو مؤسسة بحثية، أن وزير الخارجية مايك بومبيو سيتوجه إلى السعودية اليوم الثلاثاء.
واعتبر أنه "إذا كانت إيران نفذت هجمات يوم السبت على السعودية للضغط على الرئيس دونالد ترمب كي يتراجع عن فرض عقوبات عليها فإنها ستفشل".
إلى ذلك، وبعد التشكيك المحلي والدولي الذي رافق إعلان المتمردين الحوثيين مسؤوليتهم عن الاعتداءات التي استهدفت حقلَي "بقيق" و"خريص" النفطيين الواقعين شرق السعودية، أفاد مسؤول أميركي الثلاثاء أن الولايات المتحدة باتت متأكدة من أن الهجوم الذي جرى السبت الماضي تم من الأراضي الإيرانية، واستُخدمت فيه صواريخ عابرة.
وتابع المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه، أن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على إعداد ملف لإثبات معلوماتها وإقناع المجتمع الدولي بخاصة الأوروبيين بذلك، خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل في نيويورك.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت واشنطن متأكدة من أن الصواريخ أطلقت من الأراضي الإيرانية، أجاب المسؤول الأميركي بـ "نعم".
النأي بالنفس الإيراني
في المقابل، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن واشنطن "في حالة إنكار" للواقع بإلقائها اللوم على إيران بشأن الهجمات على السعودية.
وقال ظريف على تويتر "أميركا تنكر الحقيقة إذا اعتقدت أن الضحايا اليمنيين لأربع سنوات ونصف من أسوأ جرائم الحرب لن يفعلوا كل ما بوسعهم للرد. ربما تشعر بالحرج لأن أسلحتها التي تتكلف مئات المليارات من الدولارات لم تعترض النيران اليمنية". وأضاف "لكن إلقاء اللوم على إيران لن يغير ذلك".
رد دولي
في سياق آخر، أخضعت تلك الهجمات التحالفات الإقليمية والدولية التقليدية لامتحان الحقيقة، إذ أعلن متحدث باسم رئيس الحكومة البريطانية بوريس جونسون أن الأخير بحث تلك التطورات الخطرة مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل والحاجة إلى العمل مع الشركاء الدوليين بشأن رد جماعي.
كما أكد جونسون في وقت لاحق الثلاثاء في اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على أهمية الرد الجماعي على الهجوم ضد منشآت أرامكو.
في موازاة ذلك، أعلن متحدث باسم رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي أنها طلبت من الاستخبارات تقديم إفادة لكل أعضاء المجلس بخصوص الهجمات التي استهدفت منشأتي النفط التابعتين لشركة أرامكو السعودية وكذلك ملف إيران.
أما وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان فصرح أن فرنسا لا تملك أدلة تشير إلى موقع انطلاق الطائرات المسيرة المستخدمة في الهجمات. وأضاف لودريان للصحافيين في القاهرة "حتى الآن فرنسا ليس عندها أدلة تسمح لها بالقول أن هذه الطائرات المسيرة جاءت من هذا المكان أو ذاك، ولا أعرف إذا كان هناك أحد لديه أدلة".
"السلاح إيراني"
وفي حين تشير كل الدلائل إلى تورّط إيران أو تنفيذها الاعتداءات التي تعرّض لها حقلا بقيق وخريص النفطيان التابعان لشركة أرامكو، أكد تحالف دعم الشرعية في اليمن أن السلاح المستعمل في ضرب هذين الحقلين هو سلاح إيراني، نافياً مزاعم الحوثيين بأنهم يقفون وراء هذه الهجمات.
وإلى التحالف العربي، سلسلة مواقف أميركية تشير إلى تورط الإيرانيين بالهجمات، بدءاً من الرئيس دونالد ترمب الذي كان له أكثر من حديث حذّر فيه من أن الولايات المتحدة تعلم من هو المسؤول عن الهجمات ضد السعودية، مروراً بوزير الدفاع مارك إسبر، فوزير الخارجية مايك بومبيو، وغيرهم من القياديين ألأميركيين ووكالات الاستخبارات الأميركية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واشنطن مستعدة لكل الخيارات
وسط هذه الأجواء، هوّن الرئيس الأميركي دونالد ترمب من أثر طفرة في أسعار النفط عقب الهجمات، قائلاً إن الأسعار لم ترتفع كثيراً وإن بوسع الولايات المتحدة ودول أخرى تخفيف الزيادة بالإفراج عن مزيد من المعروض. وأبلغ ترمب الصحافيين في البيت الأبيض أثناء لقائه بولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد آل خليفة "لم ترتفع كثيراً ولدينا احتياطيات نفطية استراتيجية، هائلة، ويمكننا الإفراج عن جزء صغير منها، والدول الأخرى بوسعها أن تكون أكثر بذلاً للنفط، وبهذا تدفعونه للانخفاض على الفور، وقال "هذه ليست مشكلة".
وكان ترمب قال إن الهجوم كان واسع النطاق، ويمكن الرد عليه بشكل أقوى، ولكن نريد التحقق أولاً، مؤكداً أن المحادثات مستمرة مع السعودية لمعرفة مصدر الهجوم، وحالما يتم التحقق منه سيصدر بيان يوضح الأطراف المتورطة، وأوضح أن واشنطن لا تريد الحرب لكنها مستعدة لكل الخيارات، كاشفاً عن أنه سيوفد وزير خارجيته بومبيو لزيارة السعودية وبحث الأحداث الأخيرة مع الحلفاء بالخليج.
وكان وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر أبلغ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في اتصال هاتفي بأن الولايات المتحدة تدرس كل الخيارات المتاحة بشأن كيفية الرد على هجوم منشأتي النفط، وقالت وكالة الأنباء السعودية إن إسبر أكد لولي العهد دعم واشنطن الكامل للسعودية عقب الهجمات.
تضامن بحريني كويتي باكستاني
كما تلقى ولي العهد السعودي اتصالاً هاتفياً من الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين، ووفق ما أوردت وكالة الأنباء السعودية "واس"، عبر ملك البحرين خلال الاتصال عن إدانته للاعتداءات الأخيرة مؤكداً وقوف البحرين مع السعودية في كل ما يحفظ أمنها واستقرارها. وتلقى الأمير محمد بن سلمان اتصالاً هاتفياً أيضاً من الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح ولي عهد الكويت عبّر فيه عن إدانته للعمل التخريبي مؤكداً تضامن الكويت مع الرياض في مواجهة هذه الهجمات.
وفي اتصال منفصل بولي العهد السعودي كذلك، عرض رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان دعم بلاده الكامل وإمكاناتها للمملكة في أعقاب الهجوم وذلك حسبما أفادت الوكالة.
ماكونيل... اللوم على إيران
وفي المواقف الأميركية ايضاً، أنحى زعيم الغالبية بمجلس الشيوخ الأميركي ميتش ماكونيل باللوم على إيران في الهجمات التي تعرضت لها منشأتا نفط بالسعودية مطلع الأسبوع وطالب برد دولي على طهران، وقال مكونيل الجمهوري أثناء افتتاحه مجلس الشيوخ "آمل أن ينضم شركاؤنا الدوليون لنا في تحميل إيران عواقب هذا الهجوم المتهور، المزعزع للاستقرار".
في المقابل، اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحاني في أنقرة وإلى جانبه الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان أن الهجمات التي شنها الحوثيون على منشآت النفط في السعودية تأتي في إطار "الدفاع عن النفس".
من جهتها، طالبت موسكو الأسرة الدولية بـ "الإحجام عن أي عمل أو استنتاج متسرع من شأنه التسبب بتفاقم الوضع". كما اعتبرت الصين أنّه "في غياب تحقيق نهائي يسمح باستخلاص استنتاجات، قد لا يكون من المسؤول تصور الجهة التي ينبغي تحميلها مسؤولية" الهجمات.
الأطلسي قلق
وتخوّف الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، بدوره، من خطر تصاعد التوتر بعد الهجوم، وقال من بغداد لوكالة الصحافة الفرنسية "ندعو كل الاطراف الى منع وقوع هجمات من هذا النوع، لأن تداعياتها السلبية قد تنعكس على مجمل المنطقة، ونشعر بقلق بالغ ازاء احتمال التصعيد".