ملخص
بالنسبة لباريس ستكون الحرب في أوكرانيا الموضوع الأساسي، وذكر قصر الإليزيه أن ماكرون يعتزم حض الصين "بصفتها أحد الشركاء الرئيسين لروسيا"، على "استخدام ما لديها من وسائل ضغط على موسكو بغية تغيير حساباتها والتمكن من المساهمة في إيجاد حل لهذا النزاع".
استضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المستشار الألماني أولاف شولتز على عشاء غير رسمي في باريس، مساء الخميس، من أجل "تنسيق مواقفهما" في شأن الصين قبل زيارة الرئيس شي جينبينغ إلى فرنسا، وفق ما أفاد مصدر مطلع "وكالة الصحافة الفرنسية"، الجمعة.
ويتوجه الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى أوروبا ، غداً الأحد، مصمماً على إظهار دعمه الثابت لروسيا ويزور أولاً فرنسا الداعم الرئيس لأوكرانيا ثم المجر وصربيا وهما حليفان لموسكو.
وهي أول جولة أوروبية للرئيس الصيني منذ منذ جائحة "كوفيد-19" التي انعزل خلالها العملاق الآسيوي عن العالم بشكل شبه تام لمدة ثلاث سنوات تقريباً.
وعلى رغم أنه يرغب في استئناف التواصل وتعميق العلاقات مع أوروبا لإحداث توازن بسبب التوترات مع واشنطن، لكن من المستبعد أن يتخلى شي جينبينغ عن تقاربه مع موسكو الذي زاد في أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا. ويتوقع أن يعرب أيضاً عن استيائه من التحقيقات الأوروبية التي تستهدف الممارسات التجارية الصينية.
الاجتماع الثلاثي
وبحسب هذا المصدر، اقترح الإليزيه على المستشار الألماني المشاركة في الاجتماع الثلاثي المقرر عقده، الإثنين، بين الرئيس الفرنسي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين وشي جينبينغ.
والغاية من ذلك تكرار صيغة اجتماع عام 2019 في باريس بين ماكرون والمستشارة أنغيلا ميركل وجان كلود يونكر، سلف فون دير لايين، مع الرئيس الصيني.
لكن أولاف شولتز اعتذر لأن له زيارة مقررة إلى لاتفيا وليتوانيا، وفق ما أفاد المصدر الفرنسي.
وأكد المتحدث باسم المستشارية فولفغانغ بوشنر للصحافيين، الجمعة، أن جدول الأعمال "تم وضعه منذ فترة طويلة"، موضحاً أن مشاركة ألمانيا في الاجتماع ليست مطروحة لذلك السبب.
إطار التعامل
وتم بحث إطار للتعامل مع القضايا الصينية خلال العشاء الذي أقيم، مساء الخميس، بين الزعيمين الفرنسي والألماني، برفقة زوجتيهما، في مطعم لا روتوند الباريسي الذي يرتاده إيمانويل ماكرون بانتظام.
وصف قصر الإليزيه العشاء بأنه "خاص"، لكن نُشر عديد من الصور الرسمية للزوجين الرئاسيين على شبكات التواصل الاجتماعي، من بينها صورة نشرها الزعيمان بشكل متزامن.
وقال مصدر في الرئاسة الفرنسية، إن "هذه المحادثة ستسمح لرئيس الجمهورية التناقش مع شي جينبينغ من منظور أوروبي".
ولفت المتحدث باسم المستشارية إلى أن "المشاورات المسبقة بين ألمانيا وفرنسا دائماً ما تكون وثيقة جداً"، مضيفاً "إنها ممارسة جيدة، وسنواصل هذا التعاون الفرنسي الألماني في هذا المجال، لا سيما في ما يتعلق بموضوع الأمن".
وتحدث إيمانويل ماكرون وأولاف شولتز عبر الفيديو قبل زيارة الأخير للصين في منتصف أبريل (نيسان)، ثم ناقشا الزيارة عند عودته خلال قمة أوروبية في بروكسل.
الموضوع الأساسي
بالنسبة لباريس التي تحيي هذه السنة ذكرى مرور 60 عاماً على إقامة علاقات دبلوماسية ثنائية مع بكين، ستكون الحرب في أوكرانيا الموضوع الأساسي.
وذكر قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يعتزم حض الصين "بصفتها أحد الشركاء الرئيسين لروسيا" خصوصاً على الصعيدين الدبلوماسي والتجاري، على "استخدام ما لديها من وسائل ضغط على موسكو بغية تغيير حسابات روسيا والتمكن من المساهمة في إيجاد حل لهذا النزاع".
العام الماضي في الصين، دعا الرئيس الفرنسي شي جينبينغ إلى "حمل روسيا على تحكيم العقل". وبعد ذلك اتصل الرئيس الصيني بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للمرة الأولى منذ بدء الحرب في فبراير (شباط) 2022.
لكن التقدم الدبلوماسي، الذي راهنت عليه باريس، توقف عند هذا الحد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسيكون الموضوع في صلب اللقاء الثلاثي الذي سيعقد، الإثنين المقبل، في باريس بين ماكرون وشي جينبينغ ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين.
وقالت فاليري نيكيه مديرة آسيا في مؤسسة البحوث الاستراتيجية، ومقرها في فرنسا، "سنرى إلى أي مدى سيمضي شي جينبينغ للتجاوب مع إيمانويل ماكرون"، لكن "الصين لن تبدل موقفها في شأن ملف أوكرانيا".
وتؤكد السلطات الصينية رسمياً موقفها المحايد في شأن الحرب الروسية على أوكرانيا، لكنها تعرضت لانتقادات غربية على خلفية عدم إدانتها لهذا الهجوم.
وشهدت العلاقات بين البلدين تقاربا خلال العامين الماضيين، يتوقع أن يتعزز بشكل إضافي مع الزيارة المرتقبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين للصين في مايو (أيار).
أمر مستبعد
قال دينغ شون مدير مركز الدراسات الأوروبية في جامعة فودان بشنغهاي "إذا كان الأوروبيون يتوقعون أن تفرض الصين عقوبات على روسيا أو تنضم إلى الولايات المتحدة وأوروبا في فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، فهذا أمر مستبعد".
لكن بكين تظل "اللاعب الدولي الوحيد الذي يتمتع بنفوذ كاف" مع موسكو، بحسب مصدر دبلوماسي فرنسي.
وأكدت أبيغيل فاسولييه الخبيرة في معهد ميركاتور للدراسات الصينية "لهذا السبب ستضع باريس مسألة دعم الصين لروسيا في صلب المباحثات، وهذا لن يكون نقاشاً ممتعاً".
الممارسات التجارية
موضوع آخر يهدد بجعل الحوار الفرنسي الصيني متوتراً هو التحقيقات الأوروبية في الممارسات التجارية لبكين في مجالات مختلفة مثل قطاع السيارات والسكك الحديدية والألواح الشمسية وطاقة الرياح وحتى الأجهزة الطبية. وتتهم بكين أوروبا بـ"الحمائية" وتعتزم جعل موقفها واضحاً في باريس.
وأعلن فيليب لو كوري الخبير في مركز الأبحاث الأميركي "معهد سياسات المجتمع الآسيوي"، أن "الصين حريصة على طرح هذا الملف على الطاولة، لكن فرنسا تدعم خطط المفوضية الأوروبية".
وقال مارك جوليين المسؤول عن أنشطة الصين في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية "يحمل الصينيون فرنسا مسؤولية التحقيق (حول السيارات الكهربائية الصينية) وهذا غير صحيح".
رداً على ذلك "هناك إكراه اقتصادي من جانب الصين حتى لو أنكرت ذلك، من خلال التحقيق الذي أطلقته في شأن المشروبات الروحية والكونياك. لم ينطل الأمر على أحد، هذه هي طريقة لاستهداف فرنسا".
ويتوقع أن تكون الأجواء أكثر دفئاً خلال المرحلة الثانية من جولة شي جينبينغ الأوروبية. فبعد زيارته فرنسا الإثنين والثلاثاء المقبلين، سيزور من الأربعاء إلى الجمعة المجر وصربيا، وهما بلدان يقيمان علاقات ودية مع بكين وموسكو.
وذكرت نيكيه أن الهدف "هو تشكيل تحالف للأنظمة الاستبدادية في مواجهة العالم الغربي"، و"إظهار أنه (شي جينبينغ) لا يزال لديه حلفاء في أوروبا".
رسالة إلى بوتين
تتزامن الزيارة مع الذكرى السنوية الـ25 لقصف حلف شمال الأطلسي للسفارة الصينية في بلغراد عام 1999.
وأكد وانغ ييوي مدير مركز دراسات الاتحاد الأوروبي في جامعة رنمين الصينية "أن إحياء ذكرى قصف الناتو للسفارة الصينية يسمح أيضاً بالتحضير لزيارة بوتين للصين"، وذلك من خلال التشديد على أن "الناتو يمثل تهديداً للأمن الدولي".
وبحسب مارك جوليين، يأمل الأوروبيون في أن ينقلوا عبر شي جينبينغ رسالة إلى بوتين قبل زيارته المرتقبة لبكين، لكن "لا سبب حقيقياً ليصبح شي جينبينغ المتحدث الرسمي باسم الأوروبيين مع فلاديمير بوتين".
وتابع أنه في الواقع "الانطباع هو أن موسكو هي التي تمرر رسائل إلى أوروبا بواسطة الصين".
غضب الإيغور
وفي فرنسا، أعرب إيغور عن "غضبهم" إزاء زيارة الدولة التي من المقرر أن يجريها شي، معتبرين أن استقبال الرئيس الصيني يعد "تشجيعاً للصين على مواصلة جرائمها".
وقالت عالمة الاجتماع ديلنور ريهان مؤسسة معهد الإيغور الأوروبي في مؤتمر صحافي "نود التعبير عن غضبنا إزاء استقبال إيمانويل ماكرون لشي جينبينغ الذي هو جلاد الشعب الإيغوري والمسؤول الأول عن الإبادة الجماعية للإوريغور".
وتتهم الصين باحتجاز أكثر من مليون شخص من أقلية الإيغور المسلمة في منشآت بمنطقة شينجيانغ في شمال غربي البلاد، لكن بكين تؤكد أن هذه المعسكرات أماكن إقامة طوعية "تدرب" الإيغور للحصول عن وظائف ثابتة وحياة أفضل.